محتويات العدد 7 يوليو (تموز)  2005‏
م
نسخ نادرة للمصحف الشريف في الصين-1
يوسف تشن جين هوي

نزل القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، ويرجع تاريخ أقدم نسخة مكتوبة منه إلى العهدين الأموي والعباسي، وتحتفظ العديد من المساجد والمتاحف في أنحاء العالم ببعض النسخ القديمة النفيسة من المصحف الشريف. في هذا المقال نتعرف على أقدم مجموعة من نسخ المصحف الشريف في الصين، وهي النسخ التي ذكرتها السجلات التاريخية وتوارثها الصينيون المسلمون واحتفظوا بها إلى يومنا هذا.ف بعد، لذلك من الصعب أن

تقول السجلات التاريخية إن الإسلام دخل الصين في عهد أسرة تانغ الإمبراطورية (618-907م)، وانتشر وتطور أكثر في فترة أسرة سونغ الشمالية (960-1127)، وهو زمن الخلافة العباسية العربية. لم يكد يمر وقت  طويل على انتشار الإسلام في الصين حتى أخذ المسلمون في هذه البلاد ينسخون المصحف، فترك لنا السلف عددا من النسخ الثمينة للمصحف الشريف من عهود متتالية. وقد ساعد نسخ المصحف الشريف بأعداد كبيرة في انتشار الإسلام بين أبناء الصين، وساهم في تطوير قدرات الخطاطين الصينيين في الكتابة بالعربية وإتقان فن الخط العربي بعد مزجه بالثقافة الصينية. غني عن البيان أن المصحف الشريف الذي نسخ في فترة الخلافة الأموية والعباسية كتب بالخط الكوفي وخط النسخ والمحقق والخط الفارسي، والنسخ القديمة من المصحف في الصين ليست استثناء من هذا، وإن كانت متأثرة بأساليب الفن الصيني القديمة، بشكل أو بآخر. ودلالة هذا أن الإسلام قد ضرب جذوره في الصين، وأن الخطاطين المسلمين الصينيين القدامى استوعبوا فن الخط العربي الأصلي، وطوروه على أساس الثقافة الصينية. ف بعد، لذلك من الصعب أن

وبالنسبة لي، كمتخصص في العلوم الإسلامية وفن الخط العربي ، كرست كثيرا من جهدي لجمع المعلومات عن نسخ القرآن القديمة الموجودة في مختلف أرجاء الصين، وقمت بأبحاث معمقة حول تاريخ صدورها وتأثيراتها في نشر الدين الحنيف بين أبناء مختلف القوميات، وخرجت بعدد من النتائج التي أحسب أنها مفيدة في هذا المجال:ف بعد، لذلك من الصعب أن

1– مصحف أبناء سالار ف بعد، لذلك من الصعب أن

يتحدث أبناء قومية سالار عن بطلين قوميين، هما حسب النطق الصيني، قا له مانغ وآ خه مانغ، كانا زعيمين لعشائر سالار. قرر هذان الزعيمان الهجرة بكل أبناء القبيلة من موطنهم في الأرض التي هي تركمانستان حاليا إلى الصين. وفي رحلة الهجرة حمل جمل أبيض للقبيلة ، نسخة مخطوطة باليد للمصحف الشريف، باعتبار القرآن القاعدة لعقيدتهم. استقر القوم في محافظة شيونهوا بمقاطعة تشينغهاي قبل حوالي 800 عام، وكان ذلك زمن أسرة يوان الإمبراطورية (1206م - 1368م). وقد توارث أبناء سالار هذه النسخة الثمينة من المصحف الشريف، وهي حاليا محفوظة في صندوق معدني داخل مسجد جيهتسي الكبير بمحافظة شيونهوا الذاتية الحكم لقومية سالار المسلمة في مقاطعة تشينغهاي، وتتولى مسؤولية حفظها إدارة الآثار للمحافظة واللجنة الإدارية لمسجد جيهتسي. تتكون هذه النسخة المكونة من 867 صفحة من جزأين، يشتمل كل منهما على 15 مجلدا. وقد تم نسخها بخط المحقق القديم الذي يرجع تاريخه إلى القرن الحادي عشر في عهد الخلافة العباسية، وبتقدير أن عمر هذه النسخة يزيد مائة أو مائتي سنة عن زمن وصوله إلى محافظة شيوانهوا، يمكن القول إن عمرها بين تسعمائة وألف سنة. ورق هذه النسخة مشوه وهش وضاعت بعض صفحاتها خلال تقلبات الزمن وتوارثها من جيل إلى جيل. وفي سبيل الحفاظ عليها بصورة أفضل اعتمدت مصلحة الدولة للآثار مليونا ونصف مليون يوان (حوالي 180 ألف دولار أمريكي) لمعالجتها ولإنشاء مكان خاص لحفظها، اعترافا من الحكومة بقيمة هذه النسخة القديمة للمصحف ككنز ديني نادر لأبناء قومية سالار المسلمين. ف بعد، لذلك من الصعب أن

2 – المصحف الشريف الذي نسخه خطاط ويغوريف بعد، لذلك من الصعب أن

تحفظ هذه النسخة القديمة من المصحف في مكتبة المعهد الصيني للعلوم الإسلامية ببكين، وهي أقدم نسخة للمصحف موجودة في الصين مدون بها توقيع ناسخها وهو المسلم الويغوري رحيم نيازي، من منطقة هامي في شمال غربي شينجيانغ،  وتاريخ نسخها هو عام 1269م. تتكون هذه النسخة الثمينة من ثلاثين مجلدا، يبلغ طول المجلد 25 سنتيمترا وعرضه 19 سنتيمترا، وكل مجلد مغلف بجلد البقر الأصفر لحفظه جيدا. ويلاحظ أن رائحة طيبة تنبعث من صفحات هذا المصحف، لهذا سمي ((المصحف ذو الغلاف الجلدي العاطر)). وهذا المصحف مكتوب بخط النسخ ولكن  تأثير خط اللغة الويغورية واضح فيه. المصحف مزخرف باللون الذهبي اللامع، وبفضل العناية الجيدة من أبناء قومية الويغور والمسلمين من أبناء القوميات الأخرى، ونظرا لجودة الورق المستخدم في تجليده، ما زال ((المصحف ذو الغلاف الجلدي العاطر)) باقيا في حالة جيدة، يثير دهشة وإعجاب زوار مكتبة المعهد الصيني للعلوم الإسلامية من زعماء الدول الإسلامية والعلماء المسلمين. ف بعد، لذلك من الصعب أن

3 – المصحف الشريف الذي نسخه السيد سرايف بعد، لذلك من الصعب أن

في مسجد دونغسي ببكين نسخة قديمة نادرة من المصحف بخط يد محمد بن أحمد بن عبد الرحمن سراي في سنة 718 الهجرية أي عام 1318 الميلادي (في عهد أسرة يوان الإمبراطورية).  وقد كتب السيد سراي  في خاتمة المصحف: " أحمد الله أن وفقني في إنجاز هذا العمل الجليل بعد سنوات من الجهود في مدينة سراي..." وقد اختلفت آراء العلماء في تحديد هوية السيد سراي، فمنهم من قالوا إنه عالم مسلم قطن شمالي الصين، وسافر إلى مدينة سراي في تركيا طلبا للعلم، وهناك أنجز نسخ المتحف، وآخرون يعتقدون أنه من مواليد مدينة سراي بتركيا، وأتم عمل نسخ المصحف بالصين، لكنه أراد التعبير عن شوقه إلى موطن أسلافه فذكر مدينة سراي التركية في نهاية نسخته. ويلاحظ أن السيد سراي استخدم قلم الريشة الصيني الخاص في كتابة الكلمات ذات الحجم الصغير، واستخدم خط النسخ كخط أساسي في هذه النسخة، ولكنه متأثر بخط المحقق أيضا، كما أنه مندمج مع الخط الصيني التقليدي، وهذا ما يجعل الاعتقاد بأن الناسخ صيني أقرب إلى الصواب، وإن كان يلاحظ أنه  كتب ختام نسخته باللغة العربية، على غير عادة المسلمين الصينيين في ذلك الوقت، كما أسلوبه في التعبير يختلف عما كان مألوفا عند الصينيين عند التعبير بالعربية، وهذا يرجح أنه قد يكون مسلما أجنبيا.ف بعد، لذلك من الصعب أن

4 – مصحف أسرة الإمام ليو جينغ مينغف بعد، لذلك من الصعب أن

هذه النسخة الثمينة من المصحف الشريف كان يحتفظ بها الإمام الكبير ليو جينغ مينغ الذي عاش في مسجد زقاق ناندوياتسا بالحي الشرقي لبكين، وقد توارثها عن أسلاف أسرته. وبعد وفاته عام 2001 أهداها أهله إلى مكتبة مسجد دونغسي المشهور ببكين. اسم الناسخ  وتاريخ النسخ غير مدونين بها، ولكن خبراء الآثار في مصلحة الآثار القديمة ببلدية بكين قاموا بفحصها ودراسة نوعية الورق ولون الحبر فيها، وأكدوا أن تاريخها يرجع إلى زمن أسرة مينغ الإمبراطورية، أي قبل حوالي ستمائة سنة. تتكون هذه النسخة من مجلد واحد، وقد كتبها الناسخ بخط سلس قوي. ف بعد، لذلك من الصعب أن

5– نسخة المصحف بخط هوا با باف بعد، لذلك من الصعب أن

الأستاذ هوا با با المولود في مقاطعة يوننان كان إماما كبيرا للمسلمين الصينيين في أواسط أسرة تشينغ (1644- 1911)، وكان خطاطا مشهورا للغة العربية. خلال حياته نسخ بخطه العديد من الكتب الدينية، غير أنها جميعا فقدت ولم يتبق منها إلا نسخة من المصحف الشريف خطها بيده قبل أكثر من مائتي سنة. قصة مصير هذه النسخة دليل حي على الصداقة بين المسلمين الصينيين واخوتهم المصريين. في عام 1932 ترأس الإمام الكبير ما سونغ تينغ أول بعثة من الطلاب المسلمين الصينيين لدراسة العلوم الإسلامية بالأزهر الشريف. قبل سفرهم كلف ليو تشونغ تشيوان (1875- 1957) مدير المدرسة المتوسطة لشمال غربي الصين ببيبيغ (الاسم السابق لبكين) ما سونغ تينغ بحمل تلك النسخة من المصحف الشريف هدية إلى ملك مصر فؤاد الأول. أعجب الملك بهدية المسلمين الصينيين وأولاها عناية خاصة. بعد وفاته عرضت هذه النسخة النفيسة في القاعة الرئيسية لمقبرة الملك فؤاد الأول لحفظها بشكل دائم. وحيث أنها العمل الوحيد من أعمال السيد هوا با با الباقية إلى الآن. فإننا نغتنم هذه الفرصة لنوجه نداء إلى أصدقائنا الصينيين والمصريين لزيارة مقبرة الملك فؤاد الأول، وأن يبعثوا لنا برسالة أو صورة لتلك النسخة النادرة، حتى نطمئن على سلامتها ونقوم بمزيد من الدراسة حول سيرة الأستاذ هوا با با وأعماله الدينية القيمة.

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.