م

إذا انتقلنا للحديث عن الأدب الصيني المعاصر، فيري الكثير من السادة أساتذة تاريخ الأدب الصيني أنه لابد من تقسيم الأدب الصيني المعاصر إلى فترات ثلاث هي: المعاناة والظلم للكثيرين

   فترة السبعة عشر عاما وهي الفترة من تأسيس الصين في أكتوبر 1949 حتى بداية "الثورة الثقافية الكبرى" في عام 1966.  وهي الفترة التي بدأت بالتحول إلى "الاشتراكية" أو ما يعرف بـ"الواقعية الاشتراكية" ، فمنذ انطلاقة الصين الجديدة مع الاستقلال والقضاء على العدوان الياباني، حدث تغيير جذري في المجتمع الصيني مما أوجب حدوث تأثير كبير لمضمون القضايا الأدبية والفكرية والاجتماعية في الصين وكذلك في صفوف المبدعين والمفكرين والكتاب. ففي بداية فترة السبعة عشر عاما  كانت صفوف الأدباء الصينيين تنقسم إلى ثلاث مجموعات. المجموعة الأولى يمثلها مجموعة الكتاب الذين قدموا من "يانآن " وكافة المناطق المحررة، حيث مشاركتهم الإيجابية في النضال الثوري ومعيشتهم الفعلية في الحياة في المناطق المحررة، وحيث تشكلت الآراء الفكرية والأدبية لهم انطلاقا من النواة الأساسية لـ" كلمة الزعيم ماو في ندوة الفن والأدب في يانآن". وعلى ذلك فإن التحول الاجتماعي لهم لم يكن بالأمر الصعب، ومنهم  تشاو جو لي، دينغ لينغ، ليو تشين، تشاو لي بوه، ما فنغ، لي جي الخ. أما المجموعة الثانية فهم فريق الكتاب القادمون من المناطق الموحدة، وهم أصحاب أعمال أدبية مشرقة في عصر الثورة الديمقراطية، إلا أنهم واجهوا مشاكل عديدة في التحول والتلاؤم مع التغير الاجتماعي الجديد. وفي مواجهة الإبداع الأدبي الجديد بذل البعض منهم الجهد الكبير لاستيفاء المتطلبات الجديدة للإبداع ، كما ظل بعضهم يبحث عن نقطة للانطلاقة الجديدة، واضطر البعض الآخر إلى التحول عن موقع الإبداع الأدبي. وعلى الرغم من أنهم قدموا بعض الإبداعات الأدبية الشهيرة مثل "المسستنقع" و"المقهى" "قوانج خان ليو" الخ ، إلا أنهم  لم يستطعيوا تجاوز الماثورات التاريخية لهم. ويأتي بعد ذلك جيل الكتاب الجدد الذين يمثلون المجموعة الثالثة، وهم إما كتاب قادمون من قوات الثورة مثل ران بين، يانج مو، وو تشيانغ، دو بينغ تشينغ،وانغ وين شي، و رو جي جيان والآخرين، أو هؤلاء الكتاب الذين تربوا في تربة المجتمع الجديد مثل لي جو ين، تسونغ واي شي، وانغ منغ . وهؤلاء الكتاب الجدد كانوا نتاج الحركة الجديدة، ولم يكن لديهم أي صعوبات في التعايش والتلاؤم مع المجتمع الجديد. ومن أهم الإبداعات الأدبية لهذه الفترة تأتي الروايات الشهيرة التي تعكس تاريخ الكفاح والنضال الثوري من أجل الاستقلال والتحرير مثل " فلنحمي يانآن" للكاتب دو بينغ تشينغ والتي تعكس المرحلة التاريخية للنضال والكفاح من أجل الدفاع عن يانآن، والتي تعكس أيضا الروح البطولية الثورية لهذه المعركة العظيمة. ورواية "الجدار الفولاذي" للكاتب ليو تشين. هذا بالإضافة إلي الروايات التي ظهرت في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي مثل روايات "الرايات الحمراء" للكاتب ران بين  و"الشمس الحمراء" للكاتب وو تشيانغ "وسيرة الطريق الجديد" لليو تشين، وفي أوائل الستينات ظهرت رواية للكاتبين لو قوانغ بين ويانغ يي يان "الجرف الأحمر"  كما كانت هناك بعض الروايات الأخرى مثل "صباح شانغهاي " للكاتب جو ار فو والتي تعكس البداية والطريق الجديد لطبقة البرجوازية الوطنية في ظل شروط  "الاشتراكية" والمجتمع الاشتراكي الجديد. ورواية الأديبة يانج مو "أنشودة الشباب" التي توضح مسيرة النضال الثوري لطبقة المثقفين وتطورها. ورواية الكاتب الكبير تشاو شو لي" منعطف سان لي" والتي تمثل أول الأعمال الأدبية التي تتناول حياة الفلاحين في الريف و موضوع الكومونات التعاونية الزراعية. هذا بالإضافة إلى العديد من القصص القصيرة التي حققت نجاحا مبهرا في أوساط الفن والأدب الصين منها "التسجيل" لتشاو جو لي و "ذكريات الأراضي الجبلية" لسون لي  و"الزواج" لما فينج و"حملة في الوادي" للكاتبة لو يي . وفي منتصف فترة السبع عشرة عام هذه ظهرت الإبداعات القصصية التي عكست الحياة الواقعية والتحول السريع للمجتمع الصيني الجديد منها "مصروفات الحزب" "ثلوج مارس" "حكاية الأم" "الفجر علي جانبي النهر". وبعض القصص التي تتناول موضوع الحب والحياة الأسرية مثل "حبة الصويا الحمراء" و"في الوادي" و"الجمال" . ونقف قليلا أمام الكاتب الكبير وانغ منغ وقصته القصيرة  "شاب جديد يحضر إلى دائرة التنظيم" والتي تمثل واحدة من اشهر القصص القصيرة في هذه الفترة  .  المعاناة والظلم للكثيرين

ثم ننقل بعد ذلك للحديث عن الفترة الثانية من فترات الأدب الصيني المعاصر وهي فترة "العشر سنوات" والمقصود بها فترة "الثورة الثقافية الكبرى" من عام 1966 وحتى  عام 1976. وهي فترة انتكاسة الأدب الصيني المعاصر، حيث وضعت "الثورة الثقافية الكبرى" و"عصابة الأربعة" العراقيل أمام الإبداع الأدبي والفني، وظهرت الشعارات الجوفاء والقوالب الجامدة التي جعلت الإبداع الأدبي والفني يسيرا نحو الهاوية، وقد اسقط بعض أساتذة الأدب الصيني المعاصر  الحديث عن هذه الفترة والإبداع الأدبي لها  كما في كتاب "موجز الأدب الصيني المعاصر" الصادر من دار نشر جامعة بكين في عام 1986، إلا أن أحد مؤلفي هذا الكتاب وهو الأستاذ الكبير هونغ زا تشينج  عاد وقدم بابا بعنوان "نحو أدب الثورة الثقافية" في كتابه "تاريخ الأدب الصيني المعاصر"، دار نشر جامعة بكين في عام 1999. إلا أنه من الواضح أن هذه الفترة قد قضت علي الأخضر واليابس بالنسبة للإبداع الأدبي والفني في ذلك الحين، بل وتسببت أيضا في المعاناة والظلم للكثيرين من رواد الإبداع الأدبي الصيني. المعاناة والظلم للكثيري

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

Return to top