بينغياو مدينة عمرها 2800 سنة، ويقال إنها واحدة من خمسين مدينة صينية لا ينبغي أن تفوت السائح الأجنبي زيارتها، وواحدة من أكثر عشرة مقاصد سياحية تفضيلا لدى الصينيين، وفقا لاستطلاع أجرته صحيفة "هوانتشيو يو باو" الصينية المعنية بالسياحة بالتعاون مع 31 جهازا إعلاميا صينيا آخر. والحقيقة أن هذا ليس غريبا على هذه المدينة القديمة التي  أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في قائمة التراث العالمي عام 1997، وقالت عنها: بينغياو نموذج بارز كمدينة قديمة لقومية هان الصينية في عصور أسرتي مينغ(1368 – 1644م) وتشينغ(1644 – 1911م)، وتحتفظ بكل ما تتميز به المدن الصينية، وهي بمثابة سلسلة كاملة من الرسوم التي تعرض صورة المجتمع الصيني في ذلك الزمان؛ الثقافة والمجتمع والسياسة والاقتصاد والتطور الديني، فهي من أهم التراث الثقافي العالمي.

تبدأ الرحلة إلى بينغياو من بكين عبر طريق تايجيو (تاييوان - جيوقوان) السريع، إلى حاضرة مقاطعة شانشي – تاييوان، ثم مواصلة السير غربا لمدة نحو ساعة حتى الوصول إلى بينغياو. بدأ بناء هذه المدينة في فترة الملك شيوان وانغ (827 – 782 ق.م) في زمن أسرة تشو الغربية، وتوسع بناؤها في أسرة مينغ وأسرة تشينغ الإمبراطوريتين.

 

مدينة تشبه السلحفاة

بينغياو القديمة التي تغطي 2250 مترا مربعا، تحتفظ بملامحها التي كانت عليها في فترة أسرتي مينغ وتشينغ الإمبراطوريتين. في المدينة أكثر من مائة شارع وزقاق، ومازال بها المتاجر والدكاكين على جانبي الشوارع في البنايات التي بنيت في الفترة من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر الميلادي.

إنها مدينة صغيرة يحيط بها سور ضخم مرتفع لحمايتها، تبدو من أعلى مثل السلحفاة، فقد اعتقد الصينيون قديما أن السلحفاة ترمز للسعادة والعمر المديد، ولهذا كانوا يصممون بناياتهم على شكل السلحفاة. سور المدينة تتخلله ست بوابات تشكل معا صورة السلحفاة؛ البوابة الجنوبية هي "الرأس"؛ البوابة الشمالية هي "الذيل"؛ البوابتان الشرقيتان والبوابتان الغربيتان هما "الأقدام الأربع"، وتمتد قناة الحماية حول السور، وتربط الجسور المعلقة بين البوابات والقناة.

 

مركز مالي

بلغت بينغياو أوج ازدهارها في عهد أسرة تشينغ الإمبراطورية ( 1644 –1911م)، وقد حملت اسم"بكين الصغرى". كانت المركز المالي للصين، حيث كان بها 22 مصرفا حينذاك، من بينها  مصرف "ريشنغتشانغ"، أول بنك عرفته الصين. مقره يقع في الشارع الغربي بمدينة بينغياو، تبلغ مساحته الأرضية أكثر من 1600 متر مربع. كان يقدم خدماته للإقطاعيين وملاك الأرض والتجار. وفتح أكثر من 30 فرعا في المدن الصينية. في أربعينيات القرن التاسع عشر توسعت أعماله إلى اليابان وسنغافورة وروسيا الخ. في تلك الفترة شهدت المصارف في بينغياو تطورا سريعا.

ولدت المصارف في مدينة بينغياو مبكرا بفضل موقعها كنقطة التقاء لخطوط المواصلات. كان طريق الحرير يمر بمدينة بينغياو في أسرة هان وأسرة تانغ، وكانت بينغياو مركز تجميع وتوزيع للشاي والحرير والفرو والكتان وغيرها من البضائع. وقد وظف التجار في بينغياو تفوقها الجغرافي لمزاولة التجارة في أنحاء البلاد فجمعوا مالا كثيرا. ولكن مع نهوض قطاعات المال في الدول الغربية أفل نجم مصارف بينغياو تدريجيا.

 

بينغياو الحاضر والمستقبل

في بينغياو القديمة الكثير من المنشآت ذات القيمة التاريخية التي تجسد النمط المعماري في المراحل المختلفة، إضافة إلى أنها رمز للمنجزات الثقافية والفنية للقوميات والمناطق المختلفة في الصين القديمة. فيها 11 وحدة أثرية محمية على مستوى الدولة: سور المدينة القديم ومعبد شوانغلين ومعبد تشنقوه وقاعة داتشنغ لمعبد ونمياو ومعبد تسيشيانغ ومعبد ونمياو بقرية جينتشوانغ والمقر القديم لمصرف "ريشنغتشانغ" ومعبد تشينغشيوي الطاوي ومعبد المركيز لي ينغ ومعبد تشينغليانغ ومعبد إله الثروة، و7 وحدات أثرية محمية على مستوى المقاطعة و4 وحدات أثرية محمية على مستوى المدينة و77 وحدة أثرية محمية على مستوى المحافظة.

منذ عام 2001، يقام فيها سنويا "معرض بينغياو الدولي للتصوير". وأقيمت بها في الرابع عشر من سبتمبر عام 2006، الدورة السادسة من"معرض بينغياو الدولي للتصوير"  وكان موضوعها "التنوع والتناغم"، حيث اجتمع أكثر من ألف مصور من 41 دولة.

الآن، تلعب ببينغياو دورا هاما في الحوار والتبادل بين الصين والعالم!