ã

الصين تعدل أسلوب تنميتها

بعد خمسة عشر عاما من النجاح الاقتصادي

هو روي لي

تعميم التعليم الإلزامي في السنوات الخمس القادمة وارتفاع ميزانية التعليم إلى 4% من إجمالي الناتج المحلي

طبيب لأسرة في ريف تشجيانغ

الحكومة تعهدت بزيادة المخصصات المالية للريف في السنوات الخمس القادمة

      حقق الاقتصاد الصيني في السنوات الخمس عشرة الماضية، تطورا سريعا، فقد ارتفع حجم إجمالي الناتج المحلي نحو 13 مرة. في تلك الفترة كانت التنمية هي النغمة الرئيسية للاقتصاد الصيني، وسعت الصين إلى الاندماج في الاقتصاد العالمي، فصارت أكبر دولة تساهم في نمو التجارة الدولية. والآن يستطيع المرء، في أي مكان، أن يجد البضائع الصينية ويرى الاستثمار والتجارة الصينية.

      ولكن الاقتصاد الصيني، في مجرى تطوره السريع، شهد بعض المشاكل الخطيرة، ومنها عدم معقولية الهياكل الاقتصادية وضعف القدرة على الابتكار الذاتي والإفراط في استهلاك الطاقة والموارد وزيادة حدة تلوث البيئة واستمرار توسع فجوة التنمية بين الأقاليم وازدياد هوة الدخل بين فئات المجتمع، إضافة إلى تخلف الأعمال الاجتماعية. وتلك كلها مظاهر التنمية غير المستدامة.

      لكل هذا طرحت الحكومة الصينية أسلوبا جديدا للتنمية يؤكد على التنمية الاجتماعية والاقتصاد في استخدام الموارد والتحول من الاعتماد المفرط على الموارد في تحقيق التنمية إلى أسلوب تنمية شاملة ومتوازنة جديد، يعتمد رئيسيا على التكنولوجيا والموارد البشرية والطبيعية، والتحول من التأكيد على التنمية الحضرية والصناعية مع التضحية بتنمية الريف والزراعة إلى رصد مزيد من المخصصات المالية لتنمية الريف والزراعة والفلاحين، وتوفير الخدمات العامة في الأرياف على نطاق واسع.

      وعلى هذا فإن الخط الرئيسي لتنمية الصين في السنوات الخمس القادمة هو التنمية العلمية وبناء مجتمع متناغم من أجل تحقيق التنمية المستدامة.

      والحقيقة أن الحرص على أن تكون التنمية "علمية"، يعد إبداعا هاما وتحولا في أسلوب التنمية.

      في تحليله لهذا التحول يقول وانغ منغ كوي، رئيس مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة، إنه بعد سنوات من التراكمات، أصبحت الصين قادرة على تحقيق التنمية والبناء الشامل، ورصد مخصصات مالية من أجل توازن وشمولية التنمية، وزيادة تمويلها في العلوم والتكنولوجيا والتعليم والثقافة والعلاج والصحة العامة وحماية البيئة والبناء الأيكولوجي وغيرها من القطاعات.

      هذا التحول الذي نتحدث عنه أوضحه رئيس مجلس الدولة، ون جيا باو، بقوله إن مفهوم التنمية الذي يضع الإنسان في المقام الأول يجعل الخدمات العامة إحدى المسؤوليات الأساسية للحكومة المركزية إضافة إلى مهمة التنمية الاقتصادية؛ وهذا يتطلب من الحكومة أن تزيد استثماراتها في الموارد البشرية ليتمتع كل مواطن بالخدمات الأساسية في التعليم العام وأن تلبي الاحتياجات العامة لكل المواطنين خاصة الفئات الاجتماعية الضعيفة، وأن تحسن الخدمات العامة القاعدية للضمان الاجتماعي وأن تستكمل الخدمات الصحية العامة وتضمن توفر العلاج الأساسي.

      في الماضي، لم تكن الحكومة تخصص اعتمادات مالية كافية للتنمية الاجتماعية خاصة في التعليم الأساسي والعلاج والصحة وغيرها من الخدمات العامة، مما زاد كثيرا من تكاليف المواطنين في العلاج والتعليم وإعالة المسنين. يقول البروفيسور لي لينغ، من مركز دراسات الاقتصاد الصيني بجامعة بكين، إن عمل بعض المؤسسات التي يجب أن يكون تمويلها من الحكومة وفقا لآليات السوق أدى إلى زيادة عبء المواطنين فأصبحوا ينفقون بحرص شديد عند الاستهلاك.

      وعلى الرغم من أن الصين بها أكبر نسبة ودائع في البنوك بالعالم، تواصل نسبة الاستهلاك الانخفاض، أقل 20% من متوسط المستوى العالمي للاستهلاك.

      لذلك ستهتم الحكومة الصينية في السنوات الخمس القادمة بالقضايا ذات العلاقة بالمصالح الواقعية للمواطنين، خاصة مشاكل التوظيف والضمان الاجتماعي والعلاج وسلامة الإنتاج الخ، وتسعى أيضا لزيادة دخل المواطنين ورفع معونة الحد الأدنى لتكاليف المعيشة من أجل زيادة الطلب المحلي، حتى يصبح مصدرا هاما للنمو الاقتصادي.

      في السنوات الخمس القادمة، سيكون نصيب التعليم الإلزامي 4% من إجمالي الناتج المحلي، وسيعمم التعليم الإلزامي بصورة شاملة.

      بناء "دولة مبتكرة"

      تعرضت البيئة في الصين لتخريب شديد خلال عملية التنمية في الفترة السابقة، مما قلل حجم الزيادة الواقعية للناتج المحلي. وحسب أرقام البنك الدولي، احتلت الخسارة الناتجة عن تلوث الهواء والمياه عام 1995 بالصين 8% من الناتج المحلي في ذلك العام؛ وفي عام 2003، احتلت الخسارة الناتجة عن تلوث البيئة والتخريب الأيكولوجي 15% من الناتج المحلي في ذلك العام، وفقا لتقديرات الخبراء الصينيين.

      لمواجهة أسلوب التنمية الاقتصادية الذي يؤدي إلى الاستهلاك المفرط للموارد ويضحي بالبيئة طُرح مفهوم "الابتكار" الذي يهدف إلى جعل الابتكار الذاتي القوة المحركة للاقتصاد الصيني. في هذا العام تزداد المخصصات المالية من الحكومة المركزية لقطاعات العلوم والتكنولوجيا 2ر19% عن العام الماضي، لتصل 6ر71 مليار يوان (الدولار الواحد يساوي 8 يوانات).

      من أجل تقليل اعتماد التنمية المفرط على البيئة، وضعت الصين لأول مرة مؤشرات مقيدة للتنمية، فمعدل النمو المستهدف في السنوات الخمس القادمة هو 5ر7% سنويا. من بين المؤشرات المقيدة انخفاض استهلاك الناتج المحلي للطاقة بنسبة 20%، وانخفاض إجمالي كمية صرف المواد الملوثة الرئيسية 10% إلخ.

      وقد أوضح لي هاي جيان، الخبير الصناعي بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن نمو الاقتصاد الصيني الذي يستهلك كيمة كبيرة من المواد سيتحول إلى أسلوب نمو يوظف الموارد البشرية بصورة مستفيضة. وسيزداد التمويل الحكومي في العلوم والتكنولوجيا بصورة واضحة. لذلك سترتفع نسبة مساهمة التقدم التكنولوجي والموارد البشرية في التنمية الاقتصادية. بهذا الأسلوب ستقل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التلوث.

      زيادة المخصصات المالية للريف

      في الفترة السابقة كانت تنمية الحضر تتم على حساب التضحية بتنمية الريف، بدرجة أو بأخرى. مثلا، من عام 1954 إلى عام 1978، قدمت الأرياف منتجاتها للمدن بأسعار مخفضة، وأخذت الحكومة 510 مليارات يوان من الريف دعمت بها الحضر، وقد أدى هذا إلى توسع الفجوة بين الحضر والريف، ووصل الفرق في الدخل بين الحضر والريف إلى 2ر3 : 1 عام 2005.

      على الجانب الآخر، أدى ضعف القدرة الشرائية في الريف إلى عدم قدرة الريفيين على استهلاك الكثير من منتجات المدن، مما أثر في تنمية الأخيرة. وبينما تشهد المدن فائضا كبيرا في القدرة الإنتاجية تعاني الأرياف من ضعف التنمية والاستهلاك.

      لقد تعهدت حكومة الصين بأن تزيد ميزانية الزراعة والريف، في السنوات الخمس القادمة، من أجل تحسين مرافق البنية الأساسية الريفية لكي تغطي الخدمات العامة كل أرياف الصين.

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.