محتويات العدد 9 سبتمبر (أيلول)  2005‏
م
متى تتحقق مجانية التعليم الإلزامي في الصين؟
لو رو تساي

الأرقام التي تضمنها تقرير جديد لبنك التنمية الآسيوي تحتاج إلى قراءة متفحصة. التقرير يقول إن مائة وسبعين دولة من بين أكثر من مائة وتسعين دولة في العالم أنجزت مهمة مجانية التعليم الإلزامي لجميع مواطنيها، وقد حققت هذا ليس فقط الدول المتقدمة في الغرب وإنما دول آسيوية مثل لاوس وكمبوديا ونيبال وغيرها، وهي دول لا يتجاوز متوسط نصيب الفرد بها من إجمالي الناتج القومي ثلث متوسط نصيب الصيني من الناتج القومي!

في تقرير أعمال الحكومة الذي ألقاه رئيس مجلس الدولة، ون جيا باو، في الدورة الثالثة للمجلس الوطني العاشر لنواب الشعب التي عقدت في مارس عام  2005 ببكين تعهد الرجل أمام نواب الشعب بأن "تعفى الدولة اعتبارا من هذا العام الطلاب الفقراء بالمراحل التعليمية التي يحددها نظام التعليم الإلزامي من جميع الرسوم الدراسية ونفقات الكتب المدرسية، وتقدم  معونات مالية معيشية لمن يقيمون منهم بالمدارس، وذلك في المحافظات التي تشملها خطة الحكومة المركزية بشأن دعم المحافظات الفقيرة والاستثمار فيها بجهود خاصة. وسوف يتم تعميم هذه السياسة في كافة المناطق الريفية على نطاق البلاد حتى عام 2007، وتعتزم الحكومة تمكين جميع الأطفال في الأسر الفقيرة من الالتحاق بالمدارس وإكمال المراحل الدراسية التي يحددها نظام التعليم الإلزامي..." م الصين. وهناك بعض  المق

هذه الكلمات من رئيس الحكومة جعلت النائب تشو يونغ شين الذي حضر جلسات المجلس الوطني في قاعة الشعب الكبرى يشعر بالارتياح الشديد، ذلك أنه حمل إلى بكين مشروعا حول "التطبيق التجريبي لنظام التعليم الإلزامي المجاني في الريف" استعدادا لتقديمه إلى الجهات المعنية أثناء انعقاد هذه الدورة من المجلس. جهود الحكومة المركزية في تعميم التعليم الإلزامي المجاني تقتصر حاليا على بعض المحافظات الفقيرة، ولن يستفيد من امتيازات الحكومة خلال السنوات المقبلة إلا أطفال الأسر الفقيرة في ظل  السياسة الجديدة للحكومة، ولكن برغم ذلك شعر تشو يونغ شين بالرضا إلى حد كبير، لأنه لاحظ بارقة أمل في تحقيق مجانية التعليم الإلزامي في بلاده.م الصين. وهناك بعض  المق

التعليم الأساسي إلزامي ولكن ليس مجانيا!م الصين. وهناك بعض  المق

لي لي، فتاة في الرابعة والعشرين من العمر، تخرجت في الجامعة قبل ثلاث سنوات، لا تزال تتذكر بوضوح أيام التحاقها بالمدرسة الابتدائية عام 1987. والداها من العمال الزراعيين في ضواحي حاضرة محافظة صغيرة تابعة لمدينة ريتشاو في مقاطعة شاندونغ. عندما بلغت سن الالتحاق بالمدرسة قرر والدها الفقير أن تبقى الصغيرة لي لي في البيت للإنفاق على تعليم أخيها الأكبر منها، حيث أن الولد، حسب التقاليد القديمة، أهم من البنت. هذا القرار الأبوي الخاطئ أثار اهتمام  مسئولي القرية  الذين توجهوا إلى أسرتها وذكروا الوالدين بـ ((قانون التعليم الإلزامي)) الصادر مؤخرا والذي ينص على أن التزام الأولياء بإرسال أطفالهم إلى المدرسة في سن السادسة والإنفاق عليهم حتى إتمام المرحلتين الابتدائية والإعدادية. بفضل هذا القانون استطاعت لي لي أن تكمل دراستها حتى تخرجت في الجامعة، وحصلت على وظيفة جيدة في المدينة.م الصين. وهناك بعض  المق

((قانون التعليم الإلزامي)) أصدرته الحكومة الصينية في عام 1986، و ينص على أن كل طفل، بغض النظر عن جنسه أو انتمائه العرقي، يجب، عندما يصل سن السادسة، أن يلتحق بالمدرسة لتلقى التعليم في المراحل الدراسية المحددة. ويتضمن التعليم الإلزامي في المناطق الريفية المرحلتين: الابتدائية لمدة ست سنوات والإعدادية لمدة ثلاث سنوات. ومنذ تطبيق هذا القانون شهد التعليم الأساسي في الصين تقدما كبيرا، فقد تضاعف عدد تلاميذ المدارس حتى وصل 140 مليونا في المرحلة الابتدائية و50 مليونا في المرحلة الإعدادية العادية في عام 1998. وقد تم إنجاز مهمة تعميم نظام التعليم الإلزامي للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في 90% من مناطق البلاد، وانخفضت نسبة الأميين بين الشباب والكهول إلى أقل من 5%.م الصين. وهناك بعض  المق

ولكن هناك سؤالا يحير والدي الآنسة لي لي وغيرهما من أولياء الأمور، وهو أنهم شاركوا في الأعمال الجسمانية الإلزامية لصالح الدولة في خمسينيات وستينيات القرن الماضي باختيارهم دون مقابل مادي، والسؤال هو: لماذا يتحملون الرسوم المدرسية لأبنائهم سنويا من أجل تنفيذ واجبهم في نظام التعليم الإلزامي؟ ولماذا التعليم الإلزامي ليس مجانيا؟

 كان والد لي لي يدفع في بداية كل سنة دراسية مبلغا يتراوح بين بضعة يوانات وعشرات اليوانات كرسوم دراسية إضافة إلى شراء الكتب والدفاتر المدرسية اللازمة. هذا الواجب مستمر إلى الآن، الفارق أن مبلغ الرسوم زاد أكثر من عشرة أضعاف عما كان في زمن لي لي. م الصين. وهناك بعض  المق

الصين قادرة على توفير مجانية التعليم الإلزاميم الصين. وهناك بعض  المق

ينص((قانون التعليم الإلزامي)) بوضوح على أن تعفي الدولة التلاميذ في مرحلة التعليم الإلزامي من الرسوم الدراسية، ولكن فقر الميزانية ظل أكبر "عائق" يمنع الدولة من تنفيذ القانون. والحقيقة أن الأجهزة الإدارية على مستوى القرية والبلدة في كثير من المناطق الريفية تتحمل معظم نفقات التعليم الإلزامي. وأشار تحقيق ميداني قام به مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة عام 2002 إلى أن الأجهزة الإدارية علي هذين المستويين تتحمل 78% من الاحتياجات المالية للتعليم الإلزامي، في حين تتحمل الحكومة المركزية 2% منها أو أقل، أما الباقي فتدفعه الحكومات على مستوى المحافظة والمقاطعة من ميزانيتها المحلية. وعلى الرغم من زيادة التمويل من جانب الحكومة المركزية للتعليم الإلزامي إلى 8% من الإجمالي، وفقا لأرقام "منتدى رؤساء مديريات التربية والتعليم لعام 2004"، فإن الحكومات المحلية لم تشعر بأن أعباءها في مجال التعليم قد خفت بوضوح.م الصين. وهناك بعض  المق

السيدة سي مين، نائبة رئيس محافظة جينتشاي بمقاطعة آنهوي، هي المسؤول المباشر عن التعليم في جينتشاي التي هي أكثر محافظات آنهوي فقرا. حول ميزانية التعليم بالمحافظة قالت السيدة سي مين: "إننا نحصل على 200 يوانا (حوالي 24 دولارا أمريكيا) كرسوم دراسية في السنة من تلميذ الابتدائي، وعلى 150 يوانا (حوالي 18 دولارا) من طالب الإعدادي، وتخصص حكومة المقاطعة 40 يوانا (حوالي 5 دولارات أمريكية) لكل طالب، وعلى هذا تتحمل ميزانية حكومة المحافظة 60 يوانا (حوالي 7 دولارات أمريكية) لكل طالب ابتدائي، و150 يوان (حوالي 18 دولارا) لكل طالب إعدادي، ورغم كل ذلك فإن تمويل الأطراف الثلاثة (الطلبة وحكومتي المقاطعة والمحافظة) لا يكفي لضمان أداء المهمة التعليمية في المدارس على خير وجه، ودفع الرواتب الأساسية للمدرسين والموظفين.  يدرس حاليا بالمحافظة 54106  تلاميذ في المرحلة الابتدائية و35412 طالبا في المرحلة الإعدادية، وهذا يعني أن على حكومة المحافظة أن تخصص سنويا 85ر7 ملايين يوان (حوالي 950 ألف دولار أمريكي) للتعليم الإلزامي، وهذا عبء ثقيل لمحافظة جد فقرة. لعل السيدة سي مين تشعر بشيء من الارتياح الآن بعد أن تم اعتبار محافظتها من المحافظات الأشد فقرا على مستوى الصين والتي تحصل اعتبارا من هذا العام على دعم مالي خاص من الميزانية المركزية لحل مشكلة التمويل في التعليم الإلزامي تدريجيا.م الصين. وهناك بعض  المق

عدد من الخبراء يجزم بأن الحكومة المركزية لديها من المال ما يكفي لتحمل ميزانية التعليم الإلزامي المجاني في كل أنحاء الدولة الصينية. في "الدورة الثالثة لمنتدى التنمية الريفية" التي عقدت في مارس عام 2005، أكد هان جيون، رئيس قسم الزراعة بمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة، أن الحكومة الصينية لديها القدرة المالية الكافية للوفاء باحتياجات التعليم الإلزامي المجاني خلال الخمس سنوات المقبلة، بالنظر إلى إمكانيتها المالية وقوة الصين الشاملة. هذا الكلام قاله أيضا تشو يونغ شين، عضو المجلس الوطني لنواب الشعب، وحسبها بالأرقام قائلا إن عدد طلاب المرحلتين الابتدائية والإعدادية في الصين هو 193 مليونا، 70% منهم، أي 130 مليونا يعيشون في المناطق الريفية. وعلى ضوء المتوسط العالمي الذي يحسب وفقا لمتوسط نصيب الفرد من إجمالي الناتج القومي والنفقات التعليمية لكل طالب، فإن النفقات التعليمية السنوية لتلميذ الابتدائي في الصين 500 يوان (60 دولارا أمريكيا) ولطالب الإعدادي ألف يوان (120 دولارا أمريكيا). مجموع هذه النفقات هو 5ر67 مليار يوان (2ر8 مليارات دولار أمريكي)، وبطرح المخصصات التعليمية في المناطق الشرقية التي أصبحت قادرة على أن تتحمل بنفسها كل الأعباء المالية للتعليم  بفضل نمو اقتصادها في السنوات الأخيرة، يكون  المطلوب من الحكومة المركزية أقل من هذا الرقم بكثير!.م الصين. وهناك بعض  المق

ولكن ثمة آراء أخرى في الموضوع، فوفقا لتقديرات مصلحة الدولة للاحصاء تبلغ احتياجات ميزانية التعليم الإلزامي المجاني في المناطق الريفية 5ر84 مليار يوان (2ر10 مليارات دولار أمريكي)، وترى لجنة العلوم التابعة لوزارة الزراعة أن الرقم هو 8ر68 مليار يوان ( 3ر8 مليارات دولار)، بينما يقول بنك التنمية الآسيوي إن المناطق الريفية بالصين تحتاج 21 مليار يوان (5ر2 مليار دولار) ليس أكثر لتحقيق مجانية التعليم الإلزامي. ويرى بنك التنمية الآسيوي أن هذا مبلغ ليس كبيرا بالنظر إلى الدخل المالي الهائل للحكومة الصينية المركزية والذي يصل 2000 مليار يوان (242 مليار دولار أمريكي) سنويا.م الصين. وهناك بعض  المق

التعهد الذي أبداه رئيس مجلس الدولة ون جيا باو أمام نواب الشعب بأن تنفذ الحكومة نظام التعليم الإلزامي المجاني بخطوات واقعية، جعل الخبراء المهتمين بتربية الأطفال يشعرون بقدر من الرضا وربما السعادة، ولكنهم لم يكفوا عن جهودهم لحث الحكومة على الإسراع بخطى التنفيذ مؤكدين بأن نصوص ((قانون التعليم الإلزامي)) الحالي حول آلية تنفيذ نظام التعليم الإلزامي ليست واضحة تماما، لذلك تقدموا بمشروع لتعديل القانون إلى الجلسة الثانية عشرة للجنة الدائمة للمجلس الوطني العاشر لنواب الشعب في عام 2004. وقد تم إدراج  التعديلات المقترحة على جدول أعمال المجلس الوطني لنواب الشعب للعام الحالي.م الصين. وهناك بعض  المق

التعليم المجاني في خطوة واحدة غير ممكنم الصين. وهناك بعض  المق

بالفعل بدأت الدولة تعفي أطفال الأسر الفقيرة في بعض المحافظات الفقيرة من نفقات الكتب والدفاتر والرسوم الدراسية، ولكن مدينة ريتشاو بمقاطعة شاندونغ، مسقط رأس الآنسة لي لي لم تشملها قائمة الأماكن الفقيرة التي تقدم لها الدولة عناية خاصة في التعليم، ولهذا لن يستفيد ابن شقيقها من الامتيازات الحكومية عند التحاقه بالمدرسة هذا العام.م الصين. وهناك بعض  المق

حول خطة الدولة في تطبيق مجانية التعليم الإلزامي يقول البروفيسور تشو هونغ يوي، الأستاذ بجامعة هواتشونغ للمعلمين، إن وزارة التعليم ستطبق برنامج تعميم التعليم الإلزامي المجاني على أربع خطوات: الأولى، هي تطبيق مجانية التعليم الإلزامي على جميع الأسر الفقيرة في 592 محافظة فقيرة في الصين؛ الثانية، تطبيقها على كل الأسر الفقيرة في كافة المناطق الريفية؛ الثالثة، تعميمها على كل الأسر الريفية؛ الرابعة، تطبيقها في كل  المدن. وإمكانيات الحكومة الصينية الحالية، والكلام هنا للبروفيسور هونغ، لا تسمح لها حتى عام 2007 إلا أن تنجز الخطوة الثانية، أي تضمن مجانية التعليم لأطفال الأسر الفقيرة في كل أرياف الصين.م الصين. وهناك بعض  المق

وحيث أن الدولة تعتمد رئيسيا على الحكومات المحلية في تنفيذ  هدف مجانية التعليم الإلزامي، فإن الحكومة المركزية تشجع الحكومات المحلية على الإسراع بإنجاز ذلك الهدف وفقا لقدرتها الاقتصادية. مقاطعة قوانغدونغ مثلا، قررت منذ عام 2001 تطبيق مجانية التعليم على أطفال الأسر الريفية التي يقل دخلها السنوي عن 1500 يوان (180 دولارا أمريكيا)، وهدف هذه المقاطعة المتطورة اقتصاديا في تعميم التعليم الإلزامي المجاني لعام 2007 هو أن تضمن أن يلتحق جميع الأطفال في سن الدراسة على نطاق المقاطعة بالمدارس الابتدائية، ثم المرحلة الإعدادية، وأن تحقق ابتداء من العام الحالي، وعلى مراحل، مجانية التعليم الإلزامي الحقيقي لجميع تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية بالمقاطعة، بمن فيهم الأطفال الذين لا يحملون بطاقة الإقامة الرسمية لتلك المقاطعة، وسوف يتم ذلك خلال الخمس عشرة سنة القادمة. ما تفعله مقاطعة قوانغدونغ أمر مشجع للغاية بالمقارنة مع جهود تطبيق مجانية التعليم الإلزامي في عموم الصين. وهناك بعض  المقاطعات الأخرى  والمدن المتطورة اقتصاديا تتحرك حاليا في ذات الاتجاه، وتعمل جادة على تقريب يوم تحقيق مجانية التعليم الإلزامي. ومع تطور الاقتصاد الصيني سيزداد عدد هذه المقاطعات والمدن يوما بعد يوم.م الصين. وهناك بعض  المق

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.