وانغ فو

     زائر بكين لابد أن يلاحظ كثرة مطاعمها، حتى ليقال إن بين كل مطعم ومطعم مطعم. ومن بين هذه المطاعم عدد لا بأس به من مطاعم الشعرية، التي يمكن أيضا أن تجدها في كافة المطاعم. والسبب هو أن الصينيين يعشقون الشعرية.

     الشعرية، التي هي أصل المكرونة، من مواليد الصين في زمن أسرة هان الإمبراطورية، أي أن عمرها نحو ألفي عام. وفي فترة أسرة تانغ الإمبراطورية(618م-907م)، عاد الطلاب اليابانيون الذين كانوا يدرسون في الصين إلى بلادهم ومعهم فنون صناعة الشعرية. وفي فترة أسرة يوان الإمبراطورية (1271م-1368م) حملها الرحالة الإيطالي ماركو بولو إلى إيطاليا ومن ثم إلى كل قارة أوروبا. والشعرية، كما هو الحال بالنسبة للشاي و"دوفو" (جبن فول الصويا) والخمر الصيني، أسهمت كثيرا في تطور أطعمة العالم.

     الشعرية في اللغة الصينية هي "ميانتياو" أو "ميان"، اختصارا. هذه التسمية التي ظهرت في عهد أسرة سونغ (960م-1279م)، حلت محل أسماء أخرى كانت تُطلق عليها في أزمان مختلفة، ومنها "تانغبينغ" في عهد أسرة هان، و"شويين" في عهد الأسر الجنوبية والشمالية، و"لنغتاو" في عهد أسرة تانغ.

     اختراع الشعرية أحد رموز حضارة وتقدم البشرية، وثقافة الشعرية جزء هام من ثقافة الأمة الصينية. وصنع الشعرية تكنولوجيا، وفن ألهم كثيرا من شعراء الصين قديما فكتبوا فيه قصائد مدح.

     وللشعرية الصينية مئات الأنواع مثل شعرية تشاجيانغ بكين، وشعرية لاميان لانتشو، وشعرية داوشياو شانشي، وشعرية داندان سيتشوان، ويأكلها الفقير والغني، في الوجبات العادية وفي المناسبات المهمة.

     سلطانية الشعرية في عيد ميلاد الفرد طقس في غاية الأهمية، فخيوطها الطويلة تعبر عن التمنيات بالعمر المديد للذي يُحتفل بعيد ميلاده. بل إن بعضهم يتزيد فيجعل قطعة العجين خيط شعرية واحدا يملأ السلطانية بكاملها ليأكلها صاحب عيد الميلاد، رمزا إلى العمر المديد جدا.

     قبل سنوات، عندما لم تكن الصين متطورة اقتصاديا مثلما هي الآن، كان معظم العاملين يرجعون إلى بيوتهم لتناول الغداء ثم يعودون إلى أعمالهم، اقتصادا للنفقات، لكن وقت الغداء أحيانا قد لا يكفي لرحلة البيت ظهرا، فماذا يأكلون؟ الشعرية هي الحل السحري. لذلك إذا قلت لصديقك: هيا، أدعوك لتناول الشعرية، لن يرفض، لأنها ذات شعبية واسعة.
فما رأيكم أصدقائي في دعوة على سلطانية من شعرية تساجيانغ بكين، بالطبع عندما تشرفوننا في الصين؟

Return to top