ã

الفن الإسلامي في مملكة قوقه القديمة

بنغ شين قوي

آثار قديمة حول مركز أطلال مملكة قوقه القديمة

أزياء قومية تبتية نموذجية بغرب التبت

أطلال مملكة قوقه القديمة

قبل ألف وثلاثمائة سنة كان في التبت مملكة اسمها قوقه، حققت ازدهارا حضاريا عظيما، ولكنها زالت وهي في أوج ازدهارها. الآن، وبعد مئات السنين مازالت البنايات والشوارع والرموز الكتابية والعقائدية والرسوم الجدارية والأساليب الفنية لتلك المملكة باقية في حالة جيدة. ويقيم حاليا بين أطلال مملكة قوقه عدة أسر، ولكنهم ليسوا من أحفاد أبناء قوقه القديمة. الاختفاء المفاجئ لقوقه وانقطاع نسل أهلها الذين بلغ عددهم مائة ألف ذات يوم وتلاشي حضارة هذه المملكة التي وصلت مستوى عاليا، مازالت علامات استفهام مفتوحة، خاصة وأن الكتابات التاريخية عنها محدودة للغاية.

قصور قوقه الملكية

تقع أطلال مملكة قوقه القديمة في غربي التبت، وهي منطقة ترتفع أكثر من 4000 متر عن مستوى سطح البحر. وتتكون هذه الأطلال من عاصمة المملكة والقصور الملكية في جبل يبلغ ارتفاعه 300 متر تقريبا. مازال بها 879 كهفا سكنيا و445 مسكنا و58 بناية متعددة الطوابق و28 باغودا بوذية، وجميع هذه البنايات مبنية استنادا إلى الجبل، ومترابطة من أعلى لأسفل حتى قمة الجبل. وأمام أطلال مملكة قوقه القديمة أرض منبسطة واسعة تمتد حتى نهر شيانغتشيوان.

تبدأ الأطلال ببوابة عليها برج مراقبة للمدينة، تؤدي إلى أعلى عبر شارع، مرورا بقصر دومو ومعبد بايمياو ومعبد هونغمياو وقصر داويده. مساحة معبد بايمياو تساوي مساحة معبد هونغمياو، 300 متر مربع تقريبا، وبهما رسوم جدارية نفيسة ذات موضوعات مختلفة. أشهر رسم جداري في معبد بايمياو هو لوحة موضوعها سلاسل تعاقب الملوك على ممالك توبوه وقوقه والهند القديمة، وهي لوحة نفيسة ولها قيمة عالية للبحوث التاريخية. وفي معبد هونغمياو عدة رسوم جدارية تدور موضوعاتها حول صلاة بوذا وعزف الآلات الموسيقية وغيرهما، ولكن الرسم الجداري الأكثر إثارة بينها هو اللوحة التي تصور استقبال ملك مملكة آلي القديمة لراهب بوذي هندي كبير عام 1038. في هذه اللوحة صف من الراقصات، وإلى جوارهن مجموعة من الطبالين وعازفي الآلات الموسيقية النحاسية الفخمة. مازالت الرسوم الجدارية في قصر داويده في حالة جيدة حتى الآن، وهي رسوم كبيرة الحجم، ومنها لوحة لجينقانغ، حارس بوذا، ومجموعة من الرسوم المتعلقة بالجنود ولوحة لإله الحرب الخ. مازالت الرسوم الجدارية في أطلال مملكة قوقه محتفظة بألوانها الزاهية بعد مئات السنين. وتعتبر هذه الرسوم الجدارية ذات الأسلوب الغني نموذجا لأسلوب الرسم في غربي الصين الذي يجمع بين أساليب الهند وكشمير ونيبال والأسلوب الفني الإسلامي، وقد صار مذهبا فريدا في فنون التبت. وتتميز هذه الرسوم الجدارية بالألوان الزاهية والدقيقة وتجسد الرسوم الغامضة السحرية الخاصة للبوذية التبتية، وهذه معلومات هامة لبحوث تاريخ مملكة قوقه.

في طريق الصعود إلى أعلى الجبل عبر الدروب الجبلية، تجد طبقة بعد طبقة من منحدرات شديدة الانحدار، وبها كهوف سكنية، وفي بعض الكهوف السكنية في منتصف الطريق أسلحة خلفتها مملكة قوقه، منها  دروع وخناجر وسيوف وأقواس وسهام الخ، مازالت في حالة جيدة حتى الآن بفضل المناخ الجاف في هذه المنطقة.

تحتل القصور الملكية قمة الجبل رئيسيا، وعددها أكثر من أربعين قصرا، هياكلها من الخشب والطين، وسطوحها مستوية، وتتجاوز مساحة كل منها 18 مترا مربعا، ومعظمها من طابق واحد، وبعضها من طابقين أو ثلاثة طوابق، وبرغم تخرب معظمها يمكن أن نلاحظ تصميماتها البارعة الفريدة. تقع قصور أفراد الأسرة المالكة في شرق قمة الجبل، ومساحتها ليست كبيرة، ولكنها متقنة رائعة برغم حجمها الصغير. في غرب قمة الجبل بقايا بناية مساحتها 200 متر مربع، وهي أكبر بناية من بين القصور الملكية، ويعتقد الخبراء أنها القصر الذي كان الملك يباشر فيه شئون مملكته مع وزرائه. أرضية هذه البناية مبلطة بأحجار صغيرة ورمال وطين، وهي متينة بفعل دك الناس التراب بقوة، وهذا من فنون العمارة للتبتيين لمعالجة أرضية المسكن، ومازال هذا الأسلوب موجودا حتى الآن.

في شمال قمة الجبل كهف تحت الأرض، عمقه 20 مترا تقريبا، وهو واسع برغم أن مدخله ضيق، وفيه نفق شديد الانحدار يمتد إلى أسفل. هذا الكهف هو قصر تحت الأرض، لم يكتمل بناؤه.

جميع القصور الملكية مبنية في قمة الجبل، تحيط بها من جوانبها الأربعة أجرف خطيرة، يستحيل الصعود إلى قمة الجبل منها، حيث لا يمكن الوصول إلى القصور الملكية إلا عن طريق نفق اصطناعي متعرج طوله 50 مترا يربط بين منتصف الطريق الجبلي والقصور الملكية. من قمة الجبل، ترى أطلال المدينة العاصمة وواديين في شرق وغرب الجبل وأرض منبسطة واسعة في شمال الجبل ونهر شيانغتشيوان.

سر الاختفاء

عندما يتحدث الناس عن أطلال مملكة قوقه، فإنهم يقصدون بقايا العاصمة الواقعة على الشاطئ الجنوبي لنهر شيانغتشيوان في محافظة تشادا بمنطقة آلي، ولكن الحقيقة أن نطاق مملكة قوقه كان كبيرا جدا، فقد ورد في السجلات التاريخية أن مملكة قوقه هي سلطة محلية أقامها خلف مملكة توبوه بعد تلاشي هذه المملكة التي وحدت التبت، وكان نطاق حكمها كل منطقة آلي في ذروة ازدهارها، واستمر حكمها أكثر من 700 سنة، وتعاقب عليها أكثر من 20 ملكا، وزالت في القرن السابع عشر.

يقال في هذه المنطقة إن مملكة قوقه زالت بسبب حرب دينية. في البداية كان أبناء مملكة قوقه يدينون بالبوذية التبتية، وبعد ذلك دخل البرتغاليون مملكة قوقه الواقعة في منطقة آلي بالتبت عن طريق الهند، فارتدت زوجة ملك قوقه عن البوذية واعتنقت المسيحية بتأثير من المبشرين البرتغاليين، وبعدها ارتد ملك قوقه عن البوذية واعتنق المسيحية أيضا، فبدأ اللامات في المعابد حركة مقاومة، وأجروا اتصالات سرية مع مملكة كشمير، وساعدوها في الهجوم على مملكة قوقه، حتى أطيح بسلطة مملكة قوقه وصارت تابعة لمملكة كشمير.

وقد اكتشف الأثريون مؤخرا قناعا مصنوعا من الورق في كهف لتخزين الأسفار المقدسة في أطلال مملكة قوقه. هذا القناع  الذي كان يستخدم لإبعاد الشياطين وجدت عليه كلمات من التوراة والإنجيل باللغة البرتغالية، وهذا دليل على أن مملكة قوقه تلاشت بسبب حرب دينية.

في جرف يبعد عن أطلال مملكة قوقه أكثر من 600 متر شمالا، كهف به أكثر من 30 جثة جافة، يقال إنها لأبناء مملكة قوقه. يبلغ ارتفاع الكهف ثلاثة أمتار تقريبا، ومدخله صغير بعرض 80 سم، وارتفاع 2ر1 متر، وبه ثلاث غرف، الرئيسية منها مربعة الشكل، ومساحتها 10 أمتار مربعة تقريبا، والغرفتان الخلفية والجنوبية صغيرتان، ولكل منهما مدخل صغير مرتبط بالغرفة الرئيسية، وفي هذه الغرف الثلاث طبقتان أو ثلاث طبقات من الجثث الجافة. ينتشر بين هذه الجثث داخل الكهف عدد كبير من العظام والملابس البالية والقطع الصغيرة من القماش والحبال الصوفية، وفي نفس الوقت يوجد داخله عدد كبير من الشعر المشدود بأشكال مختلفة للرجال والنساء. وجميع الجثث الجافة ليس لها رأس، ولا يوجد بها أي عظم، ولكن الشعر يدل على أن هذه الجثث كانت لها رؤوس في البداية.

من بين هذه الجثث الجافة في الكهف حوالي 10 جثث ملفوفة بثياب طويلة بدون ياقات، ومصنوعة من قماش خشن على الطراز التبتي أو قماش صوفي خشن خارج الثوب الطويل، ويحزم خصره بحبل صوفي. يؤكد علماء الآثار أن كل الجثث الجافة في الكهف كانت ترتدي ثيابا طويلة، وبعضها ارتدى قطعة كبيرة من القماش الصوفي خارج الثوب الطويل، والكل حُزم بحبل صوفي في البداية.

ويقال إن ملك قوقه لم يشأ أن يعرض شعبه للحرب بعد هجوم مملكة كشمير على مملكته، ولهذا عقد اتفاق استسلام مع الجيش الكشميري، وجرد جنوده من السلاح ولكن الجيش الكشميري نقض العهد وقتلهم وألقى جثثهم في الكهف، ودحر مملكة قوقه، ودمرها في النهاية.

بالإضافة إلى ذلك اكتشف الأثريون جثثا لنساء شابات. ويشير العلماء إلى أن وضع الجثث في الكهف جماعيا نوع من الترتيبات الجنائزية في التاريخ. ولكن هل هذه الجثث الجافة لنبلاء أم لجنود  أم لعامة الشعب في مملكة قوقه، أم أنها لا تنتمي إلى قوقه من الأصل؟ لا أحد يعرف.

صهر المعادن

تقع ناحية لوبا في محافظة تشادا في شمال أطلال مملكة قوقه. وكلمة لوبا في اللغة التبتية تعني الحرَفيّ الذي يصهر المعادن. يقال إن لوبا اشتهرت بصهر المعادن وصنع الأدوات الذهبية والفضية في فترة مملكة قوقه، وإنها تولت صناعة كل تماثيل بوذا والأدوات الدينية المعدنية للأربع والعشرين معبدا التابعة لمعبد توهلين الرئيسي في منطقة آلي في ذلك الوقت. وقد صنعت تماثيل بوذا باستخدام خليط من الذهب والفضة والنحاس بفن حاذق، وكل منها كيان واحد بدون أي لحام أو وصل، وقيمتها تجاوزت قيمة لتماثيل بوذا المصنوعة من الذهب الخالص. ولكن تماثيل بوذا نحاسية المصنوعة في لوبا هي أكثر التماثيل إثارة للدهشة، فهذه التماثيل التي تسمى تماثيل بوذا قوقه ذات العيون الفضية، صنعت في فترة مملكة قوقه فقط، وتعتبر من أندر تماثيل بوذا في الصين، ولم يكتشف أي تمثال لبوذا من هذا النوع حتى عام 1997.

في صيف عام 1997 اكتشف الأثريون تمثالا نحاسيا لبوذا، وهو من تماثيل بوذا قوقه ذات العيون الفضية. يجلس هذا التمثال ذو اللون الأصفر الذهبي على منصة على شكل زهرة اللوتس، وله أربعة أذرع وثلاث عيون، الوسطى منها عمودية، العيون الثلاث مطلية بالفضة تشع بريقا شديدا. وخلال السنوات العشر الأخيرة اكتشفت تماثيل لبوذا ونقوش ومنحوتات ورسوم جدارية تجسد التراث الثقافي لمملكة قوقه الذي وصل مستوى ثقافيا عاليا في ذلك الزمان.

لمعلوماتك

الموقع: تقع أطلال مملكة قوقه في محافظة تشادا بجنوب منطقة آلي في منطقة التبت الذاتية الحكم، وتشادا واحدة من المحافظات الحدودية في التبت، وتتاخم الهند جنوبا، وتبعد عن مدينة لاسا، حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم 1500 كيلومتر، وبلدة شيتشيوانخه في محافظة قهأر، حاضرة منطقة آلي 200 كيلومتر، ومحافظة ينتشنغ في منطقة شينغجيانغ الويغورية الذاتية الحكم 1200 كيلومتر. 

المواصلات: يوجد خطان للوصول إلى أطلال مملكة قوقه، الأول من محافظة ينتشنغ في شينجيانغ إلى بلدة شيتشيوانخه في منطقة آلي ثم إلى محافظة تشادا. الثاني من مدينة لاسا إلى مدينة ريكهتسه ثم إلى محافظة تشادا. هذان الخطان طويلان، وكل منهما يحتاج إلى ثلاثة أيام. وفي التبت تتوفر سيارات الأجرة. والرحلة من تشادا إلى  أطلال مملكة قوقه تستغرق خمس ساعات.

لزيارة أطلال مملكة قوقه في محافظة تشادا لا بد من الحصول على  تأشيرة دخول المناطق الحدودية الصينية من مكتب الأمن العام للمنطقة التي يقيم بها الفرد، وهي مجانية ويمكن الحصول عليها في يوم واحد.   

 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.