محتويات العدد 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2005‏
م
موسم الهجرة إلى شينجيانغ

استطلاع: حسين إسماعيل

قد يكون ممتعا أن تزور شينجيانغ، فتلك فرصة لا تتاح لكثيرين، ولكن من المؤكد أن الكتابة عن هذه المنطقة مهمة صعبة، فما يُكتب عن شينجيانغ داخل الصين يختلف بشكل أو بآخر عما يقال عنها خارجها. ويكفي أن تتصفح الإنترنت من أي محرك بحث لتجد فيضا من الكتابات عن شينجيانغ، أو كما تسميها العديد من الكتابات العربية "سنكيانج". في شهر يونيو 2005 بدأ موسم الهجرة إلى شينجيانغ، وهي هجرة إعلامية بالأساس. الموسم ممتد حتى شهر أكتوبر الحالي، والمناسبة هي احتفال شينجيانغ بمرور خمسين عاما على إقامة المنطقة الذاتية الحكم بها. حسين إسماعيل

قبل أن تبدأ هجرة وفدنا الإعلامي التقى رئيس الوفد بالمسافرين وأسدى العديد من النصائح التي تخيلت معها أننا سننتقل من بكين إلى عالم آخر. وأدركت من هذا اللقاء كيف يسهم الصينيون أنفسهم أحيانا في خلق الإحساس بأن شينجيانغ مكان بعيد، فما يكتب عن هذا الجزء من الصين يكون أحيانا غامضا غير مفهوم، كما أن اختصار العديد من الكتابات الصينية ثقافة وحياة أبناء الأقليات العرقية في شينجيانغ بأنهم يجيدون الغناء والرقص يجعلك تتصور أن هؤلاء الناس لا يفعلون شيئا غير الرقص والغناء. وتدرك بعد زيارة شينجيانغ كيف أن هذا الاختصار مجحف بحق هؤلاء.حسين إسماعيل

شينجيانغ تقدم لك لوحة فريدة من الوجوه والتضاريس واللغات والتقدم والتخلف والثراء والفقر والصحارى والواحات والأطعمة واللباس. إنها لوحة شاسعة، مساحتها 6649ر1 مليون كم مربع ، تحتل سُدس مساحة الصين، تجاور ثماني دول بحدود تمتد 5600 كم، ترتبط معها جميعا بعلاقات نسب ومصاهرة واختلاط دماء، فشينجيانغ الصينية الانتماء لا تستطيع أن تنتزع نفسها من ارتباطها الوسط الآسيوي، ولا يمكن بحال فض تداخل اسمها مع الإسلام في الصين؛ فتلك قراءات لا يمكن أن تتجاهلها وأنت في تلك المنطقة النائية الواقعة شمال غربي البلاد والتي يعيش فيها عشرون مليون نسمة ينتمون إلى 47 قومية، على رأسها الويغور (ئيغور كما يكتبها أهلها).حسين إسماعيل

بعد الوصول إلى عاصمة المنطقة، مدينة أورومتشي، (يكتبها الئيغور ئورمجي)، أدركت أن رحلة الطائرة التي استغرقت ثلاث ساعات ونصف من بكين لم تكن كافية لتختزل مشاهد العاصمة الصينية من الذاكرة وتأهيلها لمشاهد أخرى مختلفة. المطار بحد ذاته واجهة طيبة، فمن حيث الاتساع والحداثة والتجهيزات يفوق كثيرا من مطارات دول عربية، وهو مطار دولي تنطلق منه رحلات دولية، واحدة منها إلى الشارقة في دولة الإمارات العربية. وفي الطريق من المطار إلى قلب أورومتشي بوسعك أن تقرأ ملخصا عاما لما قد تراه لاحقا في هذه المنطقة التي تعادل مساحتها مساحة كل من مصر والعراق وسورية معا، فعلي جانبي الطريق تطالعك عن شمالك مدينة ناهضة، أبراج عالية، متاجر حديثة ومظاهر بحبوحة العيش، وتصدمك عن يمينك الغرف الشبيهة بالكهوف في منحدر تل أمامها أطفال حفاة وعجائز ينطق الفقر في عيونهن.حسين إسماعيل

ئورمجي.. هنا أبعد مكان عن البحر حسين إسماعيل

أورومتشي كملة مغولية الأصل تعني المرعى الجميل، لأنها كانت قديما بالفعل مرعى، يخترقها من الجنوب إلى الشمال نهر يحمل اسمها. وهي أكثر مدينة بعدا عن البحر في العالم، كما أنها مركز قارة آسيا وأول مدينة على الجسر الآسيوي الأوروبي. فيها ترى الجبال من كل صوب، ولعل أشهرها الجبل الأحمر الذي أخذ اسمه من لون صخوره وتربته. فوق قمة هذا الجبل برج أقيم عام 1785 عندما تعرضت المدينة لفيضانات لعامين متتالين، ظن البعض أن سببها التنين وأن الجبل الأحمر سوف يلتحم مع جبل آخر، هو جبل باماليك، وتصبح المدينة بحرا، فكان أن أمر حاكمها بإقامة برجين على كلا الجبلين من أجل قهر التنين!حسين إسماعيل

ئورمجي التي يقطنها قرابة ثلاثة ملايين من البشر بوتقة انصهار لأعراق مختلفة، فالناس هنا ينتمون إلى ثلاث عشرة قومية، وربما لا توجد مدينة أخرى بالصين بها هذا التنوع في الوجوه واللباس واللغات واللهجات، برغم أن 70% من سكان أورومتشي ينتمون إلى قومية هان (97% من أهل الصين هان). الكتابات الصينية تُرجع تاريخ أورومتشي إلى عام 206ق م عندما هاجر إليها الصينيون من الأراضي الداخلية واستصلحوا أرضها. وفي القرن السابع الميلادي خلال فترة أسرة تانغ نشرت الصين قوات لتنمية الأرض وبناء تحصينات دفاعية في ذلك المكان الذي كان جزءا مما يسمى "المنطقة الغربية". وفي عام 1758 أقامت قوات أسرة تشينغ ثكنات عسكرية على الضفة الشرقية لنهر أورومتشي، وبعد خمس سنوات أقيمت مدينة جديدة حملت اسم "ديهوا" الذي يعني "التنوير والحضارة"، وفي عام 1954 أعيدت تسمية المدينة "أورومتشي".حسين إسماعيل

ئورمجي ليست مزيجا من البشر والألسن فحسب، بل خليط من العقائد، ففيها معبد كونفوشيوس الذي بني عام 1676، وفيها مساجد أشهرها وأكبرها ثلاثة، مسجد شانشي الواقع بشارع خهبينغ (السلام) الجنوبي الذي بني عام 1906، ومسجد يانهانغ المبني عام 1897 ومسجد ناداسه المبني قبل أكثر من مائة عام. ومن ردهة مقر حكومة منطقة شينجيانغ ترى بوضوح الصليب مرفوعا فوق كنيسة مسيحية تتوسط المدينة.حسين إسماعيل

في أورومتشي لابد أن تزور البازار؛ ذلك السوق المميز بطرازه المعماري الإسلامي، والمقام بمدخله مسجد بالطابق العلوي ومن تحته عدة طوابق هي متاجر تبيع المنتجات المحلية ومنتجات واردة من جنوب الصين. وإن كنت من هواة المساومة على الأسعار فذلك مكان مثالي. ولا تخش شيئا فالباعة هنا يتميزون بلطف وذكاء شديدين، وكثير منهم تجار قادمون من مناطق صينية أخرى. وفي الغالب لن تستطيع أن "تفلت" منهم خالي الوفاض. وأبناء ئيغور لهم باع في التجارة، وقد وصفهم نائب عمدة أورومتشي السيد ليو تشه يونغ بأنهم "يهود آسيا"، وهو وصف لم يرُق لعدد من زملاء الرحلة من الأجانب، ربما لارتباط صورة الئيغوري في أذهان قاطني بكين بباعة الشيش كباب في شوارع العاصمة.حسين إسماعيل

أورومتشي مدينة تتغير، شأن كل بقعة في الصين، وتكتسب ألوانا جديدة وحديثة، فهنا تجد كنتاكي وماكدونالد وكاريفور والعلامات التجارية العالمية المشهورة والفنادق الفاخرة والمولات الضخمة وزحام السيارات وحياة الليل في المطاعم والبارات ومقاهي الإنترنت والحدائق العامة. وكما هو الحال في أرجاء الصين، تشعر هنا بأمان تفتقده في مدن كثيرة بالعالم، وتلك ملاحظة لابد أن يدركها من يأتي إلى هنا محملا بذاكرة عن الاضطرابات في شينجيانغ!حسين إسماع

يل

قه شقه ر، هل من يذكر الباهلي؟!حسين إسماعيل

الوصول إلى كاشي (كما تسمى باللغة الصينية)، أو قه شقه ر، كما يكتبها الئيغور، وكاشغر كما هو شائع، في عام 2005 لم يكن بحال سهلا بعد نحو ألف وثلاثمائة عام من وصول القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي إليها عام 714، كما تقول الكتابات التاريخية العربية. فكاشغر تسجل وفق بعض المصادر بداية دخول الإسلام إلى الصين، عندما وصل قتيبة مشارفها وبعث بوفد يفاوض إمبراطور الصين. الوفد قال  للإمبراطور إن قائدهم قتيبة أقسم أنه "لن ينصرف حتى يطأ أرض الصين"، وهنا ضرب الصينيون نموذجا رائعا في فن التفاوض، حيث بعث الإمبراطور الصيني للقائد المسلم بصحاف من ذهب فيها تراب من أرض الصين فوطأه الباهلي وأبرأ يمينه وانصرف!حسين إسماعيل

كانت الساعة التاسعة بعد الظهر (تغرب الشمس في شينجيانغ في شهر يونيو حوالي العاشرة مساء بتوقيت بكين المعمول به رسميا في المنطقة) عندما أقلعت الطائرة من مطار ئورمجي متجهة إلى كاشغر، وبعد ثمانين دقيقة أعلنت المضيفة أننا سنصل بعد عشر دقائق، لكنها عادت لتعلن مرة أخرى أننا سنعود أدراجنا من حيث أتينا لوجود عاصفة رملية تمنع هبوط الطائرة. رسالة واضحة بسوء الظروف الطبيعية في هذا المكان. ساعة ونصف أخرى إلى عاصمة المنطقة لنمضي ما بقى من سويعات الليل ونستقل طائرة الثامنة صباحا اليوم التالي، لعل العاصفة تكون قد هدأت!  حسين إسماعيل

أخيرا أنا هنا في قه شقه ر، التي كانت يوما أحد المراكز الإسلامية الهامة في آسيا الوسطى. إنها مدينة عمرها أكثر من ألفي عام منذ أن أسست قبائل توشلان عاصمتها بها، ثم وصلتها البوذية في القرن الثاني الميلادي ووصلها الإسلام في القرن السابع. وقد اعترفت كاشغر في نهاية القرن السابع الميلادي بحكومة أسرة تانغ الإمبراطورية التي كان لها حامية عسكرية بالمدينة ولكن الصينيين انسحبوا منها من عام 670 إلى عام 694 بعد أن توسعت التبت وضمت إليها الأراضي الواقعة بالواحات الجنوبية لحوض نهر تاريم. ومن القرن العاشر إلى الثاني عشر وبعد أن سيطر خانات القرقنيد على بخارى وخوتان اتخذوا كاشغر عاصمة لهم. وظلت المدينة في اضطرابات حتى بداية القرن العشرين عندما قامت انتفاضة إسلامية بها ضد حكومة الكومنتانغ خلال الثلاثينات، ولكن هذه الانتفاضة تم القضاء عليها بعد عشر سنوات، وفي عام 1949 أعلن جيش المناطق الثلاث الذي كان مسيطرا على كاشغر قبول قيادة الحزب الشيوعي الصيني.حسين إسماعيل

قه شقه ر الحالية منطقة إدارية يتبعها 11 محافظة ومدينة واحدة. يسكنها ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة، 93% منهم ينتمون إلى قومية ئيغور والباقون إلى قوميات هان وطاجيك وأوزبك وقرغيز وغيرها. تقع كاشغر في جنوبي شينجيانغ، يحدها من الشرق صحراء تاكلامكان ويجاورها من الغرب والجنوب الغربي قرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وباكستان والهند.حسين إسماعيل

في هذه البقعة من أرض الصين أنت في واقع مختلف، المكان الواحد له اسمان، واحد بلغة هان وآخر بلغة ئيغور، فمحافظة ييتشنغ بالصينية هي قاغلاق بالئيغورية، وساتشه هي يه كن وتسيبو هي بوسكام. وهنا ترى واجهات المتاجر والمؤسسات الحكومية والإعلانات بلغة ئيغور وهان معا وإن كانت الثانية تقل كثيرا كلما اتجهت جنوبا وغربا حتى تكاد تكون قاصرة على المؤسسات الحكومية الرمزية مثل مقر الحكومة والحزب.حسين إسماعيل

بعد أن خرجنا من مطار كاشغر تقدم نحونا من كان في انتظارنا من مكتب إعلام كاشغر، وكان من بينهم اثنان من أبناء ئيغور، الأول هو أرسلات، سائق السيارة الذي سيتعهد بنقلنا خلال الخمسة أيام هنا، الثاني هو السيدة تورسونكول، التي ستكون مرشدتنا خلال الرحلة. ألقيت عليهما السلام وبدأ بيننا حوار من نوع خاص استمر حتى نهاية الرحلة. كنا نتحدث بخليط من الصينية والعربية والئيغورية والتركية والفارسية، وسط دهشة من معنا.حسين إسماعيل

الزائر العربي لهذا المكان لا يجد نفسه غريبا، فالناس هنا تشاطره كثيرا من ثقافته وتقاليده. في إحدى القرى زرنا أسرة تعمل بغزل القطن مستخدمين مغازل بدائية. ولما راحت ربة الأسرة، فاطمة، تستعرض أمامنا عملها "حرن" المغزل العتيق فسمت عليه، باسم الله الرحمن الرحيم، فأكملت عليها فاتحة الكتاب. وكان منها نظرة فهمتها أنا وهي. إنه مشهد سيتكرر كثيرا هنا. كلمات عربية وتركية وفارسية تستخدم الحرف العربي مع طريقة كتابة أقرب إلى الأفغانية، فالحكومة هي هكومتي، واستوديو التصوير هو صوره تخانسي، والحياة هي هايات، قلم، تليفون، تلغراف، مركزي، شه مالي (شمالي)، شه رقي (شرقي)، مه كتب (مكتب) ودختورخانه (عيادة الطبيب) وخاشوق (ملعقة بالفارسية)، سياسي اقتصادي، قانون، كتابخنسي (مكتبة)، خوش (جيد بالفارسية) وهلم جرا.حسين إسماعيل

في قه شقه ر المدينة لابد من زيارة عيدكاه، تلك التحفة المعمارية التي يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسمائة عام. عيدكاه، أو ئيتكار كما يكتبه الئيغور ليس مجرد مسجد تقام فيه الصلوات ويحتشد بداخله، وفي الساحة التي أمامه وتحمل نفس الاسم، نحو عشرة آلاف مسلم ساعة صلاة الجمعة. إنه رمز للانتماء العرقي والديني بطرازه المعماري الذي يشبه مساجد باكستان وأفغانستان والسجاد المفروش أمام المحراب في صحن المسجد والمهدى إليه من رؤساء إيران السابقين، خامنئي، رفسانجاني وخاتمي. المنطقة المحيطة بالمسجد تذكرك بخان الخليلي في القاهرة والحميدية في دمشق. عبق التاريخ ينبعث من كل زقاق وبوابة خشبية عتيقة ومشغولات يدوية من النحاس والفضة والألومنيوم. ربما الفارق الوحيد هو ذلك الهدوء والسكون الذي يلف المكان هنا، بل والوقار والتحفظ، فعندما هممت ألتقط صورة لصبيتين تفترشان الأرض أمام دكان أبيهما، نظر إليهما الأب فاستدارت البنتان عن العدسة، وكان على أن أعتذر للرجل كثيرا.حسين إسماعيل

في كاشغر التقيت رحمن عبدالله وناصر الدين وصديق وأمير مختار وإمام على. وعلى الطرقات رأيت الرجل يؤم طفلته يؤدي صلاة المغرب ورأيت المرأة تنهض بجوار كشكها على الطريق تؤدي صلاة العصر على مشهد من المارة. ولاحظت أن الجميع، رجالا ونساء، يحرصون على وضع غطاء الرأس، ذلك في الأرياف أما في المدينة فترى من النساء المنقبات والمحجبات والسافرات.حسين إسماعيل

الناس هنا تصارع الفقر الناجم عن ظروف طبيعية قاسية. والحكومة من جانبها تحاول إقامة بنية أساسية تساعد في التخلص من الفقر، فالعديد من الطرق بنيت وغيرها مازال قيد الإنشاء وتقام مدارس بتمويل من الحكومة أو منظمات خيرية فالتعليم هنا صعب المنال وقد يضطر التلميذ إلى قطع الأميال للوصول إلى مدرسته وتكون الجرارات الزراعية أو الدواب في الغالب هي وسيلة الانتقال. بعض المدارس تقيم بها فصولا داخلية وتوفر الإقامة والطعام لطلابها. والحكومة تسعى لمساعدة الفلاحين في تسويق إنتاجهم، وخاصة من المشمش والعنب والبرقوق وذلك بإنشاء مصانع لمعالجتها وتعبئتها ثم نقلها إلى أماكن أخرى لبيعها داخل البلاد أو تصديرها. إنها خطوات على طريق طويل لخروج هؤلاء الناس من شظف العيش الذي تعبر عنه بنية أجسامهم وملامح وجوههم.حسين إسماعيل

قاناس.. رحلة خارج إطار الزمنحسين إسماعيل

بعد خمسة أيام في كاشغر وليلة أخرى في ئورمجي انتقلنا إلى واقع آخر؛ مراعي خضراء وخيول وقطعان غنم وبقر وجو معتدل ومياه جارية. مشاهد تتكرر خلال الساعات الأربع التي تقطعها السيارة من مدينة ألتاي إلى بحيرة قاناس المحاطة  بجزء من جبل ألتاي. فقط تغمض عينيك وتفتحها لتجد نفسك في دنيا لا شك أنك تتمناها. هذا مكان يحتاج إلى شاعر أو رسام، فرحلة في بحيرة قاناس تأخذك إلى خارج إطار زمانك ومكانك، إلى عالم آخر يرتد بك آلاف السنين، باستثناء اللانش الذي يمخر بك عباب ماء البحيرة والموبايل الذي قد يأتيك بصوت من العالم الذي تركته. هنا على صفحة هذه المياه ومن حولك الجبال الخضراء، تلاحظ في دقائق معدودات أن بشرتك تتغير. دع عنك إعلانات التلفزة ومستحضرات التجميل فأنت هنا في أكبر مركز تجميل على وجه الأرض. مد يديك وخذ غرفة ماء وملس به وجهك لتدهش لما حدث. وإن كنت من أنصار العودة إلى الطبيعة فلن تجد مكانا أفضل من هذا، إذا كان بوسعك تحمُل التكلفة المادية (سعر الغرفة في الليلة من مائة إلى مائتي دولار أمريكي). والشاليهات هنا مبنية بمواد مأخوذة من الطبيعة، فالحوائط والأبواب والنوافذ والسقف والأرضية كلها من خشب الأشجار الموجودة بالمنطقة، في تطبيق حرفي لنظرية المرحوم المهندس حسن فتحي، كبير المعماريين في العالم.حسين إسماعيل

قاناس هي درة منطقة ألتاي الإدارية في شينجيانغ ولكن هناك أيضا بحيرة بورجين وشاطئ الألوان الخمسة الذي يستثمر فيه أحد أبناء هونغ كونغ ستة ملايين دولار أمريكي لإنشاء حديقة سياحية يمكن أن تمثل نقلة في حياة أبناء محافظة بورجين بألتاي. حسين إسماعيل

معظم أبناء ألتاي ينتمون إلى قومية قازاق، التي يقال إنها قومية على ظهور الخيل، وليس ثمة مبالغة في ذلك فقد رأيت الخيول رفيقة لهم لا تفارقهم. وهم يستخدمون لغة  خاصة تكتب بالحرف العربي ومهنتهم الرئيسية هي الرعي، حيث ينتقلون وراء الماء والكلأ أينما كان. ولكن الحكومة شرعت تقيم مستوطنات لهم يستقرون بها معظم أوقات السنة في إطار السعي إلى تحسين مستوى معيشتهم. في بورجين رأينا مرة أخرى  كيف يحرص الناس هنا على التعليم. تلاميذ بأدوات مدرسية متواضعة ومعلمون قادمون من مناطق نائية إلى مدرسة ويماقي الابتدائية التي أصر أطفالها على تقديم عرض فني يبدو أنهم استعدوا به لنا. غنوا ورقصوا وعزفوا وأنشدوا في مشهد هز مشاعر القادمين من بكين فانخرطوا معهم وشاركوهم الرقص والبهجة، وكلنا يسأل كيف يمكن أن نساعد هؤلاء المتشبثين بالأمل في حياة أفضل؟!   حسين إسماعيل

إنها مسألة يجد البعض صعوبة في استيعابها، فكيف تكون شينجيانغ مصدر مواد هاما في الصين، وكيف يكون بها 30% من نفط الصين و40% من غازها الطبيعي وأكثر من 40% من فحمها، ومع ذلك مازالت المسافة بينها وبين رغد العيش جد بعيدة؟!حسين إسماعيل

نائب رئيس منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم السيد كوره شي مه خسوتي (قرشي مقصودي)، ابن قومية ئيغور، في لقائه معنا لخص ما تحقق في شينجيانغ خلال الخمسين عاما الفائتة بالقول إن كافة أوجه الحياة بها قد تغيرت، خاصة بعد تسعينات القرن العشرين، والأرقام تشهد بذلك. المنطقة بها حاليا 12 مطارا، وتوجد رحلات جوية إلى كل مدينة بالمنطقة، والسكة الحديدية وصلت إلى كاشغر والطرق العامة تربط كل المحافظات والبلدات والقرى باستثناء النائي منها. وحجم التبادل التجاري مع دول آسيا الوسطى يحقق زيادة متواصلة، والمنطقة تستهدف الوصول بمعدل زيادة حجم التجارة الخارجية إلى 15% سنويا. وفي العام الماضي بدأت حكومة المنطقة مشروع بناء بيوت مقاومة للزلازل في أرياف شينجيانغ حتى لا تتكرر المشاهد المأساوية كلما وقعت هزة أرضية في هذه المنطقة. المشروع يتكلف 247 مليون دولار أمريكي، وتعفي المنطقة 2,28 مليون تلميذ بها من الرسوم المدرسية وتوفر العلاج المجاني للرعاة، وغير ذلك من الخدمات ضمن عشرة مشروعات اختارت حكومة المنطقة أن تنفذها بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لها، كهدية منها لأبناء المنطقة ولحل أبرز المشاكل التي تواجهها في محاولة للنهوض بشينجيانغ ودفعها للحاق بمناطق الصين الأخرى.حسين إسماعيل

إنه موسم هجرة إلى هذه المنطقة، هجرة نأمل أن تستمر لتطل شينجيانغ على العالم بصورة أبهى تعكس صفاء وإخلاص وعزيمة أهلها، وعندما يأتي احتفالها بمرور قرن على إنشاء المنطقة الذاتية الحكم بها لا تشعر عندما تنتقل إليها من بكين، بما يسمونه "الصدمة الحضارية"!حسين إسماعيل

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.