ã

في عالم الملاهي

الكرنفالات تخرج من حسابات الصينيين

مراسلة ((الصين اليوم)) لو رو تساي

من كرنفال هوانتشيو (الكرة الأرضية) في بكين عام 2004

إقبال كبير على كرنفال هوانتشيو ببكين عام 2005 حديقة ملاهي هوانلهقو افتتحت في بكين في يوليو عام 2006

بعد عامين من النجاح في بكين اضطر كرنفال هوانتشيو (الكرة الأرضية) أن ينسحب من العاصمة الصينية هذا العام نتيجة الخسائر غير المحتملة. وفي نفس فترة الخسارة لهوانتشيو كانت حديقة ملاه أخرى ذات موضوعات خاصة، هي هوانلهقو (وادي السعادة) تحقق أرباحا هائلة في العاصمة. ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يتنبأ بمن تكون له الغلبة في عالم الملاهي ببكين العام القادم.

أسطورة هوانتشيو تنهار

الكرنفال هو الملاهي المتجولة ويضم ألعابا ترفيهية إضافة إلى مسابقات الحظ التي تعتمد على المهارة، وهو تطوير لفكرة السيرك المتجول الذي شاع لفترة في الماضي. في عام 2004 عندما بدأ كرنفال هوانتشيو في بكين كانت ليو يويه متحمسة للغاية له وشغوفة بالذهاب إليه. اليوم لا تفهم الآنسة ليو لماذا كانت هذه الحماسة. قالت: "من أجل الفوز في مسابقات الحظ بلعبة كبيرة، وقفت أدفع وألعب، أمام كشك للعب بضع ساعات برفقة صديقي، وأخيرا، أنفقت أكثر من ستمائة يوان (حوالي 75 دولارا أمريكيا) حصلت بها على لعبتين صغيرتين فقط". لم تكن ليو يويه استثناء بين أهل بكين في ذلك الصيف.

قبل هوانتشيو لم يكن أهل العاصمة الصينية يظنون أن الفرد يمكن أن ينفق أكثر من ألف يوان (حوالي 125 دولارا أمريكيا) على اللعب في الملاهي لمدة يوم واحد. ولكن، والحق يقال، كانت الإغراء في هذا الملهي أصعب من أن يقاوم: ألعاب متحركة على أعلى مستوى عالمي، وألعاب أصلية من ديزني لاند، إضافة إلى أن هذا الملهي الذي يجوب العالم يبقى في بكين 52 يوما ليس أكثر.

في ذلك العام، 2004، خرج كرنفال هوانتشيو من بكين مثقلا بالمال، فقد استقبل حوالي مليون زائر في بكين أنفق كل واحد منهم 150 يوانا (حوالي 75ر18 دولارا أمريكيا) في المتوسط، وبحسبة بسيطة يكون دخل الكرنفال بلغ 120 مليون يوان (15 مليون دولار أمريكي) خلال 52 يوما. هذا الدخل الهائل جعل القائمين على هوانتشيو يقررون إقامته في بكين مرة كل عام خلال السنوات الأربع التالية.

ولكن في عام 2006 قرر أصحاب هوانتشيو ألا يرجعوا إلى عاصمة الصين في العام القادم، فقد صرح سو هاي، المتحدث باسم الشريك الأجنبي في هذا الملهي المتجول لعام 2006، وهو شركة كرنفال فوآرجيه، قائلا: "خسرنا كثيرا، لن نأت إلى بكين في العام القادم!" لماذا؟ قال المتحدث: "لأن الكرنفال بقي في بكين أكثر من مائة يوم هذا العام، ولكن، لم يشهد الإقبال المتوقع، فقد بلغ عدد زواره ثلاثة أو أربعة آلاف كل يوم في فترة العطلة الصيفية، وحوالي ألفين في الفترة الأخرى، ولم نر هذا العام صفوف المنتظرين أمام شباك التذاكر. وقال لي شيانغ تشينغ، الذي يسكن بالقرب من المكان الذي أقيم به الكرنفال: "كنت في العامين الماضيين أرى كثيرا من الناس ومعهم تذكارات ولعب الكرنفال في محطة المترو في باباوشان (حيث يقع الكرنفال) ولكن لم أر منهم إلا القليل هذا العام".

السيد سو هاي قال موضحا: "لم يعد كرنفال هوانتشيو شيئا جديدا بالنسبة لسكان بكين، وقد تعلمت من بكين أن لا يقام الكرنفال في مدينة واحدة أكثر من مرة. أما سبب تراجع الإقبال عليه فهو الدعاية غير القوية وانخفاض الجاذبية".

ما سمعناه من الجمهور لا يتفق تماما مع ما قاله السيد سو هاي، فالناس يعتقدون أن السبب هو السعر المرتفع وتكلفة اللعب العالية.

الجديد والرخيص

أحد العاملين في هوانتشيو قال إن الكرنفال أقيم في نفس المدينة لمدة ثلاث سنوات متواصلة، وتمتع سكان بكين بكثير من البرامج الجيدة، ومن ثم لم يعد الكرنفال جديدا بالنسبة لهم.

هل الواقع هكذا؟

ليو يويه، برغم ما أنفقته في عام 2004، قالت إنها لن تتردد في الذهاب إلى كرنفال هوانتشيو كل عام، بشرط أن تكون الأسعار منخفضة، فهي تعتقد أن برامج اللهو والتسلية فيه رائعة. في عام 2006، واستجابة للشريك الصيني، حاول الشريك الأجنبي- فوأرجيه- تجاوز الأزمة بتخفيض السعر مرتين، ولكن التخفيض كان محدودا للغاية، فزائر الكرنفال لا بد أن يستعد بمئات اليوانات في جيبه للعب يوما واحدا.

لقد أثبتت تجربة هوانتشيو أن السعر عنصر حاسم في المنافسة بين الملاهي. ففي عام 2004 عندما نصب هوانتشيو ألعابه في مكان بالقرب من حديقة ملاهي شيجينغشان، سادت مخاوف من تأثير الكرنفال على هذه الملاهي الصينية الخالصة، ولكن الواقع في السنوات الأخيرة أثبت أن شيجينغشان لم تواجه كسادا بل زاد عدد زوارها في فترة العطلة الصيفية بنسبة 30% سنويا.

تساو سي سي-11سنة- تذهب إلى الملاهي مع والديها مرة أو مرتين في فترة العطلة الصيفية كل عام، وعادة تختار هذه الأسرة حديقة ملاهي شيجينغشان أو حديقة ملاهي بكين. قال والد تساو: "العنصر الهام في اختيارنا هو السعر. فنحن لا نحتاج في أي من هاتين الحديقتين إلى أكثر من مئات اليوانات، ولكن إذا ذهبنا إلى الكرنفال فإن الإنفاق سيتضاعف. سعر تذكرة جميع الألعاب في حديقة ملاهي شيجينغشان 418 يوان (حوالي 25ر52 دولارا أمريكيا) ولكنها تباع بمائة يوان (حوالي 5ر12 دولارا أمريكيا) فقط في فترة العطلة الصيفية وفي حديقة ملاهي بكين سعر تذكرة جميع الألعاب 90 يوانا (حوالي 25ر11 دولارا أمريكيا) فقط. قال والد تساو: "أهم شيء للطفل هو اللعب، بغض النظر عما إذا كانت مرافق وأجهزة حديقة الملاهي متقدمة أو غير متقدمة. الطفل لا يهتم بذلك".

في تحليله لظاهرة صعود وهبوط الكرنفال قال مدير مركز البحوث السياحية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية تشانغ قوانغ: "الكرنفال ملهى متحرك، عنصر التفوق له هو التحرك، ومن ثم فإنه لا يتحمل عبء التكاليف العالية لمرافق وتجهيزات الملاهي الثابتة، كما تكون لديه حرية أكبر في تجديد تجهيزات التسلية واللعب والتكيف مع الاختلافات الموسمية وغيرها من عيوب الملاهي الثابتة. التجدد والتغير هما مفتاح نجاح الملاهي مثل الكرنفال. وأسعار الكرنفال المتحرك والملاهي الثابتة مختلفة أيضا. معظم زوار الملاهي في المدن هم أبناء المدينة، وبخاصة الأسر التي يزور بعضها الملاهي أكثر من مرة، ولهذا فإن الأرخص هو الأفضل؛ أما الكرنفال، فهو مؤقت، يقام في فترة معينة، ويربح اعتمادا على البرامج الجديدة من خلال الأسعار العالية ولهذا من المنطقي أن يكون عدد زواره الذين يترددون عليه أكثر من مرة محدودا".

هل يمكن التخلص من "تأثير الافتتاح" أو لا؟

بعد افتتاحها ببكين في التاسع من يوليو هذا العام شهدت حديقة ملاهي هوانلهقو ذات الموضوعات الخاصة إقبالا كبيرا، ففي الشهر الأول بعد افتتاحها، تجاوز عدد زوارها مائتي ألف، وفي أحد أيام ذلك الشهر بلغ عدد الزوار 15 ألفا.

مدير مركز البحوث السياحية تشانغ قوانغ ري قال: "قد يكون ظهور هوانلهقو هو السبب في تحطيم حلم الكرنفال، والسبب هو البرامج الجديدة في هوانلهقو، فبعض التجهيزات فيها لا توجد في ملاهي بكين الأخرى ولا في الكرنفال، بالإضافة إلى ذلك، الحديقة ليست مثل الملاهي التقليدية، وإنما تتميز بموضوعات ثقافية بارزة، فلا تجذب الزوار اعتمادا على التجهيزات فحسب، بل بالاعتماد على العروض المتنوعة أيضا". وقالت وانغ جيون، التي زارت حديقة ملاهي ديزني لاند بهونغ كونغ قبل شهرين، إنها لم تزر الكرنفال رغم أنه أقيم في بكين في ثلاث سنوات متواصلة، ولكنها لعبت يوما كاملا بعد افتتاح حديقة هوانلهقو. وأضافت: "أعتقد أن برامج حديقة هوانلهقو أروع وهي أكبر من الملاهي الأخرى، ولا تقل في شيء عن ديزني لاند، وسوف أزورها في أيام غير أيام عطلة نهاية الأسبوع حتى لا أقف طويلا أمام كل لعبة".

طول الانتظار أمام اللعب يعني أن الإقبال كبير على هوانلهقو، ولكنه واحد من مشاكل حديقة هوانلهقو والملاهي الأخرى. قالت وانغ جيون: "هناك إقبال كبير على بعض البرامج في ديزني، ولكن، إجراءات التنظيم الجيدة تخلص الزوار من الانتظار الطويل، إضافة إلى الفجوة بينها وبين ديزني في خدمات الانتقال والطعام الخ". هذه الملاحظات السيئة تجعل زائر هوانلهقو، برغم استمتاعه ببرامجها، يعزف عن العودة إليها مرة أخرى.

هذا الازدهار في هوانلهقو قد لا يستمر طويلا، وربما يكون نتيجة ظاهرة "تأثير الافتتاح" فقط. وحسب دراسة أجراها الباحث تشو يي في شركة تشانغجيانغ لبحوث الأوراق المالية يكون أعلى عدد لزوار الملاهي ذات الموضوعات الخاصة في الستة شهور أو السنة الأولى للافتتاح ثم يتراجع العدد. فلا شك أن حديقة هوانلهقو ستواجه هذه المشكلة.

في حديقة هوانلهقو يمكن اللعب في أكثر من أربعين برنامجا أي عدد من المرات بتذكرة كاملة سعرها 160 يوانا (حوالي 20 دولارا أمريكيا)، من حيث الظاهر، تفوقها بارز بالمقارنة مع الملاهي الأخرى. ومن الناحية النظرية، يستغرق اللعب في كل الألعاب مرة واحدة حوالي 23 ساعة، ولكن ساعات فتح الحديقة حوالي 11 ساعة ونصف ساعة فقط كل يوم، وهذا يعني أنك لا تستطيع أن تلعب أكثر من عشرة برامج، إضافة إلى أوقات الانتظار وتناول الطعام.

قال مساعد المشرف العام لحديقة هوانلهقو ببكين تشنغ وي إنهم بدؤوا بحث رغبات الزوار وقواعد اللعب. ويعتقد تشنغ وي أن رغبات الصينيين تختلف عن رغبات الزوار من الدول الأخرى، فالصينيون يعشقون التصوير. لذلك، بذلت حديقة هوانلهقو جهودا كبيرة في تحسين زوايا التصوير وخدمات التصوير. بالإضافة إلى ذلك، سيبدأ تشغيل "نظام التحديد المقدم" (Best Pass)، الذي يتيح للزائر اللعب في برامج أخرى قبل الموعد المحدد.

وينصح مدير مركز البحوث السياحية تشانغ قوانغ ري قائلا: "على حديقة هوانلهقو أن تحافظ على جاذبيتها اعتمادا على التغيير والتجديد في المستقبل. تتفوق حديقة هوانلهقو وملهى شيجينغشان وغيرهما من الملاهي الثابتة على الكرنفال المتحرك بفضل قدرتها على إعادة التنظيم والتعديل حسب رد الفعل للسوق".

دراسة السوق عنصر هام

تتوقع الجمعية الدولية للملاهي ومواقع المناظر أن يصل دخل الملاهي في آسيا 2ر8 مليارات دولار أمريكي عام 2010، وأن يكون متوسط الزيادة السنوية 9ر5%؛ وأن يصل دخل الملاهي في الصين 3ر1 مليار دولار أمريكي، ويكون متوسط الزيادة السنوية 1ر7%، ومن ثم فإن الصين هي أكثر منطقة نموا.

السوق الواسعة في الصين تغري الشركات الدولية العملاقة العاملة في قطاع الملاهي. مجموعة فردوس المستقبل، التي تسمى بـ"ديزني فرنسا"، ستقيم حديقة ملاهي في شنتشن قبل عام 2007، يمكن أن تستقبل ثلاثة ملايين زائر سنويا؛ وسوف تستثمر مجموعة فياكوم (Viacom) سبعة مليارات دولار أمريكي لإقامة حديقة Paramount في منطقة بينهاي الجديدة بتيانجين؛ ورغم أن شركة كرنفال فوأرجيه قررت الانسحاب من بكين، أعربت شركة كرنفال هوانتشيو المحدودة ببكين عن أن كرنفال هوانتشيو سيقام في العام القادم، ومن المرجح أن تتعاون مع شركة غلوبال كرنفال البريطانية.

منذ ثمانينات القرن الماضي أقيم في الصين حوالي 2500 حديقة ملاهي ذات موضوعات خاصة، ولكن، 10% منها فقط حققت ربحا، ومازال أكثر من 70% من هذه الملاهي تخسر. أحد الخبراء ينصح الملاهي الخاسرة أن تبحث سوق الصين بصورة جدية وعمق أكثر.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.