محتويات العدد 1 يناير (كانون الثاني) ‏2005‏
م
كيف تتخلص من تأثير أمريكا؟ ..  سؤال واجب

لو رو تساي

 بات مفهوم التحديث، أو الحداثة مرادفا لمفهوم الأمركة، وفي الوقت الذي تنطلق فيه الصين بخطوات حثيثة على طريق التحديث، يتغلغل التأثير الأمريكي بين مختلف فئات الشعب في الصين، فيما يراه البعض أمرا لا مفر منه. بعض أجهزة الإعلام الصينية طرحت دعوة  لاقت رواجا واهتماما واسعا. الدعوة هي : كيف تتخلص من تأثير أمريكا؟لنوع من التعلم لا ينب

التأثير الأمريكي يزدادلنوع من التعلم لا ينب

دينغ قانغ، وهو صحفي كبير في صحيفة "لشعب" اليومية، عمل مراسلا  لفترة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، لاحظ بعد عودته، مثل كثيرين، أن الطابع الأجنبي يتزايد في المجتمع الصيني، لدرجة أنه أحيانا يشك أنه مازال في أمريكا وليس في الصين!.. لقد تغير كل شيء كان في ذاكرته. يقول الرجل:" أعيش في بيئة مزدوجة بين ما ألفته وما أستغربه، فقد شاهدت في بكين وشانغهاي وغيرهما من المدن الكبرى عمارات شاهقة، بعضها يفوق فخامة ما في نيويورك، بل إن طموح أصحاب الشركات العقارية العملاقة ببناء مانهاتن الصينية ليس سرا، فمشروعاتهم تحمل أسماء مناطق مانهاتن، مثل الطريق الخامس ونور الشمس..". والحق أن كثيرا من الصينيين يعتبرون أن القادم من الخارج يتسم بذوق رفيع، أعلاها القادم من أمريكا دون شك.لنوع من التعلم لا ينب

التأثير الأمريكي ملموس في كافة مجالات الحياة، وإن كنت ممن لا يعرفون معنى كوول (cool) وكوم أون (come on) وغيرها من التعبيرات الإنجليزية التي يستخدمها الشباب قد تعجز عن التفاهم معهم. ما يضايق السيد دينغ قانغ، وربما غيره، هو أن بعض الصحف تنشر عناوينها بكلمات إنجليزية مثل MALL وغيرها إبرازا لتقدمها. واليوم تجد الكتب التي تشرح سياسات واقتصاد وقوانين أمريكا متوفرة على أرفف المكتبات، ومن أيسر اليسير أن تشتري أسطوانات أحدث أفلام هوليود في الشوارع الصينية. "... الجيل الجديد نشأ مع انتشار كوكاكولا وكنتاكي وماكدونالدز في المجتمع الصيني، وموضة اليوم بين شباب الصين هي تقليد الأمريكيين في قيادة السيارات الجيب الحديثة والإقامة في بيوت فسيحة واستخدام السلع ذات الماركات المشهورة، وهم يرون أن نمط الحياة الأمريكية هو حياتهم في الغد"، بهذا الكلام عبر السيد دينغ قانغ عن قلقه.لنوع من التعلم لا ينب

تعزيز الخصائص الصينيةلنوع من التعلم لا ينب

دينغ قانغ يعتقد أنه لا مجال للصين ذات المليار وثلاثمائة مليون نفس أن تصبح أمريكا أخرى، لظروف سياسية واقتصادية وطبيعية، وهذا رأي يتفق فيه معه آخرون. فمن حيث الظروف الطبيعية، نجد أن المشكلة البيئية الخطيرة التي يواجهها العالم كله تقضي بأن أسلوب الحياة الأمريكية يستحيل نسخه مرة أخرى في أية دولة أخرى، حيث أن الأمريكيين الذين يمثلون 5%، ليس أكثر، من سكان الأرض يستهلكون25% من بترول العالم.  يقول كتاب يحمل عنوان ((ظلال النسر)) لصحفي أمريكي: إن أسلوب الحياة الأمريكية مغرى حقا، ولكن إذا اقتدى سكان الأرض وعددهم ستة مليارات إنسان، بالأسلوب الأمريكي، فإننا نحتاج إلى ثلاثة كواكب تشبه الكرة الأرضية على الأقل، حتى نجد ثروات طبيعية ومساحات كافية لاستيعاب النفايات الناتجة عن استخدام هذه الثروات واستهلاكها. لهذا السبب فكر الأستاذ دينغ قانغ  في شن حملة توعية لأبناء الشعب  ليتخلصوا من التأثير الأمريكي. في مقال له بعنوان ((الابتعاد عن التأثير الأمريكي – مشكلة لا يمكن تفاديها))، نشرته صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في 13 سبتمبر عام 2004، قال الصحفي المخضرم: "لأننا عاجزون عن التصدي لتوغل التأثيرات الأمريكية في مجتمعنا، علينا أن نعمل على الابتعاد عنها بوعي أعلى، فهذا اختيار لا بد لنا منه."لنوع من التعلم لا ينب

ويشرح دينغ قانغ رؤيته قائلا إنه لم يقصد من الدعوة إلى الابتعاد عن التأثير الأمريكي، الترويج لنظرية معادية لأمريكا، لأن الواقع هو أن تصادم الصين وتناقضها مع أمريكا في بعض النواحي سوف يزيد كلما قبلت المزيد من التأثير الأمريكي، فصين بألوان أمريكية ستكون منافسة لأمريكا في مجالات عديدة. ويعتقد دينغ قانغ أنه من أجل الابتعاد عن التأثير الأمريكي يجب على الصين أن تعزز خصائصها الذاتية، ومن هذا المنطلق يرى أن الجدل القائم في أجهزة الإعلام حول جدوى قراءة الأطفال الصينيين للكتب الكلاسيكية الصينية أمر يدعو إلى السخرية. يقول: "لقد وصلنا إلى نقطة حرجة، ونحن نخوض الآن جدلا ساخنا حول ما إذا كان أبناؤنا يحتاجون إلى معرفة الأعمال الأدبية الكلاسيكية الأصيلة للأمة الصينية. إن السبب في انتشار التأثير الأمريكي في بلادنا لا يعود فقط إلى القوة الأمريكية الجبارة وإنما يعود إلى أننا أضعنا تقاليدنا الثقافية في الكثير من المجالات أيضا." لنوع من التعلم لا ينب

"نحن نحتاج إلى التعلم، تعلم تجارب أمريكا المفيدة ". لم يقصد دينغ قانغ في دعوته الرفض الشامل والمطلق لكل ما يأتي من أمريكا، "ولكن علينا أن نغرس ما تعلمناه من الخارج في الأرض الصينية، والأهم أن نهتم بالإبداع على أساس المعارف المستوردة. إذا اكتفينا، طواعية، بأن نكون تلاميذ في المرحلة الابتدائية، وقيدنا أنفسنا في فكرة التعلم الجامد من الآخرين، فلن نستطيع أن ننمو ونكبر". إن شق طريق جديد خاص بنا هو الهدف الأصلي لفكرة الابتعاد عن التأثير الأمريكي.لنوع من التعلم لا ينب

تأييد لفكرة الابتعادلنوع من التعلم لا ينب

مقالة دينغ قانغ كان لها صدى واسع في أوساط العلماء وبين كثرة من القراء. بعدها بفترة قصيرة كتب فانغ نينغ، نائب رئيس معهد البحوث السياسية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية مقالة جاء فيها: "أن الابتعاد عن التأثير الأمريكي فكرة ذات مغزى عظيم، فهي تكشف عن أننا أدركنا أخيرا أن على الصين أن تشق طريقها الخاص في سبيل تحقيق التحديث، ولا يجوز لها أن تنسخ تجارب دولة أخرى نسخا آليا، حتى ولو حققت هذه الدولة أنجح التجارب في العالم. وفي عصر العولمة ينبغي لكل دولة تسير في طريق التحديث أن تتعلم من الآخرين، ولكن المنطق أن يتخرج الطالب بعد مدة محددة من الدراسة، أما إذا اكتفى بتقليد الآخرين دون التفكير في شق طريقه الذاتي فلن ينجح هذا الطالب في أي شيء. الآن توصلنا إلى وعي الابتعاد عن التأثير الأمريكي، فهذا دليل على أننا قد أحرزنا تقدما في مسيرة التعلم من الدول الأخرى، وأن علينا أن نتجه نحو مرحلة النضوج على طريق التحديث."لنوع من التعلم لا ينب

في حوارات الإنترنت عبر كثيرون عن موافقتهم على فكرة "أخذ المفيد وتجنب الرديء والاحتفاظ بالثقافة التقليدية الأصلية". وموقف الجماهير هذا يعطي دليلا على صواب فكرة دينغ قانغ إلى حد ما. وكما قال الأستاذ فانغ نينغ: "لا نزال نحتاج إلى التعلم من الدول الأخرى، بما فيه التعلم من أمريكا، ولكن هذا النوع من التعلم لا ينبغي أن يكون طائشا مثل التقليد العشوائي الذي يسعى إليه الشباب اللاهثون وراء نجوم الفن، إنه تعلم يقوم على أساس المبادرة الذاتية والمنفعة المتبادلة."لنوع من التعلم لا ينب

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.