محتويات العدد 6 يونيو (حزيران)  2005‏
م

الصينييون والعرب والقراءة في كتب التراث

 تشانغ هونغ

·      لماذا باتت كتبنا القديمة، الصينية والعربية، بعيدة عن لغتنا وكتابتنا اليوم كأنها حلم بعيد؟ أثار جدلا ثقافيا كبي

اليوم هو استكمال للأمس، وبين اليوم والأمس علاقة حميمة عميقة، إننا نحن الصينيين والعرب نولي اهتماما كبيرا لتراثنا الثقافي، لما لدينا من تاريخ طويل وتراث ثقافي باهر. أثار جدلا ثقافيا كبي

·     التراث الثقافي ليس تركة مادية، وإنما ثروة روحية ينبغي أن نتوارثها لأنها السبيل للإبداع الإنساني واستيعاب الصالح من حضارة اليوم والتصدي للطالح منها. أثار جدلا ثقافيا كبي

·      في زمن العولمة الاقتصادية، قد يسيطر "الاقتصاد" على عقل الإنسان، ولأن العالم أصبح "صغيرا"، فإن المرء لا يرى إلا الاقتصاد الأكثر تقدما، والمواد الأكثر وفرة والراحة الأكثر تنوعا، والنتيجة أن الثروة المادية تزداد علوا بينما تمسي الثروة الروحية شحيحة. لكل هذا يصبح الاهتمام بالتراث القديم، وعدم نسيان جذورنا له معنى خاص. البعض في الصين يدعو إلى الاهتمام بقراءة المؤلفات القديمة في تعليم الأطفال، ومن المؤكد أنها ذات الدعوة التي يتبناه ذوو البصيرة في العالم العربي. أثار جدلا ثقافيا كبي

- المحرر أثار جدلا ثقافيا كبي

الأطفال يقرءون كتب التراث أثار جدلا ثقافيا كبي

في عام 1999، بدأ مركز سيهاي لقراءة المؤلفات الكلاسيكية ببكين يقود حملة لتعليم الطفل الصيني كيفية قراءة المؤلفات القديمة. في نهاية عام  2003  كان عدد الأسر التي انخرطت في هذا العمل خمسة ملايين أسرة في ستين مدينة. أثار جدلا ثقافيا كبي

في قاعة كبيرة مزدانة بأعمال فن الخط الصيني التقليدي، في طرفها الأمامي منصة على الطراز القديم، يقود معلمون بمركز سيهاي الأطفال في قراءة المؤلفات القديمة كل يوم سبت، ويجلس عشرات من أولياء الأمور بجانبهم لمساعدتهم في القراءة. الكل هنا أسرة واحدة تنتمي إلى قراءة كتب التراث. أثار جدلا ثقافيا كبي

لقد أصبح التنافس الاجتماعي، منذ تبني سياسة الإصلاح والانفتاح، ضاريا في الصين. وبرغم الثراء المتزايد يواجه المواطن الصيني ضغوطا كبيرة في ما يتعلق بمواصلة الدراسة ورعاية كبار السن وغيرها من المشاكل الاجتماعية. في عطلة نهاية الأسبوع يتحير أولياء الأمور، هل يصحبون الطفل إلى الفصول الأولمبية للعلوم أم إلى دورات التدريب على عزف البيانو، أم إلى فصول قراءة المؤلفات القديمة؟

في هذا العصر الذي يسعى فيه  الناس إلى الحرية والديمقراطية، هل من المعقول أن نطلب من أطفالنا أن يقرءوا الكتب القديمة ؟ أثار جدلا ثقافيا كبي

أول من دعا إلى تعويد أطفالنا على قراءة الكتب القديمة هو البروفيسور وانغ تساي قوي، من معهد المعلمين بمدينة تايتشونغ في تايوان، وقد بدأ الرجل بأولاده الأربعة. حفظوا عن ظهر قلب بعض المقالات القديمة بفضل جمال نغمات القراءة، بعد فترة، ارتفعت درجة حساسيتهم للكلمة وقدرتهم على التقييم بصورة ملحوظة، وكتبوا مقالات رائعة، اكتسبوا أخلاقا حميدة. وقد توصل البروفيسور وانغ إلى أن الفترة من الولادة حتى سن الثالثة عشرة هي أفضل فترة لقدرة الحفظ عند الطفل، وينصح بأن نصب في عقول أطفالنا روائع الثقافة البشرية في هذه الفترة كي يستفيدوا منها كثيرا في نشأتهم وحياتهم وأخلاقهم في المستقبل. أثار جدلا ثقافيا كبي

وفي الدورة الثامنة للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني عام 1995 قدم تسعة من كبار المثقفين اقتراحا يدعو إلى "إقامة مدارس الأعمال الكلاسيكية للأطفال". هذا الاهتمام بالثقافة التقليدية القديمة غير قاصر على الجيل القديم من المثقفين، فجيل الوسط له نفس الرؤية.

يقول تشو هونغ، وهو من رجال التعليم: "أنا من جيل الثورة الثقافية (1966-1976). بعد أن ضاع المذهب والحلم الذي كنا نؤمن به، أصبحنا لا نبالي بأي شيء. لذلك نأمل أن لا يكون أولادنا فاترين غير مبالين مثلنا، ونتمى أن تبقى الأخلاق الحميدة والطيبة دائما." وتشو هونغ من المتحمسين لدعوة قراءة المؤلفات القديمة، لاقتناعه بأن نصائح القدماء الصائبة مثل كونفوشيوس تضمن المسيرة الإيجابية للمجتمع. أثار جدلا ثقافيا كبي

البروفيسور قوه تشي جيا، من كلية التدريس بجامعة المعلمين ببكين، وهو أحد الدعاة إلى تعويد الأطفال على قراءة المؤلفات القديمة يقول:"كان الصينيون، في الماضي، يعتبرون كونفوشيوس إلها، وقد كان هناك من يعتبره "شيطانا". لقد مضى ذلك الزمان، فنحن  نفهمه حاليا كإنسان". أثار جدلا ثقافيا كبي

إن قراءة المؤلفات القديمة لا تجعل الطفل فقط يلمس عن قرب الفكر والثقافة الصينية القديمة وإنما تساعده على استيعاب المعارف التاريخية والأدبية القديمة، كما أنها تغرس في الطفل قيما نبيلة، الأمر الذي يساعد في تشكيل روح ثقافية إنسانية في المجتمع.

لا تقتصر أعمال مركز سيهاي على قراءة المؤلفات الصينية القديمة، فقد بدأ في يوليو 2004، نشاطات "العودة إلى كونفوشيوس وشكسبير- أسبوع سيهاي التعليمي لقراءة الأطفال للمؤلفات القديمة 2004". وبمناسبة الذكرى الأربعمائة والثالثة والأربعين لميلاد شيكسبير في عام 2007، سينظم المركز ألف طفل  لقراءة بعض قصائد شكسبير بالإنجليزية. أثار جدلا ثقافيا كبي

في منهج اللغة الصينية الجديد للمدارس الإبتدائية تحتل نسبة الدروس باللغة الصينية القديمة 40% من إجمالي المقرر، وكانت هذه النسبة ضئيلة جدا في المقرر القديم. وفي امتحان اللغة الصينية للقبول بالجامعات عام 2004، كان هناك 48 درجة ذات علاقة بالقصائد والمقالات القديمة من بين إجمالي الدرجات وهو 150 درجة، ، الأمر الذي يشير إلى زيادة اهتمام الصين بتعليم الثقافة التقليدية.

أن تطلب من طفل حفظ شيء لا يفهمه أمر يخالف طبيعة الطفل. في الماضي كان البعض يوافق على إلغاء قراءة المؤلفات القديمة ويعارض إجبار الطفل على حفظ كثير من الأشياء التي لا يفهمها. وحيث أن العبء الدراسي الملقي على عاتق الطفل ثقيل فإن إضافة قراءة المقالات القديمة يزيد من أعباء الطفل. أثار جدلا ثقافيا كبي

في بيت ريفي متواضع بسفح جبل ووجياو في مقاطعة هونان، يجلس الأطفال حول طاولة متواضعة، ويمشي معلم مسن بين الأطفال ذهابا وإيابا لتعليهمم المقالات القديمة وقواعد اللغة والقصائد. إنه "كُتاب خاص"، قال عنه فلاح صحب ابنه مشيرا إليه: "قراءة الكتب الحديثة مفيدة للعمل، وقراءة الكتب القديمة مفيدة لتكوين الإنسان أخلاقيا. وتكوين الإنسان أخلاقيا أهم بالنسبة للفلاحين". أثار جدلا ثقافيا كبي

هل التعليم بأسلوب الكتاب الخاص مفيد؟  أثار جدلا ثقافيا كبي

في يوم 8 يوليو 2004، نشر الطالب الصيني شيويه يونغ الذي يدرس تخصص التاريخ في جامعة ييل الأمريكية مقالا في صحيفة صينية شكك في جدوى قراءة الأطفال للكتب القديمة في "الكُتاب الخاص"، الأمر الذي أثار جدلا غير مسبوق في الأوساط الثقافية بالصين، تركز على كتب التعليم الأساسي للثقافة الصينية الكلاسيكية لطلاب المدارس الابتدائية والمتوسطة. يرى شيويه يونغ أن مطالبة الطفل بحفظ ما لا يفهمه يخالف طبيعته، ولهذا فإنه لا يوافق فقط على "القرار الحكيم" بإلغاء قراءة الكتب القديمة في الماضي، بل يعارض أكثر إجبار الأطفال على حفظ الكثير من الأشياء التي لا يفهمونها. وحيث أن الطفل لديه ما يكفيه من الدروس، قراءة هذه المقالات القديمة تزيد أثقالهم. أثار جدلا ثقافيا كبي

المؤيدون  لقراءة الكتب القديمة لهم رأي آخر. فقد استقدمت الصين خلال القرن الأخير نظام التعليم الغربي وهو ما أدى بالفعل إلى تغيرات هائلة، ولكنه أدى أيضا إلى نبذ الثقافة الصينية الكلاسيكية التي فقدت مكانها في نظام التعليم لمدة قرن من الزمان. هذه الثقافة الكلاسيكية هي الوعاء الذي يحوي ذكاء الأمة الصينية، والوشاج الذي يربط الأمة الصينية التي عانت من مصائب كثيرة، إذا استمر إهمالها، سينقرض التراث الثقافي القومي تدريجيا. أثار جدلا ثقافيا كبي

يرى ليو هاي بوه، المدرس بقسم العلوم السياسية في جامعة رنمين الصينية أن مفاهيم الصواب والخطأ والسلوكيات الحميدة لا توجد بالفطرة لدى الطفل وإنما يكتسبها من خلال التعليم والتوعية. إذا أردنا أن نربي أطفالنا على الأخلاق الحميدة، لا ينبغي أن نجعلهم يرون كل شيء على أنهم المركز، بل عليهم أن يتعلموا ويتوارثوا التقاليد العظيمة. أثار جدلا ثقافيا كبي

الرأي الشائع هو أن الطفل عليه أن يقرأ شكسبير و<<هاري بوتر>>، وعليه أيضا أن يضع على طاولته <<محاورات كونفوشيوس >> و<<300 قصيدة من أسرة تانغ>>. ينبغي على علماء الصين أن يبحثوا في الفلسفات الأجنبية، قديمها وحديثها، كما أن عليهم أيضا أن يبحثوا في الفلسفات الصينية القديمة المتنوعة. ولتحقيق ذلك يجب تغيير حالة الفتور السائدة بين الناس تجاه التراث التقليدي. مع تقدم التنمية الاقتصادية في الصين، ستزداد المشاكل الاجتماعية، وهنا تبرز أهمية الثقافة الكونفوشيوسية التي تهتم بالإنسان والتناغم والوفاق والمجتمع الحديث. أثار جدلا ثقافيا كبي

شهد تاريخ الصين حملتين لمعارضة قراءة الكتب الكلاسيكية. الحملة الأولى عام 1919 وهي حركة الرابع من مايو للثقافة الجديدة، التي طرحت شعار "يسقط كونفوشيوس". فقد ظن بعض المثقفين أن أفكار كونفوشيوس والثقافات القديمة "علوم قديمة" تعوق تقدم المجتمع الصيني، الأمر الذي أثار جدلا ثقافيا كبيرا. أثار جدلا ثقافيا كبي

الحملة الثانية كانت "الثورة الثقافية" التي بدأت عام 1966 وانتهت عام 1976، حيث طورت النظرية السابقة إلى ذروتها، فجعلت المؤلفات الكلاسيكية "السموم المتفشية" في الصين والتي يجب استئصالها. أثار جدلا ثقافيا كبي

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.