ã

الصين تجتاز اختبار تلوث مياه سونغهوا

تشانغ شي ون

محافظة ييلان التابعة لهاربين راقبت تلوث سونغهوا
المياه المتجمدة في نهر سونغهوا بهاربين فحص نوعية مياه نهر سونغهوا

أسفر انفجار الثالث عشر من نوفمبر عام 2005 بمصنع النيتروبنزول (الإنيلين) لشركة البتروكيماويات في مقاطعة جيلين التابعة للشركة الوطنية الصينية للنفط والغاز الطبيعي عن تسرب مائة طن من المواد الكيماوية المضرة إلى نهر سونغهوا. يقع المصنع في منطقة المجرى الأسفل للنهر، وهي منطقة يقطنها ملايين البشر، يعتمدون في حياتهم وإنتاجهم على مياه سونغهوا، الذي يمتد إلى روسيا بعد أن يلتقي مع نهر هيلونغ.

مقاطعة هيلونغجيانغ المجاورة لجيلين لم تعرف شيئا عن تلوث سونغهوا إلا في الثامن عشر من نوفمبر، وبعد ثلاثة أيام كان التلوث الكثيف قد وصلها. وعلى الفور أعلنت حكومة مدينة هاربين، حاضرة هيلونغجيانغ، قطع المياه لمدة أربعة أيام. كان سبب قطع المياه الذي علم به مواطنو المدينة هو إجراء فحص وإصلاح لشبكة أنابيب المياه فقط، ولم يسمعوا شيئا عن تلوث نهر سونغهوا، ولكن بعد 12 ساعة عرفوا السبب الحقيقي لقرار قطع المياه، فانتقدت أجهزة الإعلام والمواطنون قادة حكومة هليونغجيانغ بشدة.

في تبريره لعدم الإعلان عن السبب الحقيقي لقطع المياه، قال تشانغ تسوه يي، رئيس المقاطعة في مقابلة صحفية: إن حكومة المقاطعة كان عليها أن تفكر في وقت وقوع التلوث، فهذا الوقت كان حاسما لجذب الاستثمار إلى هيلونغجيانغ، كما أنه موسم سياحي مع اقتراب موعد إقامة مهرجان هاربين للجليد، وفي نفس الوقت نظرت الحكومة بعين الاعتبار إلى حق المواطنين في معرفة أحوال مياه الشرب والنهر الأم، وأهمية أن تتسم أعمال الحكومة بالشفافية.

تأخُر حكومة هاربين في الإعلان عن خبر تلوث مياه سونغهوا أدى إلى انتشار حالة من الذعر بين سكان المدينة، فأرسلت عائلات كثيرة أطفالها وكبار السن بها إلى خارجها، حتى بات الحصول على تذكرة قطار أو طائرة مهمة بالغة الصعوبة. في تعليقه على هذا قال البروفيسور بنغ تسونغ تشاو، الأستاذ المساعد بكلية الإدارة الحكومية في جامعة تشينغهوا، وهو صاحب بحث حول الإجراءات التي اتخذتها حكومة الصين لمواجهة انتشار سارس، إن هناك بعض المشاكل شابت إعلان حكومة هيلونغجيانغ عن خبر تلوث سونغهوا، ولكنها اتخذت إجراءات جيدة ومنظمة والترتيب لمواجهة هذا الحادث الطارئ.

بعد أن أعلنت حكومة هاربين، في الحادي والعشرين من نوفمبر، عن قطع المياه، تدافع المواطنون لشراء المياه والأغذية، فخصصت حكومة هاربين 800 ألف يوان (الدولار الواحد يساوي 1ر8 يوان) لتعديل أسعار السوق بسرعة، ومليون يوان لتزويد الأسر ذات الدخل الضعيف بمياه الشرب مجانا، حيث أن هاربين بها 101 ألف فرد يعيشون على المعونات الحكومية. وفي الأحياء القديمة بالمدينة قامت العشرات من سيارات الإطفاء وسيارات البضائع بنقل وتوزيع مياه الشرب على الفقراء يوميا. ومن أجل ضمان تزويد المواطنين بمياه صحية في فترة قطع المياه عززت هيئات الصحة على المستويات المختلفة في هاربين مراقبتها للمياه وكانت ترفع تقريرا حول نتائج مراقبة المياه إلى الحكومات المحلية على المستويات المختلفة وهيئات الصحة الإدارية الأعلى مرتين يوميا، صباحا ومساء.

وقد وضعت مديرية الصحة لمقاطعة هيلونغجيانغ سلسلة من الإجراءات، وطلبت من الهيئات المختلفة أن تعزز مراقبة سيارات وأوعية التزويد بالمياه في فترة قطع المياه، وتعزز قوتها في توعية المواطنين بالمعارف الأولية عن الصحة والنظافة وشرب المياه الصحية، وتحذر المواطنين من شرب مياه سونغهوا ومن الصيد به أو تناول منتجات مائية في فترة قطع المياه، وتتخذ الإجراءات لمنع تلوث المياه الجوفية. بالإضافة إلى ذلك اتخذت السلطات في المدينة إجراءات لاستعادة الإمداد بالمياه في أسرع وقت ممكن، ولهذا كونت هاربين فريقا من المتخصصين لبحث واختبار أساليب جديدة لتنقية المياه.

وقد أجرت صحيفة ((هيلونغجيانغ الصباحية)) استطلاعا لرأي مواطني هاربين حول أداء حكومة مدينتهم خلال هذه الأزمة، فأعرب 97% منهم عن رضاهم بأداء الحكومة. وقال بنغ تسونغ تشاو، إن الحكومة مطالبة بأن تبرز صورة إيجابية لقدرتها على تحمل المسئولية، وأن تتسم بالصراحة والوضوح وأن تكون محل ثقة المواطنين بها، فهذا يجعلها تحظى بدعم وتأييد المواطنين وتكون إجراءاتها لمواجهة الطوارئ فعالة.

واجب الموظف الحكومي

بعد انفجار مصنع شركة البتروكيماويات في مقاطعة جيلين أعلنت الشركة أن الانفجار لم يسبب تلوثا، ولكن ثارت شكوك كثيرة بين المواطنين، وكان الأمل الذي يمكن أن يبدد شكوكهم هو أن يسمعوا رأي مصلحة الدولة لحماية البيئة، كونها هيئة وطنية ليست لها مصالح إقليمية. في الثالث والعشرين من نوفمبر عقدت المصلحة مؤتمرا صحفيا أعلنت فيه الحقيقة، ولكن ذلك كان بعد وقوع الحادث بعشرة أيام.

وقد انتقد مكتب الإدارة للجنة المركزية للحزب الشيوعي وديوان مجلس الدولة، في تعميم صدر عنهما في الثاني من ديسمبر، مصلحة حماية البيئة، كونها الهيئة المعنية بحماية البيئة في البلاد، بأن اهتمامها بالحادث لم يكن كافيا وأن تقييمها للنتائج الخطيرة لحادث التلوث لم يكن كافيا أيضا، ولهذا فإنها تتحمل مسئولية الخسائر الناجمة عن الحادث. بعد التعميم تقدم الوزير شيه تشن هوا، رئيس المصلحة، باستقالته إلى الجنة المركزية للحزب الشيوعي ومجلس الدولة، فتم قبولها. ومن جانبها أقالت الشركة الوطنية الصينية للنفط والغاز الطبيعي يوي لي، مدير عام شركة البتروكيماويات في جيلين، وشن دونغ مين، مدير المصنع الذي وقع به الانفجار، ووانغ فانغ، مدير الورشة التي تسببت في الانفجار بالمصنع.

خصصت مقاطعة جيلين، التي وقع بها الانفجار الذي سبب تلوث نهر سونغهوا 70 مليون يوان لمعالجة التلوث، وحصلت هاربين، على 640 مليون يوان، قروضا طارئة من بنك الدولة للتنمية لإصلاح مصادر مياه الشرب ومعالجة المياه. وتشير نتائج المراقبة التي أجرتها مصلحة الدولة العامة لحماية البيئة إلى أن كثافة النيتروبنزول (الإنيلين) قد انخفضت كثيرا. وقال متخصص من برنامج الأمم المتحدة للبيئة بعد أن قام بتفقد نهر سونغهوا إن الصين، بشكل عام، واجهت حادث تلوث نهر سونغهوا بطريقة صحيحة، وقد بذلت الصين أقصى جهودها في معالجة الحادث.

دولة مسئولة

في لقائه مع ديمتري مدفديف، النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي عقب الحادث أكد الرئيس هو جين تاو، أن حكومة الصين تعالج حادث تلوث مياه نهر سونغهوا بصورة جدية وصارمة انطلاقا من موقف تحمل المسئولية تجاه الصين وروسيا وشعبيهما، وشدد على أن الصين تتخذ كافة الإجراءات اللازمة والفعالة لتخفيض مستوى التلوث إلى أقصى حد ممكن، وتقليل الأضرار الناجمة عن الحادث على الجانب الروسي. كم أعرب الرئيس عن رغبة الجانب الصيني في تعزيز الاتصالات والتشاور وتقديم المساعدة والتعاون مع الطرف الروسي.

واستقبل وزير خارجية الصين لي تشاو شينغ، السفير الروسي لدى الصين، حيث قدم له، نيابة عن الحكومة الصينية اعتذارا عن الأضرار التي لحقت بالشعب الروسي جراء تلوث مياه نهر سونغهوا. وأبلغ الوزير السفير الروسي بأن الطرف الصيني نقل إلى الطرف الروسي المعلومات المعنية مثل أنواع المواد الملوثة وكثافتها ومكانها مرات بعد وقوع حادث التلوث.

إن الصين لا تتأخر عن تقديم المساعدة للآخرين، فخلال العام الماضي، وعلى الرغم من كونها واحدة من الدول المتضررة من انفلونزا الطيور، قدمت لقاح المناعة إلى فيتنام وإندونيسيا، وبعد تلوث سونغهوا قدمت مرتين إلى روسيا كميات كبيرة من الكربون النشيط وأجهزة الفحص والقياس المعنية التي تستخدم في مراقبة وتصفية نوعية المياه.

يتدفق نهر سونغهوا من الغرب إلى الشرق، ويلتقي مع نهر هيلونغ، ويلتقي رافد له مع نهر ووسولي، وأخيرا يلتقي نهرا هيلونغ وووسولي داخل روسيا، ويصب إلى البحر. تقع مدينة خاباروفسك الروسية التي يبلغ عدد سكانها 500 ألف نسمة على ضفة نهر ووسولي، ويعتمدون أبناؤها على مياهه في حياتهم، ولهذا اقترح الجانب الروسي سد المجرى المائي الذي يربط بين نهري هيلونغ وووسولي لضمان سلامة المياه في هذه المدينة، وقد وافقت حكومة الصين على الاقتراح، برغم أن المعنيين يرون أن التكلفة المالية لتنفيذ مشروع سد المجرى المائي عالية. وبالفعل تم تجهيز العاملين والسيارات والمعدات التي تحتاجها عملية سد المجرى المائي الذي يربط بين نهري هيلونغ وووسولي في مكانه بانتظار الأوامر. ولكن، قال أحد العاملين: إننا سمعنا بأن كثافة التلوث في نهر سونغهوا تنخفض باستمرار، وإذا وصلت نوعية المياه إلى المعايير القياسية بعد وصولها إلينا، لن نحتاج إلى سد المجرى المائي الذي يربط بين نهري هيلونغ وووسولي، وهي عملية تحتاج بين أربعة وخمسة أيام عمل على مدار الساعة. يبلغ عرض المجرى المائي الذي يربط بين نهري هيلونغ وووسولي 124 مترا في المتوسط ويبلغ عرض أضيق جزء فيه حوالي 70 مترا.

إن معظم المواطنين يعتقدون أن الحكومة الصينية نجحت في التعامل مع حادث التلوث في نهر سونغهوا. يقول تشنغ هانغ شنغ، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة رنمين الصينية إن آليات مواجهة الطوارئ في الصين تحسنت بعد أزمة سارس، وتعززت قدرة المسئولين الحكوميين على معالجة الطوارئ، ولكن من الضروري أن نولي اهتماما كافيا لمخلفات عصر الاقتصاد المخطط وعملية الإصلاح والانفتاح، التي لم تحل خلال مدة طويلة، وعلى سبيل المثال كشف حادث تلوث نهر سونغهوا أن التنظيم الصناعي لنا ليس معقولا، مثلا يقع مصنع النيتروبنزول (الإنيلين) لشركة البتروكيماويات في مقاطعة جيلين على شاطئ نهر سونغهوا، فالأفضل من مواجهة الطوارئ هو أن نتنبأ بها.



Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.