محتويات العدد 4 إبريل (نيسان) 2005
م
خهشون .. القرية الأولى على طريق تشاما

تشانغ هونغ

في زمن أسرة تانغ (618-907م)، شرعت قوافل الخيل تنقل الشاي من الصين إلى الخارج، بادئة رحلتها من شيشوانغباننا وسيماو، مارة بدالي وليجيانغ، وصولا إلى التبت، حيث  يسوق الشاي الصيني إلى أوربا والمناطق الأخرى عبر الهند. كانت الرحلة تستغرق شهورا، وكان طريق تشاما الذي يعني طريق الشاي والخيل، أعلى وأخطر طريق انتشرت عبره الحضارة في العالم قديما. كانت نقطة النهاية لطريق تشاما داخل الصين هي مدينة تنغتشونغ الحدودية. في هذه المدينة الثرية القديمة قرية خهشون، موطن التجار الأثرياء وكبار المثقفين.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

مكان لا بد أن تمر به تجارة اليشم

في مقاطعة يوننان لا تجد قرية تعمر بهذا الكم من البنايات القديمة غير خهشون، أكبر مواطن المغتربين في المقاطعة الجنوبية الغربية. عمرها ستمائة عام على الأقل، وهي القرية الأولى على طريق تشاما. يقطنها نحو ألف أسرة مكونة من ستة آلاف نفس وينتمي إليها أكثر من 7000 مغترب صيني في الخارج، فكل واحد من أهلها له أقارب من المغتربين الصينيين في الخارج.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

في يوليو عام 2003 عندما زرت هذه القرية، رأيت الجسور الصغيرة فوق الأنهار، والمساكن ذات الجدران البيضاء والقراميد السوداء، فظننت أنني في قرى منطقة جنوب نهر اليانغتسي. هذه القرية الواقعة في هضبة بغربي الصين، وتحفها من الشرق جبال هنغدوان الممتدة أكثر من مائة كيلومتر، وإلى الغرب منها دولة ميانمار، تربض في منطقة سهول ويجتازها نهر، وتحيطها جداول، ويحوطها بركان خامد.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

تجاور خهشون ميانمار، من ناحية المنطقة المشهورة عالميا بإنتاج اليشم، وهذا جعلها ممرا لازما لطريق اليشم البري من يوننان وسيتشوان إلى ميانمار والهند. ولأن الأرض الزراعية في خهشون قليلة وسكانها كثيرون، زادهم انتقال القوات المرابطة لفتح الأراضي الرطبة في الأسر المختلفة، لم تكن الزراعة تستطيع توفير ضرورات الحياة لأهلها. وتقول السجلات التاريخية إن التجار كانوا قبل 2400 عام يقطعون مسافات طويلة من المجرى المتوسط لنهر اليانغتسي إليها بحثا عن اليشم، وفي فترة في أسرتي مينغ (1368-1644م) وتشينغ (1644-1911م) كان كثير من قوافل الخيل يأتيها محملة بالحرير والقماش لمقايضته باليشم. ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

هذا الأمر تجسده أغنية أطفال شعبية تقول ما معناه إن على الناس أن يذهبوا إلى ميانمار، ويزاولوا تجارة اليشم ليكسبوا مالا. على هذا انخرط أسلاف هذه القرية في قوافل الخيل، وبدؤوا رحلتهم غربا، ووصلوا إلى ميانمار وتايلاند والهند بعد اجتياز الغابات الجبلية، مرتع الزواحف واللصوص. وكانوا في خهشون يشيدون بوابة تذكارية أمام مدخل القرية إذا مات واحد من أبنائها في الغربة. لم يكن كثير من أبنائها يعودون بعد المغادرة، فكثر عدد البوابات والأرامل .  ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح  

عاش بعض أبناء خهشون في حفر استخراج اليشم منذ طفولتهم، وعمل عدد كبير من أبنائها في استخراج اليشم وتجارته. كان الذهاب إلى خارج الصين من أجل المعيشة مفعما بالرجاء برغم المتاعب والأخطار، وأصبح عدد منهم تجارا أثرياء، وفتح هؤلاء الناجحين متاجر لهم في شانغهاي وهونغ كونغ وجنوب شرقي آسيا، وفي نفس الوقت عادوا إلى قريتهم ومعهم الجديد من أساليب الحياة ومتاعها، وبنوا فيها بيوتا كبيرة بما كسبوه في الخارج. من هؤلاء، ين رونغ، العالم الذي منحه ملك ميانمار منصب قوهشي (رتبة حكومية)، وتشانغ باو تينغ الذي بني عددا كبيرا من المشروعات الكبيرة في ميانمار، وحصل على الوسام الذهبي من ملكة بريطانيا، وتسون يوي تينغ الذي ذهب إلى ميانمار لمزاولة التجارة وعمره عشر سنوات، وأصبح ملك اليشم بعد أن جرب كل أنواع المتاعب والصعوبات، وين تشي شون الذي كان يعيش اعتمادا على جمع الحطب والعشب لإطعام الخيل، وذهب إلى ميانمار مشيا وهو في الرابعة عشرة من العمر وأصبح  تاجرا ثريا بعد أن عانى المتاعب والصعوبات. ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

 البيوت الواسعة

في شوارع خهشون الصغيرة ترى البيوت الكبيرة كأنها متحف. منها بيت قديم خلف مكتبة خهشون، وهو مسكن لأسرة لي، صاحب متجر يونغماوخه الذي كان متجرا قويا ومشهورا في غربي يوننان. في أواسط القرن التاسع عشر زاول هذا المتجر تجارة اليشم والأحجار الكريمة واللوازم اليومية بين خهشون وميانمار، وكانت تجارته مزدهرة على مدى خمسة أجيال خلال أكثر من مائة عام، وانتشرت فروعه في المناطق المختلفة، والآن يعيش أكثر من 200 فرد من نسله في مناطق العالم المختلفة. لا يوجد في البيت حاليا إلا عجوز.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

في باحة المسكن شجرة المغنولية المتفتحة الزهور، وتعلق ألواح التقدير المكتوبة بالذهب في الغرفة الرئيسية، والأبواب والنوافذ والأعمدة منحوتة من الخشب الأسمر غير المطلي باللك، وتبلط أرض الباحة بالأحجار البركانية. يمكن الوصول إلى الطابق الأعلى من سلم بجانب الغرفة الرئيسية. قاعاته واسعة نظيفة، ونوافذه منقوشة مزخرفة، وتعلق ساعة على جدارها ساعة إيطالية الصنع يرجع تاريخها إلى مائة عام. البيت مشيد بالآجر والقراميد بفضل تدبير المال جيلا بعد جيل، وهو أنيق، وليس مترفا برغم أنه مسكن لأسرة ثرية. في هذا المسكن القديم عدد كبير من اللوازم اليومية والأعمال الفنية الأجنبية مثل طست غسل القدم من الإنتاج الألماني والأوعية الخزفية لزراعة الأزهار من الإنتاج الياباني والزجاج من الإنتاج الفرنسي الخ، وبه فرن للخبز وآلة لصنع الشعيرية، هذا يعكس أن هذه القرية النائية كان لها اتصالات وثيقة مع العالم الغربي في الماضي. عاد أبناء خهشون إلى قريتهم ومعهم أكثر من 160 نوعا من البضائع لأكثر من ثلاثين دولة، وجعلوا قريتهم تجمع بين الأعمدة والنوافذ المنقوشة المزخرفة بالأسلوب التقليدي الصيني واللوازم اليومية والأعمال الفنية بالأسلوب الكلاسيكي الغربي.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

قرية قديمة

تبلط شوارع خهشون بألواح حجرية سوداء تسمى بأسماء الأسر المختلفة، وعند مدخل أي شارع باحة عامة للاستراحة تسمى يويهتاي، وبها جدار حاجز على شكل نصف دائري لمنع انسياب المال والسعادة والبركة مع تيار النهر أمامها، وحولها درابزين ومقاعد حجرية قديمة جميلة، وشجر الكافور العطر. يهتم أبناء خهشون ببنائها، وهي مكان دافئ في الشتاء ومعتدل الحرارة في الصيف.

توجد مقصورة صغيرة عند مدخل أي شارع في خهشون، بهدف صد الرياح والمطر وأشعة الشمس عندما تغسل النساء الملابس، وتنظف الرز والخضار، وكانت المكان العام الوحيد الذي يمكن للنساء الذهاب إليه في الصين القديمة. ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

تتولى شركة يوننان خهشون للتنمية السياحية الترويج السياحي للقرية. يقول جياو تشيانغ ، نائب مدير الشركة إن خهشون ستشهد حرث الأرض بالثيران وانتشار الباعة في الشوارع الصغيرة خلال الأربعين عاما القادمة. تدير هذه الشركة مطعما اسمه خهشون رنجيا، وهو مسكن قديم كان تابعا لإحدى المكاتب بيوننان، اشترته الشركة عندما تقرر هدمه ونقلته إلى خهشون.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

على العتبات العليا للأبواب في بيوت خهشون ترى لوحات كتبها أهل الدار يؤكدون فيها على أنهم من أسر المثقفين، وفي باحاتها شجر الكافور ومعابد الأجداد المبنية متكئة إلى الجبل ومواجهة النهر، طلبا للبركة، كما ترى خشبة المسرح التي تواجه معبد إله المال.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

أول مكتبة في ريف الصين

تنغتشونغ الواقعة غربي جبال قاوليقونغ، منعزلة عن السهول الوسطى منذ القدم، وخهشون الواقعة بها أكثر عزلة، حيث تعزلها جبال قاوليقونغ التي ترتفع عن مستوى سطح البحر أكثر من أربعة آلاف متر وتغطيها الثلوج ستة اشهر في العام، وتمرح بها الزواحف السامة والأوبئة خلال النصف الآخر من العام. في مثل هذه الظروف يكون الحديث عن الثقافة عبثا، ولكن الحقيقة أن خهشون احتضنت ثقافة تقليدية صينية أصلها ثابت وفروعها في السماء.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

في خهشون مكتبة تضم سبعين ألف كتاب. قد لا تكون كبيرة مقارنة مع المكتبات في الحواضر الكبرى ولكنها أول مكتبة في ريف الصين، كونها في قرية نائية بأقصى الحدود. المكتبة الريفية لها تأثير كبير في موطن المغتربين الصينيين بأقصى يوننان، وتعتبر هذه المكتبة فخرا لخهشون. ليس لها نظير في ريف الصين من حيث الحجم، وفي نفس الوقت هي أقدم مدرسة للنساء في يوننان، وتجسد وعي الانفتاح لخهشون.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

أقيمت هذه المكتبة في فترة جمهورية الصين الوطنية (1912-1949م)، ومساحتها ليست كبيرة، وهي مبنية باستخدام الأحجار المستطيلة وألواح الخشب. نقلت قوافل الخيل كل مواد البناء لها. بها عدد كبير من الكتب الكلاسيكية، ومستواها في هذا المجال أعلى من المكتبة الريفية، ومن هذه الكتب الكلاسيكية عدد كبير من النسخ الفريدة والكتب النادرة والوثائق المحلية. يبلغ عدد الكتب النادرة بها أكثر من عشرة آلاف كتاب، تجذب العلماء إليها من كل مكان.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

قبل أكثر من سبعين عاما أسس مجموعة من التجار من المغتربين الصينيين الذين يفيضون حماسة لخهشون هذه المكتبة، وذهبوا إلى ميانمار لجمع التبرعات من المغتربين الصينيين، وتبرع عدد كبير من المغتربين الصينيين لها سجلت أسماؤهم في أكثر من مائة مجلد.  ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح 

آي سي تشي، الفيلسوف الصيني المشهور، من أشهر مثقفي خهشون، وقد ظلت أسرته تستفيد من مكتبة خهشون برغم أنه أرسل إلى خارج الصين للدراسة منذ طفولته. أثرت أفكاره الفلسفية الجماهيرية  في أجيال من الصينيين.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

قبل سنوات تم تجهيز مكتبة خهشون العريقة بأجهزة الكمبيوتر، وبفضلها تتوسع الاتصالات بين أبناء خهشون والعالم الخارجي. في عام 1980 أدرجت هذه المكتبة ضمن المكاتب العامة للدولة، والمواقع الأثرية المحمية الرئيسية على مستوى مقاطعة يوننان، وخلال أكثر من سبعين عاما بعد تأسيسها لم تغلق بابها حتى خلال فترة الحرب، وتربى فيها مشاهير مثقفي خهشون.ا بعد تأسيسها لم تغلق بابها ح

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.