ã

أخبار المسلمين – الجريدة الإسلامية الوحيدة في الصين

إسحاق جيا بنغ- مراسل ((الصين اليوم))

رئيس لجنة تعزيز الثقافة والتربية الإسلامية في لانتشو الحاج تشانغ ده تسي مع مراسل ((الصين اليوم))

رئيسة التحرير السيدة صفية يانغ (الثانية من اليسار) مع محرري أخبار المسلمين

إصدارات إسلامية غير حكومية

هذه مطبوعة شهرية ولكنها تصدر في ورق عادي ولذا تسمى "جريدة". تفردها ليس فقط في اسمها وإنما أيضا في كونها الجريدة الإسلامية الوحيدة في الصين، إضافة إلى أنها لا تصدر عن جهة رسمية. صدر منها حتى الآن ثلاثة وثمانون عددا، ووصل توزيع العدد الواحد منها خمسة عشر ألف نسخة. تتميز "أخبار المسلمين" بتنوع محتوياتها وسرعة متابعتها للأحداث، ولذا فهي ذات نفع كبير لمسلمي الصين. في المقر الرئيسي لجريدة ((أخبار المسلمين)) الذي يقع في لانتشو، المدينة التي تحتضن أكثر من مائتي ألف مسلم، التقت ((الصين اليوم)) مع أسرة ((أخبار المسلمين)).

من فرائد ((أخبار المسلمين)) الأخرى أنها لا تباع وإنما توزع مجانا على المسلمين الصينيين. وهي جريدة محلية، لا تصدر عن الجمعية الإسلامية، تعتمد في تمويلها على تبرعات قرائها- 95% منهم مسلمون- وتنشر في كل عدد قائمة بأسماء المتبرعين تقديرا لجهودهم، كما تخصص الصفحة الأخيرة لعرض كشف حساب نفقات العدد.

الجريدة التي تأسست في عام 1999، شعارها هو "هداية الناس إلى الصراط من خلال نشر الإسلام، وتعزيز الأخلاق من خلال نشر الثقافة الإسلامية وتحسين الحياة من خلال التربية وإبراز مهمة المسلمين من خلال النشاطات الخيرية". انطلاقا من هذا الشعار، تشتمل الجريدة على أبواب خاصة تتناول العديد من المجالات، منها أبواب "العلوم" و"المنتديات" و"الآراء" لدراسة ونقاش الشريعة الإسلامية وأبواب "حديقة المترجمين" و"الأدب والفن" للأعمال الأدبية والفنية، ومنها "أخبار" و"تسجيل" و"وراء البحار" لتغطية تطورات الأوضاع الدولية والمحلية الخ. في كل عدد مقالة افتتاحية يكتبها محرر الجريدة. معظم المقالات عميقة الفكر سهلة الأسلوب وسلسة، وهذا يجعل الإقبال عليها كبيرا. هذا إضافة إلى أبواب صغيرة تتعلق بحياة المسلمين مثل "المعلومات المتبادلة" و"الإعلانات" وباب "مع القراء" الذي يتعرف فيه المسلمون من أنحاء البلاد على بعضهم البعض.

 

يعتقد محررو الجريدة أنه في ظل الظروف الحالية، حيث المستوى الثقافي العام للمسلمين الصينيين منخفض نسبيا، فإن نشر الجريدة طريقة جيدة لتلبية الاحتياجات الثقافية للمسلمين الصينيين. وحول إدارة وتشغيل المجلة قالت السيدة صفية يانغ، رئيسة التحرير: "عملنا هو نشر المعارف الإسلامية، وجعل العلوم الإسلامية تلعب دورا أكثر فعالية، وجعل مزيد من الناس يستفيدون منها." وقالت إنه برغم وجود طوائف إسلامية كثيرة في الصين، يلتزم محررو الجريدة بموقف خدمة جميع المسلمين الصينيين وتجنب الاختلافات بين الطوائف، وهذا يعطينا فضاءا واسعا للبقاء والاستمرار.

من خلال باب "رسالة المسلمين"، تقوم جريدة ((أخبار المسلمين)) بكثير من النشاطات والفعاليات، حيث تنشر في كل عدد طلبات للمساعدات أو التبرعات من القراء والمجتمع للمرضى والمحتاجين أو لترميم المساجد في مختلف مناطق المسلمين. في إبريل من هذا العام، نشرت الجريدة مقالا بعنوان "الفتاة المسلمة ما تينغ تينغ"، تناولت قصة بنت من قومية هوي عمرها11 سنة، كانت تدرس في مدرسة تشينغهاى في حي تشينغقوان بمدينة لانتشو، أصيبت بسرطان الدم النخاعي، ودخلت المستشفى الثاني بلانتشو وساءت حالتها، وواجهت أسرتها الفقيرة وضعا حرجا لارتفاع تكاليف العلاج، فتوقف العلاج وأكد الطبيبة أن الفتاة لن تعيش أكثر من أسبوع. أحدث هذا المقال صدى كبيرا بين مواطني لانتشو، فتسابقوا للتبرع بسخاء. تبرع أساتذة وطلاب مدرسة ما تينغ تينغ ومواطنون من حي مسجد نانقوان بخمسة عشر ألف يوان ( ما يعادل ألفي دولار أمريكي)، وقام المسلم المخلص ما تي شي الذي يعيش في كانغله بعيدا عن لانتشو بزيارة خاصة لها وتبرع بألفي يوان (مائتي وخمسين دولار)، و تبرع مسلم لم يكشف عن اسمه بعشرة آلاف يوان (ألف وماتين وخمسين دولارا). وخلال فترة إقامة ما تينغ تينغ في المستشفى زارها ناس من مختلف أوساط المجتمع متمنيين لها الشفاء. لكن حالة الفتاة لم تتحسن، وكادت أموال التبرعات تنفد. في هذا الوقت الحاسم، تابعت جريدة أخبار المسلمين قضية ما تينغ تينغ ونشرت مقالا آخر في محاولة لحث مزيد من الناس على التبرع لمساعدة هذه البنت المسكينة، إلى أن تقدم الطبيب المشهور يوه المتمكن في علاج هذا المرض بالطب الصيني التقليدي وأعلن أنه سيعالجها مجانا. قال جد البنت للطبيب: "نحن مؤمنون، لو نجحتَ في العلاج لك الشكر والتقدير، وإن فشلت فلا عتاب عليك." بدأت الفتاة تتعاطى الأدوية الصينية التقليدية وتحسنت حالتها بشكل ملحوظ وبعد ثلاثة شهور غادرت المستشفى. اليوم، تشكر ما تينغ تينغ جريدة أخبار المسلمين على مساعدتها العظيمة التي أنقذت حياتها، أصبحت قصة علاجها على كل لسان في لانتشو.

ساعدت ((أخبار المسلمين)) الكثير من المرضي والفقراء والمحتاجين، ومنهم طالب من لانتشو أصيب بورم في المخ، ونشرت عنه الجريدة مقالين وحصل حتى اليوم على أكثر من خمسة آلاف دولار أمريكي للعلاج؛ وأرملة فقيرة تعول ثلاثة أطفال، حصلت على ألفي دولار أمريكي من التبرعات. وقد قرأ مسجون ارتكب جريمة نقل وبيع المخدرات ((أخبار المسلمين)) في السجن وتأثر بها وندم على ما فعله، وأدرك الهداية بعد الظلال، لكن زوجته تركته بسبب ارتكابه الجريمة وتوفي ولداه. كان في شوق لوالديه المسنين اللذين يعيشان بلا معين، فأرسل قصته لأخبار المسلمين لطلب المساعدة، فنشرت قصته تحذيرا للجميع من ارتكاب الجرائم، وطلبت من أوساط المجتمع مساعدة والديه وترسل الجريدة دائما رسائل إلى هذا المسجون لتطلعه على أخبار والديه. يتزايد المستفيدون من ((أخبار المسلمين)) يوما بعد يوم.

 

رئيسة التحرير السيدة صفية يانغ، مسلمة مثقفة، هادئة ذات قدرات قيادية. ولدت في أسرة مسلمة بمدينة لانتشو، وتأثرت بالجو الديني منذ صغرها. درست الإعلام في الجامعة وبعد تخرجها عملت مراسلة في محطة تليفزيون بلانتشو ولكنها اختارت أن تغير عملها انطلاقا من قناعتها الذاتية. قالت لنا: "تركت عملي في التلفزيون وتوليت منصب رئيسة التحرير إخلاصا لديني. أعمل في ((أخبار المسلمين)) منذ أكثر من سنة، خلال هذه الفترة درست علوما إسلامية كثيرة، منها القرآن الكريم والحديث الشريف، وأناقش دائما القضايا الإسلامية مع العالم المسلم الحاج تشانغ ده لونغ فأصبحت أرى المشاكل الموجودة في حياتنا برؤية أكثر شمولا." قبل عملها في ((أخبار المسلمين)) عرضت عليها شركة إعلامية مشهورة العمل مديرة تسويق براتب شهري ستمائة دولار أمريكي، لكنها رفضت، أما السبب كما قالت فهو "العمل مديرة في شركة هو مرافقة العملاء في الأكل والشرب في المآدب، رغم الراتب المغري، العمل التطوعي في ((أخبار المسلمين)) أفضل منه."

كل القائمين على هذه الجريدة يعملون متطوعين بدون راتب، وكلهم مسلمون. منهم ما تشينغ يوه، البالغ من العمر 24 سنة، وهو خريج معهد العلوم الإسلامية بلانتشو عام 2005، هو أحدث المحررين في ((أخبار المسلمين))، عمله استلام رسائل القراء وجمع المقالات التي ترسل إلى الجريدة ومساعدة رئيسة التحرير في أعمال التحرير مثل تصحيح الأخطاء والمراجعة والتنضيد والتوزيع الخ. سألناه عن سبب عمله كمتطوع، فقال: من أجل كسب الخبرة في العمل، وأضاف: "في البداية، اخترت ((أخبار المسلمين)) لأن هذا العمل يرتبط بتخصصي – العلوم الإسلامية واللغة العربية، ولم أتوقع أن أعمل هنا وقتا طويلا، ولكنني مستمر منذ سنة تقريبا، وسوف أستمر لأني أحب العمل الخيري هنا، وأجمع تجارب!". تتكون أسرة ((أخبار المسلمين)) من خمسة أفراد، لكل واحد منهم عمل خاص، يعملون في مكتب لا تتجاوز مساحته مائة متر مربع.

تتبع ((أخبار المسلمين)) لجنة تعزيز الثقافة الإسلامية في لانتشو. قال لنا رئيس هذه اللجنة الحاج تشانغ ده تسي، الذي تجاوز عمره السبعين عاما: "كنت رئيس الجمعية الإسلامية في لانتشو، بعد تقاعدي من منصبي في عام 1994، أسست مع بعض الكوادر المتقاعدين من الجمعية هذه اللجنة لخدمة المسلمين الصينيين ومساعدتهم في إطلاق العنان لقدراتهم ليواكبوا التيار الرئيسي في المجتمع الصيني. فكرتنا الرئيسية هي تعزيز الثقافة والتربية، لأننا نعتقد أن الفكر الإسلامي عميق وراسخ، فلا بد من وجود ثقافة، وإلا ستقع التصرفات العشوائية، لذلك ندعو إلى التربية وتعزيز ثقافتنا." اليوم، تشرف اللجنة على سبع هيئات خيرية هي: مدرسة اللغة العربية ودار الأيتام ودار المسنين ومكتب الزواج وروضة الأطفال وجمعية الفنانين والخطاطين المسلمين والمدرسة المهنية لأبناء الفلاحين وجريدة أخبار المسلمين. على الرغم من أنها هيئات أهلية لا تدعمها أي جهة، فإنها تلعب دورا هاما كجسر بين المسلمين الصينيين، وقامت بكثير من النشاطات الفعالة التي سدت فراغ الأعمال الحكومية."

وأشار الحاج تشانغ ده تسي إلى أن خطة أخبار المسلمين في المستقبل هي إبراز المزايا والارتقاء بمستوى الجريدة وزيادة المحتويات والتركيز على التناسق مع رؤية الحكومة. العاملون بالجريدة يعتبرون أن أهم عمل لهم هو جعل ((أخبار المسلمين)) جريدة ثقة وفي خدمة جميع المسلمين في الصين، فتكون توءم كل مسلم، تعبر عن حاجاته وآماله.

أخيرا، وجه العاملون بالجريدة الدعوة إلى كافة المسلمين، في الصين وخارجها، لدعم عملهم وقضيتهم الخيرية، ويمكن التواصل معهم عبر البريد الإلكتروني على العنوان التالي: muslimtx@sina.com

تحديات تواجه المطبوعات الإسلامية الأهلية

منذ بداية القرن العشرين، يبذل المسلمون الصينيون من مختلف القوميات جهودا دءوبة لإبراز ونشر ومتابعة الحضارة الإسلامية. حاليا، وصل عدد المطبوعات الإسلامية في الصين في جميع مناطقها ثلاثين، منها حوالي عشرين إصدارا من المجلات الرسمية تصدرها الجمعيات الإسلامية للمقاطعات والمدن، وأكثر من عشر مطبوعات أهلية. ومن أكثر المطبوعات الإسلامية الأهلية انتشارا بين المسلمين الصينيين مجلة الهضبة وجريدة أخبار المسلمين ومجلة الفتح ومجلة بهاء الهلال ومجلة الأمين الفصلية ومجلة الظل ومجلة أعمال الرسم والخط والشعر للمسلمين الصينيين. وخلال العشرين عاما ونيف الماضية، قدمت هذه المطبوعات الأهلية مساهمات عظيمة في نشر ومتابعة الحضارة الإسلامية وإبراز الروح القومية وترجمة وتعليم الشريعة الإسلامية والعقيدة الدينية.

زرنا مكتبة أخبار المسلمين في مدينة لانتشو، حيث أطلعنا مسئول المكتبة السيد تانغ تسنغ لوه على أحوال المنشورات الإسلامية وقال: منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح في الصين في بداية الثمانينات، وبفضل السياسة الميسرة للأقليات والأديان وبدعم المسلمين، تطور الإسلام في الصين بسرعة، وقد تجاوز عدد الإصدارت الإسلامية مائتين في فترة ازدهارها، منها 48 جريدة، ولكن معظمها توقف لأسباب مختلفة ومنها نقص المتخصصين ورأس المال وأرقام الإيداع الخ. اليوم، لا توجد جريدة إسلامية تواصل تطورها بخطى ثابتة غير ((أخبار المسلمين)).

لا بد أن نعترف في النهاية أن إصدار المطبوعات الإسلامية الأهلية في الصين مهمة ليست سهلة، فهي تعتمد على جهود جبارة من كل العاملين والمراسلين وموزعيها في المناطق المختلفة والمتطوعين لها، ولهذا فإن بقاءها واستمرارها يحتاج إلى دعم وعون كافة أوساط الشعب وبمختلف الأشكال. ومن جهة أخرى، هذه المطبوعات مطالبة بأن يعمق العاملون فيها دراستهم للعلوم الإسلامية والالتزام بالسياسة الدينية للحكومة وتطبيق السياسة الصينية حول الأقليات والأديان تطبيقا جيدا ورفع مستوى الإصدارات وزيادة دخلها، كل ذلك من أجل إكمال مهمتها.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.