ã
الأباطرة
الصغار آباء
     "لم
يكن الحمل متوقعا،
فوسيلة منع
الحمل فشلت.
قررتُ الإجهاض،
ولكن، وبينما
أنا واقفة أمام
المستشفى غيرت
رأيي، فقد شعرت
بأن الجنين
يتحرك داخلي".
بهذه الكلمات
بدأت ليو لي،
البالغة من
العمر ستة وعشرين
عاما قصتها
مع الحمل والولادة.
لم يغير الحمل
كثيرا نمط حياة
معلمة الرياضيات
بمدرسة نانجينغ
الثانوية رقم
3، حيث ظلت تذهب
بمفردها إلى
مستشفى نانجينغ
للأمومة والطفولة
من أجل الفحوص
الطبية، وتتخلى
عن مقعدها في
الأتوبيس لمن
تراه من المسنين،
بل إنها شاهدت
نهائيات كأس
أوروبا في الساعات
المبكرة من
اليوم.
     تقول:
"أيدني زوجي
تماما". ولكن
منظر المخلوق
الوردي الصغير
المتغضن يبكي
بجواري بعد
الوضع أفقد
ليو شجاعتها:
"لم أجرؤ على
لمسه خوفا من
أن أكسر إصبعه
الضئيل".
     "الأباطرة
الصغار" في
الصين الذين
يقصد بهم الأطفال
الوحيدين مثل
ليو، لديهم
حاليا صغارهم،
وخلقوا حقلا
دراسيا جديدا
لعلماء الاجتماع.
     
ليو واحدة من
80 مليون طفل
وحيد في الصين،
ومن بين ستة
ملايين منهم
بلغوا سن الزواج
عام 2004، وفقا
لمركز بحوث
معلومات السكان
ببكين. ويؤكد
المركز أن هذا
التوجه السكاني
سوف يتواصل
حتى يشكل الآباء
من "الأطفال
الوحيدين"
71% من الأسر في
بكين و73% في شانغهاي
بحلول عام 2035.
     يقول
تشن قونغ، الخبير
بمعهد البحوث
السكانية في
جامعة بكين،
"ليس صحيحا
أن نصفهم بالأنانية
والكسل والتدليل"،
مشيرا إلى الأطفال
الذين ولدوا
منذ تبني الصين
سياسة "الطفل
الواحد" في
أواخر سبعينات
القرن الماضي.
ويقول تشن قونغ:
"بالطبع يحظى
الطفل الوحيد
باهتمام أكثر،
ولكن هذا لا
يعني بالضرورة
اختلافا في
السلوك".
     الحياة
الواقعية أكثر
تعقيدا
     تعبق
رائحة الحليب
في غرفة المعيشة،
بينما تشن تشه،
مكسوا بغطاء
ميكي ماوس أزرق
فضفاض، يقرقر
ويقهقه. وعلى
الأريكة البيضاء
أمامه تجلس
ليو لي، وعيناها
تتابعان المسلسل
الكوري الجنوبي
"عاشق باريس".
     أم
ليو لي، السيدة
وو شيو تشين،
الموظفة المتقاعدة
البالغة من
العمر 55 سنة،
تقول وهي تتنهد:
"الآن عندي
طفلان أربيهما؛
ابنتي وحفيدي".
     
وفقا لدراسة
أجريت مؤخرا
في شانغهاي
الاختلاف الأساسي
بين "الأباطرة
الصغار" وأترابهم
يكون عندما
يبدءون تكوين
أسرة.
     وحسب
دراسة أجراها
مركز بحوث الشباب
التابع لأكاديمية
شانغهاي للعلوم
الاجتماعية
عام 2004 وشملت
1828 من الآباء
والأمهات يتراوح
عمرهم بين 25
و35 سنة،منهم
39% من أسر ذات
طفل وحيد، 18%
من الآباء والأمهات
من الأطفال
الوحيدين يطلبون
المساعدة من
والديهم، ويستخدمون
أموال والديهم
للإنفاق على
الزفاف وشراء
المسكن، مقارنة
مع 10% من أترابهم
غير الوحيدين.
والآن يعيش
50% من الأطفال
الوحيدين الكبار
مع والديهم،
مقارنة مع 28%
من أترابهم.
     هذا
التوجه يحير
علماء الاجتماع،
فتقليديا،
مع نمو الاقتصاد
تحل الأسرة
النووية محل
الأسرة الممتدة،
كما يقول باو
ليي بينغ، من
مركز بحوث المعلومات
السكانية: "ولكن
الأطفال الوحيدين
يعيشون عادة
مع والديهم
كي يتولى الكبار
رعاية أطفالهم،
والنتيجة أن
خلافات جديدة
تظهر بين الجيلين
البالغين حول
كيفية تربية
الطفل".
     تشيان
تشيان (26 سنة)،
زوج ليو لي،
وهو أيضا طفل
وحيد، ليس بحاجة
لقراءة نتائج
أحدث الدراسات
كي يعرف ذلك،
فبوسعه أن يسمع،
وقت استحمام
الطفل كل ليلة،
الأم والابنة
تتشاجران حول
وضع وتوقيت
استحمام الطفل.
يقول الزوج:
"عندما بلغ
عمر ابني شهرين
أرادت حماتي
أن تطعمه بعض
المكونات من
القمح إضافة
إلى الرضاعة،
بنفس الطريقة
التي ربت عليها
ابنتها"، ولكن
زوجتي اعترضت
بشدة، وقالت
إنها عرفت من
الإنترنت أنه
لا ينبغي إطعام
الطفل أي مكونات
غير الحليب
حتى يبلغ الشهر
الرابع، وفي
النهاية قبلت
الأم برأي ابنتها.
     46%
من الآباء والأمهات
من جيل الطفل
الوحيد يبحثون
عن معارف تربية
الطفل على الإنترنت،
وهذا أكثر بنسبة
7,2% من الأسر المتعددة
الأطفال، وفقا
لدراسة شانغهاي.
وتفضل أسر الأطفال
الوحيدين أن
تتعلم مهارات
تنشئة الطفل
من الكتب والمجلات
(بنسبة 76%)، وليس
من والديهم
(38%).
     وتعترف
ليو لي أنه بدون
أمها لا تعرف
ماذا تفعل،
وعندما تعود
السيدة وو إلى
بيتها في نهاية
الأسبوع يبتسم
تشيان تشه أقل
ويبكي أكثر.
وتقول: "معظم
الوقت يتلفت
حوله كأنه يبحث
عن أمي". ولكن
باو يحذر من
أن الاعتماد
كثيرا على الجدة
قد يؤثر على
قدرة الأم الشابة
في تربية الطفل"،
فالأم بتركها
الجدة تهتم
بمعظم الاحتياجات
الأساسية للطفل،
من تغذيته وتبديل
ملابسه، تغامر
بفقد الارتباط
مع الطفل. ولكن
من جانب آخر،
المشاركة في
الرعاية تكشف
للطفل عن المنهجين
التقليدي والحديث
في التعلم،
والذي يقول
تشن إن له مزاياه.
وتعتزم ليو
قبول مساعدة
أمها إلى أن
يبلغ عمر تشيان
تشه سنة واحدة،
وبعدها سوف
ترسله إلى حضانة
كي يتفاعل مع
أطفال آخرين
تحت رعاية تخصصية.
تقول ليو: "عندما
أتذكر طفولتي
حيث لم يكن أحد
يلعب معي وكان
والداي دائما
مشغولين قررت
ألا يجرب ابني
وحدة مشابهة".
     تشير
البحوث إلى
أن الأطفال
الوحيدين يبدءون
إقامة علاقات
عاطفية أبكر،
فقد بدأ 34% من
مجموعة "الطفل
الوحيد" في
شانغهاي إقامة
علاقات عاطفية
وعمرهم أقل
من عشرين عاما،
مقارنة مع 8%
من مجموعة "الأطفال
المتعددين"،
كما أن 13% من مجموعة
"الطفل الوحيد"
جربوا المعاشرة
الجنسية قبل
الزواج مقارنة
مع 11% من مجموعة
"الأطفال المتعددين".
     وقد
أجمع كافة الآباء
والأمهات الذين
شملهم الاستطلاع
على أن الزواج
اختيار وليس
واجبا، والغالبية
تفضل الزواج
المتأخر. وكان
هناك إجماع
أيضا على مفهوم
أن حمل الطفل
يكون من أجل
جلب الفرحة
وليس من أجل
استمرار شجرة
العائلة.
     زوج
ليو لي، المهندس
تشيان تشيان،
يقول إنه يشعر
بالوعي بأهمية
أن يلعب مع الطفل.
ويبدو أن الأطفال
الوحيدين يستمتعون
بذلك أكثر من
الذين لهم أخوة
وأخوات، حيث
أن 74,1% من المجموعة
الأولى، مقارنة
مع 68% من المجموعة
الثانية، يشترون
لأطفالهم لعب
أطفال حافزة
للعقل مثل مكعبات
روبك ومتاهة
المنحنيات.
وهذا، حسبما
يقول باو ليي
بينغ، "يشير
إلى أن الأطفال
الوحيدين على
وعي أكبر بالتنمية
الذاتية، وهذا
نابع من مفهومهم
العميق للاستقلالية
والمساواة".
     الحماة
وو ليست مندهشة،
حيث تقول "كل
من ليو لي وتشيان
تشيان من الأطفال
الوحيدين،
لا أحد منهما
يعرف الطبخ،
ناهيك عن رعاية
الطفل. يجب أن
أساعدهما في
العناية بحفيدي،
وأن أطبخ لهما
أيضا". ولكن
ذات يوم قد يجد
ليو وتشيان
أنهما يرعيان
وو وثلاثة آخرين
من الآباء والأمهات
المسنين.
     يقول
باو ليي بينغ:
"هذا وضع مقلق
لزوجين شابين
لديهما طفل
أو اثنين". غير
أن تشن قونغ
لا يتفق مع هذا
القلق، فهو
على ثقة من أنه
مع تطور المجتمع
سوف يظهر المزيد
من الموارد
الاجتماعية
لمساعدة المسنين،
ومن ثم لن يكونوا
بحاجة إلى الاعتماد
على أبنائهم
للعناية بهم.
يقول"نحن لدينا
بالفعل خدمات
التجمع السكني،
وفي المستقبل
سوف يشارك المزيد
من مؤسسات الرعاية
الاجتماعية
في مساعدة المسنين".
     
على الرغم من
المساعدة التي
تتلقاها من
أمها في تربية
طفلها، تقول
ليو لي إن التجربة
جعلتها أكثر
نضوجا. "خلال
الستة شهور
الماضية تعلمنا
الكثير من طفلنا،
وأنا أعتقد
أننا في المستقبل
سوف نواصل النمو
معا".