ã

 

الصين والكويت على أعتاب مرحلة جديدة

بعد 35 عاما من العلاقات الرسمية

تشانغ تشي شيانغ

تحتفل الصين والكويت في الثاني والعشرين من مارس هذا العام 2006، بالذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما. كانت الكويت أول دولة في منطقة الخليج أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، فدخلت العلاقات الصينية الخليجية مرحلة جديدة. قبل أكثر من أربعين عاما شاركت، كمترجم، في مفاوضات إقامة العلاقات الصينية الكويتية، وقبل عشر سنوات كنت سفير الصين لدى الكويت لمدة أربع سنوات وثمانية أشهر. لقد شهدت مسيرة إقامة وتطور العلاقات الصينية الكويتية، وأتذكر دائما ثلاث قصص لا تنفصل عنها.

النائب الأول لرئيس الوزراء، وزير الخارجية الكويتي صباح الأحمد استقبل نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وو بانغ قوه في نوفمبر عام 2004 كاتب المقال في حديث ودي مع أمير الكويت بعد تقديم أوراق اعتماده، في يناير عام 1997 تشانغ تشي شيانغ

الشيخ جابر

في بداية عام 1965، أعرب الأمير جابر الأحمد الصُباح، نائب رئيس الوزراء، وزير المالية والصناعة الكويتي، حينذاك، عن رغبته في زيارة الصين، وقد أولت الحكومة الصينية اهتماما بالغا بهذا فوجهت له دعوة لزيارة الصين. في الثامن من فبراير عام 1965، بدأ جابر زيارته التي استمرت أربعة أيام، استقبله خلالها قادة الصين، وأجرى معه رئيس مجلس الدولة الراحل شو ان لاي محادثات لمدة ساعتين. وفي نهاية الزيارة، وجه جابر الدعوة لوفد صيني لزيارة بلاده، وقبل الجانب الصيني دعوته. في الخامس من يونيو عام 1965، قام وفد برئاسة رئيس المجلس الصيني لتنمية التجارة الخارجية نان هان تشن بزيارة الكويت.

هاتان الزيارتان في عام 1965، بكل ما لهما من مغزى تاريخي، تركتا انطباعا عميقا لدى الأمير جابر، الذي يكن تقديرا عظيما للصين وخاصة رئيس مجلس الدولة الراحل شو ان لاي. في السابع من يناير عام 1997، سلمت أوراق اعتمادي إلى أمير دولة الكويت، وخلال لقائنا الذي استمر أكثر من عشرين دقيقة استذكر الأمير الزيارتين في عام 1965، وأثنى على شو ان لاي بأنه سياسي ذو رؤية عميقة ثاقبة، وقال إنه شخصيا تأثر بالأفكار التي طرحها شو ان لاي وهذا جعله يعرف عن قرب أحوال الصين الجديدة، كما أثنى على معرفة شو ان لاي الجيدة بالشؤون العربية. وابتسم الأمير حينما عرف أنني كنت ضمن الوفد الصيني عام 1965.

بعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس عام 1990، أعلنت الصين معارضتها للغزو ودعمها وتأييدها لحكومة الكويت الشرعية برئاسة الأمير جابر. وبعد الحرب، اشتركت الصين في عمليات إطفاء حرائق آبار البترول في الكويت ودعمت بوضوح مطالب الكويت العادلة بإطلاق سراح الأسرى وإعادة الممتلكات وتعويضات الحرب. وفي ديسمبر عام 1990 قام الأمير جابر بزيارة الصين ثم زارها مرة أخرى في نوفمبر عام 1991، حيث عبر عن شكره لموقف الصين من أزمة الخليج وتقديره العظيم لمساهمة قوات الإطفاء الصينية. وقد فتحت الزيارتان صفحة جديدة لتعميق وتوسيع التعاون الودي بين البلدين في كل المجالات. ويتذكر الأمير دائما في كل لقاء مع الوفود الصينية زياراته الثلاث إلى الصين ومشاعره الودية الخاصة تجاه الصين وقادتها. إن الأمير جابر هو مؤسس العلاقات الصينية الكويتية وراعيها وصديق عظيم للشعب الصيني.

قصر دسمان

قصر دسمان هو مقر إقامة وعمل الأمير جابر. يستقبل فيه كبار الزوار المحليين والأجانب فيه، كما يتلقى فيه تهاني المبعوثين الأجانب وغيرهم بمناسبة عيد الفطر كل عام. وقصر دسمان نموذج للعمارة العربية، هيكله المعماري بسيط غير متكلف، مشيد بأسلوب أنيق: تزقزق العصافير في جنباته وتشمخ من حوله أشجار النخيل. القصر يطل على البحر وبابه مفتوح على الشاطئ الرملي. في عام 1965 استقبل الأمير جابر الوفد الصيني برئاسة السيد نان هان تشن في دسمان وأقام مأدبة تقليدية عربية على شرف الوفد، وبعد المأدبة، رافق الأمير رئيس الوفد في جولة على الشاطئ الرملي وتمتعا بمشهد الخليج العربي الجميل ليلا وبنسمات البحر المنعشة. خلال فترة إقامتي في الكويت سفيرا للصين، كنت أتذكر تلك الصور القديمة في كل مرة أزور قصر دسمان لتهنئة أمير البلاد بعيد الفطر.

في فجر الثاني من أغسطس عام 1990، اجتاحت القوات العراقية، وقوامها مائة ألف فرد، حدود الكويت واتجهت صوب قصر دسمان، الذي غادره الأمير جابر إلى السعودية بينما اتجه أخوه الأمير فهد الأحمد الصُباح، بعد علمه بالغزو، إلى القصر حيث قاد معركة دفاع شرسة. كانت معركة غير متكافئة بين بضع مئات من قوات حرس القصر والجيش العراقي القوي ودباباته ومصفحاته. وفي النهاية تغلبت الكثرة على الشجاعة، وضحى الأمير فهد ومعظم الجنود بحياتهم في تلك المعركة التي استمرت 24 ساعة، وكانت من أكثر معارك الدفاع عن الكويت شراسة وبسالة. بعد ساعة من سقوط قصر دسمان، أعلن الجيش العراقي احتلال الكويت كلها.

بعد أن استعادت الكويت سيادتها، كانت بحاجة إلى إعادة البناء، أما قصر دسمان فلم تترك له الحرب غير ندوب الرصاص والخراب، فقد بدا منظر الدمار للعيان في كل زواياه. أُضطر الأمير جابر إلى الإقامة مؤقتا في بيت رجل أعمال كويتي ثري، ثم انتقل إلى قصر الضيافة الوطني "قصر بيان". أزيلت الأحياء والبنايات القديمة على التوالي ومع التطور السريع وموجة إعادة البناء في كل البلد بعد الحرب، ارتفعت البنايات الحديثة والدور الفاخرة المدهشة المختلفة الطرز، ولكن قصر دسمان تم ترميمه في موقعه القديم حسب شكله الأصلي، مع الحفاظ على سماته البسيطة غير المتكلفة لأنه ليس رمز الكويت فحسب، بل شاهد على التاريخ.

نان هان تشن

نان هان تشن واحد من رواد تأسيس العلاقات الصينية الكويتية. خلال فترة زيارتنا إلى الكويت في يونيو عام 1965، كنت مرافقا له في كل تحركاته وقد ترك سلوكه انطباعا عميقا في نفسي. كان رزينا وقورا في تصرفاته خلال اللقاءات الرسمية ولطيفا مع مرؤوسيه برغم مكانته الكبيرة. نان هان تشن هو مؤسس النظام المالي للصين الجديدة وأول محافظ لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي). كان ثوريا متميزا منذ صباه وله مساهمات عظيمة في نظام العملة والسياسة المالية وغيرها من المجالات الأخرى بعد تحرر الصين عام 1949.

في الخامس من يونيو عام 1965، رأس نان هان تشن الوفد الصيني الذي زار الكويت لمدة خمسة أيام باعتباره رئيس المجلس الصيني لتنمية التجارة الخارجية، تلك الزيارة التي تعتبر خطوة تاريخية في إنشاء العلاقات الصينية الكويتية، حيث استقبله قادة الكويت وأجرى محادثات مع جابر، تبادل خلالها الجانبان الآراء في إقامة العلاقات بين البلدين مما أرسى الأساس لإقامة العلاقات الصينية الكويتية.

استمر تطور علاقات التعاون بين الصين والكويت في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها ويهتم الجانبان بالدعم المتبادل والتنسيق بينهما في المحافل الدولية، ونستطيع أن نقول إن الكويت واحدة من الدول الهامة التي تحظى بثقة الصين، كما تتطور العلاقات التجارية بين البلدين بصورة وتيرة سريعة على أساس المنفعة المتبادلة والتكامل المتبادل. كان حجم التبادل التجاري بين البلدين أقل من 10 ملايين دولار أمريكي قبل إقامة العلاقات الرسمية، ولكن، الرقم تضاعف 125 مرة وبلغ 25ر1 مليار دولار أمريكي عام 2004. الآن، وبعد خمسة وثلاثين عاما تشهد العلاقات الصينية الكويتية أفضل مرحلة في تاريخها بفضل رعاية قادة البلدين، كما أن الاتجاه نحو التعددية القطبية يتيح للجانبين فرصة تاريخية جديدة لمزيد من تطوير العلاقات.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.