تقرير برجماتي يتصدى للقضايا الأساسية

     اختتم المجلس الوطني العاشر لنواب الشعب في منتصف الشهر الماضي دورته الرابعة التي ناقشت وأقرت الخطة الخمسية الحادية عشرة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية الوطنية (2005-2010) إضافة إلى العديد من التشريعات التي من شأنها الارتقاء بكافة جوانب حياة المواطن الصيني. وقد تميز تقرير عمل الحكومة الذي ألقاه رئيس مجلس الدولة ون جيا باو خلال هذه الدورة بالمسحة البرجماتية والقرب من عامة الشعب، وهي السمة المعروفة عن هذا السياسي الذي يطعم حديثه دائما بدرر من الأدب الصيني.

      التقرير الذي استعرض خطة عمل الحكومة في هذا العام وقدم تلخيصا للخطة الخمسية الحادية عشرة، حرص السيد ون أن يكون انعكاسا للواقع، ولهذا عقد أربع ندوات في شهر فبراير دعا إليها شخصيات من كافة أوساط المجتمع؛ من الباحثين الاقتصاديين والاجتماعيين والفلاحين والمعلمين الريفيين والأطباء القرويين، كي يقدموا مقترحاتهم بصراحة تامة، وعليه فإن قول رئيس الحكومة الصينية: "إن سياساتنا لا تولد من لا شيء، وإنما تتشكل وفقا للحقائق القاعدية" ليس فيه مبالغة.

      لم ينأى السيد ون في تقريره عن المشاكل والتحديات التي تواجه حكومته، حيث ألقى الضوء على عدم التوازن الاقتصادي والاجتماعي في الصين، وتكاليف التعليم والعلاج الباهظة والحصول على الأرض بطرق غير قانونية وهدم البيوت والتلوث المتفشي. لقد دوى تصفيق الثلاثة آلاف مندوب بجوانب قاعة الشعب الكبرى تقديرا لشجاعة الحكومة في التصدي لتلك المشاكل الملحة وعزمها على مواجهة المشاكل التي تظهر جديدا.

      لقد أكد ون على الاهتمام بتحسين مستوى معيشة الشعب والعدالة الاجتماعية لضمان تمتُع الجميع بثمار الإصلاح والتنمية. ومع إعطاء الأولوية لمساعدة الفقراء في الريف والحضر، أكد التقرير على اتخاذ إجراءات قوية غير مسبوقة لخدمة المصالح العاجلة للمواطنين. وتعهد التقرير بتوفير التعليم المجاني تسع سنوات لكل طفل، وزيادة الدعم المالي من أجل زيادة فرص العمل، وإقامة نظم أفضل للرعاية الطبية والضمان الاجتماعي للجميع. ومن أجل تقليل فجوة الثراء التي تتسع تعهد التقرير بمخصصات مالية هائلة خلال السنوات الخمس القادمة لبناء ريف اشتراكي جديد وتحسين ظروف المعيشة لنحو 750 مليون فلاح، فبعد إلغاء الضريبة الزراعية لأول مرة في تاريخ الصين منذ ألفين وستمائة عام سوف يقدم مجلس الدولة تمويلا سنويا قدره 12 مليار دولار للحكومات المحلية ونفقات التعليم.

      إن إنجاز هذه الأهداف الشجاعة والطموحة بحاجة إلى جهود جبارة وطويلة المدى من الحكومة والمجتمع كله، ولكن الصراحة والشجاعة في مواجهة المشاكل هي البداية الصحيحة على الطريق الصائب.

Return to top