محتويات العدد 5 مايو (آيار)‏2005‏
م

عجائب الوخز بالإبر والكي بالميسم

تشياو تيان بي  مراسلة مجلة الصين اليوم

أطباء من أربع عشرة دولة شاركوا في "دورة التدريس الدولية للوخز بالإبروالكي بالميسم" في معهد الطب الصيني التقليدي بمقاطعة شانشي رجل أعمال أسترالي يفضل "تشنجيو" لعلاج مرضه أطباء أجانب جاءوا إلى الصين لتعلم "تشنجيو"

 

في نهاية العام الماضي أصدر المعهد الوطني الأمريكي للبحوث الصحية بيانا صحافيا، أعلن فيه أنه أجرى "دراسة حاسمة" على نطاق واسع حول فعالية العلاج بالوخز بالإبر والكي بالميسم، ومن خلال تجارب إكلينيكية دقيقة وطويلة توصل إلى أن الوخز بالإبر والكي بالميسم طريقة علاجية فعالة يمكنها أن تخفف الآلام الناجمة عن أمراض التهاب مفاصل الركبة، وتقوي بشكل ملحوظ حيوية مفاصل المرضى. وأثبتت هذه التجارب أيضا أن طريقة الوخز بالإبر والكي بالميسم علاج فعال للغاية لالتهاب مفاصل عظم الركبة، وأنها تحسن إلى حد كبير حياة المرضي الذين يعانون من آلام التهاب مفاصل الركبة. كانت هذه هي أول مرة يؤكد فيها علماء الغرب رسميا الفعالية الواقعية للوخز بالإبر والكي بالميسم في العلاج الطبي.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

الوخز بالإبر والكي بالميسم، يسمى بالصينية "تشنجيو"، طريقة علاجية فريدة في الطب الصيني التقليدي ظهرت في الصين منذ القرن الأول قبل الميلاد. الوخز بالإبر يعني استخدام إبر معدنية رفيعة (تصنع حاليا من الصلب غير القابل للصدأ) لوخزها إلى داخل جسم المريض حسب مواقع محددة، ثم تدويرها أو هزها رأسيا أو غير ذلك من الطرق لتحقيق هدف علاج الأمراض المختلفة؛ أما الكي بالميسم فهو عبارة عن تسخين مواقع محددة على جلد المريض بجمرة الشيح الملفوف، مما ينشط حيويته ويسترجع عافيته، وعموما يستخدم الأطباء الصينيون الطريقتين (الوخز والكي) معا في العلاج.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

انتقل علاج "تشنجيو" من الصين إلى أوروبا في القرن السابع عشر، ومن هناك دخل أمريكا. وعندما تدفق عدد كبير من المهاجرين الصينيين إلى أمريكا في أواسط القرن التاسع عشر شاع "تشنجيو" فيها أيضا. يقال إن الصينيين المقيمين في أمريكا الذين يديرون عيادات الطب الصيني باعتبار "تشنجيو" طريقة علاجية أساسية لها، عددهم أقل فقط من الصينيين الذين يديرون المطاعم الصينية هناك. أثناء مرافقته للرئيس الأمريكي نيكسون في زيارته للصين عام 1972 أصيب جيمس رستون مراسل صحيفة "نيويورك تايمز" بالالتهاب الدودي، فأضطر إلى دخول المستشفى في بكين، حيث أجرى له الأطباء الصينيون عملية جراحية بطريقة التخدير بالوخز بالإبر، وبعد أن عاد إلى بلاده نشر مقالة وصف فيها تفاصيل ما حدث له في المستشفى الصيني، الأمر الذي جعل سمعة "تشنجيو" تشيع في أمريكا منذ ذلك الوقت، وحتى عام 2002  تلقى أكثر من 21 مليون أمريكي العلاج عن طريق "تشنجيو" . علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

في عام 1983 أدرجت منظمة الصحة العالمية "تشنجيو" في قائمة الطرق العلاجية النظامية، ووضعت لمن يمارسون هذا النوع من العلاج معايير مهنية صارمة، وأعلنت حتى الآن 104 أنواع من الأعراض المرضية يمكن علاجها أو تخفيفها باستخدام "تشنجيو". أما في أمريكا فقرر مكتب علوم الطب الثانوي التابع للمعهد الوطني الأمريكي للبحوث الصحية في عام 1997 رفع درجة "تشنجيو" من مجموعة "الطرق العلاجية الثانوية" إلى مجموعة "الطرق العلاجية المكملة"، وبذلك اعترف رسميا بأن "تشنجيو" علاج نظامي وفعال. علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

يوجد حاليا في أمريكا أكثر من مائة معهد ومدرسة لتعليم الطب الصيني التقليدي، 20 منها في نيويورك، والمواد الدراسية فيها تدور رئيسيا حول  "تشنجيو"، إلى جانب النظرية الأساسية وطرق التشخيص للطب التقليدي الصيني. وأكثر من 30 ولاية أمريكية وضعت قانونا خاصا بـ"تشنجيو"، ويشترط في من يمارس مهنة "تشنجيو" كطبيب متخصص في الوخز بالإبر والكي بالميسم  أن يجتاز امتحانا تخصصيا للحصول على رخصة العمل، والآن يوجد حوالي عشرة آلاف طبيب حاصل على رخصة ممارسة "تشنجيو" في أمريكا، كما ينضم إلى صفوفهم عدد متزايد من الأطباء من غير  ذوي الأصول الصينية.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

يمتاز "تشنجيو" فعلا بنتائج علاجية عجيبة يعجز الغربيون عن تصورها. البروفيسور شيه رونغ قون الذي يعمل في معهد بحوث الطب الصيني التقليدي بهونغ كونغ، ضرب أمثلة لفعالية علاج "تشنجيو" مشيرا إلى رجل أعمال أمريكي من ولاية تكساس اسمه باس يعمل في تجارة النفط، وقد عانى من ألم مزمن في خصره ورجليه لأكثر من ثلاثين سنة، وكان يضطر إلى تناول الأدوية يوميا لتسكين الألم. وقد اقترح عليه طبيبه أن يجرب "تشنجيو" لعلاج مرضه. وبالصدفة تعرف على الطبيب شيه رونغ قون أثناء زيارته السياحية لهونغ كونغ، وطلب منه العلاج بـ"تشنجيو"،. بعد يومين فقط من العلاج شعر بتلاشي الألم المزمن تماما، ولأول مرة منذ ثلاثين سنة ابتعد عن الأدوية في حياته اليومية. نصحه الطبيب بمواصلة العلاج من أجل الشفاء التام ولكنه غادر هونغ كونغ ظنا أنه قد شفى من مرضه نهائيا، ولم يتصل بالطبيب لتلقي المزيد من العلاج إلا بعد سنتين من ذلك.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

وفي التجارب الإكلينيكية التي قام بها المعهد الوطني الأمريكي للبحوث الصحية في السنة الماضية، اشترك 570 متطوعا في الاختبارات الطبية المختلفة، وكان جميع المتطوعين مصابين بالتهاب المفاصل في الركبة، وعمرهم فوق الخمسين سنة، وظلوا يشعرون بالآلام في مفاصلهم حتى قبل شهر من التجارب، كما لم يتلقوا علاج "تشنجيو" أو عمليات جراحية للمفاصل أو الحقن بالأدوية الغربية لتسكين الآلام قبل ذلك. وقد أشارت النتيجة إلى أن 40% منهم أكدوا أن علاج "تشنجيو" خفف آلامهم فعليا، كما وصلت نسبة تحسن وظيفة مفاصلهم إلى 40% أيضا.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

بالطبع لا يستطيع "تشنجيو" علاج جميع أنواع المرض، فهو لا يفيد كثيرا في علاج الأمراض الناجمة عن التغيرات العضوية مثل التحولات المفاجئة (mutation) في الخلايا والأورام وقصر النظر وغيره، وبرغم أنه يخفف آلام الأورام الخبيثة، فإنه لا يجدي في إخفاء أعراضها بشكل جذري. أما طريقة تخسيس الوزن بالوخز بالإبر فتهدف إلى التحكم في شهية الفرد فقط، وليس إزالة خلايا الدهن مباشرة.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

تقول نظرية الطب الصيني التقليدي إن هناك خطوطا غير منظورة – "جينغلوه" -  تربط جميع نقاط العلاج للوخز بالإبر أو للكي بميسم الشيح داخل جسم الإنسان، وهي التي تلعب دورا أساسيا في علاج الأمراض المتنوعة. والمتخصصون في الطب الغربي لم يروا حتى اليوم هذه الخطوط بعيونهم، رغم أنهم  بذلوا جهودا كبيرة لدراسة هذا الموضوع بطرق التشريح الحديثة، وبالتالي يعتقدون أن سبب تخفيف الألم بـ"تشنجيو" يرجع إلي انبعاث مادة خاصة من الحبل الشوكي عندما يتعرض للتأثير من وخز الإبر، وهذه المادة بالذات تؤدي وظيفة تخفيف الألم. وهذه الأقوال تتناقض مع نظرية الطب الصيني تناقضا واضحا، كما أنهم أشاروا إلى أن "تشنجيو" قد يعطي إيحاءات نفسية للمرضي وقت العلاج حتى يشعروا بتخفف آلامهم بفعل الوخز أو الكي.علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

ومن جانب آخر، ليس من السهل تعلم "تشنجيو"، إذ أنه يتطلب فهما عميقا لنظرية الطب الصيني التقليدي، وعلي الطبيب وقت ممارسة "تشنجيو" أن يعرف معرفة جيدة نظرية خطوط "جينغلوه" المنتشرة بجسم الإنسان، وأن يمتلك قدرة التمييز الصحيح بين أعراض المرضى، حتى يتخذ طريقة مناسبة لاختيار مواقع الوخز. وبعض الأطباء الماهرين يستخدمون أسلوب "تشيقونغ" (رياضة التنفس) لزيادة قوة العلاج في الوخز بالإبر. وفي كثير من الأحيان يعتمد الأطباء على خبراتهم التي حصلوا عليها في ممارستهم الطويلة في العلاج، وهي خبرات غير مكتوبة في المؤلفات الطبية. وكل هذه الأسباب تزيد صعوبة تعميم علاج "تشنجيو".علم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

قال البروفيسور شيه رونغ قون: إن العلماء في أوساط الطب الغربي يهتمون كثيرا بـ "تشنجيو"، ويثابرون على دراستهم حول هذا الموضوع، وهناك تقارير عديدة من مختلف الدول إلي جانب البيان الأمريكي المذكور في بداية المقال، وفي الوقت الحاضر يُستخدم علاج "تشنجيو" على نطاق واسع في أستراليا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها. بيد أن "تشنجيو" لا يزال علاجا ثانويا مكملا في الدول الغربية حتى يومنا هذا، والسبب يعود إلى اختلاف الخلفية الثقافية والنظام الطبي في الشرق والغرب، كما أن "تشنجيو" ليس له تفسير معقول في نظرية الطب الغربي رغم أنه فعال وناجع في التطبيق العملي. ولكنني أعتقد أنه مع تقدم العلم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب العالم سيفتح "تشنجيو" الصيني بالتأكيد أفقا واسعا في الطب العالمي.العلم وتعمق التبادلات الثقافية بين شعوب

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.