ã

التطور نحو الخارج .. الدرس الأول في الوظيفة

عبد الله فريح يان يويه

      إذا وقفت على لوح خشبي يرتفع عن الأرض ثمانية أمتار وطلب منك أن تقفز من اللوح إلى لوح آخر يبعد عنه مترا ونصف المتر، ولا شيء يحميك إلا حبل أمان مربوط على خصرك، فهل تجرؤ على القفز؟ إذا كنت ضمن مجموعة من أربعة عشر شخصا عيونهم معصوبة وطلب منكم أن تشكلوا مربعا ومثلثا ومستديرا بثلاثة حبال خلال أربعين دقيقة، فهل يمكنكم إنجاز المهمة؟
هل تعجب لسماع مثل هذين المطلبين ؟ في الحقيقة، هذا يسمى Outward development، أي التطور نحو الخارج، وهو أسلوب جديد في التربية ظهر في السنوات الأخيرة بالصين، الهدف منه هو تنمية روح التعاون والعمل بروح الفريق. المشارك في هذا التدريب يستكشف قدراته الكامنة ويتعلم أن التعاون أمر هام في العمل. ليس ثمة معلم يلقي دروسا وليس ثمة طلاب يسمعون شرحه في غرفة الدرس، وإنما يتعلم المشاركون تلك المعاني من خلال الألعاب التي يشاركون فيها.

     في صيف كل عام يغادر خريجو الجامعات قاعات الدراسة المنظمة النظيفة في جامعاتهم الجميلة إلى أماكن عملهم، ليبدءوا رحلة الجلوس إلى المكاتب بين أكوام الملفات يوميا من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساء، تحيط بهم وجوه ناضجة لم يألفوها، في بيئة جديدة ليسوا معتادين عليها، فلا يدرون ماذا يفعلون وكيف يتصرفون.

     بعد أن بدؤوا شباب يعملون في شركتهم فترة قصيرة ، جمعت الشركة الشباب الجدد الذين يعملون بها في حفلة غير عادية، حيث تم ترتيب دروس لهم لمساعدتهم في التعود على البيئة الجديدة ولمساعدتهم على السير أول خطوة بصورة جيدة. هذه الدروس هي التطور نحو الخارج. عندما سمع الشباب أنهم سوف يلعبون ابتهجوا وسرت الفرحة بينهم.

     تشكيل الفريق

     بعد أن وصلوا إلى ساحة التدريب، تم تقسيم الشباب إلى ستة فرق، عدد أعضاء كل منها أربعة عشر أو خمسة عشر فردا. أول خطوة في التدريب هي تشكيل الفريق، ويتضمن ذلك تسمية الفريق وصنع علم أو شعار له ونظم قصيدة شعر، وبهذا الأسلوب يزداد التعارف بين أعضاء الفريق.

     الجسر المقطوع

     بعد أن تعارف الأعضاء اتجهوا إلى ساحة التدريب لإنجاز أول مهمة، وهي عبور جسر مقطوع، وهو عبارة عن لوحين خشبيين عرضهما حوالي 30 سم وارتفاعهما عن الأرض ثمانية أمتار، والمسافة بينهما متر ونصف. طُلب من أعضاء الفريق القفز من لوح إلى آخر. ربما نجرؤ على القفز إذا كنا نقف على الأرض ، ولكن من منا يجرؤ على القفز من لوح يرتفع ثمانية أمتار. إن أكبر الصعوبات هي الخوف الذاتي. في البداية ظن الشباب أنهم لن يستطيعوا إنجاز هذه المهمة، ولكن بعد تشجيع من المدرب وقيامهم بعرض أمامهم، أتم الشاب جميعا المهمة بنجاح، واكتست وجوههم بالابتسام بعد أن تجاوز كل منهم نفسه.

     تسلق السلم

     بينما الشباب غارقون في سعادة نجاح الإنجاز، جاء أمر جديد بتسلق سلم ليس ككل السلالم، فهو معلق على هيكل وليس مثبتا على الأرض. السلم يتكون من أعمدة كل منها مربوط بحبل والمسافة بين كل درجين حوالي متر ونصف. لا يستطيع أي شخص أن يتسلق السلم بمفرده، بل يحتاج إلى التعاون بين شخصين. يطأ الأول على رجل الثاني من أجل تسلق الدرج، ثم يجلس الأول القرفصاء على الدرج ليأخذ الثاني بحزام الأول، بعدها ينهض الأول فيتسلق الآخر الدرج. هكذا يتعاون الاثنان في التسلق إلى أعلى السلم. ولأن السلم يتمايل فإن أخذ الأعمدة الغليظة الملساء يحتاج قوة كبيرة، خاصة عندما يكون المتسلقان من الجنس اللطيف. ولكن معظم الشباب أتم المهمة بتشجيع من المدرب والأعضاء الآخرين. شعر الشباب بالفخر وهم يلتقطون الصور مع زملائهم أعلى الدرج.

     لعبة الجسر المقطوع تعتبر تحديا للقدرة الذاتية، ومنها يعي الشاب أن الثقة بالنفس عنصر هام يؤثر في النجاح، ويفهم أن العدو الأكبر للفرد هو ذاته. أحيانا يفشل المرء لافتقاره الثقة بالنفس. تسلق السلم ينمي روح التعاون. في الملعب لا يستطيع أي شخص أن يتسلق إلى أعلى الدرج بمفرده، فلابد من التعاون مع الآخرين. والحقيقة أننا نحتاج إلى التعاون في العمل دائما، وبدون إدراك أهمية التعاون في العمل، لن نستطيع أن نكمل أي شيء.

     استمرت تدريبات التطور نحو الخارج يومين، أدى الشباب خلالهما تدريبات أخرى تنمي روح وقيم التعاون. فهم الشباب من هذه التدريبات أن الحياة العملية تختلف عن الحياة الدراسية. الدراسة أمر يخص فردا واحدا، إذا اجتهد حقق النجاح، ولكن العمل يحتاج إلى التعاون. تحقيق الهدف يحتاج إلى وضع خطة ثم إدخال تحسينات عليها أثناء التنفيذ والتغلب على الأحداث الطارئة، لا يستطيع أي شخص أن ينجز كل ذلك بدون الفريق، فنجاح الفريق هو النجاح الحقيقي.

     واحد من الشباب الذين شاركوا في هذا التدريب قال معلقا: " أدركت أن قوة وحكمة الفريق ثروة نادرة، وأن التعاون بين أعضاء الفريق عنصر هام لتحقيق النجاح."

     وقال آخر: " إن موقف الفرد عامل حاسم، فعلينا أن نتمسك بموقف إيجابي، هذا هو الشرط الأول للنجاح."

     وقالت شابة: " إن نجاح الفريق لا يعتمد على فرد واحد، بل يعتمد على التعاون والتلاحم. تواجه المؤسسات والشركات تحديات هائلة، وتنجح المؤسسة أو الشركة بالاعتماد على التعاون بين العاملين والمسئولين كفريق واحد."

     غادر الشباب ساحة التدريب وعادوا إلى وظائفهم بحصاد وافر. الآن لا يشعرون بغربة أو اغتراب ويتعودون البيئة الجديدة ويعرفون ماذا عليهم أن يعملوا.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.