التبت أرض ساحرة مليئة بالعجائب والغرائب. تقع على "سقف العالم"، ويعيش سكانها في بيئة جغرافية خاصة هناك. أبدع أسلافهم الثقافة التبتية الرائعة منذ القدم. وبسبب انغلاق تضاريسها وصعوبة مواصلاتها مازالت التبت متخلفة اقتصاديا بالمقارنة مع المقاطعات والمناطق الأخرى في البلاد، غير أن ملامح التبت التي تسمى باللغة الصينية "شي تسانغ" بدأت تتغير بسرعة كبيرة في السنوات الأخيرة بفضل اهتمام الحكومة الصينية المركزية ودعم أبناء الوطن جميعا، لأنهم يدركون حقيقة أن التبت جزء لا يتجزأ من الصين، وأن أبناء التبت اخوة لهم. منذ القرن الثالث عشر خضعت التبت لإدارة السلطات المركزية الصينية. ومع التقدم الاقتصادي السريع في عهد الإصلاح والانفتاح على الخارج بادرت الحكومة المركزية إلى اتخاذ إجراءات أكثر فعالية لتضمن ازدهار التبت وسعادة سكانها.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

تحتفل منطقة التبت الذاتية الحكم هذا الشهر، سبتمبر 2005، بذكرى مرور أربعين سنة على تأسيسها. ولم تتوقف مجلتنا التي تم تأسيسها في عام 1952 عن متابعة وتغطية المسيرة العظيمة التي قطعتها التبت من بداية تحررها حتى المرحلة الحالية في سبيل تنميتها. لقد قام أ.أبشتاين رئيس مجلتنا الفخري الراحل بزيارة التبت أربع مرات ابتداء من عام 1956، وكتب كثيرا من المقالات حول التطورات الهائلة في التبت، كما ألف كتاب "تغيرات في التبت".تمدين على العلوم والتكنولوجيا

في مايو هذه السنة ترأس السيد قونغ شي شيانغ مدير دار مجلة الصين اليوم وفدا صحفيا لزيارة التبت قبل احتفالها بالذكرى السنوية الأربعين لتأسيس المنطقة الذاتية الحكم بها، وقد استقبل يانغ تشوان تانغ أمين لجنة الحزب لمنطقة التبت الذاتية الحكم مراسلي "الصين اليوم" أثناء بقاء الوفد في التبت. ولد السيد يانغ تشوان تانغ في مدينة يويتشنغ بمقاطعة شاندونغ في شرقي الصين مايو عام 1954، ومنذ عام 1993 تولى بالتتابع مناصب هامة للأجهزة الحزبية والإدارية على مستوى المنطقة، وابتداء من نوفمبر عام 2004 شغل منصب أمين لجنة الحزب لمنطقة التبت. وخلال الاستقبال أطلعنا يانغ تشوان تانغ على تطورات التبت في الماضي ومستقبلها المشرق بصفته مسؤولا كبيرا عمل في التبت لسنوات طويلة. وفيما يلي تفاصيل الحوار بين أمين لجنة الحزب ومراسل المجلة.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

الصين اليوم: على أساس الإنجازات التي تحققت خلال الأربعين سنة الماضية ما هي الأفكار والإجراءات الجديدة التي اتخذتها قيادة التبت لدفع التنمية السريعة في التبت؟تمدين على العلوم والتكنولوجيا

يانغ تشوان تانغ: في عام 1965 كان إجمالي الناتج المحلي في التبت 327 مليون يوان فقط، ولكنه وصل 154ر21 مليار يوان في عام 2004، وحسب الأسعار المقارنة زاد 6ر18 ضعفا خلال 40 سنة. وفي الأربع سنوات الماضية بعد دخول القرن الجديد حققت التبت نموا بمعدل 12% سنويا، فقد ظهر وضع ممتاز للتنمية السريعة اقتصاديا واجتماعيا فيها. وتسعي التبت حاليا إلى رفع متوسط دخل الفرد بها إلى المستوى المتوسط على نطاق البلاد في عام 2010، وبذلك تضع أساسا راسخا لدخولها عهد التحديث جنبا إلى جنب مع سائر المقاطعات والمناطق الأخرى.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

لإنجاز ذلك نحن مطالبون بإجادة العمل في خمسة مجالات: أولا، تحسين مشروعات البنية الأساسية والبيئة البيولوجية؛ ثانيا، تطوير القطاعات المحلية المميزة في زراعة الغلال وتربية الحيوانات والنباتات المائية وصناعة معالجة المنتجات الزراعية والحيوانية، وتحقيق التحديث في الزراعة وتربية المواشي، وتوفير المنافع الواقعية للفلاحين والرعاة حتى يعيشوا حياة رغيدة؛ ثالثا، العمل على تطوير الصناعات التقليدية المتميزة لقومية التبت؛ خامسا، تركيز الجهود لتخطيط وتنفيذ عدد من المشروعات الاستثمارية الكبيرة التي تضمن التنمية السريعة المستدامة للمنطقة في السنوات المقبلة.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

في القرن الماضي عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ثلاث مرات ندوة العمل الخاصة لتعزيز بناء  مرافق البنية الأساسية في التبت، في الندوة الثانية التي عقدت في الثمانينيات تم تحديد 43 مشروعا رئيسيا في التبت، ثم في الندوة الثالثة في التسعينيات تم تحديد 62 مشروعا رئيسيا لها. وفي الندوة الرابعة التي عقدت في بداية القرن الجديد قررت القيادة المركزية إدراج منطقة التبت في قائمة المقاطعات والمناطق الرئيسية التي تخصص الدولة سياسات تفضيلية لدعم تعاظمها في استراتيجية تنمية غربي البلاد، حتى تتمكن من تحقيق قفزات في تنميتها الاقتصادية. ومن أجل ذلك خصصت الحكومة المركزية 586ر3 مليار دولار لتنفيذ 117 مشروعا أساسيا في التبت، وأهمها مشروع إنشاء السكة الحديدية الرابطة بين مقاطعة تشينغهاي ومنطقة التبت الذي بلغ استثماره 451ر1 مليار دولار، وحتى الآن تم بناء 83 مشروعا منها. وبمناسبة ذكرى مرور أربعين سنة على تأسيس منطقة التبت الذاتية الحكم أضافت الحكومة المركزية 24 مشروعا جديدا إلى خطة التنمية القائمة، ووصل استثمارها الإجمالي 3ر776 مليون دولار، بعضها قد بدأ تشغيله.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

الصين اليوم: في السنوات الأخيرة ركزت حكومة التبت جهودها على تطوير السياحة المحلية وطب التبت التقليدي والعقاقير الطبية المحلية وصناعة الأحياء ذات الخصائص الهضبية وصناعة الأطعمة الخضراء وصناعة معالجة المنتجات الحيوانية والزراعية وصناعة الأشغال اليدوية القومية، فما هي المنجزات الهامة التي تم تحقيقها في هذه الصناعات من حيث سرعة تنميتها وتوسيع حجمها ورفع فعاليتها الاقتصادية؟تمدين على العلوم والتكنولوجيا

يانغ تشوان تانغ: وصل عدد السياح الذين زاروا التبت في عام 2004 مليون ومائتي ألف شخص بزيادة 29% عن الرقم في العام السابق، وبلغت إيرادات قطاع السياحة 38ر181 مليون دولار هذا العام بزيادة 44% عن العام السابق، وبلغ إنتاج الأدوية التبتية 1090 طن، قيمتها 37ر48 مليون دولار بزيادة 20% أو أكثر عن العام السابق. ولكن بشكل عام نقول إن اقتصاد منطقتنا لا يزال متخلفا نسبيا، فحجمه صغير ومستواه التقني منخفض، فعاليته الإنتاجية محدودة، ومازلنا في بداية الانطلاق.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

وما يجدر ذكره أن التبت تمتاز ببيئة دينية فريدة، ومعظم سكانها يعتنقون البوذية التبتية (اللامية)، لذلك يوجد على أرض التبت أكثر من ألف وسبعمائة معبد وبناية دينية، يرجع تاريخ الكثير منها إلى ألف سنة أو أكثر، فهي تنتمي إلى البنايات الدينية النفيسة على المستوى الوطني، لذلك رصدت الدولة أموالا خاصة لترميمها وحمايتها. ففي ثمانينيات القرن الماضي اعتمدت الحكومة المركزية 27ر36 مليون دولار لترميم ثلاثين معبدا هاما. وخلال السنوات القليلة الماضية تلقينا مبلغا هائلا آخر (9ر39 مليون دولار) من الميزانية المركزية لترميم قصر بوتالا المشهور وغيره من البنايات الدينية الثمينة، وسوف ينتهي مشروع الترميم في عام 2006، وبذلك نوفر بيئة مناسبة لأبناء قومية التبت لممارسة النشاطات الدينية، وفي نفس الوقت نجذب المزيد من السياح من الداخل والخارج لزيارتها.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

وفي سبيل إسراع خطوات بناء الصناعات ذات الخصائص المحلية ينبغي لنا أن نعقد العزم على تبنى المفاهيم والأفكار الجديدة في شق طريق التصنيع الحديث، ونهيأ ظروفا ملائمة لتطوير صناعاتنا من نقطة انطلاق عالية وعلى نطاق واسع، ونعمل على تحقيق تحول تاريخي لأسلوب تطوير هذه الصناعات من تطويرها بشكل منفرد إلى تطويرها بشكل جماعي. وإلى جانب ذلك سوف نوظف على نحو كامل نقاط تفوقنا في الظروف الطبيعية والمناخ المميز والثروات المتوفرة في الأرض وأشعة الشمس والمياه، ونجتهد في تطوير الزراعة وتربية المواشي ذات خصائص التبت معتمدين على العلوم والتكنولوجيا الحديثة، ونلتزم بقانون السوق في كل أعمالنا. ولدينا عزيمة قوية على إنشاء سوق اشتراكية كبيرة ذات خصائص تبتية وتصدير منتجاتها إلى جميع أنحاء البلاد وجميع دول العالم.تمدين على العلوم والتكنولوجيا

إنني بصفتي كادرا محنكا يعمل في التبت سنوات طويلة أكن مشاعر عميقة نحو هذه الأرض العزيزة وهذا الشعب المتحمس، ومنذ بضع عشرة سنة أقضي في التبت سنويا أكثر من 300 يوم (الحياة في التبت صعبة جدا بالنسبة لأي شخص غير تبتي الأصل بسبب نقص الأكسجين هناك، ومعظم الغرباء لا يبقون هناك أكثر من 150 يوما كل سنة)، لأني أصمم على تكريس كل حياتي لبناء التبت حتى تصبح جنة سعيدة للتبتيين.تمدين على العلوم والتكنولوجيا