ã

جامع شيقوان الكبير بمدينة لانتشو

سليمان يوسف نيه ون جيا

قاعة الصلاة في الجامع

جامع شيقوان الكبير

     جامع شيقوان بمدينة لانتشو معروف بتاريخه العريق وشهرته الذائعة في داخل الصين و خارجها. يقع الجامع في قلب مدينة لانتشو، عاصمة مقاطعة قانسو، ويطل على ضفة النهر الأصفر، وهو موقع مهم على طريق الحرير القديم الذي يخترق مقاطعة قانسو في شمال غربي الصين.

     يرجع تاريخ بناء هذا الجامع إلى عهد الإمبراطور هونغ وو في فترة أسرة مينغ الإمبراطورية (1368-1644)، و أعيد بناؤه عام 1684م الموافق السنة الثالثة والعشرين من عهد الإمبراطور كانغ شي في فترة أسرة تشينغ الإمبراطورية (1644-1911)، بعد ذلك أعيد بناؤه وتوسيعه عدة مرّات فأصبح مسجدا ضخما يشتمل على مجموعة من البنايات الإسلامية ذات خصائص القصور التقليدية الصينية. وقد أطلق عليه "مسجد المسافرين"، حيث أن التجار المسلمين المسافرين كانوا يعمَرونه أثناء توقفهم عنده خلال رحلاتهم على طريق الحرير القديم. وبعد تأسيس الصين الجديدة ضمته حكومة مقاطعة قانسو إلى قائمة الآثار المحمية على مستوى المقاطعة.

      ومن أجل استعادة ملامحه الأصلية قررت الحكومة إعادة بناء جامع شيقوان الكبير على قاعدته القديمة عام 1984 بتمويل من الحكومة وتبرعات المسلمين. بدأ مشروع إعادة بناء الجامع رسميا عام 1986م، وتم إنشاء الجزء الرئيسي له ــ قاعة الصلاة ــ خلال عامين. وابتداء من عام 1996 قامت لجنة إدارة الجامع بجمع التبرعات مرة أخرى لإقامة بناية للتدريس وموقف للسيارات تحت الأرض التابعة للجامع، ولكن المشروع توقف في منتصف الطريق بسبب ارتفاع التكاليف وبعض المشاكل الفنية في البناء. وبفضل الدعم الحكومي وجهود إمام الجامع، ورئيس الجمعية الإسلامية بمقاطعة قانسو يونس يانغ سينغ تم تشكيل لجنة التعمير الخاصة لمشروع جامع شيقوان عام 2000، فسارع المسلمون إلى التبرع للمشروع. وبالإضافة إلى ذلك حصل الجامع على تمويل سخي من بنك التنمية الإسلامي، فأنجز المشروع في ربيع عام 2003.

     تبلغ المساحة الإجمالية لجامع شيقوان الجديد أكثر من عشرة آلاف متر مربع، وتتسم قاعة الصلاة - الجزء الرئيسي للجامع - بالبهاء والفخامةً، وتكاد المئذنة تناطح السحاب، وتتجمل مجموعة البنايات بفنون العمارة الإسلامية المميزة. وأمام الجامع حديقة جميلة تشكل حوله بيئة طبيعية مريحة، ولهذا يعد من أجمل معالم مدينة لانتشو.

     هذا المسجد الجامع يؤمه أكثر من ألفي مسلم لأداء صلاة الجمعة أسبوعيًّا، والكثير منهم ليسوا من أبناء المدينة. وقد زاره عدد من رؤساء الدول الإسلامية وكبار الشخصيات من خارج الصين، فلعب الجامع دوره الخاص في تطوير العلاقات الودية بين المسلمين الصينيين واخوتهم في الدول الأخرى.

      إنّ جامع شيقوان ليس مكانًا للنشاطات الدينية فحسب، بل هو مدرسة كبيرة للتعليم والتربية الدينية. ولمواكبة التطور وتزايد الحاجة إلى رفع المستوى التعليمي للمسلمين، أقيم في الجامع مركز التربية الإسلامية، كما يتم التعليم فيه بأساليب متعددة، منها دورات لتأهيل الدارسين البنين ومدرسة بنات لتعليم العربية والصينية وروضة للأطفال ودورات تعليمية لمتوسطي العمر والمسنين، ودورات متخصصة للصغار في العطلة المدرسية الشتوية والصيفية. وبهذه النشاطات المتواصلة ترسخ مفهوم الإسلام وإيمانه في قلوب المسلمين، وارتفع مستواهم في المعارف الإسلامية. ويعتزم الأئمة والعلماء العاملون في الجامع على إقامة المزيد من النشاطات الثقافية ذات العلاقة بالعلوم الإسلامية من أجل لعب دور أكبر في توعية المسلمين عندما يتم استكمال المرافق اللازمة للجامع قريبا.

     ويجري حاليا بناء مجموعة من البنايات التابعة لجامع شيقوان، فالعمارة الواقعة جنوبي الجامع مخصصة للمدرسة العربية الصينية للبنات، والعمارة التي في شماله مخصصة للمدرسة العربية الصينية للبنين. ومبنى التدريس مزود بمطعم للدارسين ومكتبة وحجرة للكومبيوتر ومكاتب إدارية. وحسب الخطة ستكون مدرسة العربية الصينية للذكور بالجامع هي "مقر إعداد الدارسين" بأسلوب التعليم التقليدي الإسلامي، وسيعمل خريجوها أئمة بعد إتمام دراساتهم المنتظمة التي تستمر عدة سنوات في الجامع.

     ومن أجل تلبية احتياجات التنمية الاجتماعية والدينية وإعداد أكبر عدد ممكن من الأكفاء والمؤهلين ذوي المعارف العلمية والفهم الراسخ للمبادئ الإسلامية الأصيلة قررت المدرسة مؤخرا توسيع نطاق قبول طلابها الجدد ليشمل جميع الحاصلين على الشهادة الثانوية أو ما يعادلها. وتطبق المدرسة نظاما إداريا جديدا للدراسة الداخلية، لكي يركز الطلاب كل اهتمامهم في دراستهم التخصصية بعيدين عن الإزعاج من خارج الجامع. وتعتمد الدراسة على المناهج التقليدية المعروفة بمساجد الصين. أمّا مدرسة العربية الصينية للبنات بالجامع فتفتح أبوابها أمام جميع المسلمات تحت إشراف الإمام الجليل يانغ سينغ، وبذلك خطت هذه المدرسة أول خطوة لتعميم التعليم والتربية الإسلامية للبنات بمنطقة لانتشو. وتتنوع مناهج الدراسة بهذه المدرسة حسب الحاجات والظروف. وبعد التغلب على عقبات وصعوبات عديدة ناجمة عن الأفكار والمفاهيم المتخلفة في المجتمع، ازداد عدد المشاركات في الدراسة يوما بعد يوم، حتى تجاوز ثلاثة آلاف (الخريجات والدارسات)، والبعض منهن أتيحت لهن فرص لاستكمال الدراسة في الدول الإسلامية، والبعض اخترن العمل بالتدريس في المدرسة نفسها أو غيرها من المدارس. ونشير هنا إلى أن مديرة المدرسة ومعظم المدرسات فيها من خريجات المدرسة نفسها.

     قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد". تنفيذا لهذا الإرشاد الهام قررت إدارة الجامع أن تبني روضة أطفال تابعة له على مساحة 1800 متر مربع، فيها أعشاب خضراء وأزهار متفتحة، وحجرات درس فسيحة مفعمة بالحيوية. ونحن نتمنّى أن تصبح هذه الروضة مهدًا لتربية العظماء لأمتنا، والنجوم الزاهرة من المسلمين الذين يبدعون مستقبلاً مشرقا لإسلامنا.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.