ã

شواء ورقص وأنفاق في قلعة الشرق القديمة

هونغ شينغ تشيانغ

بيوت تشبه القلاع

دادا، الزهرة الرسمية للقرية

رؤية القرية من أعلى قلعة بها

      تتدفق مياه تيار أحد روافد نهر مينجيانغ في واد ضيق طويل محفوف بجبال عالية. في المياه الصافية عدد كبير من الأحجار والصخور، بعضها ضخم للغاية، ترتطم بها المياه محدثة جلبة عالية. على هذا الرافد جسر من الخيزران يصل إلى درب جبلي متعرج يؤدي إلى قرية تاوبينغ الجبلية لقومية تشيانغ، تلك القرية التي يعتبرها المتخصصون "قلعة الشرق القديمة". تقع قرية تاوبينغ لقومية تشيانغ في محافظة ليشيان بولاية آبا الذاتية الحكم لقوميتي التيت وتشيانغ في مقاطعة سيتشوان بغربي الصين. يرجع تاريخ تاوبينغ إلى أكثر من ألفي عام، وهي القرية القديمة الوحيدة لقومية تشيانغ في الصين التي مازالت بحالة جيدة.

     يقال إن أبناء قرية تاوبينغ اضطروا، نظرا لظروف حرب طارئة، إلى قطع الجسر المتحرك الذي كان على النهر، واستخدموا حبلا منزلقا، بدلا منه، وخصصوا حراسة لذلك الحبل الذي لا يسمح بعبور أكثر من فرد واحد. وهكذا قطعوا الطريق على الطامعين في دخول قريتهم عبر النهر. الآن لديهم جسر إسمنتي يربط قريتهم بطريق الدولة رقم 312. من ضفة النهر المقابلة ترى القرية عبارة عن مساحة واسعة من البيوت المبنية من قطع الحجر والطين الطفلي بتناسق ونظام على المنحدرات الجبلية الشديدة الانحدار وبينها قلعتان عاليتان. وفي القرية ترى البيوت المبنية من قطع الحجر والطين الطفلي تتألق تحت أشعة الشمس.

     وقد ورد في السجلات التاريخية أن الحروب لم تكن تنقطع في المنطقة التي تقع فيها قرية تاوبينغ. وكان أبناء قرية تاوبينغ المتأهبين للحرب دائما يراعون في بناء قريتهم الاهتمام بتحصيناتها الدفاعية، وهذا هو أكثر ما يميز القرية. يقول السيد وانغ، مدير متحف القرية إن البيوت في قرية تاوبينغ مشيدة حول القلاع العالية، كما أن القرية مصممة وفقا لرموز التنجيم الثمانية التقليدية، ولها ثماني بوابات، وكل غرف وسطوح البيوت متصلة ببعضها، كما تربط الأنفاق المائية تحت الأرض بين جميع البيوت، وهناك نفق سري بين كل بيتين، ويؤدي عدد كبير من الأنفاق السرية إلى جهات مختلفة، وبفضل هذه الشبكة من الأنفاق ترتبط جميع بيوت القرية، وفي نفس الوقت يوجد عدد كبير من الثغور لإطلاق النار على طول الأنفاق السرية. كانت هذه الأنفاق، في الماضي، وسيلة الدعم المتبادل بين أبناء القرية، ومخبأ للجنود وقت الحرب.

     وفي شوارع قرية تاوبينغ، تسمع صوت المياه ولكنك لا ترى لها أثرا. يقول تشن شي مينغ، وهو مسن من أبناء القرية، إن هناك أنفاقا مائية تجري تحت الأرض في الشوارع الرئيسية للقرية وتحت بعض البيوت أيضا، ويمكن استخدام هذه المياه من خلال فتحات مغطاة بألواح حجرية. هذه الأنفاق المائية تستخدم في أغراض متعددة، فمنها يحصل أبناء القرية على الماء اللازم لحياتهم اليومية، ويستخدمونها في إطفاء الحرائق وتعديل درجة الحرارة والرطوبة داخل القرية، بل إن الأنفاق الواسعة تستخدم كمخبأ للجنود وقت الحرب، وقديما كان يوجد نظام كامل للإمداد بالمياه داخل القرية، وكانت الثلوج الذائبة في الجبال العالية هي مصدر المياه، التي تنساب في الأنفاق المائية تحت الأرض.

     دياولو، أي القلعة العالية، تشبه هيكلا أسطوانيا عاليا، وهي بناية رمزية موجودة في كل قرى قومية تشيانغ. يقول وانغ، إن كل قرية من قرى قومية تشيانغ كان بها عدد كبير من القلاع العالية في الماضي، منها القلاع الرباعية الزوايا والثمانية الزوايا، ويبلغ ارتفاع أعلاها أكثر من ثلاثين مترا. وكان في قرية تاوبينغ، قديما، سبع قلاع عالية لا يوجد منها اليوم سوى قلعتين محفوظتين في حالة جيدة. في عام 1933 عندما ضرب زلزال المنطقة المجاورة للقرية، سقطت قلعة عالية وقليل من البيوت في القرية، زلكن معظم البيوت في القرية لم تتأثر كثيرا بذلك الزلزال الشديد. يقول وانغ، إن المدهش حقا هو أن بنايات القرية مشيدة وفقا لخبرة وتقديرات أهلها وليس وفقا لأشكال وتصميمات هندسية. وقال متخصصون، بعد أن بحثوا هذه البنايات ودرسوها جيدا، إن الفضل في بقاء بنايات قرية تاوبينغ يرجع إلى مياه وتربة المنطقة التي تقع بها وخبرة أبنائها في مجال علم الميكانيكا المعمارية.

     كل البنايات في قرية تاوبينغ مشيدة من قطع الحجر والطين الطفلي بالمنطقة التي تقع فيها القرية. يبلغ سمك قاعدة الجدار أكثر من 60 سنتيمترا، بينما يكون سمك قمته بين 20 و30 سنتيمترا عادة، وداخل الجدران عدد كبير من الأعمدة الخشبية الغليظة المستقيمة لتمتينها، ويستخدم الطين للصق الأحجار. وفي حال البنايات المتعددة الطوابق، يبنى الطابق الثاني بعد نصف عام من بناء الطابق الأول ويستغرق بناء البيت عامين على الأقل. وفي القلاع ذات السبعة طوابق يبنى الطابق الثاني بعد عام من بناء الطابق الأول ويستغرق بناؤها سنوات عديدة. دار أسرة تشن مسكن ذو خصائص فريدة في قرية تاوبينغ، وهي عبارة عن مجمع بنايات يضم قلعة عالية وبيوتا، وهي نموذج نادر في مناطق تجمع أبناء قومية تشيانغ. يقول تشن: في أسرتي قول توارثناه عن أجدادنا، بأنه إذا كان لدينا مخزون كاف من الحبوب فلن تسقط قريتنا أبدا بسبب الحصار. انتهى زمن الحروب والاقتتال وتتطور السياحة في القرية بالاستفادة مما لدينا، ويأتينا عدد كبير من السياح.

     يعيش في قرية تاوبينغ خمسمائة فرد ينتمون إلى 98 أسرة. وقد تطورت السياحة قبل خمس سنوات، ويأتي إليها حوالي 70 ألف سائح كل عام، ويبلغ دخلها السنوي من السياحة أكثر من عشرة آلاف يوان (الدولار الأمريكي الواحد يساوي 1ر8 يوان). يشتغل أبناء القرية بالزراعة رئيسيا، وبعد تنمية السياحة صارت السياحة مصدر دخلهم الرئيسي، وقد قام بعضهم بفتح فنادق عائلية مستفيدين من الغرف الفارغة في بيوتهم، ووضع بعضهم بسطات داخل القرية لبيع بضائعهم من مطرزات قومية تشيانغ وغيرها من التذكارات السياحية، ومنهم من يجلس تحت الشمس يطرز النعال الداخلية للأحذية. الفتاة أرمايينا ذات الواحد والعشرين ربيعا ابنة تاوبينغ، صارت نجمة مشهورة تحمل اسم "الأخت تيانشيان" أي عروس شبكة الإنترنت في الصين. في عام 2005 اختارها 44% من متصفحي شبكة سوهو دوت كوم للإنترنت، كأفضل قدوة للجيل الجديد.

      قصة أرمايينا بدأت في أغسطس عام 2005 عندما التقط لها صورة أحد مستخدمي الإنترنت مر بقريتها خلال جولة سياحية له بسيارته الخاصة. وبعد أن وضع صورة الفتاة على مدونته الخاصة على الشبكة العنكبوتية، تصفح هذه الصورة حوالي مليون مستخدم للإنترنت، وكتبوا تعليقات عليها من قبيل: النقاء والطبيعة. وعرف عدد كبير من مستخدمي الإنترنت أرمايينا عن طريق الإنترنت، وأصبحت مشهورة، فالسياح الذين يذهبون إلى قريتها يلتقطون الصور معها، وظهرت صورتها في العديد من الصحف والمجلات. هذه الشهرة أسعدت المسئولين الحكوميين في المحافظة التي تتبعها قريتها، فقد أصبحت أرمايينا صورة سياحية لمنطقتهم. وقد أكد مسئول من مصلحة السياحة في المحافظة أنه يستقبل كل يوم صحفيين من عشرات الأجهزة الإعلامية يطلبون مقابلة أرمايينا وبالطبع يغطون أخبار المحافظة ضمن تغطية أخبار النجمة الصاعدة. وتقول فتاة صغيرة في قرية تاوبينغ إن أبناء القرية وجهوا الدعوة إلى "الأخت يانتسي" أي السنونو، وهو اللقب الذي أطلقه أبناء القرية على أرمايينا، للمشاركة في مهرجان هواأرناجي لسباق الأغاني الذي أقامته القرية مؤخرا لأنها فخر لأبناء تاوبينغ، وقد حضره مسئولون من المحافظة لأنهم عرفوا أنها ستشترك في المهرجان.

     لونغ شياو تشيونغ فتاة أخرى مشهورة في قرية تاوبينغ، فهي أول من طور سياحة العادات والتقاليد لقومية تشيانغ، وقد أثنت حكومة المحافظة على جهودها. لونغ شياو تشيونغ ذهبت إلى بكين لمقابلة الرئيس الصيني السابق جيانغ تسه مين، والتقطت صورة معه. مسكن أسرة لونغ فسيح لدرجة أن أهل البيت لا يعرفون عدد غرفه أو مساحته، فقط يعرفون أنه من أربعة طوابق، وله أكثر من مائة باب، ويتسع لإقامة خمسين فردا في نفس الوقت. تتكون أسرتها من ثمانية أفراد، وعمر جدتها أكثر من تسعين عاما، ولكنها تتمتع بسمع وبصر سليمين. لونغ هي ثاني أكبر أولاد الأسرة، ولها شقيقان صغيران يتعلمان في المدرسة، وأخت صغيرة تلميذة أيضا، وهم يعودون إلى دارهم في العطلة المدرسية، وخلالها يساعدون أختهم الكبيرة في أعمال استضافة السياح.

     البيوت في قرية تاوبينغ واسعة، ومن ثلاثة طوابق في العادة، الطابق الأول حظيرة للمواشي والدواجن ومخزن، والثاني والثالث للسكن. وحول البيت دورة مياه وسور وبستان للخضر. الطابق الأول في دار أسرة لونغ يستخدم بارا يجمع بين سمات قومية تشيانغ والأسلوب الغربي. وفي الطابق الثاني الأرضية عبارة عن ألواح خشبية، وتدعم عدة أعمدة خشبية سقف هذا الطابق، وتستخدم ألواح خشبية في تشكيل غرف النوم المختلفة. في القاعة الرئيسية موقد نار محاط بأحجار مستطيلة، النار فيه مشتعلة لا تنطفئ أبدا، وفوق النار قطعة من الحديد ذات ثلاثة زوايا، وبجانب موقد النار عدة قدور حديدية وأباريق نحاسية. يجلس أفراد الأسرة حول الموقد في وقت الفراغ، ويطهون اللحم في قدر فوق قطعة الحديد ذات الثلاثة زوايا ويسخنون الخبز المصنوع من شعير الهضاب على الجمر، ويتجاذبون أطراف الحديث. في مناسبات الأعياد وحفلات الزفاف وحفلات عيد الميلاد الخ يتجمع أبناء القرية في دار أحد أعيان القرية، حيث يأكلون ويشربون ويغنون، ويرقصون رقصة تشالانغ حول موقد النار. وهناك طقوس خاصة بموقد النار، فلا ينبغي الجلوس في مواجهة الحطب بالموقد، ولا يجوز رمي الفضلات به، وغير ذلك من المقدسات والمحرمات.

     المكان الأعلى في القاعة الرئيسية هو المكان الذي يقدم فيه أفراد الأسرة القرابين للأسلاف. وفي الطابق الثالث سلم من قطعة خشب واحدة يؤدي إلى سطح البيت، وعلى السطح عدة أحجار بيضاء، وفي وسط قمة الجدار الذي يستند إلى الجبل لوح حجري، ويواجه مكان تقديم القرابين في الطابق الثاني تماما، وعلى اللوح الحجري حجر صوان أبيض كبير.

     لمعلوماتك

     قومية تشيانغ: عدد أفرادها 150 ألف نسمة الآن، ويتواجد أبناؤها في ماوون في غربي مقاطعة سيتشوان رئيسيا، ويسمون أنفسهم "أرما"، ومعناه أبناء المكان، وقومية تشيانغ الحالية أحد بطون قومية تشيانغ القديمة، ولها لغة شفهية، ولكن ليست لها لغة مكتوبة، ويستخدم أبناؤها اللغة الصينية، وتنتمي اللغة الشفهية لقومية تشيانغ إلى أرومة لغة التبت - الميانمار للنظام الصيني التبتي، ولها لهجتان عاميتان، الشمالية والجنوبية. يشتغل أبناء تشانغ بالزراعة رئيسيا، ولكنهم شرعوا يعملون في صناعة الجلد والورق والخشب والإسمنت والأسمدة الكيماوية الخ. ومن الأشغال اليدوية التقليدية لهم التطريز وشغل الإبرة والمحبوكات.

     السياحة: يمكن الوصول إلى قرية تاوبينغ بالميني باص من محطة شيمن للسيارات في مدينة تشنغدو إلى محافظة ليشيان. وتوجد أربع رحلات يوميا، في الصباح، الساعة السابعة وثلث وفي العاشرة ونصف، وبعد الظهر في الساعة الواحدة وعشر دقائق والساعة الثانية وخمسين دقيقة. سعر التذكرة 27 يوانا، وتقطع السيارة هذه المسافة في ثلاث ساعات تقريبا. ويمكن الوصول إليها بسيارات الميكروباص والميني باص من مركز محافظة ونتشوان إلى قرية تاوبينغ لقومية تشيانغ، وسعر التذكرة أربعة يوانات. تبعد قرية تاوبينغ لقومية تشينغ عن مدينة تشنغدو 160 كيلومترا، ويمكن الوصول إليها خلال أكثر من ساعتين بالسيارات الخاصة، على طريق تشنغدو – قوانشيان السريع، مرورا بجسر ينتشنغ، حتى الوصول إلى محافظة ونتشوان عبر طريق تشنغدو – آبا العام، والمرور بجسر مينجيانغ، حتى الوصول إلى قرية تاوبينغ بعد ثلاثين دقيقة على طريق الدولة رقم 317. ويمكن لزوار القرية تناول طعامهم والإقامة في بيوت أبناء القرية أو فندق أسرة لونغ شياو تشيونغ الذي يسمى "شياوتشيونغ تشيانغجيا"، وأجرة السرير في الليلة عشرة يوانات، وقيمة الوجبة الواحدة بين خمسة وعشرة يوانات.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.