ã

المسلم الذي ابتكر برنامج قرآن للتليفون المحمول

باي مينغ كاي

باي مينغ كاي يعرض برنامجه بالهاتف المحمول

مع التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات، أصبحت الهواتف المحمولة أداة اتصال هامة في حياة الصينيين. وقد تجاوز عدد مستخدمي التليفون النقال في الصين أربعمائة مليون، بمتوسط تليفون واحد لكل ثلاثة أفراد. كما أن استخدامات الهاتف النقال توسعت من مجرد إجراء المكالمات الهاتفية وإرسال واستقبال الرسائل القصيرة، لتشمل الاتصال بالإنترنت والألعاب الإلكترونية والاستماع إلى البرامج الإذاعية.

ولكن أحدث صيحة في عالم برمجيات النقال بالصين من نصيب المسلمين، فبمجرد أن يفتح الفرد لوحة مفاتيح هاتفه الخلوي تظهر على الشاشة كلمة "القرآن الكريم" على خلفية فنية عربية الملامح، ثم تتكشف آيات من الذكر الحكيم مصحوبة بصوت تلاوة رخيم. بهذه الوظيفة، يمكن لمستخدم الهاتف أن يقرأ وأن يسمع القرآن في أي وقت.

مصمم برنامج القرآن الإلكتروني شاب مسلم من قومية هوى عمره سبعة وعشرون عاما. بعد تخرجه في كلية المعلومات الإلكترونية بجامعة يوديان (البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية) عام 2002، عمل باي مينغ كاي، مهندس تطوير برمجيات في شركة Aceit للحاسبات، ومقرها في شارع تشونغقوآنتسون ببكين. مهمته الرئيسية هي بحث وتصميم البرمجيات الجديدة وتدريب العاملين بالشركة. بعد نحو سنتين من خبرة العمل أضحى باي مهندسا متمكنا له شهرة واسعة في مجاله ببكين. بعد أن امتلك الكثير من المهارات القيمة، أسس اتحاد المسلمين لتكنولوجيا المعلومات ببكين. الاتحاد الذي يضم ستة من زملائه أيضا يسعى إلى ابتكار برامج للكمبيوتر وللهاتف النقال لخدمة للمسلمين.

باي مينغ كاي، ابن مدينة تشنغتشو بمقاطعة خنان، شاب ذكي محب للابتكار، لديه كثير من الأفكار لتطوير تكنولوجيا المعلومات. قال باي: "جاءت فكرة تصميم برنامج للهاتف الخلوي من اقتراح صديق على الإنترنت. ذات يوم من عام 2003 كنت في دردشة مع هذا الصديق الذي تعرفتُ عليه من خلال الإنترنت وهو من هواة الكمبيوتر، قال لي: "أنت مسلم وتعرف تصميم برمجيات الكمبيوتر، فلماذا لا تصمم برنامجا يعلم المسلمين كيفية الصلاة؟". وجدت أنها فكرة رائعة، فلماذا لا أصمم برنامج تعليم العلوم الإسلامية يشتغل ليس في الكمبيوتر فقط بل في المحمول أيضا؟! حاولتُ مع زملائي ونجحنا في ابتكار برنامج "تعليم الصلاة الميسر" الذي يعلم مستخدميه الصلاة عبر رسوم متحركة على شاشة الهاتف الخلوي، لكن هذا البرنامج لم يلق إقبالا كبيرا لدى المسلمين، لأن تعلم الصلاة ليس صعبا، ولا حاجة لدراستها مرارا وتكرارا عبر المحمول. غير أن نجاح هذا البرنامج كان دليلا على أن كل ما نريده يمكن تحقيقه من خلال برامج المحمول."

ينتمي باي مينغ كاي إلى أسرة مسلمة تقليدية، جده إمام مشهور في المدينة، والداه مسلمان مخلصان، تحب كل الأسرة قراءة القرآن، وجميعهم يكون احتراما بالغا وشغفا عميقا لهذا الكتاب المقدس. عندما كان باي يدرس القرآن، لم يفهم معانيه في أحيان كثيرة، وكان عليه أن يرجع إلى كتب التفاسير والمراجع. لم تكن هذه مشكلته وحده بل مشكلة زملائه الطلاب والعلماء المسلمين والأئمة، ومن هنا نبتت في ذهنه فكرة تصميم برنامج القرآن الإلكتروني للهاتف النقال، بحيث يمكن حفظ القرآن في الجيب وقراءته في أي وقت وأي مكان. بدأ باي مينغ كاي وزملاؤه الستة، أعضاء الاتحاد، بحث وتصميم هذا المشروع، بعد ثلاثة أشهر من الجهود، ولد برنامج القرآن الإلكتروني للمحمول.

يقدم هذا البرنامج على شاشة التليفون نسخة القرآن باللغة العربية ومعها ترجمه معانيه باللغة الصينية للأستاذ محمد مكين ما جيان. والبرنامج مزود بنظام آلي لعرض سور وآيات القرآن، بحيث يمكن لمستخدمه أن يشاهد ويقرأ القرآن بسهولة، تماما مثل قراءة الرسائل القصيرة، ليس هذا فحسب بل يتمتع هذا البرنامج بوظيفة البحث السريع عن أية سورة أو آية في أقل من دقيقة، كما يمكن سماع تلاوة القرآن بصوت الشيخ عبد الرحمن السديسي.

وأوضح باي مينغ كاي أن أهم ما يميز برنامج القرآن الإلكتروني للمحمول هو سهولة الاستخدام في أي نوع من الهواتف النقالة؛ وسهولة التحميل في جميع أنواع الهواتف مثل نوكيا وموتورولا وسامسونغ وإركسون وغيرها من الهواتف. إضافة إلى السمات الإسلامية الواضحة به والتي تجعل منه ذخيرة لغوية للمسلمين.

لم يمض وقت طويل على ابتكار هذا البرنامج حتى استخدمه العديد من العلماء والطلاب المسلمين، على سبيل التجربة. وقد أثنى عليه كل من استخدمه، ومنهم والعالم المسلم المشهور الأستاذ يحيى صنوبر لين سونغ بجامعة القوميات المركزية، وقد عبر لين عن هذا التقدير بأن قدم لباي لوحة تحمل عبارة "إبراز العقيدة الإسلامية ونشر صوت القرآن الكريم". وقال الأستاذ ما خه عن هذا البرنامج: "أنا معلم في معهد العلوم الإسلامية ببكين أعلم القرآن الكريم للطلاب، يقدم لي هذا البرنامج تسهيلات كبيرة في البحث السريع عن الآيات القرآنية، وأهم انطباع بعد استخدامه هو تميزه بالعملية والسهولة." وقال الطالب ليو مياو في الصف الأول بالمعهد الصيني للعلوم الإسلامية: "هذا البرنامج شائع بين العديد من زملائي، يمكننا أن نطالع القرآن من خلال مشاهدة شاشة المحمول في المسكن أو السيارة الأمر الذي يسهل علينا حفظه."

الحقيقة أن الصينيين نجحوا قبل عدة سنوات في اكتشاف أجهزة محمولة لإذاعة القرآن، وهناك سبع شركات صينية بجنوب الصين كانت تقوم بإنتاجها وتصديرها إلى الخارج، مما حقق نتائج جيدة سواء في السوق الصينية أو الخارجية، لكنها كانت أجهزة كبيرة وثقيلة ومخصصة للقرآن، لا يسهل حملها، وكان سعرها غاليا يتجاوز 600 دولار أمريكي، قال باي مينغ كاي عنها: "هذا السعر يكفي لشراء تليفون محمول جديد، مقارنة معها فإن سعر البرنامج الذي أصممه رخيص، سعره ثلاثة دولارات أمريكية فقط، وبالإضافة إلى ذلك، هناك خدمة ما بعد البيع مجانا، الأمر الذي يرفع قدرته التنافسية في الأسواق."

يعتبر باي مينغ كاي أن برنامج "تعلم الصلاة" و"القرآن الإلكتروني" مجرد بداية، فرغم وجود صعوبات جمة، منها نقص التمويل والافتقار إلى الأكفاء والدعم الفني، يعتزم تصميم سلسلة من البرامج الإسلامية للتليفون الخلوي لتلبية احتياجات المسلمين في الدراسة والحياة، ومشروعه القادم هو نسخ كتب "لأحاديث النبوية" الستة إلى طبعات إلكترونية للمحمول، ثم تصميم برنامج للرسائل القصيرة والأجراس الملونة والألعاب الإسلامية للمحمول الخ. ويسعى حاليا إلى تنظيم حملة ترويج وإعلان في شمال غربي الصين، حيث يتركز المسلمون، للحصول على الدعم المالي والتقني اللازم.

وقال باي مينغ كاي إن اتحاد المسلمين لتكنولوجيا المعلومات ببكين لا يهدف تحقيق الربح، مهمته هي نشر الإسلام وإبراز روح الذكر الحكيم ودمج التكنولوجيا الحديثة مع الثقافة والتقاليد الإسلامية الباهرة وتطويرها وجعل حياة المسلمين الصينيين تساير تيار العصر. وأضاف: "حاليا، يوجد قليل من التقنيين المسلمين الصينيين يعملون في تطوير تكنولوجيا المعلومات، وبرغم وجود كثير من التقنيين غير المسلمين فإنهم يفتقرون إلى المعارف الإسلامية والمعرفة الدقيقة لاحتياجات المسلمين، الأمر الذي يستوجب منا نحن التكنولوجيين المسلمين أن نجتمع معا لنكتشف برامج بالتكنولوجيا الحديثة أقرب إلى حياة المسلم. وهو عبء ثقيل ودرب طويل!" وفي النهاية يوجه باي الدعوة إلى كل من لديه رأي وفكر وحكمة لمشاركتهم في قضيتهم من أجل تطوير التكنولوجيا الإسلامية الصينية.

 

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.