ã

أبناء آشي اخترعوا النار من الخشب ورقصوا لها

دونغ ين تشوان

أبناء آشي يرقصون احتفالا بالنار

أبناء قرية هونغوان يحيون ذكرى أسلافهم بإشعال النار عن طريق حك الشخب أبناء قرية هونغوان يختمون احتفالاتهم بالغناء والرقص حول النار

      آشي هي أحد بطون قومية يي في محافظة ميله بمقاطعة يوننان. يعتقد أبناء آشي أن واحدا من أسلافهم يسمى "مو دنغ" هو الذي اخترع النار بحك الخشب. في طريقي إلى ميله في جنوب شرقي مقاطعة يوننان، والتي تبعد عن مدينة كونمينغ، حاضرة المقاطعة حوالي 143 كيلومترا، استمعت إلى أسطورتين، كليهما حول النار.

     الأسطورة الأولى تقول إن أسلاف آشي كان يستخدمون، منذ قديم الزمان، النار الطبيعية، إلى أن جاء فيضان في الشهر الثاني حسب التقويم التقليدي الصيني، فأطفأ نارهم. كان الجو باردا والقوم يتأففون بردا، فراح نفر منهم يحتضنون بعضهم بعضا، طلبا للدفء، بينما هم الآخرون يضربون الأرض بأقدامهم أو يفركون أيديهم. في هذا اللحظات العصيبة اكتشف أحدهم، ويدعى"مو دنغ"، أن الاحتكاك يولد الحرارة، فحك قطعة خشب بعصا خشبية وأشعل النار. من أجل إحياء ذكرى هذا البطل يطلق أبناء آشي علي النار اسم "مو دنغ"، حتى الآن.

     تذهب الأسطورة الثانية إلى أن واحدا من أسلاف أبناء آشي، في قديم الزمان، رأى شيئا مستديرا منيرا يسقط فوق غصن شجرة عالية، فظن أنه كنز، وأخذ عصا خشبية وراح يطرق عليه بشدة فاحترق ذلك الشيء.

     يقدس أبناء آشي النار مثل تقديسهم لأسلافهم. وتكون احتفالات تقديم القرابين لإله النار مهرجانا ثقافيا لهم. تقام احتفالات قرابين إله النار في اليوم الثالث من الشهر الثاني حسب التقويم التقليدي الصيني كل عام، وهو اليوم الذي اكتشف فيه "مو دنغ" إشعال النار عن طريق حك الخشب. خلال هذه الطقوس الاحتفالية يقوم أبناء آشي بإشعال النار عن طريق حك الخشب، كي لا تنسى الأجيال الجديدة أن "مو دنغ،"هو الذي خلصهم من الظلام والبرد منذ قديم الزمان، ولذلك فهم يقيمون صلاة لمو دنغ من أجل سلامة القرية وازدهار الأجيال القادمة وسعادة العائلات.

     وحاليا مازالت احتفالات تقديس إله النار تقام في قريتين ببلدة شييي بمحافظة ميله هما تشيفي وهونغوان، وإن كانت الاحتفالات في هونغوان أكثر ضخامة. وصلت إلى هونغوان عشية اليوم الثالث من الشهر القمري الثاني حسب التقويم التقليدي الصيني، وهو اليوم الذي يقوم فيه أبناء القرية بتقديم القرابين لإله الجبل قبل تقديم القرابين لإله النار، الإله الرئيسي لديهم. كما أن أبناء آشي يعتبرون أنفسهم من نسل النمر، ومازالوا يحتفظون بعاداتهم وتقاليدهم في تقديس النمر.

      ذهبت إلى جبل ميتشي الذي يبعد عن قرية هونغوان كيلومترين برفقة" بيموه" القرية، وكلمة" بيموه" في لغة قومية "يي" تعني الشخص القادر على تلاوة الأسفار المقدسة، وهو رجل دين، وفي نفس الوقت مثقف من أبناء يي، ويكون ناقلا لثقافة القومية. خلال حديثي مع "بيموه" هونغوان عرفت منه أن عدد سكان قرية هونغوان 1300 نسمة ينتمون إلى أكثر من 300 عائلة، وأن طقوس تقديم القرابين لإله النار بدأت من قديم الزمان، وأن طقوس تقديم القرابين لإله الجبل تكون بسيطة، وهي تبدأ بتقديم القرابين في غابة، ثم يقتل أبناء قرية هونغوان حيوانا، إحياء لذكرى أسلوب أسلافهم في القنص في مكان خاص به شجرة تسمى شجرة إله جبل ميتشي، وبعدها يبدأ بيموه في تلاوة الأسفار المقدسة، ويضعون رأسه مع بعض الأرز تحت شجرة إله ميتشي، قبل أن يبدأ بيموه في تلاوة الأسفار المقدسة مرة أخرى وهو يحرك جرسا نحاسيا. وخلال طقوس تقديم القرابين لإله الجبل لا يُسمح للنساء بالاقتراب من شجرة إله ميتشي، ولكن بعد انتهاء الطقوس يصبح جبل ميتشي مسرحا للغناء والرقص، ويتجمع فيه أبناء القرية، يرقصون ويغنون ويأكلون ويشربون.

     في اليوم التالي، أي اليوم الثالث من الشهر القمري الثاني حسب التقويم التقليدي الصيني أحضرت كل عائلة النبيذ واللحوم لتقديم القرابين لإله النار، بعد أن أطفأت النار في مواقد بيوتها ونظفت المواقد جيدا وأخرجت منها إلى خارج البيت، في طقس رمزي للتخلص من النار القديمة واستقبال النار الجديدة، وهو ضمن مراسم تقديم القرابين لإله النار.

     في الصباح عزف أبناء آشي البارعون في الغناء والرقص نوعا من الآلات الموسيقية يسمى "داسانشيان" في مدخل قريتهم، ورقصوا الرقصة المشهورة لقومية يي والتي تسمى "آشي تياويويه" لاستقبال ضيوفهم من أبناء القرى المجاورة والسياح. وعندما حان وقت الغداء نظموا مائدة طولها مئات الأمتار تسمى تشانغلونغ، أي التنين الطويل، حيث جلس أبناء القرية وضيوفهم لتناول طعام (المائة عائلة)، وخلال المأدبة حرص أبناء القرى المختلفة على تقديم كؤوس النبيذ لغيرهم وهم ينشدون الأغاني الشعبية. بعد تناول الطعام قدم أبناء القرى المختلفة - في فضاء مجاور لقرية هونغوان - عروض غناء ورقص ذات طابع قومي ومأخوذة من ثقافة النار، ومنها رقصة آشي تياويويه.

     رقصة آشي تياويويه رقصة كبيرة يرقصها عشرات الأشخاص معا، وهي من أهم العروض التي يقدمها أبناء القرى المختلفة، وقد نشأت من ثقافة النار مباشرة. تحكى الأسطورة أنه عندما شب حريق، في قديم الزمان، في منطقة أبناء آشي، تقدمت الفتاة آ أر والفتاة آ قه لإخماد الحريق، الذي جعل الأرض ساخنة، فكانتا تقفزان على الأرض، ومن هذه الحركة نشأت رقصة "آشي تياويويه"، وصارت من خلاصة ثقافة النار لأبناء آشي.

     في الساعة الثالثة بعد الظهر وصلت طقوس تقديم القرابين لإله النار إلي ذروتها، جيث أشعل أحد أبناء آشي النار بحك الخشب، إحياء لتقاليد أسلافه، فصدم فتحة وضع بها نبات سريع الاشتعال في قطعة خشب مستديرة ضخمة بعصا خشبية، وأخذ يحك المادة السريعة الاشتعال بالعصا حتى تصاعد الدخان من الفتحة واشتعلت النار. التف أبناء آشي حول النار، وأطلقوا المفرقعات، وعزفوا "داسانشيان"، ورقصوا حول النار، وحملوا تمثالا لإله النار ومن خلفه إناء حديدي وضعوا فيه النار، أمام الحشد، وساروا بين القرى يرقصون بحركات مختلفة. عرى معظم الرجال أجسادهم، وزينوا أنفسهم بأشكال مختلفة وبرسوم للحيوانات مثل النمر وباللون الأحمر والأصفر والأسود والأبيض والأسود، وهي الألوان الخمسة التي تمثل الأرض، وزينوا أنفسهم بالطين، تعبيرا عن تقديس أبناء آشي للحيوانات والأرض والشمس والقمر والنجوم والريح والمطر والرعد والبرق الخ، أما النساء فارتدت ملابس قليلة، وزين أنفسهن بأنواع مختلفة من الزينات. وصل الحشد إلى مكان فضاء أشعلوا فيه النار باستخدام مادة سريعة الاشتعال في الإناء الحديدي الذي حملوه، وبعد ذلك بدءوا الغناء والرقص حول النار.

     منذ عام 2004 بدأ الاحتفال بطقوس تقديم القرابين لإله النار تحت رعاية الحكومة المحلية، ففي ذلك العام استثمرت 200 ألف يوان (الدولار الأمريكي الواحد يساوي 9976ر7 يوان)، في هذه المناسبة التي حضرها شخصيات مشهورة، وقدم فيها أبناء آشي رقصاتهم المشهورة، وبعد ذلك ذاع صيتها في الصين، وحضرها بعض الوفود السياحية.

     النشاط الاقتصادي الرئيسي لأبناء قرية هونغوان هو تجفيف التبغ باستخدام النار، ويوجد في كل بيت بناية لهذا العمل.

     لمعلوماتك

     تنطلق كثير من الأوتوبيسات الدورية من محطة نقل الركاب المجاورة لمحطة القطارات بمدينة كونمينغ إلى محافظة ميله، وقيمة التذكرة عشرة يوانات. ومن محافظة ميله إلى بلدة شيبي توجد سيارات أجرة، وقيمة التذكرة أربعون يوانا، كما توجد سيارات ميكروباص. ومن بلدة شييي إلى قرية هونغوان توجد دراجات نارية ذات ثلاث عجلات، قيمة التذكرة بين ثلاثة وخمسة يوانات. تستغرق المسافة من مدينة كونمينغ إلى قرية هونغوان ثلاث ساعات تقريبا.

     ينزل السياح في بيوت أبناء القرية، حيث لا يوجد بها فنادق. تكلفة الفرد في الليلة عشرة يوانات.

     وتتوفر في القرية مطاعم صغيرة على جانبي الشوارع تقدم رئيسيا قوهتشياو ميشيان، وهو نوع من المكرونة المحلية المشهورة في يوننان، كما تقدم أطعمة حارة أخرى. تتكلف وجبة الفرد عشرة يوانات.

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.