محتويات العدد 3 مارس (آذار) 2005 
م

قراءة في سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها مع اليمن

قاو يوي شنغ، سفير الصين لدى اليمن

إنجازات اقتصادية وتحديات كبيرةدي فيما بينهما والمصالح

حققت الصين إنجازات عظيمة خلال الخمس والعشرين سنة الماضية بفضل انتهاجها سياسة الإصلاح والانفتاح منذ عام 1978م بحيث يتطور الاقتصاد الوطني بصورة سريعة ومستمرة ويرتفع مستوى معيشة الشعب كثيرا وتزداد القوة الشاملة للدولة بشكل ملحوظ. فارتفع إجمالي الناتج المحلي للصين من 140 مليار دولار أمريكي عام 1979م إلى 1400 مليار دولار أمريكي عام 2003م بمعدل نمو سنوي 9.4% حيث ازداد 10 أضعاف خلال 25 سنة وبلغ الاحتياطي من العملة الصعبة 403.3 مليار دولار أمريكي عام 2003م بالمقارنة مع 840 مليون دولار أمريكي عام 1979م. كما ازداد الحجم الإجمالي للتصدير والاستيراد من 29 مليار دولار أمريكي عام 1979م إلى 850 مليار دولار أمريكي عام 2003م وتجاوز 1000 مليار دولار أمريكي عام 2004 ، حيث أضحت الصين ثالثة أكبر الدول التجارية في العالم. ووصل حجم الاستثمارات الأجنبية التعاقدية في الصين 1000 مليار دولار أمريكي منذ عام 1979 حتى الآن  منها 500 مليار دولار أمريكي استخدمت فعليا فأصبحت الصين أكثر دول العالم جذبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما يتحسن مستوى معيشة الشعب باستمرار حيث انخفض عدد السكان تحت خط الفقر من 250 مليون نسمة إلى أقل من 30 مليون نسمة ووصل متوسط العمر المتوقع للفرد إلى 72 سنة. إن الشعب الصيني البالغ عدده 1.3 مليار نسمة لم يحل فقط  مشكلة الكساء والغذاء بل حقق أيضا مستوى الحياة الرغيدة بشكل عام.دي فيما بينهما والمصالح

وبالرغم من أن الصين قد حققت نجاحا تنمويا عظيما فإنها تواجه مشاكل العدد الهائل للسكان والقاعدة التنموية الضعيفة وعدم التوازن جغرافيا في التنمية وبروز التناقض بين البيئة الايكولوجية والموارد الطبيعية وبين التنمية الاقتصادية والاجتماعية. مع أن متوسط الفرد السنوي من الناتج المحلي الإجمالي للصين قد تجاوز 1000 دولار أمريكي فإنه لا يزال في مرتبة ما بعد المائة من بين دول العالم.لا بد للصين أن تخوض كفاحا  شاقا طويل الأمد حتى تحقق التحديث ويعيش الشعب الصيني جميعا حياة رغيدة.دي فيما بينهما والمصالح

وقد حددنا أهداف التنمية للأعوام العشرين الأولى من القرن الحالي وهى التركيز على بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل (شياوكانغ) حيث سيصل الناتج المحلي الإجمالي إلى 4000 مليار دولار أمريكي عام 2020م بزيادة أربعة أضعاف عما كان عليه عام 2000م ويبلغ متوسط نصيب الفرد منه 3000 دولار أمريكي. كما نطمح في تحقيق التحديث بشكل عام في منتصف القرن الحالي وبناء الصين دولة اشتراكية غنية وديمقراطية وحضارية. من أجل تحقيق هذا الهدف سوف نواصل التمسك بالبناء الاقتصادي كمحور ونعمل انطلاقا من مصلحة المواطنين على تحقيق التنمية المتوازنة بين الحضر والريف والتنمية المتناغمة بين الإنسان والطبيعة وتحسين البيئة الايكولوجية ورفع مستوى القوة الإنتاجية ومستوى معيشة الشعب حتى نتمكن من إيجاد تنمية علمية ومستدامة كما سنواصل العمل على البناء السياسي الديمقراطي والحكم بسيادة القانون وتطوير الثقافة بما يحقق التطور الشامل للنظام الاشتراكي.دي فيما بينهما والمصالح

سياسة خارجية سليمة وحماية الوحدة الوطنيةدي فيما بينهما والمصالح

إن الصين باعتبارها إحدى الدول النامية تتمسك دوما بسياسة خارجية سلمية مستقلة في ظل المتغيرات المعقدة التي يشهدها الوضع الدولي وستشارك المجتمع الدولي في بذل الجهود لإقامة نظام سياسي عادل متعدد الأطراف ودفع تطور العولمة الاقتصادية نحو تحقيق الازدهار المشترك لتستفيد من ذلك الدول النامية بشكل خاص. كما تدعو الصين إلى إقامة نظام سياسي واقتصادي دولي جديد عادل ومعقول وتعارض نزعة الهيمنة وسياسة القوة وتدعو إلى حماية تنوع العالم وتحقيق ديمقراطية العلاقات الدولية وتنويع الأنماط التنموية فينبغي أن يكون هناك احترام متبادل واستفادة متبادلة فيما بين مختلف الحضارات والأنظمة السياسية والسبل التنموية وصولا إلى التنمية المشتركة.دي فيما بينهما والمصالح

إن الشعب الصيني يحب السلام غير أن موقفنا لا يمكن أن يتزعزع أمام القضية الجوهرية المتعلقة بتوحيد الوطن.دي فيما بينهما والمصالح

ان تايوان جزء لا يتجزأ من الصين منذ القدم وأقامت الحكومات الصينية المتعاقبة أجهزة إدارية في تايوان لتمارس سلطتها عليها وفى وقت مبكر يرجع إلى أواسط القرن الثاني عشر الميلادي بعثت حكومة أسرة سونغ الإمبراطورية بقوات لترابط في تايوان وفى أواسط القرن السابع عشر احتل المستعمرون الهولنديون تايوان غير أن البطل القومي الجنرال تشنغ تشنغ قونغ تمكن من طرد الهولنديين واستعادة تايوان عام 1662، وفى عام 1895 انهزمت حكومة تشينغ الإمبراطورية في "حرب1894-1895" التي شنتها اليابان لغزو الصين فاضطرت إلى توقيع <<معاهدة شيمونوسيكي>> المذلة التي  تم بقتضاها التنازل عن تايوان وأرخبيل بنغهو لليابان، وفى يوليو عام 1937 نهض الشعب الصيني ليخوض حربا وطنية ضد الغزو الياباني فقد أعلنت الحكومة الصينية عندئذ على مسمع كافة الجهات المحلية والدولية في<<البيان الصيني لإعلان الحرب ضد اليابان>> عن إلغاء كل ما يتصل بالعلاقات الصينية اليابانية من معاهدات واتفاقيات غير متكافئة كما أعلنت في الوقت نفسه أن الصين ستستعيد تايوان وأرخبيل بنغهو. وفى عام 1945 أعلنت اليابان استسلامها وقبولها غير المشروط ل<<بلاغ بوتسدام>> و<<إعلان القاهرة>> فأعادت تايوان إلى الصين وهكذا عادت تايوان إلى خريطة الصين وأصبحت خاضعة لسيادة الصين مرة أخرى. أما ما يسمى بقضية تايوان الراهنة فإنها قضية خلفتها الحرب الأهلية الصينية إذ عندما  تأسست جمهورية الصين الشعبية في أول أكتوبر عام 1949 انسحب جزء من أفراد الحزب الوطني (الكومينتانغ) من العسكريين والإداريين إلى جزيرة  تايوان بعد فشلهم في الحرب الأهلية وتحت مساندة الحكومة الأمريكية مارسوا الحكم الانفصالي على تايوان بالاعتماد على قواتهم العسكرية المتبقية وقد رفضت سلطات تايوان منذ وقت طويل إجراء المفاوضات السلمية بشأن إعادة توحيد الوطن وفى السنوات الأخيرة تشبث مسئولو سلطات تايوان بالموقف الانفصالي المتمثل في" دولة في كل من جانبي المضيق" وتمادوا في إنكار حقيقة تايوان كجزء من الصين وادعوا بشكل سافر أن "تايوان  دولة ذات سيادة " و"جمهورية الصين هي تايوان و تايوان هي جمهورية الصين" يحاولون الآن اقتطاع تايوان من الصين عبر ما يسمى بـ" الإصلاح الدستوري" كما شنوا حملة خبيثة على الصين – البر الرئيسي لإثارة مشاعر العداء ضدها لدى مواطني تايوان سعيا سافرا لجعل موقف العلاقات بين جانبي المضيق يتقافم. من الضروري أن نشير بجدية إلى أن وضع مضيق تايوان الراهن بالغ الخطورة ويرجع سبب ذلك إلى التصعيد التدريجي الذي تقوم به الآن سلطات تايوان في مساعيها الرامية إلى "استقلال تايوان" ويدفعون بعملية ما يسمى بـ"مشاركة" تايوان في الأمم المتحدة مستفزين مبدأ " الصين الواحدة " المتعارف عليه دوليا. كما يعملون على تمرير ميزانية المشتريات العسكرية التي تبلغ قيمتها 18 مليار دولار أمريكي لشراء المعدات العسكرية على نطاق واسع. وأكثر من ذلك، أصدروا بلا أي مبرر تهديدات حربية لمهاجمة مدينة شانغهاي وغيرها من المدن. فتبرهن كل هذه الحقائق بصورة كافية على أن مزاعم سلطات تايوان عن الانفراج كاذبة وإنما سعيها إلى " استقلال تايوان" هو الحقيقي ومزاعمها عن السلام مضللة وإنما سعيها إلى إثارة المواجهة هو الحقيقي. إن سلطاتها تمارس بتصعيد متزايد أعمالا رامية إلى "استقلال تايوان" في محاولة لتجزئة الصين بما يشكل أكبر الأخطار والأضرار لسلام مضيق تايوان وأمن منطقة آسيا-المحيط الهادي. إن "استقلال تايوان" لن يؤدي إلى السلام والانفصال لن يسفر عن الاستقرار. وإن صيانة سيادة الدولة ووحدة أراضيها مصلحة جوهرية للصين فإننا سنستمر في التمسك بالخطاب الأساسي المتمثل في " التوحيد السلمي ودولة واحدة بنظامين " ونطبق الدعوة ذات النقاط الثماني الخاصة بتطوير العلاقات بين جانبي مضيق تايوان ودفع عملية توحيد الوطن الأم وسنسعى بأصدق النوايا وأقصى الجهود إلى تحقيق مستقبل التوحيد السلمي، غير أننا لن نتساهل على الإطلاق مع "استقلال تايوان" ولن نسمح لأي شخص باقتطاع تايوان من الصين بأي شكل من الأشكال. فتتوفر لدينا العزيمة والثقة والقدرة لسحق كافة المحاولات الانفصالية الرامية إلى "استقلال تايوان" وحماية سيادة الدولة ووحدة أراضيها.دي فيما بينهما والمصالح

العلاقات الصينية اليمنية دي فيما بينهما والمصالح

الصين واليمن من الدول ذات الحضارة العريقة و يرجع تاريخ التواصل الودي بين البلدين إلى زمن بعيد حيث سافر في العصر القديم عدد كبير من التجار اليمنيين إلى الصين باللبان والمر وعادوا بالحرير والخزف  وأتى تشنغ خه، البحار الصيني المشهور، إلى عدن على رأس أسطول بحري 3 مرات في الفترة ما بين 1406و1433م الأمر الذي سجل صفحة جديدة للتواصل الودي بين الصين واليمن.دي فيما بينهما والمصالح

وكامتداد للعلاقات التاريخية بين الصين واليمن أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 24سبتمبر عام 1956م ومن حينه ظلت علاقات الصداقة والتعاون بينهما تتوطد و تتطور باستمرار متجاوزة التقلبات والتغيرات العديدة التي شهدها الوضع الدولي وظل البلدان يتبادلان التأييد والدعم في السراء والضراء سواء على المستوى الثنائي أو في المحافل الدولية. إذ تعد اليمن من أوائل الدول العربية التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية وأيدتها في استعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة عام 1971 وظلت تتمسك بثبات بسياسة الصين الواحدة وتؤكد على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين. أما الصين فأيدت الثورة اليمنية وساندتها في معركة السبعين يوما للدفاع عن العاصمة صنعاء وكانت الدولة الوحيدة  التي لم تسحب أعضاء سفارتها من صنعاء، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قدمت الصين لليمن ما في وسعها من مساعدات اقتصادية في بناء مشاريع متعددة كطريق صنعاء- الحديدة - أول طريق عابر المحافظات في اليمن ومصنع الغزل والنسيج بصنعاء - أول مصنع غزل ونسيج في اليمن وجسر الصداقة- أول جسر علوي في اليمن والمعهد المهني الصناعي بالأمانة (المدرسة الفنية بصنعاء سابقا) الخ كما أرسلت الحكومة الصينية دفعات عديدة من البعثات الطبية الصينية إلى اليمن على مدى نصف القرن الماضي والتي لعبت دورا هاما في تحسين الخدمات الصحية في القرى والمدن اليمنية وبالإضافة ألي ذلك تقدم الصين إلى اليمن عشرات المنح الدراسية سنويا.دي فيما بينهما والمصالح

شهد التبادل التجاري بين البلدين تطورا مستمرا في السنوات الأخيرة وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 2003  مليار و900 مليون دولار أمريكي  بزيادة 159.8% عن سنة 2002م حيث استوردت الصين ما قيمته مليار و545 مليون دولار من المنتجات والسلع اليمنية و بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في الفترة ما بين يناير وسبتمبر 2004 مليار و350 مليون دولار أمريكي. والصين هى تعتبر أكبر مشتر للنفط اليمنى وتستورد اليمن المنتجات الصينية المختلفة الأنواع، منها المنتجات الإلكترونية والأجهزة الكهربائية المنزلية والسيارات والأغذية ومنتجات الصناعات الخفيفة ومواد البناء الخ. ومع النمو الاقتصادي اليمني وتحسن ظروفها الاستثمارية اخذ عدد متزايد من الشركات الصينية تدخل اليمن للاستثمار وإقامة مشاريع التعاون مثل شركة CMEC الصينية التي تنفذ حاليا مشروع  توسعة محطة حسوة بعدن واستثمار الشركة الصينية للبتروكيماويات في ثلاثة قطاعات باليمن للتنقيب عن النفط وقد وصلت قيمة الاستثمارات الصينية في المشاريع اليمنية تحت التنفيذ والدراسة حاليا حوالي 300مليون دولار أمريكي.دي فيما بينهما والمصالح

 تواجه البلدين في الوقت الحاضر مهمة مشتركة لتطوير الاقتصاد وتحسين مستوى المعيشة للشعب. فيتفق تعزيز التعاون الودي فيما بينهما والمصالح المشتركة للبلدين والشعبين. فتحدوني ثقة تامة بأن التعاون بين البلدين في كافة القطاعات والمجالات سوف يتعزز باستمرار بفضل الجهود المشتركة المبذولة من الجانبين.دي فيما بينهما والمصالح

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.