محتويات العدد 12 ديسمبر (كانون الأول) 2005‏
م

أخلاقيات الطلاب بين قديم يتهاوى وجديد لم يظهر  

مقابلة مع الباحثة وانغ لي تشيون

النمو الاقتصادي السريع في الصين خلال السنوات الأخيرة له انعكاساته على منظومة قيم وأخلاقيات الصينيين، فقد ظهرت توجهات جديدة تختلف عن الأنماط السلوكية والأخلاقية التقليدية. وشأن المجتمعات الأخرى، الطلاب هم رواد التغيير وهم الذين يواجهون ذلك التعارض بين الجديد والقديم، حيث تتجه صوبهم العيون ترقب تحولاتهم. والواقع أن هناك مشاكل أخلاقية كثيرة ظهرت بين الطلاب الصينيين؛ بعضهم لا يتورع عن الغش في الامتحانات، بعضهم يسرق ويقتل ويخدع، ويرتكبون مخالفات يحاسب عليها القانون، هذا إضافة إلى الطلاب الذين ينتحرون، وكلها سلوكيات تترك أثرا سلبيا في المجتمع.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

في مواجهة كل هذا يوجه المجتمع نقدا حادا للطلاب، بأنهم يفتقرون إلى الطموحات السامية وأنهم متأثرون بكل ما هو سيئ في الثقافة الغربية.  ولكن هل هذه الاتهامات واقع حقيقي، وإذا كانت كذلك فكيف يمكن حل مشاكل الطلاب؟ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

((الصين اليوم)) التقت الباحثة التربوية وانغ لي تشيون، المتخصصة في تدريس التربية الأخلاقية للشباب بجامعة العلوم والتكنولوجيا في بكين، والحاصلة على الماجستير في الإخراج من معهد السينما ببكين، في محاولة لاستكشاف جوانب المشكلة وسبل الحل. ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

جذور المشكلة

تعتقد الأستاذة وانغ لي تشيون أن الكبار هم  جذور مشاكل الطلاب في هذا العصر، فالذين يلقون المحاضرات على الطلاب والذين لهم الكلمة في المجتمع هم الكبار، وليس الشباب. الكبار يشكون دائما من تصرفات الشباب التي لا ترضيهم، ولكن هذا شيء عادي، لأن بيئة نمو شباب اليوم تختلف عن البيئة التي ترعرع فيها الكبار. لقد ارتفع المستوى المادي للصينيين فتغيرت الأخلاقيات، ولكن الكبار مازالوا يقيمون الجيل الجديد وفقا لمعايير قديمة وبعيون قديمة، فيحدث التعارض بين الجيلين.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

معظم الأسر في الصين لديها طفل واحد. والناس تنتقد الطفل الوحيد بأنه أناني وضيق الصدر ولا يعرف الحب. ولكننا نسأل كيف يصبح الطفل الوحيد هكذا؟ لأن الكبار لم يضعوا نظام أخلاق كاملا لأطفالهم ولم يهيئوا بيئة نمو حرة لأولادهم في طفولتهم. لقد انتهج الكبار في تربيتهم لأولادهم المعايير القديمة التي كانت تناسبهم في شبابهم قبل عشرين أو ثلاثين سنة، بعبارة أخرى لم يلاحق تطور الأخلاق التطور الاقتصادي. علينا أن ننشئ معايير جديدة للجيل الجديد في المجتمع الجديد، وعلينا أن نقيم الجيل الجديد بمعايير جديدة وأن لا نصفهم بالأنانية وضيق الصدر، فقد تغيرت دلالة الكلمات مع مرور الزمان، بل يسئ البعض استعمال الكلمات الآن. بالمقابل علينا أن نعلم الشباب كيفية الحفاظ على المعيار الأخلاقي كونه المعيار الأساسي في المجتمع الإنساني، ولكن لا أحد يعلم الشباب، فقط ننتقدهم، والشباب لا يستطيعون أن ينشئوا معايير جديدة بأنفسهم، فأين المعايير المناسبة؟ إنها مجرد سراب فلا يجد الشاب نفسه ويعيش في ارتباك.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

ينمو الجيل الجديد في بيئة ثقافية عولمية، فيها الثقافة الشرقية والثقافة الغربية، ومن ثم تؤثر الثقافات المختلفة في صياغة أخلاق الجيل الجديد. والمجتمع لا يقيم الثقافات المختلفة تقييما عادلا وموضوعيا، لا يخبر الشباب ما إذا كانت هذه الثقافة أو تلك خير أو شر، بل ينعتهم بالتغريب في بساطة. والحقيقة هي أن الثقافة الصينية التي يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، قد تغيرت بتغير المجتمع والزمان. منذ القرن التاسع عشر دخلت الثقافة الغربية إلى الصين، وخلال أكثر من مائة سنة تواجه الصين قضية كيفية الدمج بين الثقافتين التقليدية والوافدة ولم تحل المشكلة بشكل جيد. يمكن أن نحطم منظومة الثقافة التقليدية، ولكن علينا أن نقيم منظومة ثقافية جديدة. الحقيقة أننا مازلنا نحطم المنظومة القديمة ولم نشرع بعد في إقامة منظومة جديدة.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

شباب اليوم يعيش حياة بدون جذور، صعبة ومرهقة. والسبب هو أن الآباء والأمهات لم يعتبرون أولادهم امتدادا لحياتهم، بل يعتبرون أولادهم عبئهم أو نوعا من مسئولياتهم. إن كلمة "واجب" تشتمل على معنى لا حول ولا قوة. إذا اعتبر الآباء والأمهات أولادهم امتدادا لحياتهم، فعليهم أن يحترموهم كما يحترمون أنفسهم، هنا سيختلف الوضع إلى آخر. بعد نجاحهم، يوجه الكبار أولادهم إلى الطريق الذي يعتبرونه طريقا ناجحا وحيدا، ولا يسمحون لأولادهم أن يختاروا طرقا أخرى. لماذا لا نستطيع أن نكون متسامحين مع أولادنا ونعطيهم الوقت لمعرفة أخطائهم وتحسين أنفسهم؟ علينا أن نثق بقدراتهم. وفي الواقع أن تعامل الكبار الصارم مع الآخرين، يعكس عدم ثقتهم بأنفسهم. على الكبار أن يكونوا أكثر تسامحا مع الشباب، فيفعل الشاب ما يحب ويؤدي ما يريد من عمل. على الكبار أن يتيحوا للشباب الفرصة لإطلاق العنان لآمالهم وتحقيق أمنياتهم، فلا يكون الشاب مجرد أداة ترضي الكبرياء الزائف للكبار دون التفكير في قيمة حياة الشاب. إن الطفل الذي يترعرع منذ طفولته تحت تأثير والديه تصبح مفاهيمه مثلهما، لا يعرف السير في طريق غير الطريق الذي يرشده إليه الوالدان، ظنا منه أن هذه هي مسئوليتهما وأن قيمة حياته تنحصر في إرضائهما. ولكن في الحقيقة، قيمة الحياة هي بذل المساهمات للمجتمع وليس للأبوين. علينا أن نربي أطفالنا لكي يكونوا  ناجحين وأن يعرفوا معنى الحياة وكيفية التمتع بجمالها. الحياة بها سبل كثيرة ولكن طوحات النجاح دروبها ضيقة في عيون الكبار فلا يسمحون للشباب بسلك الطرق التي يعتبرونها غير ناجحة. علينا أن نتعاطف مع الشباب ونفهمهم، فهم يعيشون حياة جد صعبة.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

عندما ينتحر طالب بالقفز من بناية عالية أشعر بحزن شديد لأن الصدمة تكون ساحقة لأهله وزملائه وأصدقائه. ولأن هذا يعني أن الطلاب يفتقرون إلى الثقة بأنفسهم. على الطالب أن يكون واثقا من نفسه، فخورا بذاته، وهذا يتطلب من أولياء الأمور مزيدا من التسامح، فالطالب لا يستطيع أن يثق بنفسه من تلقاء نفسه، لهذا جذور المشاكل الفكرية للطلاب الصينيين موجودة بين الكبار، ومن هنا فإن علينا أن نصوب النقد جهة الكبار وليس الشباب.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

حل المشكلة

إننا نشعر جميعا بالقلق إزاء هذه المشاكل،و لكن القلق لا يفيد في حلها  شيئا. إن ما نحتاجه هو بناء منظومة أخلاقية جديدة تقوم على احترام كل فرد للآخر، فبعدها سيلتزم كل فرد بالنظام. إن الالتزام بالأخلاق الحميدة واجب كل إنسان بل كل المجتمع. أعتقد أن الطلاب يخطئون يعانون من وخز الضمير.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

تواجهنا مشكلة كيفية تحقيق السعادة للشباب؟  والسبيل لحل هذه المشكلة هو بناء منظومة أخلاقية جديدة أولا، ثم إعطاء الشباب حوافز الحياة السعيدة، هذا يعني أن تكون حياتهم الروحية وافرة ولا نغرقهم في الامتحانات. كل مشكلة ظاهرة اجتماعية، علينا أن نبحث في جذور المشكلة التي وراء الظاهرة. مثلا عندما يقول الطفل لأمه: "أنا جوعان." وتقول الأم:" انتظر قليلا!" هنا لم تلبي الأم رغبة الطفل، فيحاول بطرائق أخرى، كأن يبكي أو ينادي، لأنه يظن أن الأم ستعطيه الطعام بهذه الطرق. ومثال آخر، أن يقول شخص لصديقه:" أشعر بأن حياتي فارغة." فيعتبر صديقه إنسانا غير طبيعي، هنا يختار هذا الشخص الانتحار من أجل جذب انتباه المجتمع إليه. من تلك الظواهر نلاحظ أن حياة الشباب فارغة. إننا ندعو المجتمع لأن يكون متسامحا مع الشباب. لقد أصبح المجتمع أكثر اهتماما بالمال والمصالح المادية، فعلينا ألا نقيم الشباب بمعيار المال والمصالح المادية. السعادة الحقيقية ليست الامتلاك والمصالح، بل هي التي تجعلك إنسانا يشع نورا. بعبارة أخرى، المشاكل الفكرية تتطلب منا أن نبني مجتمعا تعدديا يشتمل على ثقافة متنوعة وفكر متعدد وسلوكيات حياة مختلفة.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

ولكن كيف ننفذ كل هذا؟ أعتقد أن تعليم الأخلاق لا يكون بالكتب لأننا لن نحقق نتيجة وإنما علينا أن نعلم الأخلاق بالممارسة الواقعية. ينبغي أن نختار السلوك المناسب وندمج مفهوم التربية الأخلاقية فيها لتحقيق هدف التربية. بالنسبة لي، اخترت الفن لأنه يعبر عن الروح الإنسانية وهو أيضا تفكير للطبيعة الإنسانية، وهو أهم قوة تدعم حياة الإنسان. ندمج مفهوم التربية فيه للوصول إلى هدف التربية.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

أولا أكتب سيناريو الأفلام التلفزيونية، أحاول أن أدمج مفهوم التربية فيها، بعده أبحث عن منتج، ثم يصور ويبث في محطة التلفزيون. والطريقة الأخرى هي إلقاء محاضرات  حول الفيديو الرقمي، أعلم الطلاب تصوير الأفلام القصيرة، وقد كان موضوع أحدها المشاكل الفكرية في الجامعات. كتب الطلاب السيناريو وقاموا بتصويره وأدوا الأدوار ويقدمون عروضها بأنفسهم. بعد أن انتهوا من الفيلم، عرضوه في حجرة الدرس وشرحوه ليعلق الطلاب الآخرون عليه وتقدموا بمقترحاتهم. ولأن هذه الأفلام يقوم على إعدادها من البداية إلى النهاية طلاب، يكون من السهل على الطالب فهمها. هذه عملية تعليم متبادل بين الطلاب. وقد اشترك بعض الأفلام التي أعدها الطلاب في مسابقة الفيديو الرقمي ببكين، وفازت ثلاثة أفلام بجوائز، منها فيلمان عرضا بالقناة التعليمية في محطة تلفزيون بكين. في محاضرات الفيلم، أحاول أن أنمي مفهوم البطولة في نفس الطالب. فالبطولة، في رأيي، تجعل روح الإنسان قوية صلبة. إن البطل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا ويبذل كل ما يستطيع من أجل تحقيق أمنيته، ويكون مثالا، يمنح محبيه روح البطولة والشجاعة والقوة في الحياة، فلا يشعرون بالفراغ ويثقون بأنفسهم.ل لا يهتم بمصلحة أو مال، يكون شجاعا وي

 

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.