ã

المتخصصون الأفارقة يدرسون التجربة الصينية

نقلا عن صحيفة ((هوانتشيو)) (غلوبال تايمز)

تشانغ تشونغ فانغ: مراسل ((هوانتشيو)) في نيروبي

نشاط في التبادلات الثقافية بين الصين وأفريقيا

تحديد النسل وتطوير التعليم من الصين ضروري لكل دولة مرافق البنية الأساسية أساس التنمية الاقتصادية

عندما نذكر العالم الجديد، تتبادر إلى أذهاننا الرحلات البحرية الاستكشافية الأوروبية حول العالم في القرن الرابع عشر. ولكن، اليوم، هناك قصة جديدة. تبدلت الأدوار الرئيسية من البحارة الشجعان إلى الأكفاء الأفارقة؛ والعالم الجديد المكتشف ليس وراء المحيط الأطلسي بل في الشرق البعيد. وبطبيعة الحال فإن الرغبة في التعلم تلهب الشوق إلى العالم الجديد.

أفريقيا اليوم، وهي تشهد تنمية اقتصادية سريعة وتوجها نحو الاستقرار السياسي، تجد كثيرا من النقاط المتشابهة بينها وبين الصين في ثمانينات القرن الماضي. لذا، يلقي الأكفاء الأفارقة أنظارهم نحو الشرق من أجل التعلم من تجربة نجاح الصين.

تخفيف الضغط السكاني

تواجه الصين وأغلبية الدول الأفريقية مشكلة الزيادة السكانية السريعة. الآن، يبلغ عدد سكان أفريقيا 850 مليون نسمة، 40% منهم تحت 15 سنة، ويتجاوز معدل الزيادة السكانية السنوي 2% في العديد من الدول الأفريقية، وهذا يفرض أعباء اقتصادية واجتماعية ثقيلة. يعتقد ناشط حقوق الإنسان الأفريقي جريميا (Jeremiah) أن السيطرة على الزيادة السكانية عمل لا يحتمل التأخير بالنسبة لعديد من الدول الأفريقية، ونجاح الصين في هذا المجال جدير بالدراسة.

قال جريميا إن السيطرة على الزيادة السكانية مازال موضوعا حساسا في أفريقيا الآن، وقليلا ما نجد السياسيين يعبرون عن دعمهم لتحديد النسل بشجاعة. فتحديد النسل يعتبر ارتدادا عن الأديان والعقائد التقليدية المتوارثة، فالإنجاب مازال عقيدة أفريقية أصيلة، ومن ثم فالرجل العقيم لا نفع منه وتُحتقر المرأة العاقر. وأكد جريميا أنه من الصعب السيطرة الفعالة على الزيادة السكانية في أفريقيا قبل أن يدرك الأفارقة أن تحديد النسل فيه نفع للاقتصاد وحياة المجتمع.

كما قال: "في الحقيقة، كانت أفكار مثل"أطفال أكثر سعادة أعظم" و"احترام الرجل واحتقار المرأة" الخ متأصلة في أذهان الصينيين، ولكن حكومة الصين نجحت في تنفيذ سياسة تنظيم النسل." نظرا لأن تحديد النسل مهم جدا بالنسبة لبناء مجتمع سليم ومتناغم. ودعا جريميا حكومات الدول الأفريقية إلى إدراك ضرورة هذا الأمر بسرعة.

يُضطر الأفارقة إلى الحفاظ على استمرار وازدهار القبيلة من خلال الإنجاب كثيرا وبسرعة لأن المرض يختطف كثيرا منهم، ومن ثم فإن تعزيز الوقاية من الأمراض القاتلة وعلاجها شرطا لازما في التوعية بجدوى تحديد النسل.

يعتقد الساسة والخبراء الأفارقة أن الصين حققت إنجازات بارزة في الوقاية من، وعلاج الملاريا والدرن الرئوي وغيره من الأمراض الوبائية الشائعة في أفريقيا، وأنها تتمتع بخبرة وافرة في هذا المجال، فعلى الدول الأفريقية أن ترجع إليها. وتأمل حرم رئيس كينيا السيدة لوسي كيباكي (Lucy Kibaki) أن يذهب عدد أكبر من العاملين الصينيين في الطب إلى كينيا لتعليم الكينيين الطب وجها لوجه. كما تتطلع إلى أن تلعب الأدوية الصينية التقليدية دورا خاصا في معالجة الإيدز.

التجربة الصينية لشق الطرق

أدرك زعماء أفريقيا أن الإسراع في بناء مرافق البنية الأساسية عنصر حاسم لتحقيق التنمية المستدامة. وقدمت الصين مثلا لهم في هذا المجال أيضا.

قال الباحث السياسي دافيد كريستيانسن (David Kristjansonn)، في مقال له بمجلة ((الشؤون التجارية الأفريقية)) مؤخرا إن المشكلة العامة التي تواجهها الدول الأفريقية، هي مرافق البنية الأساسية المتخلفة والأجهزة العامة الضعيفة. وأغلبية الدول الأفريقية متورطة في حلقة مفرغة: مرافق البنية الأساسية المتخلفة تقيد التنمية الاقتصادية، والتنمية الاقتصادية البطيئة تقيد استثمار الحكومات في بناء مرافق البنية الأساسية.

واستشهد دافيد بالعبارة الصينية المأثورة "شق الطرق أولا من أجل الثراء" للتدليل على اهتمام حكومة الصين ببناء المنشآت الأساسية. الآن، تجاوزت المسافة الإجمالية للطرق السريعة في الصين 40 ألف كيلومتر، وهذا الرقم يمثل المركز الثاني في العالم. قال هذا الخبير إن شق الطرق العامة في الصين بدأ يدخل فترة التطور السريع منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، وهذه الفترة فترة التنمية الاقتصادية السريعة في الصين. والآن، تخطط الصين بناء هيكل شبكة طرق سريعة على المستوى الوطني في غضون الخمس سنوات القادمة، ومسافة الطرق السريعة، التي بنتها الصين في الخمس سنوات الماضية، 5ر1 ضعف مسافة الطرق السريعة، التي بنتها الصين في العشر سنوات الأولى بعد بدء حكومة الصين ممارسة هذا العمل.

حسب ملاحظة دافيد، تتركز المنشآت الأساسية، التي استثمرت الصين فيها، في الطرق والاتصالات والمشروعات الكهرمائية الخ. مثلا، في قطاع الاتصالات، بدأت الصين تقدم خدمة الاتصالات اللاسلكية بالتجهيزات المستوردة منذ وسط وأواخر الثمانينات من القرن الماضي، وتجاوز عدد المشتركين فيها عشرة ملايين مشترك بعد عشر سنوات، وقفز هذا الرقم إلى المرتبة الأولى في العالم خلال الأربع سنوات التالية.

بالمقارنة مع عزيمة حكومة الصين وقدرتها لبناء المنشآت الأساسية على نطاق واسع، تنهد دافيد قائلا: "عندما نذكر حالة مرافق البنية الأساسية في أفريقيا، نجد أن الفجوة بين الصين وأفريقيا كبيرة وما علينا أن نتعلمه من الصين كثير." وبالطبع، في رأيه أن مرافق البنية الأساسية في جنوب أفريقيا تختلف عنها في الدول الأفريقية الأخرى، والسبب هو أن التنمية الاقتصادية فيها أسرع مما في الدول الأفريقية الأخرى.

ويعتقد وزير الصناعة والتجارة لجنوب أفريقيا مانديسي مباهلوا (Mandisi Mpahlwa) أن الصين لا تهتم ببناء منشآتها الأساسية فحسب، بل مستعدة لمساعدة الدول الأفريقية في بناء المنشآت الأساسية أيضا، وهو ما يجب أن يتعلم منه المستثمرون من الدول الغربية.

المدارس التجارية لا تنتظر التوجيهات الحكومية

أكد وزير التربية والتعليم والثقافة الموزمبيقي آيرس علي (Aires Ali) أن على الدول الأفريقية أن تتعلم من الصين في مجال تطوير التربية والتعليم. والصين والدول الأفريقية تواجه مشاكل متشابهة في تطوير التربية والتعليم، مثلا، عدد السكان الضخم ونقص التمويل الحكومي. يعتقد علي أن "أهم ما يستحق أن نتعلمه من الصين هو عزيمة حكومة الصين على تطوير التربية والتعليم". وشعار "أن نوفر الظروف الطيبة للتربية والتعليم والأطفال رغم الفقر" وغيره من الشعارات معروفة لدى الجميع في الصين، فعلى الدول الأفريقية أن تبذل كل جهودها في هذا المجال.

كما يعتقد الوزير أن الشرط اللازم لتعميم التربية والتعليم ورفع الجودة التعليمية الشاملة هو تدريب المعلمين. تتمتع الصين بخبرة ناجحة وافرة في التعليم الريفي وتنمية الموارد البشرية، وفيها كثير من المعلمين المتفوقين، لذا، يأمل الوزير أن تبعث الصين المعلمين إلى موزمبيق ويذهب عدد أكبر من المعلمين الموزمبيقيين إلى الصين من أجل التعلم والعودة للمساعدة في إقامة مزيد من المدارس الأفضل.

وأشار العالم نيك بندل (Nick Bendel) التابع لهيئة بحوث بجنوب أفريقيا إلى أن الجامعات والمعاهد في الدول الأفريقية تفتقر إلى القدرة التنافسية الدولية بشكل شامل، وعلى الجامعات والمعاهد والمدارس المهنية أن تمنح الأسبقية لمجالات التجارة والعلوم والتكنولوجيا الخ. وحسب إحصاء له، الآن، يبلغ عدد المؤسسات التعليمية التجارية في أفريقيا أكثر من عشر مؤسسات فقط، ولكن، في الصين أكثر من ألف مؤسسة تعليمية تجارية.

وقال عالم آخر، يشتغل في البحوث التعليمية، هو نوربرت جريكو (Norbert Jericho) إنه على المدارس والهيئات التجارية الأفريقية ألا تنتظر مكتوفة الأيدي التوجيهات الحكومية حول تطوير التعليم التجاري، عليها أن تتعلم الطريقة الصينية، التي من شأنها أن تستثمر المدارس والمؤسسات في تنمية الموارد البشرية معا لتقديم الأكفاء المتخصصين للمجتمع.

كما أشار الخبراء إلى أن الشيء الأهم هو أنه على الدول الأفريقية أن تتعلم من الصين تهيئة البيئة المريحة للأكفاء.

عدم اتباع الغرب عشوائيا

أكد العالم النيجيري فرمي (Fermi) خلال مقابلته مع مراسل ((هوانتشيو)) قائلا: "أهم ما ينبغي أن نتعلمه من الصين هو أن الصين تختار طرق التنمية التي تناسب حالتها، بمبادرتها الذاتية، وتسيطر على خطوات التنمية بنفسها، ولا تتبع توجيهات الدول الغربية اتباعا أعمى مثل عديد من الدول الأفريقية. وقد دل نجاح الصين على أن الأمة ذات الثقة الذاتية والعزيمة والبصيرة تحقق إنجازات بارزة." كما يتطلع إلى أن يظهر عدد أكبر من الزعماء ذوي البصيرة والثقة الذاتية في أفريقيا للسيطرة على مصير دولهم بأنفسهم.

قال رئيس تنزانيا جاكايا كيكويت (Jakaya Kikwete) إن أسلوب التنمية الناجحة للصين اليوم أسوة لصعود أفريقيا في المستقبل، وخبرة الصين تسهم في تغير ملامح أفريقيا، ولكن، من سيغير أفريقيا حقيقيا ليس الصين بل الأفارقة أنفسهم.

كما قال: "أتذكر حالة الصين قبل 30 سنة، وهي تشابه أفريقيا اليوم من حيث درجة الفقر، ما دمنا نجد طريقا يناسب تنميتنا، سنجعل العالم ينظر إلى أفريقيا بنظرة الاحترام بعد 30 سنة مثل الصين، مستقبل أفريقيا في أيدي الأفارقة أنفسهم."

الأحداث الهامة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي

بعث رئيس جمهورية الصين الشعبية السابق جيانغ تسه مين برسائل إلى زعماء الدول الأفريقية المعنية والأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية في أكتوبر عام 1999، دعا فيها إلى إقامة الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي.

أقيمت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في عاصمة الصين بكين في الفترة من يوم 10 إلى يوم 12 من أكتوبر عام 2000، أُجيز ((بيان بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي)) و((منهاج التعاون الصيني الأفريقي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية)) في الاجتماع.

أقيمت الدورة الثانية للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في عاصمة أثيوبيا أديس أبابا في الفترة من يوم 15 إلى يوم 16 من ديسمبر عام 2003، أُجيزت ((خطة العمل (عام 2004- عام 2006)- أديس أبابا لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي)) في الاجتماع.

ستقام الدورة الثالثة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين في الفترة من يوم 3 إلى يوم 5 نوفمبر عام 2006.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.