محتويات العدد  11 نوفمبر (كانون الأول) ‏ 2004
م

شذرات من تاريخ الإسلام في الصين

توسع انتشار الإسلام في عهد أسرة مينغ الملكية

 في عهد أسرة مينغ الملكية (1368-1644م) واصل الإسلام انتشاره في الصين على نطاق واسع، وتشكلت مناطق سكنية إسلامية تتخذ المسجد مركزا لها، وبدأ انتقال المسلمين من المدن الكبيرة إلى المدن المتوسطة أو الصغيرة والأرياف مثل بعض المناطق الإسلامية المنتشرة بالجزء الشمالي لقناة بكين الكبرى حاليا، وبعض المناطق المحيطة ببكين، وبعض مناطق نينغشيا، ومنطقة شمال شرقي الصين، وقويتشو، والتبت، إضافة إلى بعض مناطق يوننان.. كل هذه المناطق لم يكن فيها مسلمون قبل أوائل عهد أسرة مينغ. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

كانت مدينة نانجينغ، عاصمة أسرة مينغ في أيامها الأولي، أكثر المناطق زيادة في أعداد المسلمين. خلال فترة أسرة يوان (1206- 1368م) كانت نانجينغ تسمى جياكانغلو، وكان تعداد المسلمين القاطنين فيها لا يتجاوز ألف نسمة. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

ولكن في أوائل أسرة مينغ، ازداد عدد المسلمين في نانجينغ بصورة سريعة، ويقول كتاب ((كهتسوه آويوي)) الذي ألفه قو جي يوان في أسرة مينغ:".. إنه في عام 1592 بلغ إجمالي عدد الأسر في محافظة جيانغنينغ 3239 أسرة، فيها 9230 مسلما، ولكن هذا العدد لم يساوي عُشر إجمالي عدد المسلمين في الفترة ما بين من عام 1368 إلى عام 1398.."، السبب الرئيسي  للزيادة السريعة في عدد المسلمين بنانجينغ هو هجرة المسلمين من خارجها إليها. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

أولا، من بين هؤلاء المهاجرين المسلمين ضباط وجنود من الجيش الذي أسقط أسرة يوان، وقد استوطنوا في نانجينغ بعد الحرب، ومنهم أسرى من جيش أسرة يوان خضعوا لأسرة مينغ الملكية. وقد سجل الكثير منهم مآثر عظيمة في الحرب، وتولوا مناصب رفيعة في حكومة مينغ الملكية، وفي بداية تأسيس إمبراطورية مينغ تولى كثير من أبناء قومية هوي مناصب الأمراء والأشراف، أما الأسرى المسلمون الذين استوطنوا نانجينغ فيقول كتاب ((السجلات المحفورة لإنشاء مسجد جينغجيويه)) الذي ألفه وانغ إنه في عام 1389 أمر الإمبراطور تشو يوان تشانغ بإنشاء مسجد جينغجيويه ليسهل على الأسرى من قومية هويهوي أداء الصلاة والصيام، وفي الوقت نفسه أمر بأن لا يشارك أحد منهم أو من خلفهم في الشؤون السياسية ولكن يدرسون الكتب الإسلامية ويؤدون الصلاة فقط. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

مسجد جينغجيويه هو المسجد القديم الوحيد الموجود حاليا في نانجينغ، ويسمى أيضا مسجد سانشانجيه لأنه يقع في شارع سانشانجيه في جنوب مدينة نانجينغ. تقول السجلات التاريخية إن مسجد جينغجيويه بني في أسرة مينغ، وكانت مساحته الأرضية حوالي 67 هكتارا، وكان مسجدا ضخما في العاصمة، لكنه تعرض للهدم مرات بعد بنائه الأول كما تم ترميمه مرات وقلت مساحته أثناء الترميم. يقال إن اسم مسجد جينغجيويه يرتبط مع تشو يوان تشانغ (1368- 1398م) مؤسس إمبراطورية مينغ، وهناك قصة شائعة بين مسلمي نانجينغ، تقول إن بعض الأشراف من قومية هوي مثل تشانغ يوي تشون، هو دا هاي كانوا يصلون في مسجد سانشانجيه دائما، وذات يوم، همَ الإمبراطور تشو يوان تشانغ بدخول المسجد لمقابلتهم في قاعة الصلاة. عندما جاوز الملك عتبة قاعة الصلاة للدخول أتاه حارس المسجد ليمنعه من الدخول  لأنه كان مرتديا الحذاء، والشريعة الإسلامية تمنع أي شخص من دخول المسجد بالحذاء. فسحب الإمبراطور قدمه من داخل العتبة وقرر منح مسجد سانشانجيه اسما جديدا- "جينغجيويه" (الطاهر).فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

ثانيا، إن كثيرا من الحرفيين والتجار وحرس القصر والفنانين من قومية هوي هجروا إلى نانجينغ، التي صارت في أوائل أسرة مينغ المركز السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافي للصين. يقول سجل النسب((تشوانتي)) لعائلة "ليانغ" الطبية إن الجيل الأول لعائلة ليانغ  كان طبيبا عظيما مشهورا أتي من المنطقة الغربية إلى عاصمة بياندو لأسرة سونغ (كايفنغ بمقاطعة خنان حاليا) خلال الفترة ما بين 1068 – 1077م، ومنحه إمبراطور أسرة سونغ اسم العائلة "ليانغ"، ثم هجرت أسرة "ليانغ" خلال الفترة ما بين 1368- 1398م من عاصمة بياندو إلى نانجينغ. في أسرة يوان ظهر كثير من الفنانين والحرفيين من قومية هوي، وكانت عائلة "ليانغ" من هؤلاء الأكفاء. أيضا في هذه الفترة أتي كثير من التجار إلى نانجينغ إضافة إلى الفنانين، وبخاصة تجار المجوهرات، لأن نانجينغ كانت عاصمة إمبراطورية مينغ ويقطنها النبلاء والأمراء، وهي أكبر سوق لاستهلاك المجوهرات على مستوى الدولة، الأمر الذي جعل دفعة كبيرة من تجار المجوهرات يأتون إليها، منذ ذلك الوقت فصاعدا ظل التجار من قومية هوي يحتكرون سوق المجوهرات بنانجينغ حتى العصر الحديث. تقول سجلات النسب لعائلات "تشنغ"، و"وو" و"ما" بأن أجدادهم الأوائل هاجروا إلى نانجينغ في أوائل عهد أسرة مينغ. وبطبيعة الحال لم يبق من سجلات النسب لقومية هوي إلا القليل. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

البحار والدبلوماسي تشنغ خه (1371- 1435م) كان من أسرة مسلمة نبيلة، وفي عام 1405 أصدر الإمبراطور مينغ تشنغ تسو، تشو دي، مرسوما بأن  يتوجه تشنغ خه وغيره بحرا إلى المحيط الغربي(المحيط الهندي) لإظهار جبروت سلاحه. وقد أبحر تشنغ خه خلال 28 عاما، ابتداء من  عام 1405إلى عام 1433 إلى المحيط الغربي 7 مرات، قائدا أكبر أسطول بحري في العالم حينذاك، استخدام البوصلة في الإرشاد الملاحي، للأسطول الذي ضم أكثر من 27 ألف فرد من الضباط والعسكريين والملاحين والحرفيين والمترجمين والأطباء. لقد اكتشف البحار العظيم تشنغ خه في رحلاته السبع الطريق البحري الذي يربط بين الصين وشرق أفريقيا عبر المحيط الهندي، وعزز التبادل الاقتصادي والثقافي بين الصين والخارج والصداقة بين شعب الصين وشعوب الدول الأفريقية.فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

مجمل القول أن أوائل أسرة مينغ، شهدت هجرة كبيرة لأبناء قومية هوي من أنحاء الصين إلى نانجينغ، ولكن كانت هذه الفترة قصيرة، وسرعان ما توزع المسلمون بصورة متناثرة، وأتى بعضهم مع الجيش إلى الغرب، وهجر بعضهم مع الإمبراطور يونغ له إلى بكين، وانتشر بعضهم مع تحول المركز السياسي والاقتصادي والثقافي إلى أماكن مختلفة. واليوم بعض المسلمين في قانسو، تشينغهاي، قوانغسي، يوننان، هونان ترجع أصولهم إلى نانجينغ، وقد اغتربوا في فترة أسرة مينغ للأسباب الموضحة سابقا. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

برغم قصر فترة هجرة المسلمين الكبيرة  إلى نانجينغ ثم انتقالهم منها إلى خارجها، لعبت هذه الهجرة والانتشار دورا هاما في نشر الإسلام في الصين على نطاق واسع، وبخاصة في مناطق لم يكن فيها مسلمون، في فترة أسرة يوان. ولهذا السبب شهد عدد مسلمي نانجينغ زيادة سريعة حتى أصبحت نانجينغ المدينة الأكثر تجمعا للمسلمين في منطقة سواحل بحر جنوب شرقي الصين. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم 

واليوم نشهد في خريطة توزيع السكان الصينيين، ميزة واضحة لانتشار المسلمين في الصين، وهي أنهم ينتشرون انتشارا واسعا على نطاق البلاد، فنستطيع أن نلاحظ وجودهم في كل مكان تقريبا، وأحد الأسباب الهامة لهذا الانتشار يعود إلى ما حدث في فترة أسرة مينغ كما ذكرنا سالفا. ولكن من عادة المسلمين أنهم يميلون في إقامتهم إلى التجمع في بعض المراكز الخاصة بهم، حيث توجد المساجد والمدارس والمطاعم الإسلامية الكثيرة. نظرا لأن تعداد المسلمين في الصين قليل مقارنة مع قومية هان (20 مليون نسمة مقابل أكثر من 04ر1 مليار نسمة)، لذلك تبدو نقاط تجمعهم محدودة عموما سواء في المدن أو القرى. فنستطيع أن نلاحظ وجودهم  

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.