ã

هل في بكين زحام مرور أيضا؟

إسحاق جيا بنغ

      لكي أصل إلى حي مدينة نصر في موعدي كان عليّ أن أخرج من مكتبنا بحي المهندسين في القاهرة قبل الموعد بساعة ونصف برغم أن المسافة بين المكانين لا تزيد عن خمسة وعشرين كيلومترا. كنت أشكو من ذلك ولكن شكوى سائقي التاكسيات في مصر أكثر مرارة. كنت كلما تحدثت معهم حول "اختناق" المرور، سألوني: "هل في بكين زحام مرور أيضا؟" فأقول لهم: "طبعا، بل إن زحام المرور في بكين أسوأ من هنا!". الأمر ليس مقتصرا على القاهرة، فعندما كنت في الجزائر وفي دبي كان سائقو التاكسيات يسألونني نفس السؤال.

     من هذا الذي يعيش في مدينة كبيرة ولا يزعجه ازدحام الطرق؟

     في بكين، يعاني تسعون في المائة من أهلها من مشاكل المرور وخاصة في أوقات الذهاب إلى العمل والعودة منه. أذهب من بيتي إلى مكان عملي في بكين، والمسافة بينهما حوالي 15 كيلومترا، بوسائل النقل العام عادة، ولا ألجأ إلى التاكسيات إلا لظروف طارئة. إذا كان الطريق سالكا أمضي في الطريق عشرين دقيقة، أما في وقت زحام المرور فإنني أعاني ساعة ونصف الساعة. وتقول الأرقام إن المواطن البكيني يمضي ساعة في المتوسط في طريقه إلى العمل، بل إن 34.3% من البكينيين يمضون ساعة ونصف الساعة. مع التفاقم المتزايد لأزمة المرور، يضطر بعض المواطنين، وخاصة الذين يقيمون في ضواحي بكين، إلى الاستيقاظ مبكرا أكثر بنصف ساعة عما كانوا في السابق ويقضون هذا الوقت الإضافي بين طوابير السيارات .

     زحام المرور كانت أكثر مشكلة أثارها نواب الشعب خلال دورة هذا العام للمجلس الشعبي المحلي لمدينة بكين. أسباب الزحام كثيرة، ولكن أهمها زيادة عدد السيارات والسائقين الجدد، وكثرة المخالفات وحوادث المرور. في مدينة بكين يبلغ عدد السيارات الجديدة التي تسجل كل يوم نحو ألف سيارة ويبلغ متوسط امتلاك السيارات بالمدينة إلى 28 سيارة لكل مائة أسرة، وبلغ عدد الذين جلسوا في مقعد القيادة لأول مرة هذا العام في بكين 138 ألفا، في حين يبلغ عدد الذين يحملون رخص قيادة السيارات بالعاصمة الصينية ثلاثة ملايين ومائة وعشرين ألفا.

     انزعاج وقلق المواطنين يتزايد، ولكن يجب أن نعي بأن هذا نتيجة حتمية للتطور، فزحام المرور أحد مؤشرات ارتفاع مستوى المعيشة. أتذكر في ثمانينات القرن الماضي عندما كنت صغيرا، كان الناس لا يمتلكون غير الدراجات فمن أين يأتي الزحام؟ وعندما عاد عمي من زيارة لفرنسا وقال إن السيارات هناك أبطأ من الدراجات تعجبتُ من كلامه ولم أفهم، وقتها، معنى الزحام. بعد عشر سنوات بدأ الزحام يطل برأسه في بكين. وعندما أنشئ الطريق الدائري الثاني، قال الناس إنه سيقضي على زحام المرور، ولكن الزحام استمر، وعندما تم بناء الطريق الدائري الثالث، توقعوا أن تُحل المشكلة، لكن الزحام ظل موجودا. وأنشئ الدائري الرابع والخامس والسادس وبقي الزحام، فزيادة عدد السيارات أسرع من بناء الطرق.

     الحكومة من جانبها تعي المشكلة وقد بذلت حكومة بكين جهودا كبيرة في هذا الصدد، حيث تم تطوير وسائل النقل العام بتسيير خطوط أتوبيسات جديدة وتخصيص مسارات ومواقف لها وتنفيذ نظام بطاقة الركاب، وتزويد وسائل النقل العام بشاشات تلفزيونية توضح للراكب حالة المرور في المدينة من خلال الأقمار الصناعية. وتهدف الحكومة إلى رفع نسبة استخدام المواصلات العامة كما تعمل على إنشاء نظام المرور الإلكتروني بسرعة وتطبيق نظام القطارات الخفيفة على المحاور الرئيسية.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.