ã

ربيع بالنار والقدور وقضبان الحديد

     فرغ الصينيون قبل أيام من احتفالاتهم الصاخبة بعيد الربيع، رأس السنة القمرية الصينية الجديدة. وكما يحدث في كل عام، ثار الجدل حول طريقة الاحتفال بهذا العيد، ففي استطلاع للرأي أجري قبيل العيد، اعتبره 42% من الصينيين رمزا لثقافتهم ولكن 10% من الصينيين اعتبروه عيدا متعبا، ولكنه على أي حال يظل طقسا وتقليدا له مغزى ومعنى اجتماعيا وأسريا على الأقل، فهو عيد لم الشمل في تلك المرحلة التي تعيشها الصين والتي تفرض على كثيرين أن يبقوا بعيدا عن أهلهم وأحبائهم.

     وقد سجل عيد الربيع للعام السادس بعد الألف الثانية للميلاد ما يمكن تسميته "عودة الوعي" للاحتفال برأس السنة القمرية، ساهم في ذلك إلى حد كبير رفع الحظر عن الألعاب النارية في مدينة بكين بعد اثني عشر عاما من الحرمان عاشه أبناء العاصمة، فاشتعلت سماء بكين بالأضواء الملونة وسمعت في أركانها قعقعة المفرقعات، ومر العيد بسلام بفضل تدابير الأمن والسلامة التي اتخذتها حكومة العاصمة. كما شهدت الصين خلال فترة سفر عيد الربيع التي استمرت أربعين يوما أكبر عملية نقل جماعي في العالم، بلغ حجمها مليارين وثلاثمائة مليون فرد/مرة، حملت قضبان السكك الحديدية نحو ملياري فرد/مرة منهم. وجنت العديد من المدن أرباحا سياحية هائلة، فخلال أسبوع العيد حققت بكين وحدها دخلا سياحيا بلغ 231 مليون دولار أمريكي.

     ولكن العيد القديم ينزع عنه ردائه التقليدي عاما بعد عام، حيث لم يعد البيت هو مكان وجبة لم الشمل ولم يعد أبناء الأجيال المختلفة للأسرة يتعاونون معا في إعداد الطعام، وباتت المطاعم البديل السهل، فتسابق الناس إلى حجز القدور في المطاعم، واتسعت دائرة الشمل فانضم إليها الأصدقاء وزملاء العمل أحيانا، وبدلا من الزيارات المنزلية للتهنئة بالعيد يكتفي الناس بالمكالمات الهاتفية والرسائل القصيرة للتليفون المحمول، والتي زاد عددها في فترة العيد هذا العام عن اثني عشر مليار رسالة، ولم يعد عيد الربيع منتجا صينيا خالصا، فأتت فرق السيرك الأجنبية تقدم عروضها في أسواق، أو موالد المعابد الصينية، وأخذت دول عديدة تحتفل بعيد الربيع أيضا، مع تزايد تأثير الصين في العالم وارتفاع مكانتها الدولية، ولزيادة عدد الصينيين في الخارج أيضا. البعض يرى هذه التحولات انحرافا عن المسار التقليدي لعيد قديم والبعض الأخر يعتبر ذلك حتمية تاريخية يفرضها انفتاح الصين والعولمة والاندماج الثقافي والحضاري بين الصين والعالم.

      يستمر الجدل ويواصل الصينيون احتفالهم برأس عامهم القمري ويمنحون النار والقدور وقضبان الحديد معاني جميلة وألوانا مبهجة، فشعارهم دائما: ابتسم تضحك لك الدنيا.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.