محتويات العدد 12 ديسمبر (كانون الأول) 2005‏
م

كيف تخلصت نينغشيا من الفقر؟

ل مزرعتنا اتشياو تيان بي    مراسلة "الصين اليوم" ل مزرعتنا ا
     

منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي واحدة من المناطق الخمس الذاتية الحكم للأقليات القومية، وأكبر تجمع لأبناء قومية هوي المسلمين في الصين، ومدينة ينتشوان هي حاضرة نينغشيا، وتستغرق المسافة من بكين إليها ساعتين بالطائرة، باتجاه الغرب.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

نينغشيا منطقة صغيرة وفقيرة من بين مقاطعات ومناطق الصين، وأفقر بقاعها شيهايقو، وهو اسم عام لثماني محافظات فقيرة في المناطق الجبلية بجنوبي نينغشيا. يخترق النهر الأصفر- ثاني أطول الأنهار في الصين- شمالي نينغشيا حيث شكل سهلا خصبا يحتل 41% من مساحة نينغشيا، وبفضل المياه المتوفرة والطمي الخصب صارت منطقة مجرى النهر الأصفر في شمال المنطقة قاعدة هامة لإنتاج الحبوب منذ زمن بعيد، كما أنها حظيت بلقب "الأغنى على طول النهر الأصفر". ولكن 59% من أراضي نينغشيا، في جنوبها، عبارة عن جبال وتلال ذات ظروف طبيعية بالغة السوء ومواصلات صعبة، لذلك حملت لقب "الأفقر في الدنيا" منذ عهد إمبراطورية أسرة تشينغ (1644-1911). يبلغ متوسط درجة الحرارة على مدار السنة هناك ست درجات مئوية؛ ولا يتجاوز متوسط نصيب الفرد بها من المياه 465 مترا مكعبا، وهو رقم يقل عن سُدس متوسط نصيب الفرد في الصين؛ ويعاني8ر90% من أراضيها الزراعية من شح مياه الري، وتتعرض للقحط مرة كل أربع أو خمس سنوات، ولا يتعدى متوسط دخل الفرد في المناطق الجبلية 30% من متوسط دخل الفرد في نينغشيا و19% من متوسط دخل الفرد في المنطقة الميسورة على جانبي مجرى النهر الأصفر في الشمال.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

بسبب سوء الظروف الطبيعية يعاني سكان المناطق الجبلية الفقيرة من ارتفاع نسبة المواليد ونسبة الوفيات وانخفاض نسبة النمو. في منطقة قويوان، كنموذج، وصل عدد سكانها 160 ألف نسمة في أواسط القرن السادس عشر، وبعد أربعمائة سنة من التطور ارتفع إلى 180 ألف نسمة فقط في عام 1949. ثم شهدت تلك المنطقة استقرارا وتحسنا في ظروف المعيشة منذ تأسيس الصين الجديدة، فمن عام 1949 إلى عام 1994 زاد عدد سكانها 19ر3 أضعاف، ولكن الزيادة السكانية أدت إلى تقليل متوسط نصيب الفرد من الأرض الزراعية، حيث هبط من 9ر14 مو (المو الواحد يساوي 666 مترا مربعا) إلى 2ر4 مو. وبرغم زيادة إنتاج الحبوب بفضل استخدام طرق الزراعة الحديثة انخفض متوسط نصيب الفرد من الحبوب من 322 كيلوجراما في الخمسينيات إلى 192 كيلوجراما سنويا في أوائل ثمانينيات القرن العشرين. فقد دخلت المناطق الجبلية الجنوبية في حلقة مفرغة من "زيادة السكان – إحياء المزيد من الأرض الموات – تخريب البيئة– زيادة الفقر – زيادة السكان مرة أخرى".عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

ومنذ خمسينيات القرن الماضي اتخذت الحكومة المركزية إجراءات عديدة لتحسين حياة سكان المناطق الجبلية، ولكن ظل 70% منهم يعيشون تحت خط الفقر حتى الثمانينيات، حيث لم يصل متوسط دخل الفرد السنوي لـ 30% منهم، أي 600 ألف نسمة، 300 يوان (الدولار الواحد يساوي 11ر8 يوانات). وقد كانوا من الفقر لدرجة أن بيوت بعضهم كانت خالية من لحاف، ويتشارك أفراد الأسرة في ارتداء القليل من الملابس التي لديهم، بل لم يكن لديهم من أوعية الطعام ما يكفيهم، ولم يتجاوز متوسط نصيب الفرد من الحبوب في بعض الأسر 50 جراما يوميا.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

ابتداء من عام 1983 شرعت الحكومة المركزية تغير منهجها في مساعدة الفقراء؛ من طريقة الإنقاذ البسيط إلى تقديم معونات واقعية لهم، فاعتمدت خلال عشر سنوات متتالية تمويلا خاصا، بلغ مائتي مليون يوان سنويا، لمنطقة شيهايقو في نينغشيا ومنطقتي دينغشي وخهشي في مقاطعة قانسو لدعم السكان الفقراء هناك (يسمى أيضا "مشروع دعم المناطق الثلاث في الغرب"). وفي الوقت نفسه وضعت الحكومات المركزية والمحلية على مختلف المستويات مشروعات متنوعة تهدف إلى مساعدة الفلاحين في المناطق الجبلية في جنوب نينغشيا، وأهمها الاستثمار عن طريق تهجير الفقراء من الأماكن التي لا يوجد بها مياه وأراضي صالحة للزراعية كافية لإعالة سكانها.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

قبل عام 2000 كانت الحكومة تنفذ سياسة  تهجير الفقراء، بنقل فرد واحد أو اثنين من كل أسرة فقيرة إلى مناطق أفضل ليستقروا بها ويستصلحوا قطعة من الأرض الموات، يعيلون بها بقية أفراد أسرتهم في  الموطن الأصلي. وخلال العشرين عاما الفائتة استفاد من مشروع التهجير أربعون في المائة من سكان نينغشيا يقيمون في 60% من إجمالي مساحة المنطقة. وبلغت مسافة التهجير 400 كيلومتر في بعض عمليات التهجير، وانتقل أكثر من 400 ألف شخص إلى مواقع عمل جديدة، واستطاع معظمهم تحقيق هدف "إكمال عملية الانتقال في السنة الأولى، وبدء جني ثمار التهجير في السنة الثانية، وتوفير اللباس الدافئ والطعام الكافي لجميع أفراد الأسرة في السنة الثالثة، وتحقيق الحياة الميسورة في السنة الخامسة". عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

جدير بالذكر هنا أن المسلمين هم أكبر المستفيدين من هذا المشروع، لأنهم يمثلون 49% من سكان المناطق الجبلية الجنوبية، وفي بعض المناطق يشكلون 96% من السكان. في بعض مناطق مقاصد التهجير تجاوزت نسبة المسلمين نسبتهم في المناطق التي هجروا منها. وفي بعض المحافظات نزح 98% من المسلمين إلى أماكن أفضل للإقامة والعمل. وابتداء من عام 2001 شرعت الحكومة تنفذ مشروعات تهجير من نمط جديد، بتشجيع الفلاحين الفقراء على تهجير جميع أفراد الأسرة، وليس فردا أو فردين فقط، وكان أكثر من نصف المهجرين في هذه المرحلة مسلمين. وفي سبيل احترام عاداتهم في الحياة وعقيدتهم الدينية وفرت الحكومات المحلية عناية خاصة للمسلمين في تخطيط وبناء قرى المهاجرين الجديدة، حيث جمعتهم في قرى خاصة أو أحياء سكنية منفردة، كما خصصت لهم المياه والمطاعم الإسلامية، حتى لا يختلطوا مع أبناء القوميات الأخرى في الحياة، وفيما يتعلق بالنشاطات الدينية أنشأت لهم الحكومة المساجد في جميع مواقع إقامتهم، واستقدمت الأئمة لها.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

إن الحكومة تؤمن بأن التناغم بين الإنسان والطبيعة رمز هام لبناء المجتمع المتناغم، الذي ينبغي أن يتسم بالتوافق التام بين جميع الموارد الطبيعية على الأرض. ومشروعات التهجير، وعلى الأخص مشروعات التهجير  البيئي التي بدأت تنفيذها في عام 2001، اهتمت بإنعاش البيئة الايكولوجية في نينغشيا كلها. وحسب الخطة الحكومية، ستصبح المناطق الجبلية الجنوبية، بعد إنجاز مشروعات التهجير، "جزيرة خضراء" قادرة على حماية الحقول وتخزين المياه وتعديل المناخ وتنقية الهواء، وتلعب دورا حيويا كحاجز أخضر طبيعي يضمن سلامة البيئة في شمال غربي البلاد.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

حياة المهجرينعمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

   

في قرى المهجرين ببلدة لوهوا وبلدة شينغجينغ لم نجد اختلافا كبيرا بينها وبين القرى العادية في أرياف نينغشيا، إلا أن التشجير فيها أفضل من القرى الأخرى. وخلال زيارتنا لها لم نر فيها إلا عددا قليلا من الأطفال والنساء، حتى بدت بعض البيوت خالية من سكانها. وقال لنا ما تشن جيانغ، مدير مكتب مساعدة الفقراء بنينغشيا إن هذا مشهد جيد، لأنه يدل على أن الناس هنا قد وجدوا أعمالا تناسبهم. تقع هاتان البلدتان في غربي مدينة ينتشوان، حيث كانت قطعة كبيرة من صحراء غوبي في الماضي، ومنذ عام 1990 استوطنها بعض النازحين الذين لم يتجاوز عددهم أربعة آلاف في البداية، ولكن العدد وصل حاليا إلى أكثر من عشرين ألف شخص. في عام 2004 بلغ متوسط الدخل السنوي للفرد في قرى المهجرين في بلدة لوهوا 1314 يوانا، وهذا الرقم هو الأعلى بين كافة قرى المهجرين في نينغشيا.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

تيان يان باو، فلاح عمره ثمانية وعشرون عاما، ولكنه يبدو أكبر من عمره الحقيقي. لديه ثلاثة أطفال، أصغرهم ولد عمره سنة ونصف، وأكبرهم تلميذة بالابتدائية عمرها ثماني سنوات، معفاة من الرسوم المدرسية حسب سياسة الدولة. كان تيان يان باو يملك 80 مو من الأرض الجبلية المجدبة في موطنه، وكان إنتاجها ضئيلا للغاية، ولا يكفي لسد حاجة أسرته المكونة من سبعة أفراد. رحل تيان يان باو هو وأسرته إلى بلدة لوهوا عام 1996، واشترى مسكنا و5ر7 مو من الأرض. وإلى جانب العمل في حقله يذهب تيان يان باو وبعض أفراد أسرته إلى مزرعة غابات قريبة للعمل حيث يعملون بأجر يومي يتراوح بين عشرين وثلاثين يوانا للفرد.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

السيدة لي قوي شيانغ قررت الانتقال إلى بلدة شينغجينغ عام 1997 عندما عرفت من أقربائها أن الحياة هناك أكثر يسرا وأفضل من موطنها الأصلي. اشترت قطعة أرض بسعر ألف يوان للمو. قبل الهجرة كانت أسرتها، المكونة من تسعة أفراد، لديها 8 مو من أرض فقيرة لا تزيد إنتاجية المو فيها عن مائة  كيلوجرام من الحبوب سنويا. وكانت المياه بعيدة عن دارها، حيث يستغرق جلب دلو من الماء إلى البيت نصف ساعة... الآن أضحت حياتها أسهل بكثير، فإنتاجية المو تصل 300 كيلوجرام من الحبوب سنويا. وبرغم أن عمرها قد بلغ الستين، وعمر زوجها تسع وستين سنة فإن الزوجين العجوزين يعملان في الحقول، ويذهب أولادهما الثلاثة إلى مزرعة غابات قريبة للحصول على دخل إضافي. وقد اعترفت لي قوي شيانغ بأن: "حياتنا هنا أفضل، كنت أعاني من آلام الأطراف بسبب العمل الجسماني المرهق في موطني، والآن شفيت تماما من ذلك، فلن أفكر في العودة إلى بيتي القديم."عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

وقد أوضح المدير ما تشن جيانغ أن حكومة منطقة نينغشيا كانت في البداية توزع الأرض الزراعية والمسكن مجانا على الدفعات الأولى من المهجرين تشجيعا على هجرة الفقراء إلى أماكن أنسب للحياة، وبفعل جاذبية المشروع أخذ عدد متزايد من أبناء المناطق الفقيرة يقتنعون بصواب هذا العمل، فأبدوا استعدادهم لشراء الحقول والمساكن من المهجرين الأوائل، الذين استفادوا من أموال بيع الحقول والمساكن فانتقلوا إلى أماكن أفضل للعمل والمعيشة، وهكذا ظهر في نينغشيا تيار انتقالي يشارك فيه جموع الفقراء الذين يسعون إلى تحسين حياتهم بمساعدة الحكومة، وهو الأمر الذي يدفع تقدم المجتمع ككل.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

في بلدة شينغجينغ زرنا دار هوي سي قوي، حيث استقبلنا ابنه الذي أخبرنا بأن والده ذهب إلي السوق لشراء المستلزمات الخاصة استعدادا لشهر رمضان، الذي كان على الأبواب. في الباحة التي أمام البيت رأينا حظيرة بها  أكثر من عشرين بقرة حلوب. بعد لحظات عاد هوي سي قوي راكبا دراجة نارية. قال لنا صاحب البيت إنه نزح من محافظة جينغيوان إلى هنا في عام 1988، وقبل ذلك كان راعيا أميا في موطنه، وبسبب فقره لم يستطع تأثيث بيته بعد مرور ثلاث سنوات على زواجه، وعندما جاءت أسرته المكونة من خمسة أفراد إلى الموطن الجديد لم يكن لديهم سوى سرير خشبي بقوائم حديدية إضافة إلى 15 كيلوجراما من الدقيق ومائة يوان (12 دولار أمريكي) فقط.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

حصل هوي سي قوي من الحكومة على معونة المهجرين وقدرها أربعة آلاف يوان كنفقات للانتقال، كما تسلم عشرة مو من الأرض الزراعية مجانا. اقترض الرجل واشترى جرارا يدويا لنقل الأغراض، وبعد سنة واحدة سدد ديونه بما كسب من الجرار الصغير فاشترى جرارا آخر أكبر لكسب المزيد من الربح، وبعد ذلك باعه واشترى سيارة نقل في عام 1997. اعتبارا من عام 2001 شرع هوي سي قوي يخصص جزءا من جهوده لتربية البقر الحلوب في داره، وبفضل عنايته وخبراته في التربية تكاثر عدد بقراته، حتى وصل ثلاثة وعشرين رأسا، قيمة كل بقرة 18 ألف يوان، وهذا يعني أنه يملك ثروة حيوانية كبيرة. وتنتج هذه الأبقار مائتي كيلوجرام من الحليب يوميا، سعر الكيلو جرام الواحد منها في السوق 4ر1 يوان، وإلى جانب ذلك يكسب هوي سي قوي دخلا لا بأس به من سيارته في النقل، وفي الوقت ذاته تدير زوجته محلا لبيع زيوت التشحيم في السوق، وهكذا تحقق أسرته  دخلا سنويا يربو على المائة ألف يوان (12 ألف دولار أمريكي).عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

 خبرات من مشروع التهجيرعمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

 

السيد ما تشن جيانغ، مدير مكتب مساعدة الفقراء في نينغشيا خبير في مجال البحوث النظرية حول مشروعات التهجير ومعالجة مشاكلها. منذ تخرجه في معهد العلوم الزراعية بمنطقة نينغشيا عام 1983 أخذ يمارس الأعمال المتعلقة بالتهجير. خلال أكثر من عشرين سنة مضت كرس ما تشن جيانغ كل جهده لمشروعات التهجير في المناطق الجبلية في جنوب نينغشيا، وحقق نجاحا مرموقا في ذلك، إذ أن عمليات التهجير في جنوب نينغشيا هي الأكثر نجاحا في غرب الصين من حيث عدد المهجرين ومدى التنظيم الحكومي والفوائد الاقتصادية والاجتماعية وقلة المشاكل والتناقضات الناجمة عن التهجير الواسع النطاق. وحتى الآن تم إنشاء خمس وعشرين قاعدة لاستيطان المهجرين من المناطق الفقيرة، وبلغت مساحة الأراضي المستصلحة فيها 830 ألف مو (الهكتار الواحد يساوي 15 موا)، واستقر 412 ألف مهجر في دورهم الجديدة.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

نظرية الدفع والجذب (the Push and Pull Theory) للعالم البريطاني رافنشتاين E.G.Ravenstein هي أشهر نظريات التهجير على المستوى الدولي. يرى رافنشتاين أن هناك قوتين تقرران عمليات تهجير البشر: القوة الدافعة من الموطن الأصلي للنازحين، والقوة الجاذبة لموطنهم الجديد. ومشروعات التهجير المنظمة في منطقة نينغشيا تقوم على الظروف الواقعية المحلية، حيث أن الأحوال الطبيعية في مناطقها الجبلية الجنوبية قاسية للغاية لا تصلح لاستمرار البقاء هناك، والخيار الوحيد هو البحث عن موطن جديد، في حين تتوفر في شمال نينغشيا سهول منبسطة ذات موارد طبيعية كثيرة، وبها شبكات ري متكاملة لأراضيها الزراعية، وتقل الكثافة السكانية بها. شروط الدفع والجذب تجعل عمليات التهجير في نينغشيا موفقة، ورغم كل ذلك تلتزم حكومة نينغشيا بمبدأ الاختيار وليس الإجبار في جهودها لإقناع قاطني المناطق الفقيرة بالهجرة، فهي تحترم رغباتهم في البقاء أو الهجرة، وتتعهد بالسماح لهم بالعودة إلى موطنهم السابق خلال ثلاث سنوات إذا أرادوا، وهذا يعني أنهم يملكون الأرض الزراعية والمسكن في الموطنين القديم والجديد معا في تلك الفترة، أما إذا رفضوا التهجير فلا تجبرهم على ذلك.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

ومشروعات التهجير عمليات نظامية، حيث تتعلق بمجالات عديدة في الحياة، من الإنتاج والمواصلات والزراعة والري والطب والعلاج إلى الشؤون المالية، حتى المراحيض للنازحين لا بد من إعدادها في المواطن الجديدة قبل انتقالهم إليها. وحسب إحصائيات عام 2000 بلغ إنفاق حكومة نينغشيا لكل نازح 884 يوانا كاستثمار فردي و500 يوان كاستثمار زراعي، وهذا الرقم ضئيل نسبيا مقارنة مع العشرة آلاف دولار التي تخصص لكل مهجر خارج البلاد، و 3600 يوان (444 دولارا أمريكيا) لكل مهجر في مشروع بناء المضايق الثلاثة على نهر اليانغتسي بالصين، كما يمكن استرجاع هذه النفقات خلال أربع أو خمس سنوات بعد استقرار المهجرين في مواطنهم الجديدة.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

إن نجاح مشروع التهجير يتوقف رئيسيا على الإدارة الحكومية للمهجرين في مواطنهم الجديدة. وقد أثبتت تجارب نينغشيا أن هناك تناقضات تقع بين الجهة الحكومية السابقة والجهة الحكومية الجديدة فيما يتعلق بالمسؤولية عن إدارة عملية التهجير. في بداية الأمر كانت حكومة نينغشيا تطلب من الدوائر الإدارية في المواطن القديمة مواصلة تحمل مسؤولية إدارة سكانها السابقين بعد انتقالهم إلى مواقعهم الجديدة، وكانت هذه الدوائر ترى أن هؤلاء النازحين ملزمين بتقديم مساهمات في بناء مواطنهم السابقة باستمرار، ونتيجة لذلك لم تكن الدوائر الإدارية في مواطنهم الجديدة تتحمل أية مسؤولية لإدارة شؤون السكان الجدد، في حين كان يصعب على الدوائر الأولى أن تقوم بالأعمال الإدارية لهم على نحو جيد بسبب بعد المسافة، الأمر الذي أدى إلى كثرة الحوادث الجنائية التي ارتكبها بعض الأفراد من السكان الجدد، وأيضا إلى فقدان سيطرة الحكومة المحلية على النمو السكاني لهم وفقا لسياسة تنظيم الأسرة. لحل هذه المشكلة قررت حكومة منطقة نينغشيا في عام 1999 نقل صلاحية إدارة النازحين إلى الجهة الإدارية في مواطنهم الجديدة تدريجيا، وقد تم إنجاز هذه المهمة في عام 2002.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

وسوف تنتهي مشروعات التهجير أساسا هذا العام. تتركز معظم قرى المهجرين في محيط ينتشوان، حاضرة منطقة نينغشيا، ومن أجل تحسين حياتهم في أسرع وقت ممكن تعكف حكومة نينغشيا حاليا على بناء مشاريع الري والطرق والكهرباء والمواصلات وغيرها في مناطق المهجرين، لجعل مستوى معيشتهم يقترب من السكان الأصليين في عام 2010.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

العلاقة بين المزرعة والمهجرينعمل مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

     

تقع مزرعة نانليانغ على مسافة أربعين دقيقة بالسيارة من مدينة ينتشوان، باتجاه الشمال. وتعتبر هذه المزرعة من المزارع المتوسطة الحجم بين المزارع المملوكة للدولة، وتشغل مساحة قدرها ستون ألف مو، ومنها ثلاثون ألف مو تنتمي إلى الحقول الزراعية الخصبة، ويعمل فيها حاليا خمسة آلاف ومائتا عامل زراعي، تبلغ حيازة كل منهم 50-60 مو من الحقول في المتوسط، وتحقق المزرعة ربحا يتراوح بين 2ر1 مليون يوان و3ر1 مليون يوان في السنة. وفي جنوب شرقي المزرعة تم تأسيس قرية خاصة للمهجرين، ومن أغسطس عام 2003 حتى الآن استوعبت القرية 274 أسرة مهجرة تضم 1400 فرد. وتخطط منطقة نينغشيا، وهي واحدة من المناطق الأربع التجريبية (المناطق الأخرى هي منطقة منغوليا الداخلية الذاتية الحكم، ومقاطعة يوننان ومقاطعة قويتشو) في كل البلاد، لتهجير مائة ألف فلاح فقير إلى مواقع أنسب لحياتهم خلال خمس سنوات في مشروعها الهادف إلى مساعدة الفقراء وتحقيق البناء الايكولوجي في أنحاء المنطقة.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

في داخل القرية لاحظنا وجود عدد من الشعارات المكتوبة على حوائط دورها، وهي تدعو القرويين الجدد إلى الالتزام بسياسة تنظيم الأسرة، وهذا أوحى إلينا بأن الحياة هناك بدأت منذ وقت قريب. القرية مقسمة إلى جزأين بشريط من الغابات، ويقع قسم المسلمين ناحية هبوب الرياح، حيث الهواء يكون أصفى من الجانب الآخر للشريط الفاصل، وذلك في سبيل توفير مزيد من العناية للمسلمين، وقد خصصت لجنة القرية قطعة من الأرض لبناء مسجد وأخرى لبناء مقبرة خاصة لهم. ويسكن في القرية 75 أسرة مسلمة جاءت من محافظة جينغيوان، و200 أسرة من أبناء قومية هان نزحت من محافظة شيجي.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو

التقينا المهجر يانغ وان قوي (42 سنة)، كان منهمكا في إصلاح جراره، وقال لنا إن جناح المسلمين كان خاليا من الماكينات والعربات الآلية وقت استقراره فيه، أما الآن فقد اشتروا 19 دراجة نارية (سعر الواحدة 3000-4000 يوان) و4 سيارات زراعية (سعر الواحدة 20 ألف يوان)، ويوجد في كل القرية حاليا حوالي 40 دراجة نارية و20 سيارة زراعية.ل مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو

بالرغم من أن طقس هذه السنة ليس جيدا، ولم تبلغ إنتاجية معظم الحقول أكثر من 200-300 كيلوجرام لكل مو، غير أن الإنتاجية في حقول يانغ وان قوي وصلت 400 كيلوجرام لكل مو، لأنه ماهر في الزراعة ومجتهد في التعلم من الفنيين الذين يأتون من المزرعة لنشر المعارف الزراعية المتطورة وتقديم الإرشادات العلمية للمهجرين.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

  تذهب زوجته إلى مزرعة نانليانغ للعمل بالأجر في جمع ثمار الحضض الصيني (medlar). تشتهر هذه المزرعة بنبات الحضض نوع من العقاقير الطبية المغذية، وفي موسم الحصاد (من يونيو إلى أغسطس) تحتاج المزرعة أيدي عاملة إضافية لجمع الثمار، ويمكن لكل عامل أن يكسب 20-50 يوانا يوميا، ويزيد دخل زوجته من العمل خلال موسم الحصاد بكثير عما كانت تكسبه على مدار السنة في موطنها الفقير. أنجب يانغ وان قوي طفلين، الكبير يدرس في إحدى المدارس الزراعية المحلية، والصغير يدرس في السنة الثالثة للمرحلة الابتدائية. وفي أيام العطلة يشارك الاثنان والديهما في العمل بالحقل أو يعملان بأجر في مزرعة ثمار الحضض، وبالجهود المشتركة من جميع أفرد الأسرة يستطيع يانغ سداد الرسوم المدرسية السنوية لابنيه (2000 يوان لابنه الصغير و4000 يوان لابنه الكبير).عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

يانغ تشونغ باو، أمين الحزب في القرية، يملك ابنه سيارة ميكروباس، ينقل بها القرويين إلى المزرعة للعمل، وتستغرق المسافة بين القرية والمزرعة عشر دقائق يدفع فيها الراكب يوانا واحدا للذهاب ويوانا للعودة. يحقق ابن يانغ دخلا لا بأس به لكثرة الراكبين. وقد بنى الابن مسكنا على الطراز الحديث، واشترى لنفسه جهاز تلفزيون وغيره من الأجهزة الكهربائية المنزلية، وركب فيه تليفون. حاليا، يمتلك 90% من أسر المهجرين أجهزة تلفزيون، و70% منهم ركبوا تليفونات. قال يانغ تشونغ باو إن المهجرين جميعا استفادوا من سياسة الحكومة في التهجير، فقد كان متوسط الدخل السنوي للفرد منهم في الأيام الأولى لانتقالهم إلى هنا 500 يوان فقط، ارتفع إلى 800-1000 يوان في عام 2004. وقبل الهجرة كانوا ينجبون ثلاثة بل ستة أطفال حرصا على زيادة الأيدي العاملة في المستقبل، و60% من أولادهم فقط كانوا يلتحقون بالمدارس، أما الآن فيلتزمون بتنظيم الأسرة بفضل تحسن حياتهم، ولديهم القدرة الآن على تعليم أولادهم في المدارس.عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

تشو شيويه شان، مدير مزرعة نانليانغ، قال معلقا على استيطان النازحين في مزرعته: "كنا في البداية نشعر بقلق كبير لقدومهم إلينا، ونخشى أن نعجز عن حل المشاكل المترتبة على وجود هؤلاء الغرباء في الظروف المعيشية الجديدة. وبالفعل واجهنا مشاكل عديدة في نصف السنة الأول من حضورهم إلى مزرعتنا، منها أنهم لم يتكيفوا مع المناخ الجديد، لأن درجة الحرارة هنا أعلى من مواطنهم، فيكثر البعوض والحشرات، وهذا يزعجهم في الحياة والعمل، مما يؤثر سلبيا على ثقتهم في الاستيطان. وفضلا عن ذلك كانوا غير ملتزمين بنظام المزرعة، فيقطعون الشجر لاستخدامه حطبا للطبخ أو يجمعون كيزان الذرة في المزرعة عشوائيا، وكانت قدراتهم ضعيفة في معالجة أمور الحياة العادية، لذا كانوا يحملون كل مشاكلهم في الحياة والعمل إلى قادة المزرعة سواء كانت كبيرة أو صغيرة انتظارا للحل... وحيث أنهم أقوياء في مواجهة المشقات كان من السهل أن يشعروا بالاكتفاء كلما يجدون شيئا من التحسن في حياتهم، لذلك أمسوا الآن متعودين على الحياة الجديدة، وبعضهم بنى دورا جديدة، وتزوجوا من فتيات محليات. وأعتقد أنهم سيعيشون حياة أفضل من عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث."عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

وبفضل حضور الأيدي العاملة القوية من النازحين لم تعد المزرعة تبذل جهدا إضافيا لاستقدام الأيدي العاملة من أماكن بعيدة لجمع ثمار الحضض في موسم الحصاد، حيث كانت المزرعة تحتاج إلى 6000 عامل مؤقت في كل موسم، كان نقلهم من الخارج وإسكانهم في المزرعة يشكل عبئا ثقيلا على إدارة المزرعة. والآن حل المهجرون محلهم، وهذا يفيد الجانبين، فالمهجرون يكسبون مزيدا من النقود، والمزرعة تقتصد في تكاليف الإنتاج. عمال مزرعتنا الأصليين بعد سنتين أو ثلاث.

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.