محتويات العدد 6 يونيو (حزيران)  2005‏
م

مملكة الدراجات

ماجد تشنغ بوه رونغ

 الصين هي "مملكة للدراجات"، لا جدل في ذلك. في شوارع  العاصمة بكين تتدفق "سيول" من الدراجات وقت ذهاب الناس إلى أعمالهم وعودتهم منها. في الساحات القريبة من قاعات الاجتماعات والملاعب والمتاجر ترى صفوفا من الدراجات التي تنتظر أصحابها . الدراجة وسيلة مواصلات لا تستغني عنها كل أسرة في الصين، وحسب أحدث الأرقام، يوجد في بكين حاليا أربعة ملايين وثلاثمائة ألف دراجة، بمعدل دراجة واحدة لكل ثلاثة أفراد في المتوسط، فمن النادر أن تجد شخصا في بكين، أيا كان عمره أو جنسه، لا يعرف ركوب الدراجات.ب شهر كامل، ثم إن ا

نشأت صناعة الدراجات الصينية في أواسط خمسينيات القرن الماضي، فقبل ذلك كانت الدراجات في الصين قليلة للغاية وتستورد من الخارج؛ من بريطانيا واليابان والاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا وغيرها. مازلت أذكر الدراجة التشيكية التي اشتراها أبي عام 1954، وبعدها بفترة قصيرة اشترت أمي دراجة نسائية بماركة "يونغجيو"، التي كانت باكورة إنتاج الصين من الدراجات، في شانغهاي.ب شهر كامل، ثم إن ا

كانت الإضاءة في الشوارع سيئة وكانت طرق بكين غير ممهدة في خمسينيات القرن الماضي، ولذا كان راكب الدراجة يعلق عليها فانوسا ورقيا بالشمع أو مصباحا زجاجيا  بفتيل الزيت لإنارة الطريق ولتنبيه القادمين من الاتجاه المعاكس ليلا. كان من يخالف هذا النظام يدفع غرامة. تطورت الدنيا وجاء المصباح الذي يعمل بالبطارية أو بالمولد الصغير الذي يركب بالدراجة، ظل نظام الغرامة معمولا به حتى أواسط الستينيات عندما تحسنت إضاءة الشوارع وصارت طرق العاصمة واسعة وممهدة.ب شهر كامل، ثم إن ا

في بداية الستينيات أضحى استخدام الدراجة ضروريا لكل عامل وموظف لسببين: الأول أن الصين باتت تمتلك قاعدة قوية لإنتاج الدراجات في كل من شانغهاي بجنوبها وتيانجين بشمالها، وأخذت تنتج الدراجات بكمية كبيرة؛ الثاني أن الدراجات تناسب المستوى المعيشي للصينيين بانخفاض سعرها وسهولة صيانتها وبساطة متطلباتها في الطرق. وكانت المشكلة في ذلك الحين أن الإنتاج لم يكن يفي بالطلب على الدراجات التي كانت من أنواع محدودة وبجودة عادية. كانت تعرض في المتاجر ولكن كان على المشتري أن يحصل على بطاقة شراء خاصة أولا، لذلك كانت طوابير المشترين أمام متاجر الدراجات طويلة انتظارا لتوزيع تلك البطاقات عليهم، وقد تكون مدة الانتظار أياما أو أسابيع وحتى شهور إذا كانوا يرغبون في شراء نوع جديد منها. ولم يكن في استطاعة الفلاح حيازة دراجة لسببين أيضا: الأول أن سعرها كان يفوق قدرته الشرائية بكثير، فدخل الفلاح لم يكن  يتجاوز مائة أو مائتين يوان سنويا، بينما كان سعر الدراجة الواحدة يتراوح بين 120 و200 يوانا؛ الثاني أن معظم الطرق الريفية كانت ترابية ومتعرجة غير صالحة لسير الدراجات، وخاصة في موسم المطر. ب شهر كامل، ثم إن ا

في العشرين عاما الأخيرة حققت صناعة الدراجات الصينية تطورا عظيما في كميتها وجودتها، فأقيمت مصانع للدراجات في المناطق المحيطة بشانغهاي وتيانجين – القاعدتين القديمتين لإنتاج الدراجات، كما جاءت الاستثمارات الخارجية والتكنولوجيا المتطورة، فاندمجت مع القدرة الإنتاجية المحلية، حتى تجاوزت صادرات الصين من الدراجات أربعين مليون دراجة سنويا إلى جانب سد الطلب المحلي.ب شهر كامل، ثم إن ا

خلال الثلاثين سنة الماضية اشتريت دراجتين، الأولى سُرقت بعد ثلاث سنوات من شرائها، وكان ذلك في بداية عهد الإصلاح والانفتاح، عندما تدفق الريفيون إلى المدينة بحثا عن مورد رزق. كانوا في حاجة ماسة إلى وسيلة مواصلات ولكنهم لا يملكون ثمن الدراجة، فاتجهوا إلى سرقتها. حزنت كثيرا، فقد اشتريتها بما يعادل راتب شهر كامل، ثم إن الحصول على  بطاقة شرائها لم يكن سهلا. اشتريت دراجتي الثانية التي مازلت أستعملها إلى اليوم. لم أعد أشعر بالقلق لأنها أصبحت قديمة. الدراجات التي يقل عمرها عن خمس سنوات عرضة دائما للضياع، غير أن أصحابها لا يشعرون بالحزن الذي شعرت به أنا، فالراتب الشهري أصبح يعادل ثمن أربع أو خمس دراجات جديدة من النوع الممتاز، كما أن السوق مكتظة بدراجات متنوعة، يختارون منها ما يشاءون.ب شهر كامل، ثم إن ا

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.