محتويات العدد 1 يناير (كانون الثاني) ‏2005‏
م

كم رسالة كتبت بالقلم؟

مها ما جيا

بينما كنت أرتب بيتنا، أرفع منه ما تلف وأنسق ما اختلط، إذا بكومة من الرسائل القديمة تخرج إلي من أحد الأدراج. فتحت واحدة منها. إنها رسالة كتبها أبي إلى أمي، قبل عشرين عاما. رسالة الغرام، برغم اصفرار ورقها، مكتوبة بخط جميل دقيق وكلمات بسيطة ولكنها مفعمة بالمشاعر. الرسائل كلها هكذا، وقد وضعتها أمي في مغلفات بأرقام مسلسلة حسب التاريخ.. وضعت الرسائل جانيا، ورحت في تفكير عميق.. منذ متى لم أتسلم رسالة مكتوبة بخط اليد؟رسائله بالقلم حاليا؟

إن الإنسان لم يعد مستعدا، على الأقل نفسيا، لأن يمسك بالقلم ويخط رسالة، في عصر وسائل الاتصال الإلكترونية. التليفون يحل كل مشكلة. وقد حلت رسالة البريد الإلكتروني أو على الموبايل محل الرسائل المكتوبة. يبدو أن العلوم والتكنولوجيا تقتل المشاعر الإنسانية، تقتل أساس وأبسط العواطف في قلوب البشر بأحدث أسلوب وأعلى سرعة. رسائله بالقلم حاليا؟

الناس يفضلون رسائل البريد الإلكتروني في الاتصال بالآخرين، لأنها سهلة، لا تتطلب أكثر من نقرات خفيفة على لوحة المفاتيح، لا مظروف ولا طوابع. ويستطيع المرسل إليه أن يقرأ الرسالة فورا. كثيرون مغرمون بالبريد الإلكتروني، خصوصا جيل الشباب، ولكنني أعتقد أن البريد الإلكتروني يفتقر إلى حرارة الجسم، فلا أستطيع أن أميز المرسل إن لم أر اسمه.رسائله بالقلم حاليا؟

الرسائل القصيرة بالمحمول تشبه البريد الإلكتروني، وأكثر منه وطأة، فأنت بوسعك أن ترسل أي رسالة من جهازك الخلوي إلى أي شخص، ثم ترسل نفس الرسالة إلى الآخرين. ويوجد حاليا على مواقع الإنترنت رسائل معدة مسبقا للمحمول للمناسبات المختلفة، لأعياد الميلاد، وللمزاح ولتعبير العواطف وغيرها. في الأعياد قد تحصل على نفس الرسالة القصيرة من أشخاص مختلفين في نفس الوقت تقريبا. رسائله بالقلم حاليا؟

في بداية عام 2004، كان عدد الرسائل الشخصية14%  من إجمالي الرسائل في شانغهاي. وربما بعض من هذه الرسائل مكتوبة على الكمبيوتر. قبل عشر سنوات كان عدد الرسائل الشخصية يمثل 90% من إجمالي الرسائل. كم شخصا يكتب رسائله بالقلم حاليا؟رسائله بالقلم حاليا؟

منذ زمان لم أكتب رسالة بقلمي أيضا. تذكرت أيام المدرسة الثانوية عندما كنت أخط بقلمي رسائلي إلى الأصدقاء. كنت أكتب الرسالة في الليل الهادئ، أفرش الأوراق على مكتبي، وأختار القلم المناسب لرسالتي، أتنفس بعمق، تبرز ملامح من أكتب إليه أمام عينيّ، فأكتب بقلمي وقلبي. في اليوم التالي أضع الرسالة في صندوق البريد بالشارع، ويفيض قلبي ترقبا وأملا. عندما يصلني الرد أفتح المظروف برفق ويفعم قلبي بالفرحة والسرور، وتتوتر أعصابي قليلا. كل هذه المشاعر اختفت..رسائله بالقلم حاليا؟

أعدت الرسائل القديمة إلى الدرج باهتمام وحرص شديدين، إنها كنز أمي، أغبط أمي على هذه الرسائل النفيسة، وأسأل الله أن أحصل على رسالة طويلة بخط اليد قريبا..رسائله بالقلم حاليا؟

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.