ã

تشينغهاي - التبت .. سكة حديد تجتاز منطقة الموت

لوه يوان جيون

اكتمل في الخامس عشر من أكتوبر العام الماضي مد خط سكة حديد تشينغهاي - التبت، وهي أكثر خط حديدي ارتفاعا عن مستوى سطح البحر في العالم وأطول سكة حديدية فوق هضبة. وقد أوضح أحد مسئولي مقر القيادة لأول سكة حديدية في منطقة التبت أن الخط الحديدي الجديد لم يتم تشغيله فور الانتهاء من العمل به، حيث سيبدأ التشغيل التجريبي له في الأول من يوليو عام 2006 وسيكون التشغيل الرسمي في الأول من يوليو عام 2007.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

يبدأ خط تشينغهاي - التبت الحديدي من مدينة شينينغ، حاضرة مقاطعة تشينغهاي شرقا، ويصل إلى مدينة لاسا، حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم غربا، بطول 1956 كيلومترا. يقع الجزء من الخط الممتد من قرمو إلى لاسا في منطقة ذات ظروف جيولوجية معقدة، ويبلغ إجمالي طول المسافة التي يرتفع فيها الخط أكثر من 4000 متر عن مستوى سطح البحر 960 كيلومترا. ويبلغ ارتفاع أعلى نقطة عن مستوى سطح البحر للجزء الذي يجتاز جبال تانغقولا 5072 مترا، ويخترق حوالي 600 كيلومتر منه أراضي متجمدة، ومعظمها يقع في منطقة لا زرع فيها ولا ضرع. الصعوبات الثلاث التي واجهها بناء سكة حديد تشينغهاي - التبت هي البرد القارس ونقص الأكسيجين والأراضي المتجمدة والبيئة الإيكولوجية الضعيفة، وهذا جعل ولادة هذا الخط الحديدي حدثا عظيما.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

برد قارس وأكسجين قليل

في الشتاء تنخفض درجة الحرارة في جبال كونلون إلى أكثر من أربعين درجة تحت الصفر. في واحد من أيام البرد القارس ذهب تشانغ بنغ، الذي يعمل بالقطاع الذي تتولى تنفيذه الشركة الوطنية الصينية لهندسة السكك الحديدية في هذا الخط الحديدي، إلى المطبخ ليأخذ الطعام، وهناك أخذ بيضة من جانب الطباخين وراح يضربها في سلطانية طعامه، فانفلقت السلطانية ولم تتأثر البيضة المتجمدة مثل قطعة جليد.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

وضع مصممو ومنفذو المشروع الاهتمام بالتدفئة على قمة أولويات العمل في فصل الشتاء، فتمت تغطية مداخل الأنفاق ومواقع خلط الإسمنت باستخدام صوبات يبلغ ارتفاعها أكثر من عشرة أمتار، واستخدم أسلوب تسخين الحجر الرملي الذي يخلط بالإسمنت  بأجهزة تسخين تحت الأرض، وخلط الإسمنت بالماء الساخن ثم نقله إلى موقع العمل بسيارات تحفظ درجة الحرارة، وقاموا بلف أنابيب نقل المياه في المسافة من وانغكون إلى مدخل نفق جبال كونلون التي يبلغ طولها عدة كيلومترات بحصائر كهربائية ومواد تحفظ درجة الحرارة.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

كان بناء جسر نهر سانتشا، وهو أعلى جسر على خط سكة حديد تشينغهاي - التيت من أكثر الأعمال صعوبة وأهمية في تنفيذ المشروع. هذا الجسر الذي يبلغ طوله 690 مترا، ويصل ارتفاع أعلى عمود به 1ر 54 مترا يقع في منطقة تصل درجة الحرارة بها في الشتاء إلى أكثر من عشرين درجة تحت الصفر، في حين أنه وفقا للشروط الفنية يجب أن تكون درجة الحرارة عند صب الإسمنت أكثر من 15 درجة مئوية. هذا الفارق الشاسع بين درجة الحرارة الطبيعية ودرجة الحرارة المطلوبة كان أكبر صعوبة واجهها بناء جسر نهر سانتشا. من أجل التغلب على هذه الصعوبة اضطرت الشركة المنفذة إلى شراء صوبات مساحتها أكثر من 40 ألف متر مربع وألف لحاف قطني وسجادة صوفية و300 مدفأة، وأقامت غرفة تدفئة لكل عمود في الجسر. وهكذا تم خلق ظروف جوية للبناء مشابهة لأجواء وسط الصين، في سابقة لم يعرفها تاريخ إنشاء الجسور في الصين أو في العالم.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

كان التزويد بالأكسيجين من أكثر المشاكل إزعاجا في بناء مشروع سكة حديد تشينغهاي - التبت. ففي منطقة مثل نفق جبل فنغهوه الذي يبلغ طوله 1338 مترا، ويقع في جبل فنغهوه الذي يرتفع عن مستوى سطح البحر 5010 أمتار، وهو أعلى نفق عن مستوى سطح البحر في أراضي متجمدة بالعالم، يحوي هواؤه أقل من نصف كمية الأكسيجين التي يحويها الهواء في المناطق الداخلية بالصين، بل أقل من الحد الأدنى من الأكسجين اللازم لاستمرار حياة الإنسان. ومن المعروف أن هذه منطقة لا حياة فيها.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

في بداية بناء النفق، تم تزويد كل فرد من العاملين في البناء بأسطوانة أكسيجين فولاذية يحملها فوق ظهره، وكان لهذا تأثيره على فعالية العمل لأن الأسطوانات الفولاذية ثقيلة، فاستبدلت بأسطوانات مصنوعة بسبيكة من الفولاذ الخفيف، ومع هذا لم تستطع أسطوانات الأكسيجين الوفاء باحتياجات المشاركين في بناء النفق. بعد أكثر من مائتي تجربة تقرر إنشاء أول مركز من نوعه في العالم لتصنيع الأكسجين في الهضبة بجبل فنغهوه، ومنه تم تزويد النفق كاملا بالأكسجين على مدار الساعة، ومعنى ذلك فنيا تقليل ارتفاع المكان ألف متر عن مستوى سطح البحر وتحجيم تأثير الهضبة على المشاركين في تنفيذ المشروع.  سياراتهم الأرض المعشوشبة.

الأراضي المتجمدة

في محاولة لجذب الزبائن، علق أحد أصحاب المطاعم لافتة على واجهة مطعمه تقول: "بعد تناول طعامنا تكون لديك القوة لتجتاز ممر جبل تانغقولا". ولكن المطعم من الداخل مخيف لدرجة تجعل الزبون لا يعود إليه مرة ثانية، فالحوائط الأربعة بها شقوق تغور فيها اليد والأرضية متعرجة، منها الغائر والنافر، والموائد مثبتة بقطع حجر تحت أرجلها. سياراتهم الأرض المعشوشبة.

صاحب المطعم، واسمه سون، يقول إن مطعمه الذي بناه العام الماضي فقط أصبح هكذا لأنه مقام فوق أراضي متجمدة. وقد بدأ هبوط أرضيته بعد ستة شهور من البناء ثم ظهرت التصدعات بالجدران، ولم تجد شيئا عمليات الترميم التي قام بها. السيد سونغ، بخبرته المتواضعة في بناء مطعمه، كان كلما يرى العمل في إنشاء لسكة حديد تشينغهاي - التبت أمام مطعمه يقول في نفسه: هذه السكة الحديدية ستصبح جدائل زلابية كبيرة بعد إتمام بنائها.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

التخوفات التي تراود السيد سونغ يوضحها العالم وو باي تشينغ من الأكاديمية الصينية للعلوم، وهو المسئول الأول عن مشروع "التأثير المتبادل بين مشروع خط تشينغهاي - التبت الحديدي والأراضي المتجمدة والتأثير البيئي له" بقوله إن مشروع سكة حديد تشينغهاي - التبت يشبه بناء سكة حديدية فوق قطعة جليد كبيرة فإذا ارتفعت درجة الحرارة قليلا تذوب طبقة الأراضي المتجمدة، وتغوص السكة الحديدية المبنية عليها، وإذا انخفضت درجة الحرارة في الشتاء تتضخم طبقة الأراضي المتجمدة، فيرتفع أساس السكة الحديدية والقضيب الفولاذي المبني عليها. هذا الهبوط والارتفاع يجعل من السهل أن يخرج القطار عن قضبانه.  سياراتهم الأرض المعشوشبة.          

هذه المشكلة استطاع تشنغ قوه دونغ، الأكاديمي المتخصص في مجال الأراضي المتجمدة ورئيس فرع الأكاديمية الصينية للعلوم بمدينة لانتشو أن يجد لها حلا. طرح هذا العالم فكرة "تبريد أساس السكة الحديدية"، فعلى جانبي السكة الحديدية تشينغهاي - التبت في منطقة الأراضي المتجمدة في شيداتان تدفن القضبان الحديدية بحجم سلطانية الرز وارتفاع مترين، وتبلغ المسافة بين كل قضيبين حديديين مترين، وتدفن القضبان الحديدية تحت أساس السكة الحديدية بـخمسة أمتار، وتكون القضبان مفرغة بحيث تملأ بالأمونيا السائلة. عندما ترتفع درجة حرارة أساس السكة الحديدية، تتبخر الأمونيا بفعل الحرارة وتصبح غازا يرتفع إلى رأس القضبان الحديدية، وينقل كمية الحرارة إلى الهواء عن طريق شرائح موزعة للحرارة، وتبرد الأمونيا وتصبح أمونيا سائلة مرة أخرى، وهكذا تعمل القضبان الحديدية كأنها ماكينات تبريد طبيعية إلى الأبد.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

واستُخدم في بناء سكة حديدية تشينغهاي - التبت نوع آخر من أجهزة التبريد، وهو أنابيب تجديد الهواء التي وضعت أفقيا داخل أساس السكة الحديدية. يقول تشنغ إن درجة حرارة أساس السكة الحديدية تتغير نتيجة التأثير الخارجي، وتنقل أنابيب تجديد الهواء كمية الحرارة إلى الهواء عن طريق الحمل الحراري، ولذلك تضمن تثبيت الأراضي المتجمدة تحت أساس السكة الحديدية. بالإضافة إلى ذلك استُخدم في بناء خط تشينغهاي - التبت الحديدي أسلوب آخر لتخفيض درجة الحرارة، وهو تغطية أساس السكة الحديدية بألواح حاجبة للأشعة لمنع أشعة الشمس في الصيف من إذابة الأراضي المتجمدة تحت الأساس. سياراتهم الأرض المعشوشبة.

البيئة الإيكولوجية الضعيفة

جلس يانغ تشي سن، الباحث بمعهد بحوث الحيوان في الأكاديمية الصينية للعلوم أمام جهاز الكمبيوتر، ونظر إلى قطعان الشامواه التبتي على شاشة جهاز الكمبيوتر، وراح يحصي بدقة عدد الشامواه الذي يمر تحت جسر نهر تشوماأر بسكة حديدية تشينغهاي - التبت. يقع هذا الجسر في شرق محمية كهكهشيلي الطبيعية، وغرب محمية سانجيانغيوان (منبع الأنهار الثلاثة) الطبيعية، وهما محميتان على مستوى الدولة. السيد يانغ يتابع تحركات الشامواه منذ أن تقرر بناء خط تشينغهاي - التبت الحديدي.سياراتهم الأرض المعشوشبة.

في فبراير عام 2001 عقدت ندوة حول حماية البيئة الإيكولوجية للسكة الحديدية تحت رعاية خمس وزارات ولجان، منها وزارة السكك الحديدية ومصلحة الدولة لحماية البيئة، حيث قدم أكثر من 90 متخصصا مقترحات بإنشاء ممرات لتنقل الحيوانات البرية المحمية على طول سكة تشينغهاي - التبت الحديدية، وتحمل يانغ المسئولية عن هذا. وضع يانغ خطة بإنشاء 33 ممرا للحيوانات البرية في المسافة من قرمو إلى لاسا عبارة عن جسور وأنفاق ومنحدرات بسيطة لأساس السكة الحديدية حسب نطاق انتشار الحيوانات وحسب الخصائص المختلفة للحيوانات البرية. سياراتهم الأرض المعشوشبة.

يقول هوانغ دي فو، رئيس مقر القيادة العامة لبناء سكة تشينغهاي - التبت الحديدية إن استثمارات الصين في حماية البيئة الإيكولوجية لمشروع خط تشينغهاي - التبت الحديدي تجاوزت 1ر1 مليار يوان (الدولار الأمريكي الواحد يساوي 11ر8 يوان)، وهذا هو أضخم استثمار صيني في حماية البيئة لسكة حديدية. من أجل تنفيذ أعمال حماية البيئة في كل حلقة استفاد بناء سكة تشينغهاي - التبت الحديدية من أسلوب مراقبة وإدارة حماية البيئة في المشروعات الكبيرة بالصين، حيث تولى طرف ثالث أعمال المراقبة والسيطرة على حماية البيئة على طول الخط الحديدي من بداية العمل حتى إتمام المشروع.   سياراتهم الأرض المعشوشبة.     

البيئة الإيكولوجية في محميتي كهكهشيلي وسانجيانغيوان الطبيعيتين هشة للغاية، وسيكون من الصعب استعادتها إذا خربت. انطلاقا من هذه الحقيقة وحسب سمات البيئة الإيكولوجية الخاصة لهضبة تشينغهاي -  التبت استُخدم أسلوب البناء وإعادة البيئة الإيكولوجية في نفس الوقت، بالإضافة إلى ذلك استُخدمت أكثر من 40 حفارة دوارة من أكثر المعدات تقدما في العالم لتجنب تلويث البيئة الإيكولوجية ومنابع الماء حول السكة الحديدية والتأثير الحراري في الأراضي المتجمدة إلى أقصى حد ممكن، وحل التناقض بين بناء السكة الحديدية وحماية البيئة الإيكولوجية، وبلغت كلفة هذه العملية أكثر من 200 مليون يوان. وخلال العمل في المشروع حرص كل عامل على حياة كل عشب وشجرة في الهضبة، فقد كان سائقو السيارات ينتظرون ساعات من أجل السير على الطريق المحدد ولا يطئون بعجلات سياراتهم الأرض المعشوشبة. سياراتهم الأرض المعشوشبة.

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@chinatoday.com.cn
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.