ã

وليم لي والبداية من الصفر

عبد الله فريح يان يويه

وليم لي (اليسار) مع تاجر عربي

دبي

وليم لي في اللجنة المنظمة للألعاب الآسيوية بالدوحة

     في معرض دبي للسلع الفندقية الذي أقيم في صيف عام 2002، كانت شركةBest Corner General Trading هي الشركة الصينية الوحيدة المشاركة، فصارت محط الأنظار.

     اسم فرع هذه الشركة في دبي مرتبط باسم لي ينغ، الذي ارتقى بهذا الفرع من الصفر إلى شركة تبلغ مبيعاتها السنوية مليون دولار. وصل لي ينغ، المشهور باسم وليم لي، إلى دبي في يناير عام 2002، وكان عمره لا يزيد على عشرين عاما، لتولي أعمال فرع الشركة هناك والآن تنتشر سلع شركته في فنادق كل دول الخليج.

     واجه وليم لي صعوبات كثيرة في بداية عمله وحياته في دبي، فكان عليه أن يجهز مكتب الشركة ومسكنه دون مساعدة من آخرين. ولم تكن لديه عينات للسلع التي يروجها ولا معلومات عن العملاء ولا يعرف أحدا في هذه المدينة. كان لديه جهاز كمبيوتر محمول وبضع إعلانات، كان يستعين بها في الحصول على أرقام هواتف وعناوين الفنادق. قال وليم لي: "لا أعرف من أين أتتني تلك الشجاعة الكبيرة في ذلك الوقت، فكنت اتصل بالفندق مرارا ثم أتجه إليه بالتاكسي للترويج لمنتجات شركتنا دون تفكير في صعوبة أو فشل. أظن أنني لا أستطيع أن أفعل مثل هذا حاليا". وقال: "في تلك الفترة لم أكن أعرف المواصلات في دبي، ولغتي الإنجليزية ليست جيدة، فكنت كلما ركبت سيارة تاكسي أتصل بالفندق وأطلب من أحد الموظفين إبلاغ السائق بالعنوان. كنت أقدم للعملاء صورا للمنتجات ولكن هذا لم يكن يرضيهم فهم يريدون رؤية عينات، وحيث أن الشركة لم يكن لها مخازن في دبي كنت كلما وقعت عقد توريد أطلب من المقر العام للشركة في الصين أن يرسلوا عينات إلى دبي. ولكن كانت رحلة العينات من الصين إلى دبي تستغرق وقتا طويلا، ولهذا استأجر وليم لي شقة أكبر، وجعل صالة الاستقبال فيها قاعة عرض، كما استأجر مخزنا مساحته ثلاثمائة متر مربع في عجمان، فتطور فرع الشركة في دبي بشكل كبير.

     دبي مركز تجاري عالمي، بها فنادق كثيرة، ومن ثم فإن بها سوقا كبيرة للسلع الفندقية، ولكن لا توجد بها سلع صينية في حين تعج فنادقها بالسلع الأمريكية والأوروبية. بدأ وليم لي يعرض بضاعته على مندوبي الفنادق الذين اكتشفوا أن نوعية السلع الصينية ليست أقل من السلع الأمريكية أو الأوروبية، ولكن سعرها أرخص كثيرا. فسعر قطعة الصابون الصينية نصف سعر الصابون الفرنسية ولا فرق بينهما في الجودة.

     في صيف عام 2002، اشتركت الشركة في معرض دبي للسلع الفندقية، وعلى مدى شهر وقعت عقود توريد كثيرة. قال وليم لي: " في ذلك الشهر كنت مشغولا جدا مع زملائي لدرجة أنني لم أخرج من باب الشركة".

     تطورت تجارة الشركة بشكل جيد في هذا الوقت، وسعد وليم لي بجهوده، ولكن مع حشد القوات الأمريكية في منطقة الخليج وتوتر الوضع في الشرق الأوسط في ربيع عام 2003، قبيل اندلاع حرب العراق غادر كثير من التجار الصينيين دبي، وعاد وليم لي إلى الصين وترك زميلا له لتحصيل المتأخرات المالية من العملاء. بعد وقت قليل من وصول وليم لي إلى الصين انتشر وباء سارس، وتعثرت التجارة الخارجية الصينية بسبب منع كثير من دول العالم دخول السلع الصينية إلى أراضيها. وذات يوم، تلقى وليم لي مكالمة تليفونية من زميله الذي بقي في دبي، حيث أخبره هذا الزميل أنه أخذ الستين ألف درهم التي جمعها وترك الشركة. بقي وليم لي في الصين قلقا ولكن غير قادر على فعل شيء، وذلك حتى اختفاء سارس في أكتوبر 2003، عاد إلى دبي، وبدأ تجارته من جديد.

     رغم خسارته المالية حافظ وليم لي على علاقاته الجيدة مع العملاء القدامى، فاستأنف تجارته سريعا. خلال أكثر من سنة ورد وليم لي بضاعته لكثير من فنادق المدينة، ولكنه وضع عينه على الفنادق في دول الخليج الأخرى، فذهب إلى سلطنة عمان والسعودية وقطر والبحرين والكويت، وقابل مندوبين كثيرين وروج بضاعته.

     مع ازدهار التجارة زادت المنافسة في سوق السلع الفندقية في دبي، وبخاصة من جانب التجار الهنود الذين يعملون في مجال السلع الفندقية بدبي منذ فترة طويلة. هؤلاء الهنود كانوا يشترون المنتجات الصينية ثم يبيعونها في دول الخليج بماركات هندية، ولهذا تفوقت منتجات شركة وليم لي بفضل السعر. ولكن وليم لي لم يعتمد على تفوق السعر فقط في المنافسة، بل اعتمد على السمعة الحسنة والوفاء بالوعد. في عام 2005، بلغ إجمالي مبيعات وليم لي مليون دولار أمريكي.

     عن سر نجاحه، قال وليم لي: "النوعية الجيدة والسمعة الحسنة والوفاء بالوعد. أولا، علي أن أقدم منتجات ذات جودة عالية، فإذا بعت منتجات رديئة الجودة لعميل لن يأتي إليك مرة أخرى. ثانيا، الحفاظ على السمعة الحسنة والوفاء بالوعد. الآن يقوم تجار كثيرون بتجارة السلع الفندقية في دبي، والمنافسة شديدة، بعض التجار يخفضون السعر لجذب العملاء، فبدأت حرب الأسعار في دبي. وعلى الرغم من أنني غير مشارك في هذه الحرب، لأنني أعرف أن نتيجتها هي فشل جميع الأطراف، فلن يستطيع تاجر أن يربح بالسعر الرخيص، يرتفع إجمالي مبيعاتي يوما بعد يوم. إن السر هو السمعة الطيبة والوفاء بالوعد، فأنا ألتزم بالجودة العالية وتسليم السلع في موعدها وتقديم خدمة ما بعد البيع.

      وعن خططه للمستقبل، قال وليم لي إنه يستعد حاليا لدخول السوق الإفريقية. وسوف يشترك في معرض للسلع الفندقية بالولايات المتحدة العام القادم، في محاولة لفتح السوق الأمريكية. الآن، لا يوجد تاجر للسلع الفندقية في دبي لا يعرف وليم لي. قال وليم لي : "ليس الربح هو أكثر ما يسعدني، وإنما أن أري السلع الصينية في كثير من الفنادق بالعالم، فهذا يمنحني الشعور بالفخر بوطني".

     وليم لي، برغم النجاح في التجارة، يواجه مشكلتين، هما الشوق إلى الأهل والزواج، تماما مثل كل صيني يعمل بالخارج.

     قال وليم لي: "أيام الأعياد هي أكثر الأيام حزنا في حياتي بالخارج". مازال وليم لي يتذكر أول عيد ربيع قضاه في دبي: "وصلت دبي في الخامس عشر من يناير 2002، وكان الثلاثون من يناير هو عيد الربيع التقليدي الصيني. لم أكن تعودت الحياة في الخارج. في ذلك اليوم شاهدت الأمسية التلفزيونية لعيد الربيع في التلفزيون في بيت صديق صيني، ثم عدت إلى بيتي، عندما تمددت على الفراش تدفقت دموعي وشعرت بشوق شديد لأهلي. لم أنم تلك الليلة، واستمرت الدموع حتى اليوم التالي. في ذلك الوقت شعر وليم لي أنه تقدم خطوة إلى الأمام على طريق الحياة وأصبح ناضجا.

     كان لوليم لي في الصين خطيبة قبل سفره إلى دبي، ولكنها تركته بعد سنتين، حيث لم تستطع أن تتحمل هذا الفراق الطويل فحزن وليم لي حزنا شديدا. قال وليم لي: "أريد أن أتزوج فتاة صينية، ولكن عدد الصينيات في دبي قليل، وليس لدي وقت للتفكير في الزواج. أريد أن أتزوج ويكون لي أسرة وأستمتع بالحياة مع زوجتي، ولكن ربما لا يتحقق هذا الحلم إلا بعد أن أبلغ الثلاثين من العمر".

     الصين التي تفتح أبوابها وتنفتح على العالم أكثر تتوثق علاقاتها التجارية مع العالم، فيسافر كثير من الصينيين إلى الخارج من أجل التجارة، ووليم لي واحد منهم. يساهم في تعزيز التجارة الخارجية للصين، ويوفر لشعوب العالم متعة استخدام المنتجات الصينية ذات الجودة العالية والسعر الرخيص. الأهم أنه يجسد صورة طيبة للأخلاق الصينية الكريمة. إن العلاقات الودية بين الصينيين والعرب عمرها أكثر من ألف سنة، وتتواصل هذه العلاقات في العصر الحديث بجهود كثيرين من أمثال وليم لي.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.