محتويات العدد 8 أغسطس (آب)  2005‏
م
    !في بكين المتسامحة ربع السكان من خارجها         
                              شانغ هونغ  مراسلة الصين اليوم                             

ما زالت شيوى يونغ لينغ تتذكر سعادتها البالغة عام 1992 عندما قادها صاحب الشركة التي عملت بها في بكين الجهة المسؤولة لتسلم شهادة إقامة مؤقتة في عاصمة البلاد، التي جاءت إليها، وعمرها ثمانية عشر عاما. لقد أدهشت العاصمة بأضوائها وازدهارها الشابة الغريبة التي كان عليها أن تواجه صعوبات الحصول على فرصة عمل، شأنها شأن كل الغرباء هنا.                             

اليوم شيوى يونغ لينغ، وهي في الحادية والثلاثين من العمر، ربة بيت وأم لطفل وصاحبة شركة، مع زوجها.                             

تقول: "الآن حياتنا وعملها أفضل، فقد سجلنا شركتنا لدى جهة حكومية توفر لنا إنهاء كافة الإجراءات الرسمية ودفع الضرائب عبر الإنترنت، وذلك مقابل 600 يوان (5ر76 دولار تقريبا)"، وأكدت أن حياتها في بكين أفضل وأسهل بكثير مقارنة مع السنوات السابقة.                             

يسكن بكين ويعمل بها أكثر من أربعة ملايين فرد أتوا إليها من خارجها، هذا يعني أن واحدا من بين كل أربعة يقيمون في عاصمة البلاد ليسوا من أهلها. ومن المتوقع أن تستقبل بكين بعد سنوات جيلا جديدا من أبناء هؤلاء القادمين من خارجها، وبمعنى آخر سوف يتلاشى البكينيون الأصليون بين موجات تدفق الغرباء إليها، لتصبح مدينة كبيرة للسكان المتنقلين في الصين، وهم يمثلون 70% من نسبة السكان الدائمين الجدد فيها. والمثير أن النسبة بين الذكور والإناث من القادمين للعاصمة 195 ذكرا مقابل 100 أنثى، وهذا يعني أن عددا متزايدا من الفتيات البكينيات الأصل سيتزوجن في المستقبل من غير البكينيين.                             

 شمل ((الكتاب الأزرق: تقرير تطور عاصمة الصين عام 2005))، نتيجة استطلاع ميداني قام به علماء في أكاديمية العلوم الاجتماعية ببكين حول هؤلاء القادمين من خارج العاصمة. حسب الاستطلاع استخدم 6ر50% ممن شملهم الاستطلاع كلمة "التسامح" في وصف معاملة بكين لهم، وقالوا إن بكين تتعامل باحترام مع القادمين من خارجها إليها للعمل والحياة برغم تباين الخلفيات الثقافية. وقال 55% منهم إن بعض البكينيين باتوا أصدقاء لهم، بينما عبر 8ر60% منهم عن رغبتهم في التعاون مع البكينيين في العمل.                             

إن بكين في العاصمة التي تضرب المثل والقدوة في السلوك الحضاري الإنساني، وقد ظلت منذ القدم رمزا للتسامح والتعاطف مع أبناء الوطن في كل مكان، ولهذا فهي جديرة بلقب "المدينة المتسامحة" الذي منحها إياه القادمون إليها.                             

خمسة عشر مليونا يعيشون في بكين شارع وانغفوجينغ، ملتقى الغرباء في العاصمة

بدن الغرباء تتوقف الحياة في بكين                             

تخيل بكين بوما واحدا بدون القادمين إليها من خارجها!                             

سيصاب قطاع الخدمات بالشلل التام، فوفقا للإحصائيات الرسمية يعمل حوالي 400 ألف شخص من خارج العاصمة في مطاعمها وفنادقها وأجهزة الحراسة العامة بها وغيرها، وهم يمثلون 90% من العاملين في قطاع الخدمات في بكين، أي أنهم القوة المحركة التي تضمن انتظام حياة العاصمة.                             

الأمر ليس قاصرا على قطاع الخدمات، فالعاصمة تستقبل سنويا فيضا من المتخصصين الأكفاء من خريجي الجامعات من جميع أنحاء البلاد، يعملون في مختلف مجالاتها، وهؤلاء يشكلون طبقة من "النبلاء الجدد" تقدم مساهمة عظيمة للتنمية الاقتصادية في بكين خلال الثلاثين عاما القادمة.                             

قبل سنوات كان البعض من السكان الأصليين للعاصمة يسخرون من الغرباء ويذكرونهم دائما بأنهم من القادمين من خارج العاصمة. وهذا السلوك أصبح قليلا، بل إن البكينيين باتوا يتوددون إليهم في الولائم الفاخرة التي يقيمونها ويتلطفون مع الفتيات اللواتي يرغبون في الاقتران بهن ومع التجار الكبار الذين ينتظرون بفارغ الصبر موافقتهم على صفقات هامة. إنهم قادمون من خارج العاصمة ولكنهم أقوى منهم في الحياة والعمل.                             

البكينيون لهم عاداتهم وتقاليدهم، فالشعرية بصلصة فول الصويا طعام مفضل لهم، والإقامة في الدار الرباعية – "سيخهيوان".. وهذه العادات وتقاليد ربما يصعب على غير البكيني أن ينسجم معها، ولكن على من شاء أن يقيم بالعاصمة الصينية أن يظهر حبا لمشهد أوراق الشجر الحمراء بسفح الجبل العطري في الخريف، وأن يقضي بعض الوقت في بارات شارع "سانليتون"، وأن يرتاد بين حين وآخر مكتبة "سانليان" لشراء الكتب، وأن يزور متجر "ييجيا" للأثاث واللوازم اليومية الأوروبية الحديثة، وإذا كان من هواة كرة القدم فعليه أن يظهر، أيا كان انتماؤه الرياضي الحقيقي، تشجيعه وإعجابه بفريق قوهآن بكين.                   

جاءت من خارج بكين وأصبحت صاحبة محل للأشغال الفنية أبناء غير البكينيين يلتحقون بمدارس بكين

إثراء عقل العاصمة!                             

قبل سنوات كان مصطلح "وايدي رن" أي غير أبناء المدينة، يقصد به في بكين العاملين في قطاع الخدمات أو في مواقع البناء التي لا يحتاج العمل بها إلى مهارة أو كفاءة أو كثير من المعارف. الآن يوجد جيل جديد من وادي رن من العلماء والمدراء والمهندسين يسهمون بكفاءاتهم وقدراتهم في تطوير صناعات التكنولوجيا العالية في بكين، بعد أن استقروا بها. وحسب الإحصاءات يشغل غير البكينيين 50% من المناصب العالية في المؤسسات الإلكترونية وغيرها من المؤسسات ذات التكنولوجيات الجديدة المتطورة ويمتلك الغرباء 40% من العمارات الفاخرة للمساكن والمكاتب في الأحياء الرائجة التسويق ببكين.                             

ومع التقدم الاجتماعي تقل القيود والعقبات التي كانت تعرقل القادمين من خارج العاصمة في أعمالهم وإقامتهم، وصار من السهل عليهم تملك الشقق وشراء السيارات وإلحاق أبنائهم بالمدارس. وقبل أيام توجهت لجنة الأمن العام لحكومة بكين ودائرة الإعلام للجنة الحزب لبكين، بنداء لأجهزة الإعلام في العاصمة تطالبها باستخدام مصطلح "السكان المتنقلين" بدلا من "وايدي رن" عند الإشارة إلى العاملين من غير الأصل البكيني. وهذا دليل جلي على أن قيادة بكين قد غيرت نظرتها للقادمين من خارجها من موقف "المعالجة والتقويم" إلى موقف "المساواة والاحترام وتقديم الخدمة".                             

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.