ã

أرجوك اجعلني جميلة!

ريتشارد مولينز

      البوتوكس بخمسمائة يوان، وشفط الدهن بألفين أما تكبير الثديين فبخمسة عشر ألف يوان فقط!

      هذا ما يقوله إعلان لطبيب أمريكي متخصص في جراحات التجميل، يمارس مهنته في العاصمة الصينية. ولكن الحاجة إلى الإعلان عن عمليات التجميل أصبحت قليلة منذ عام 2003، عندما تحولت فتاة صينية عادية اسمها هاو لو لو إلى اسم معروف بعد أن غيرت مظهرها لدرجة لا يمكن معها التعرف عليها. ما بين تأثير الأفكار الثقافية القديمة وتأثير المسلسلات الدرامية الكورية، الملايين من النساء في الصين- وقليل من الرجال- الآن في طريقهن إلى جراحي التجميل وكل منهن تهتف: "أرجوك اجعلني جميلة".

     الميديا والدراما الكورية والحظ السعيد

     "الصينيات اليوم أصبحن أكثر وعيا بصورتهن، فمع الإعلانات التي تصور الجمال والموديلات النحيلات، بعض الشابات يشعرن بأنهن غير مقبولات، بل غير آمنات، عندما ينظرن في المرآة". وتضيف السيدة يانغ، وهي موظفة ببكين: "الأكثر أن محطات التلفزة في الصين تبث فيضا من الإعلانات لأدوية سحرية تزيد الطول وكريمات تبيض البشرة، والملايين من منتجات التجميل".

     التأثير الخارجي أيضا له قوة متزايدة على الشابات الصينيات. على الرغم من أن نواحي معينة قد تساعد في تطورهن، في رأي يانغ، ثمة نواح أخرى لا تساعدهن. تقول يانغ: "العديد من زميلاتي يشاهدن مسلسلات غربية وكورية في أوقات الفراغ. وهناك البعض يعشقن أبطالهن على الشاشة لدرجة يسعين معها إلى تقليدهن، وهذا يعني في بعض الأحيان عمليات جراحية لتكبير الثديين، أو تدوير العينين، ناسيات أن جمال تلك النجمات هو أيضا نتيجة لعلميات تجميل.

      الأمر لا يتوقف عند الإعلانات والمسلسلات التلفزيونية التي تحفز الطلب على تغيير البدن في الصين. الجمال في الصين، ينظر إليه تقليديا على أنه النوعية الأسمى في المرأة. يقول باو هواي، مدير التسويق لشركة إيفركير لجراحات التجميل في بكين: "الناس يميلون إلى الاعتقاد بأن المظهر الجيد يجلب الحظ في عملهم وزواجهم، وهناك تاريخ طويل للتجميل في الصين. في ((كتاب الأغاني))، الذي يرجع تاريخه إلى ألفي عام مضت، يوجد بيت شعر يقول..المرأة النحيلة هي شريكة الزواج المثالية للرجل".

     في خمسينات وستينات وبداية سبعينات القرن الماضي لم يكن الجمال في الصين يعتبر هدفا شخصيا ذا قيمة. كان ينظر إلى الجمال على أنه انحطاط وبرجوازية، وكانت الجماهير تواجهه بعبوس. كانت المرأة المثالية في تلك الأيام هي العاملة المرتدية البدلة الزرقاء، ذات الحواجب غير المنتوفة والمنديل الأحمر والأطراف الخشنة، وبالتأكيد وجنتيها الأصليتين. كان البروز بغير ذلك المظهر يسترعي انتباه الجيران، والأسوأ، الحرس الأحمر. ولكن الانفتاح على الخارج أعاد إلى المرأة الصينية تعطشها لخصوصيتها وجاذبيتها، في حين يعني ارتفاع الدخل قدرة الشابات على إعادة تشكيل الأجزاء التي لا يحببنها، إذا شعرن بأن عليهن أن يفعلن ذلك.

     من ليس لديه يحصل عليه، ويتباهى به

     ليس هناك، تقريبا، عملية تجميل لم تجرها الآنسة هاو لو لو عندما شاركت في "مشروع أحلام الجمال" لشركة إيفركير. لقد أعاد الأطباء في عيادة الشركة ببكين، تشكيل عيني وأنف وذقن ونهدي وبطن وردفي لو لو، وهي عملية تبلغ تكاليفها أكثر من 36 ألف دولار أمريكي. ولكن الثمن الذي دفعته الفتاة لم يكن مالا، حيث وافقت أن تكون الإعلان المتحرك للشركة، فنفذ اسمها مع إيفركير إلى كل بيت تقريبا في البلاد عبر الإذاعة والتلفاز والصحف، وشارك ملايين في مناظرات بالمدونات الإلكترونية حول ما قامت به. على أي حال ازدهرت أعمال إيفركير، وبالنسبة للآنسة هاو لو لو تحقق حلم حياتها بالتمثيل عندما تم اختيارها مؤخرا لتؤدي الدور الرئيسي في فيلم.

     العميلات الصينيات العاديات يسعين إلى تغييرات أقل درامية كثيرا من لو لو. الغالبية منهن يكتفين بقطع أو شفطة في بعض أجزاء الجسم التي يريدون تحسينها. يقول المتحدث باسم مستشفى جراحات التجميل التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الطبية إن معظم العمليات التي يجرينها هي تقوية الجفون، وهي عملية آمنة إلى حد كبير. تقول شياو لي، وهي من ذوات الياقات البيضاء: "قررت في عام 2005 أن أجري عملية ازدواج الجفن وتكبير الثديين. لم يكن هذا قرارا سهلا فقد كنت قلقة على التكلفة والمخاطر وما سيقوله زملائي وأصدقائي عندما يرونني مختلفة". شياو لي، لا هي نادمة على قرارها، حيث وجدت وظيفة أفضل منذ ذاك، ولا هي قلقة مما يقوله أو يظنه أصدقاؤها. تقول: "في الواقع، لم يجرؤ أي أحد على ذكر شيء أمامي، ولكنني متأكدة أنهم يتحدثون عن جراحتي من وراء ظهري".

     المنتظرات في غرفة الانتظار بالعيادة لسن ذوات الياقات البيضاء الثريات فقط، حيث يوجد عدد مدهش من طالبات المدارس والجامعات القادرات على سحب تكلفة العملية من أولياء أمورهن، بمجرد إقناعهن بالفوائد المستقبلية. وحسب مستشفى جراحات التجميل فإن 60 إلى 70% من الزبائن في الصيف في أوائل العشرينات من العمر. تقول شياو وانغ التي تقدمت العام الماضي لمعهد السينما في بكين: "لديّ الموهبة لأكون ممثلة ولكنني شعرت أن وجهي المستدير سيكون عائقا لي في المنافسة الضارية، ولهذا طلبت من والديّ أن يدفعا تكاليف الجراحة التجميلية. في البداية رفضا، ولكن في النهاية سمحا لي بتعديل ذقني وأنفي ووجنتي. والآن أنهي عامي الأول بنجاح في معهد التمثيل."

     ماذا يقول الجيران؟

    ولكن هل يعني كل ذلك أن عمليات التجميل، التي كانت محظورة في الصين حتى عام 1980، أصبحت مقبولة اجتماعيا مع تحديث البلاد؟ هذا موضوع ساخن فعلا، فمنذ الضجة التي أثارتها هاو لي لي أقامت الصين مسابقة للجمال الاصطناعي (رنتساو ميينيو)، والتي كانت أول مسابقة في العالم مخصصة لمن أجريت لهن جراحات تجميل. وقبل فترة قصيرة قام تلفزيون مقاطعة هونان، الذي أنتج سلسلة "الفتيات صاحبات الصوت السوبر" الناجحة، بتقديم عرض عنوانه "السندريلا المحبوبة" يسجل وثائقيا بالتفصيل الرحلة من القبح إلى الجمال. شاهد الحلقة النهائية لهذا العرض ثلاثون مليون متفرج، أما مستخدمو إنترنت فلا يحصى لهم عدد.

     ولكن على الرغم من الاهتمام الذي تثيره هذه القضية على المستوى العام، ليس كل شابة صينية راغبة في أن تضع جسمها تحت المبضع. تقول جيانغ، وهي طالبة جامعية متخصصة في اللغة الإنجليزية، ربما تكون أقل سعادة بما حبتها الطبيعة: "قرأت قصصا مرعبة عن حوادث خلال الجراحة. العديد من جراحي التجميل الصينيين غير مؤهلين للقيام بهذه العمليات، وقد يؤدي شفط الدهن إلى الموت. كما أن النجاح لا يقوم على الجاذبية المادية. أنا لست ضد علميات التجميل تماما، ولكن الشابات، وخاصة الطالبات يجب حمايتهن من فكرة أن الشكل الجميل هو السبيل الوحيد على النجاح".

     "اتحاد النساء لعموم الصين"، وهو الجهة المعنية بتقدم النساء من كافة فئات المجتمع الصيني، قدم خلال اجتماعات المؤتمر الاستشاري السياسي الصيني العام الماضي اقتراحا بوضع لائحة سليمة لاقتصاد الجمال. وتحظى جراحات التجميل باهتمام واسع في الاقتراح. تقول وانغ سي مي، وهي واحدة من المشاركات في وضع مشروع الاقتراح: "اقتصاد الجمال يركز على الجمال المادي للمرأة. في رأيي يجب منع كافة صالونات التجميل وجراحات التجميل غير الضرورية لمن تحت السن القانونية، ويجب تحديد الحد الأدنى للمشاركة في مسابقات الجمال". وتقول زميلتها، عضو المجلس الوطني لنواب الشعب، لي يا بينغ "هذه الظاهرة قد يكون لها آثار سلبية على تطور الشباب، فقد تعتقد طالبات الجامعة أن جمال المظهر أكثر فائدة من الاجتهاد في الدراسة".

     وفقا لآخر الإحصاءات يبلغ عائد قطاع الجمال في الصين ثلاثة مليارات يوان. والصين حاليا ثامن أكبر سوق في العالم وثاني أكبر سوق في آسيا، ولهذا من المتوقع أن تواصل جراحات التجميل ازدهارها، ولكن صاحباتها سوف يتذكرنها جيدا، مثلما تكشف نظرة واحدة إلى نجمات هوليود مثل غولدي هاون. جراحات التجميل، وإن كثرت، لا تضمن الجمال الأبدي.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.