ã

الصين على واحدة ونص

بُمبة كشر... الصينيات قادمات

عزت شحرور*

     النفط .. الصحراء..الحروب.. والزواج بأربع، هي أكثر الأمور حضورا في الوجدان الصيني حول العرب. لكن التحولات الاقتصادية والاجتماعية وما أفرزته من هوس التقليد والبحث عن الجمال قادت الصينيات إلى التعرف على الرقص الشرقي والبدء في الحنجلة على أنغام العود وإيقاع الدربُكة.

     وقد بدأ الرقص الشرقي في الصين، كأسلوب ترويج أدخلته بعض المطاعم العربية في المدن الصينية، وتبعتها في ذلك المطاعم الإسلامية التي يديرها أبناء قومية الويغور القادمون من منطقة شينجيانغ الذاتية الحكم، ذي الأغلبية الويغورية المسلمة. وهؤلاء انتشروا في معظم المدن الصينية بعد أن أصبحت رائحة شوائهم أداة جذب لا تقاوم للزبائن من كل حدب وصوب. وقد انتشرت حمى الرقص الشرقي بعد ذلك كالنار في هشيم العطش الصيني إلى كل ما هو جديد، وأصبح الرقص المفضل في مختلف الملاهي والبارات وقاعات الديسكو المنتشرة في المدن الصينية.

     وقد دفع النجاح الكبير لهذه الظاهرة وانتشارها إلى افتتاح مدارس لتعليم الرقص الشرقي لبنات الصين؛ ففي الدور السابع عشر من مبنى سكني عادي، شمال العاصمة بكين، صالة كبيرة تغطي جدارها مرآة ضخمة وأمامها نحو عشرين فتاة في مقتبل العمر بأزياء الرقص الشرقي الزاهية يتدربن على هز أوساطهن وأردافهن على إيقاع موسيقى عربية، بكل انسجام وجدية.

     السيدة خه يينغ، صاحبة المركز تقول :"الرقص الشرقي مفيد جدا في صقل جسم الفتاة وإبراز أنوثتها ومفاتنها وهذا هو أهم ما تسعى إليه أية أنثى في العالم، ولهذا فإن الإقبال على هذا النوع من الرقص يتزايد بسرعة وبات يتمتع بسوق كبيرة، وبدأت الكثير من صالات تخفيف الوزن إدخاله على برامجها".

     "رشاقة الفراشة وانسياب المياه" هو الشعار الذي ترفعه السيدة خه لمركزها، الذي يضم أكثر من مائتي مشتركة معظمهن في العشرينات والثلاثينات من العمر، من الفئة التي يطلق عليها ذوات الياقات البيضاء، أي من الشرائح الاجتماعية الميسورة . قسيمة الاشتراك السنوي للواحدة منهن حوالي مائتين وخمسين دولارا أمريكيا، بينما تصل قيمة البطاقة الذهبية إلى ما يقارب الأربعمائة دولار أمريكي.

     تشانغ منغ، وهي إحدى مدرسات الرقص، تتمايل على أنغام أغنية عربية لا تفقه منها سوى كلمة "حبيبي". تقول معلمة الرقص تشانغ من، " الرقص الشرقي رائع .. إنه أفضل الطرق نحو الرشاقة والأنوثة". وتقول تلميذتها، رونغ رونغ، ذات الاثنين وعشرين ربيعا متسائلة هل يوجد من لا يحب الجمال؟ .. لماذا تأخرنا كل هذا الوقت في تعلم كيف نكون أكثر جمالا ؟

     لكل زمان دولة.. ونساء. ونساء الصين بدأن بالتخلي عن رقصة الأسد ورقصة التنين التقليديتين ويحجلن الآن نحو الرقص الشرقي . قد يرى البعض أنه لا غضاضة في ذلك فكلنا في الرقص شرق، أو ربما قد يبتهج بعض المحبطين من كثرة الانتكاسات حيث لم يعد هناك خوف من خطر العولمة طالما أن ثقافة العوالم استطاعت أن تخترق حتى الجدران المنيعة لسور الصين العظيم. ولكن في نفس الوقت فإن هذا التطور قد يدق ناقوس الخطر ويستدعي الراقصات العربيات للاستعداد للأسوأ بالبدء بتشكيل لجان لحماية الملكية الخصرية، وتشكيل جمعيات للمطالبة بفرض ضرائب على الراقصات الصينيات إذا تجرأن على غزو الأسواق العربية. فما لذي يضمن أن يتحول الرقص الشرقي إلى مهنة في الصين ويتم تصدير الخصور لشارع الهرم في القاهرة أو شارع الحمراء في بيروت أو حتى مختلف القرى والكفور والنجوع لإحياء الأفراح والليالي الملاح العربية. فمن يتقن فنون هز البطون والخصور والأرداف بصعوباتها وتعقيداتها لن يعجزن عن أن يمسكن بعصا ويغنجن بدلال قائلات "لأصني يا جدع" ولربما تكون اللكنة والغنجة الصينية أفضل إيقاعا لدى السامع العربي.

     عزت شحرور هو مدير مكتب قناة الجزيرة في الصين.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.