ã

التراث العالمي في الصين

ثقافة الجبال في الصين

جبل وودانغ منبع المدرسة الجنوبية لرياضة الووشو (الكونغ فو)

مناظر جبل وودانغ

بحر الصحاب في جبل آمَيْ

جبل وودانغ

جبل وودانغ الواقع شمال غربي مقاطعة هوبي معروف بمناظره الطبيعية جذابة، حيث تغطي قممه الاثنتين والعشرين غابات الأشجار وتتزاحم عليها المغارات والينابيع والوديان. ومن المشاهد المميزة في وودانغ قمته الرئيسية "تيانتشو"(عمود السماء) التي تحيط بها القمم الأخرى من الجهات الأربع فتبدو كأنها طائر كركي يقف بين الدجاج، أو ملك يتوسط وزراءه. ويتسم جبل وودانغ بارتفاعه الشاهق المقرون بالخطورة البالغة إضافة إلى مشهد السحب والضباب الذي يلفه طوال العام فيصبغ عليه غموضا وسحرا يخال معه المرء أنه فردوس بعيد عن عالم البشر.

ولأسباب كثيرة قدس الطاويون جبل وودانغ الذي يعد أيضا منبع المدرسة الجنوبية لرياضة الووشو (الكونغ فو). ويعلم عشاق الكونغ فو أن الووشو مدرستان، الشمالية المعروفة باسم "شاولين" والجنوبية التي تسمى "وودانغ"، والأخيرة لها ارتباط وثيق بالطاوية، فقد كان الرهبان، في وقت تنسكهم، يتدربون على الووشو لتقوية الجسم والدفاع عن النفس.

وزائر وودانغ لا يستطيع أن يخفي دهشته أمام البنايات الكلاسيكية الضخمة والمعقدة بالجبل، والتي تشكل أكبر مجموعة من المعابد الطاوية في الصين وأدرجت في قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو عام 1994.

وتذكر المدونات التاريخية أن إنشاء بنايات جبل وودانغ استمر من فترة تشنقوان (627 – 649م)، حتى زمنه أسرة مينغ (1368 – 1644م) وأن الإمبراطور تشو دي جند ثلاثمائة ألف فرد من العمال شيدوا خلال اثنتي عشرة سنة معابد ومساكن وصل عددها غرفها الإجمالي حوالي 8000. وثمة صفة مشتركة لكل ما في هذه المعابد من تماثيل للآلهة والصور المقدسة وأواني المذبح والأدوات الموسيقية الطاوية والبيارق الدينية والستائر المزينة، ألا وهي الجمال والفخامة، ولم لا ومعظمها عطايا وهبات وهدايا مقدمة من الأسرة الإمبراطورية.

ويجسد ترتيب بنايات جبل وودانغ الوحدة بين سلطتي الإمبراطور والسماء، وجميعها يعبق بالعظمة والجبروت والغموض والسحر. في الجبل طريق مرصوف بالبلاط الأسود يسمى "الطريق الإلهي"، طوله 70 كيلومترا، يمتد من سفح الجبل إلى قمة "عمود السماء". وعلى جانبي هذا الطريق ثمانية قصور ومعبدان و36 ديرا و72 معبدا صخريا و39 جسرا و12 مقصورة ومصطبة. ويقال إن الإمبراطور تشو دي أولى اهتماما وعناية لعمليات البناء في هذا الجبل لدرجة أنه أصدر أكثر من ستين توجيها إمبراطوريا للجهة المسئولة عن المشروع، تتعلق بتعبئة القوى العاملة والموافقة على التصميم وكيفية معالجة بقية مواد البناء. وحيث أن الطاوية تحترم وتقدس الطبيعة، أصدر الإمبراطور تشو دي أكثر من فرمان بضرورة مراعاة أن لا تسبب عمليات البناء أي ضرر بهيكل الجبل. ولعل زائر وودانغ يلاحظ أن جميع البنايات تحتل مواقع مناسبة بين القمم والأشجار والصخور والجداول مشكلة كيانا طبيعيا واحدا منسجما مع البيئة حولها.

لقد بلغ إعجاب الصينيين في عهد أسرة مينغ ببنايات جبل وودانغ حدا كبيرا فوصفوها بأنها  "عظمة الدنيا". وعلى الرغم من أن معظم هذه البنايات لم تعد أكثر من أنقاض وأطلال مازالت تخلب الألباب وتختزن روائع وعجائب. في معبد فوتشن بالجبل، بناية من خمسة طوابق تحملها اثنتا عشرة عارضة وعمود واحد فقط، وبه جدار يسمى "جيو تشيوي هوانغ خه" (جدار النهر الأصفر ذو التسعة انحناءات) ينقل الصوت متزامنا، تماما مثل جدار الصدى في معبد السماء ببكين. وفي قاعة تشوانشن في المعبد جرس كبير إذا طرق لا يُسمع صوت دقاته في داخل القاعة، وإنما في خارجها. أما القاعة الذهبية على قمة "عمود السماء" فهي من نفائس التراث الثقافي. برغم تعرضها في الأيام الغابرة للصواعق والبرق في الأيام الماطرة، وتدحرج كرات النار حولها وفوقها، لم يلحق بها أي ضرر، بل ما زالت ساطعة ومشرقة أكثر مما كانت. أليس هذا دليلا حيا على ذكاء وعبقرية أسلافنا؟!

ما زال وودانغ، باعتباره جبلا مقدسا للطاوية، محافظا على ازدهاره الصاخب، ففي كل يوم تنبعث منه وفيه الترانيم الدينية وتتناقل الأساطير منه ويتدفق إليه أتباع الطاوية القادمون من بعيد حاملين معهم الثقافة الصينية العريقة.

جبل آمَيْ

يقع جبل آمَيْ جنوب غربي حوض سيتشوان وسط الصين. قمته الرئيسية هي جيندينغ وأعلى قمة به هي قمة وانفوه حيث يبلغ ارتفاعها 3099 م عن سطح البحر. ويطلق عليه" مملكة النباتات" و"المتحف الجيولوجي" و"الجبل البوذي الإلهي".

من قمة جبل آمَيْ الرئيسية جيندينغ تشاهد القمم المغطاة بالثلوج غربا والسهول المنبسطة شرقا وتدهشك المشاهد العظيمة والفريدة وبالتحديد العجائب الأربعة؛ بحر السحاب، وشروق الشمس، والأنوار البوذية والأضواء المقدسة. في وسط الجبل وفرة من القمم المرتفعة والشلالات المتدفقة والعيون العذبة والطيور المغردة وسط الأشجار والزهور. ويسود الجبل المناخ شبه الاستوائي والقطبي ولهذا يتنوع الغطاء النباتي به، فتندمج المناظر الجبلية العظيمة والنباتات الجميلة والمناخات الساحرة معا مشكلة لوحة طبيعية بديعة.

ويعود النشاط البشري في جبل آمَيْ إلى زمن بعيد، فقد أكدت المكتشفات الأثرية أن الإنسان سكن هذه المنطقة قبل عشرة آلاف سنة. ويمتد تاريخها الحضاري إلى أكثر من ألفي عام وفقا للسجلات المكتوبة. أبدع قاطنو الجبل من الأسلاف ثقافة زاهية وتركوا تراثا تاريخيا وافرا خلال هذه الفترة الطويلة. وقد أضفى دخول البوذية إلى الجبل وازدهارها سحرا على جبل آمَي، فباتت الثقافة الدينية وخاصة الثقافة البوذية تشكل قوام ثقافة جبل آمَيْ التاريخية التي تتجسد بوضوح في كل من فن العمارة والأدوات الدينية والطقوس والموسيقى والرسوم.

يعتبر فن عمارة المعابد ملمحا بارزا للثقافة البوذية بجبل آمَي، حيث تتوحد بنايات المعابد مع  بيئة الجبل ومناظره الطبيعية. في منطقة جبل أمَيْ أكثر من 30 معبدا، منها أكثر من عشرة معابد رئيسية، هي الأكبر حجما والأعرق تاريخا. وقد بنيت هذه المعابد على نفس نمط مساكن أبناء المكان التي تنسجم مع الظروف الجيولوجية هناك. ويعتبر فن عمارة المعابد بجبل آمَيْ فنا فريدا لا مثيل له في مكان آخر بالصين.

ولا يختلف الصينيون على فرادة التراث التاريخي الثقافي ومجموعة المقتنيات الأثرية البوذية الوافرة بجبل آمَيْ بالمقارنة مع سائر المناطق الجبلية بالصين، فهي بلورة لثقافة وتاريخ الجبل العريقين. الأكثر أن هذه المقتنيات والمعابد البوذية تعد مراجع هامة لدراسة تطور البوذية بجبل آمَيْ بل تاريخ البوذية كله.

من أهم المزارات السياحية في جبل آمَيْ تمثال بوذا لهشان الضخم، فهو تراث إنساني وطبيعي في آن. وفي محيط 2.5 كم مربع بمنطقة تمثال لهشان السياحية يوجد موقعان أثريان وطنيان محميان على الدرجة الأولى وأربعة مواقع أثرية وطنية على الدرجة الثانية. هذه المنطقة تقع على ضفة نهر تقابلها على الضفة الأخرى مدينة لهشان، وهي مدينة تاريخية ثقافية وبها تمثال كبير لبوذا نحت على صخرة واحدة ويرجع تاريخه إلى زمن أسرة تانغ الإمبراطورية،  قبل ألف وثلاثمائة سنة. وفي منطقة تمثال بوذا لهشان مجموعة مقابر صخرية يرجع تاريخها لفترة أسرة هان الملكية الإمبراطورية، قبل ألفى سنة وتماثيل وأبراج ومعابد بوذية من زمن أسرتي تانغ وسونغ الإمبراطوريتين، قبل ألف سنة ومجموعة بنايات من زمن أسرتي مينغ، قبل سبعمائة سنة وتشينغ، قبل أربعمائة سنة، إضافة إلى قطع أثرية لها علاقة بشخصيات صينية  قديمة مشهورة. وفي متحف جبل أمَيْ 7226 قطعة أثرية حاليا وكثير منها نادر ونفيس في الصين والعالم.

جبال وويي

تقع محمية جبال وويي الطبيعية - على المستوى الوطني- في شمال مقاطعة فوجيان. تبلغ مساحتها 565 كيلومترا مربعا ومتوسط ارتفاعها 1200 متر ويبلغ ارتفاع جبلها الرئيسي جبل هوانغقانغ 2158 مترا، فهو أعلى جبل في جنوب شرقي الصين.

تتميز المنطقة بتنوع الملامح التضاريسية والمناخ الرطب والمعتدل والبيئة الطبيعية المتنوعة التي تصلح لحياة النبات والحيوان. في عام 1845 قام عالم بيولوجي أجنبي بجمع عينات للنباتات والحيوانات في المنطقة، ومنذ عام 1873 ذاع صيت نباتات المنطقة النادرة في المنطقة في العالم كنباتات نموذجية. في المنطقة ثروات نباتية وحيوانية منها كثير من الأنواع القديمة والنادرة، ولذلك تسمى "عالم الحشرات" و" فردوس الطيور" و"مملكة الثعابين" و" المفتاح الحيوي لدراسة الزواحف والحيوانات البرمائية في آسيا". فيها 57 نوعا من الحيوانات المحمية الهامة على المستوى الوطني وأكثر من ألف نوع  مكتشف جديدا من الحيوانات والنباتات و29 ألف هكتار من الغابات الطبيعية العذراء، وتعد أكبر وأكمل نظام للغابات الطبيعية من حيث المساحة والعذرية في المناطق الساحلية لجنوب شرقي الصين. إلى جانب ذلك فيها 11 نوعا من الغطاء النباتي الطبيعي تشمل كل أنواع الغطاء النباتي في المنطقة شبه الاستوائية، ومن ثم فإنها منطقة نادرة في الصين بل والعالم.

أنشئت المنطقة في إبريل عام 1979. منذ ذلك الوقت أسس مكتب المناطق الطبيعية المحمية لمصلحة الغابات بمقاطعة فوجيان نظام إدارة شاملا للحفاظ على ثرواتها وبيئتها الطبيعية. واليوم تبلغ نسبة غطاء الغابات في المنطقة 96.3%  بزيادة قدرها 4.2% عن النسبة في أوائل إنشائها وارتفعت كمية المخزون من الخشب بنسبة 22.8% ومن الخيزران بنسبة 39.4%. علاوة على ذلك تحظى الحيوانات النادرة بحماية جيدة.

المنطقة محمية نموذجية تعتمد على إنتاج الغابات رئيسيا في جنوب الصين. ومن أجل حماية البيئة الطبيعية يعتمد أبناء المنطقة على إنتاج الخيزران والشاي في حياتهم من أجل التنمية الاقتصادية وحماية البيئة معا. وقد ارتفع متوسط دخل الفرد في المنطقة من 204 يوانات في بداية إنشاء المنطقة إلى 3500 يوان حاليا.

المنطقة هي المحمية الصينية الوحيدة المدرجة في قائمة "المجال الحيوي والإنساني" وقائمة "التراث الثقافي والطبيعي العالمي" في آن واحد. كما أنها "قاعدة تعميم التعليم التكنولوجي على المستوى الوطني" و"قاعدة التعليم التكنولوجي العالمية للشباب". و نفذ فيها مشروع "إدارة المنطقة الطبيعية المحمية الصينية" بمساعدة صندوق البيئة العالمي (GEF ) لمدة خمس سنوات مما عزز إدارة الحماية بالمنطقة.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.