محتويات العدد 1 يناير (كانون الثاني) ‏2005‏
م

قبول الجامعي مسلمة أم لسبع وخمسين فتاة!قبول الجامعي

تشو تشي تشونغ وليان جيون

تناقلت الصحف خبرا بأن السيدة ما تشي ينغ، وهي مسلمة، لديهاها عشر بنات اشتركن في امتحان القبول الجامعي هذه السنة، وقد نجح ست منهن والتحقن بجامعات ومعاهد مختلفة. هذا الخبر أثار فضولنا، وقررنا أن نتعرف عن قرب على هذه السيدة.دير نساء المنطقة

انطلقت السيارة من مدينة ينتشوان، عاصمة منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي المسلمة، باتجاه الجنوب. بعد أكثر من 300 كيلومتر وصلنا إلى محافظة هاييوان الواقعة في منطقة جبلية نائية. الظروف الطبيعية شاقة والناس هنا يعانون الفقر والحرمان، وليس غريبا أن نجد هنا كثيرا من الأطفال المتسربين من المدارس. في قلب هذه المأساة، ابتسم الحظ لعدد من الطالبات الفقيرات، فأكملن الدراسة، وحققن أمنياتهن، والفضل يرجع إلى كثيرين.دير نساء المنطقة

ما تشي ينغ  مسلمة عادية ساهمت بما لديها، ماديا ومعنويا لمساعدة طالبات فقيرات على إكمال دراستهن في مختلف المراحل، وقد بلغ عددهن حتى الآن 57 طالبة.

ما تشي ينغ تبلغ من العمر سبعة وثلاثين عاما. تمنت لو أنها أكملت دراستها بعد أن أنهت المرحلة الثانوية، ولكن لضيق الحال تعذر على أسرتها أن تتحمل النفقات العالية للدراسة. كان والداها يرددان جملة واحدة: ليس لدينا من المال ما يكفي لمصروفات الجامعة.  قبلت ما تشي ينغ مضطرة الوظيفة ثم الزواج بعد فترة. وفي عام 1995 تم تسريحها من عملها لضعف صحتها، ثم سرحت مرة أخرى في عام 1997 لذات السبب. دير نساء المنطقة

ذات يوم في عام 1997 وبينما كانت تمر ببوابة المدرسة المتوسطة رقم 1 بمحافظة هاييوان لاحظت ما تشي ينغ فتاة تقف خارج سياج المدرسة ترقب ما يجرى في المدرسة بهدوء وآثار الدموع واضحة على وجهها. اتجهت إليها وسألتها عن أحوالها، وعرفت أن اسمها يانغ قوي تشن، وجاءت إلى مركز المحافظة من بلدة شينغلونغ البعيدة، وبسبب الفقر لم تستطع أسرتها تدبير رسوم السنة الدراسية الجديدة، ومن ثم لا تستطيع مواصلة الدراسة في تلك المدرسة. بعد أن سمعت كلام هذه الطفلة البائسة شعرت ما تشي ينغ بوخز موجع في قلبها. نظرت في عيني البنت الصغيرة المتلهفة إلى مواصلة دراستها، فلم تتردد في إخراج كل ما في من جيبها من نقود، ودفعت لها رسوم الدراسة- أكثر من مائة يوان (الدولار الواحد يساوي 27ر8 يوان) رغم حقيقة أنها نفسها تعاني شظف العيش. بعد وقت غير طويل رأت ما تشي ينغ خمس فتيات صغيرات متحلقات حول موقد كيروسين صغير لإعداد الطعام في غرفة رطبة مظلمة وباردة ضيقة لا تزيد مساحتها عن خمسة أمتار مربعة. الغرفة لا تصلح للسكن مطلقا. هذا المشهد كسر قلبها، وعلى الفور أخذت الفتيات الخمس إلى بيتها، حيث وفرت لهن الطعام والمسكن والظروف اللائقة للدراسة. سعادة البنات بالحياة في بيتها ومواصلة دراستهن ذكرت ما تشي ينغ بحالتها النفسية عندما أتمت الدراسة الثانوية وحال الفقر بينها وبين الالتحاق بالجامعة، ووعت أن ذلك نتيجة للعادات القديمة المتخلفة التي تؤكد على دور الذكر من الأبناء مع إهمال الأنثى وتربيتها. وقد سيطرت هذه الأفكار على عقول الكثيرين فكانت لها آثارها السلبية على التنمية الاجتماعية. في هذه اللحظة ولدت رغبتها في تأسيس مكتبة خاصة في بيتها للبنات المهددات بالتسرب من المدارس بسبب الفقر، بحيث توفر فيها الطعام وكافة الإمكانيات المعيشية لهن، حتى يستطعن أن يواصلن دراستهن في مركز المحافظة.دير نساء المنطقة

هذه الرغبة لاقت تشجيعا حماسيا من زوجها الذي كان العمود الفقري لإعالة الأسرة المكونة من أربعة أفراد، براتب شهري لا يتجاوز 1200 يوان. برغم هذه الظروف صممت ما تشي ينغ، بمساعدة زوجها، على تحقيق رغبتها، فأفرغت أفضل ثلاث غرف في بيتها، وخصصتها لإسكان الفتيات الفقراء مجانا، مع العناية بهن في الأكل والشرب وقضاء الحاجات اليومية حتى دفع رسوم الدراسة وتوفير العلاج إذا ألم بهن مرض. ومنذ سبع سنوات  تثابر السيدة ما تشي ينغ على هذا العمل الخيري.دير نساء المنطقة

ما تشي ينغ  تقول دائما لفتياتها: "إن الفقر الناجم عن التخلف الاقتصادي ليس فقرا، ولكن الفقر الحقيقي هو فقر العقول إلى المعارف"، تقول ذلك تشجيعا لهن على الاجتهاد في الدراسة والتغلب على صعوبات الحياة.دير نساء المنطقة

بعد كل سنة دراسية تغادر دفعة من الفتيات بيت ما تشي ينغ بعد اتمام الدراسة في المرحلة الإعدادية أو الثانوية، لتأتي إليها دفعة أخرى من الطالبات الجديدات من القرى الفقيرة النائية، للالتحاق بمدارس مركز المحافظة، المميزة. تأتي الفتيات برفقة أولياء أمورهن ليطلبن عناية هذه السيدة الطيبة القلب أثناء بقائهن في المركز. يتغير أعضاء أسرة ما تشي ينغ التي كانت في الأصل  من أربعة أفراد فقط، وحاليا يعيش في بيتها سبع عشرة فتاة صغيرة لا تربطهن صلة دم معها. أمام الأعباء الاقتصادية الثقيلة لرعاية هذه الفتيات تقف ما تشي ينغ وتتصدى لكافة المشقات جنبا إلى جنب مع زوجها المخلص، إذا مرضت واحدة منهن رافقتها إلي المستشفى للعلاج واشترت لها الدواء. وإذا لاحظت بوادر سوء تغذية على إحداهن اشترت لها المغذيات. أما هي فلا تنفق شيئا من المال في غير ضرورة. وعندما أصيبت بمرض في الأمعاء يستلزم عملية جراحية، فضلت العلاج ، وفي كل مرة لا تمكث في المستشفي إلا ثلاثة أيام فقط بحجتين: ارتفاع نفقات العلاج والإقامة فيه أولا، وضرورة تقديم الرعاية للفتيات في بيتها ثانيا. وهكذا استطاعت ما تشي ينغ في السنوات السبع الماضية أن تساعد 57 فتاة فقيرة على إكمال دراستهن في المرحلة الإعدادية أو الثانوية، ومن بينهن فتاة معاقة اسمها يانغ لي لي، وثلاث وعشرون منهن التحقن بجامعات ومعاهد أو مدارس مهنية.دير نساء المنطقة

تقول ما تشي ينغ: القوة التي تدفعني إلى القيام بهذا العمل الخيري نابعة من عزيمتي على بذل كل ما في وسعي لجعل الفتيات الفقيرات ينالن حقا مماثلا للأولاد في تلقي التعليم. لقد منعني الفقر من مواصلة التعليم العالي ولا أريد أن يتكرر مصيري مع هؤلاء الفتيات، لذلك أنا مستعدة لمساعدتهن قدر إمكاني.دير نساء المنطقة

من أجل استيضاح الأمر أكثر قمنا مع زوجها بحساب شامل لما أنفقا لرعاية هذه الفتيات خلال السبع سنوات الماضية، وتقول النتيجة إن إجمالي المصروفات الخاصة لهن قد بلغ 38 ألف يوان على الأقل. ولم تكتف ما تشي ينغ بهذا القدر من الجهود والتضحيات الذاتية، بل فكرت في إنشاء "أسرة فتيات" جديدة داخل ساحة بيتها، حتى تتيح ظروفا أفضل لهن في الحياة والدراسة. غير أن رغبتها الطيبة هذه لا تستطع تنفيذها حاليا بسبب ضيق الحال.دير نساء المنطقة

تعامل ما تشي ينغ هذه الفتيات الفقيرات كبنات لها، تهبهن عناية ومحبة لامحدودة، لذلك حظيت باحترامهن وحبهن.

فتاة من قرية جياتانغ بمحافظة هاييوان، اسمها خه ون جينغ، كتبت قصيدة بعنوان ((حب صامت)) معبرة عن حبها لما شي ينغ، جاء فيها: ... لها قلب عظيم يحمل حبا لامحدود لنا وتشع من جسمها شرر حارة براقة نشعر بها في كل وقت.دير نساء المنطقة

وفي بيتها فتاة أخرى، اسمها ما شياو شيا، نالت عناية خاصة من ما تشي ينغ بسبب وصولها إلى نهاية المرحلة الثانوية، وامتلاكها قدرة كافية للالتحاق بالجامعة، كتبت مقالة بعنوان ((شراع لا يسقط)) تعبر فيها عن امتنانها العميق لما تشي ينغ حيث قالت: لا أستطيع ليلة اليوم أن أغمض جفني. أجلس بهدوء أمام النافذة وأتأمل طويلا، وفي قلبي كلمات كثيرة أريد أن أقولها للأم ما. وأتصور كأنني واقفة على رصيف ميناء وأتردد هناك ذهابا وإيابا، بعد أيام سوف أغادر هذا البيت الذي عشت فيه سنوات، وتذوقت فيه مشاعر أمومية عزيزة، وأفارق الأم ما التي عاشت معظم حياتها في الفقر والحرمان، رغم كل ذلك قدمت كل ما لديها لنا، نحن مجموعة الفتيات الريفيات الفقيرات... الأم ما هي رواية مشهورة تحكي لنا امرأة عظيمة ذات قلب كبير، إنها وردة حمراء وظلال أخضر وميناء هادئ، إنها شراع مركب لا يسقط أبدا في حياتي...دير نساء المنطقة

هذه قصة لسيدة من قومية هوي المسلمة تعيش في منطقة جبلية فقيرة. في صيف العام الماضي تبرع اتحاد النساء لمنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي لما تشي ينغ بجهاز تلفزيوني وجهاز عرض أسطوانات VCD، ومجموعة من الكتب إضافة إلى 2000 يوان للتعبير عن احترام وتقدير نساء المنطقة كلها. وقالت ما تشي ينغ إنها ستستخدم هذه الهدايا الثمينة كليا من أجل مصلحة الفتيات في بيتها، كما عبرت عن عزمها على إقامة "أسرة الفتيات" الجديدة في أسرع وقت ممكن. دير نساء المنطقة

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.