محتويات العدد  11 نوفمبر (كانون الأول) ‏ 2004
م

البنات تعزف على الآلات القديمة!

هوه جيان ينغ

هل تصدق أن المنافذ الجمركية في الصين عدلت لوائحها المعنية بالحرف اليدوية، والسبب هو النجاح الباهر الذي حققه فريق غنائي مكون من اثنتي عشرة فتاة صينية جميلة جدا. ى الشعبية الصينية القديمة،

الفريق الغنائي الصيني قدم عرضا في العام الماضي في اليابان أحدث هزة كبيرة جعلت الموسيقى الشعبية الصينية تجتاح اليابان. مجموعة البنات تستخدم عشرات الأنواع من الآلات الموسيقية الشعبية الصينية القديمة، ومنها الأرهو، وهو ربابة صينية ذات وترين. فتيات الفرقة لا يعزفن الموسيقى الشعبية الصينية الجميلة بالأرهو فحسب، بل يعزفن الأعمال الموسيقية الأوروبية الكلاسيكية والموسيقى الراقصة لأمريكا اللاتينية أيضا. الأداء الرائع أسر المشاهدين اليابانيين، وكانت النتيجة أن مبيعات آلة أرهو ارتفعت بشكل هائل، فبعد العرض أصبح الياباني الذي يزور الصين يحرص على شراء أرهو يعود به إلى بلاده، ولما كان الصندوق الصوتي لهذه الآلة الموسيقية يبطن بجلد الثعبان، اضطرت الإدارة الصينية للواردات والصادرات تعديل لوائحها وعدم السماح بخروج أكثر من آلتي أرهو مع الفرد المغادر للبلاد، حفاظا على الحيوانات البرية. العدد المسوح به كان خمسا في السابق. ى الشعبية الصينية القديمة،

ورشة الموسيقى في العصور القديمة ى الشعبية الصينية القديمة،

فرقة البنات الاثنتي عشرة تسمى بالصينية "يويهفانغ" وهو يعني ورشة الموسيقى، كانت يويهفانغ هيئة خاصة للتدريب على الموسيقى والرقص في فترة أسرة تانغ (618 – 907 م). ى الشعبية الصينية القديمة،

وفقا للسجلات التاريخية، كان يوجد في بداية أسرة تانغ ورشة الموسيقى اليسرى في العاصمة الغربية (تشانغآن) وورشة الموسيقى اليمنى في العاصمة الشرقية (لويانغ). ورشة الموسيقى اليسرى لتدريب الراقصين، أما ورشة الموسيقى اليمنى فكانت  لتدريب المطربين. وكان العزف على الآلات الموسيقية مهارة فنية أساسية للمطربين والراقصين في الورشتين. الآلات الموسيقية الرئيسية كانت بيبا، وهو عود رباعي وسانشيان، وهي قيثارة صينية، وكونغهو، وهي قيثارة متعددة الأوتار. ى الشعبية الصينية القديمة،

كان كل الدارسين في ورشة الموسيقى فتيات يقمن في الورشة، فالعودة إلى البيت ممنوعة. وكان يسمح لأسرة الطالبة بزيارتها في أول ومنتصف كل شهر وفي عيد ميلادها. وكانت الحكومة تمنح مكافآت للمتميزات.وكان البلاط الإمبراطوري يمنح بيتا لكل فتاة ذات مساهمات عظيمة. ى الشعبية الصينية القديمة،

وفقا لمعلومات ((جياوفانغجي)) (سجلات ورشة الموسيقى)، بلغ عدد برامج الغناء والرقص في ورشة الموسيقى أكثر من ثلاثمائة لحن، يختار الجمهور منها ما يشاء. وقد تدرب في ورشة الموسيقى في فترة أسرة تانغ كثير من الملحنين والمؤلفين والعازفين والمغنيين والراقصين الممتازين. ى الشعبية الصينية القديمة،

شيوي خه تسي، مطربة مشهورة تدربت في ورشة الموسيقى الحكومية. ولدت في أسرة موسيقية في محافظة يونغشين بمقاطعة جيانغشي. أحبت الغناء منذ صغرها بتأثير من أسرتها. بعد أن التحقت بورشة الموسيقى أخذت اسما فنيا على اسم موطنها "يونغشين". صوتها عذب قوي، قالت عنه الكتب القديمة إنه يُسمع من بعد تسعة شوارع. وهي الملحنة التي دمجت مرح الأغاني الشعبية الصينية الجنوبية في أغاني البلاط الأنيقة الفخمة مبدعة نوعا جديدا من فنون الموسيقى. كانت جميلة، مجتهدة وذكية، أحبها إمبراطور أسرة تانغ، شيوان تسونغ وقال: "هذه الفتاة تستحق آلافا من القطع الذهبية." ى الشعبية الصينية القديمة،

ذات مرة أقام الإمبراطور شيوان تسونغ مأدبة للمسئولين المدنيين والعسكريين وأصدر أمرا بتقديم عرض غناء ورقص. جاء كثير من عامة الشعب لمشاهدة العرض، فحدث هرج ومرج في المكان طغى على صوت الموسيقى. تضايق الإمبراطور وأراد المغادرة ولكن أحد خصيان القصر اقترح أن تهدئ يونغشين الجمهور بأغانيها. وبالفعل عندما بدأت المطربة الساحرة الغناء أخذ صوتها الجذاب وتصرفها المهذب بنفس كل حاضر، فصمت الجميع وصار المكان تُسمع فيه رنة الإبرة، وعندما انتهت انفجر الجمهور في هتاف صم الآذان. من أجل إحياء ذكرى هذه المطربة الرائعة تم جمع أغانيها في مجموعة أطلق عليها ((سيدة يونغشين)).

لقد بلغت الموسيقى والرقص في الصين قمة الازدهار خلال فترة أسرة تانغ بفضل الازدهار الاقتصادي الذي شهدته البلاد في تلك الحقبة، وبفضل استنارة الأباطرة ودعمهم وتشجيعهم. ى الشعبية الصينية القديمة،

في بداية أسرة تانغ، ظن بعض المسؤولين الحكوميين أن الموسيقى في فترة أسرة سوي (581 – 618م) التي تصف حياة القصر وموسيقى الغرام كانت السبب في انهيار الدولة، واقترحوا على الإمبراطور إلغاء الموسيقى. بيد أن أول أباطرة هذه الأسرة الملكية، لي شي مين، رفض الاقتراح معتقدا أن الشعور بالموسيقى يعبر عن مشاعر المتلقي، وقد لا يكون له علاقة بقصد الملحن. لم يكن ذلك إلا تجسيدا لسعة أفق هذا الإمبراطور، ورسوخ أعمدة أسرة تانغ القوية. ى الشعبية الصينية القديمة،

آلات موسيقية وألحان ى الشعبية الصينية القديمة،

إذا سألتهن عن جوهر موسيقاهن قالت عضوات فريق "الاثنتي عشرة فتاة": "الموسيقى الصينية." والمثل الصيني يقول: "جوهره ثابت مهما تغيرت مظاهره." ويقال في أسباب نجاح هذه الفرقة إنها وإن كانت تعزف موسيقى متنوعة وأكثر شيوعا من الموسيقى الشعبية الصينية التقليدية،  فإنها لا تغير آلاتها الموسيقية، وبرغم أن الفرقة تستخدم  البيانو الكهربائي وآلات وترية ونفخية غربية فإنها تستخدمها كآلات مساعدة فقط لإحداث جو موسيقي مسرحية، أما الآلات الرئيسية فهي الآلات الموسيقية الشعبية الصينية التقليدية التي تمثل جوهر موسيقى الفرقة. ى الشعبية الصينية القديمة،

بعض الآلات الموسيقية الشعبية الصينية مثل تشنغ (قانون بالأنامل) وشياو (مزمار عمودي) آلات محلية قحة. بعضها جاء من الخارج مثل الأرهو والبيبا، ولكنها تغيرت كثيرا بعد دخول الصين وانصهرت في الآلات الموسيقية الصينية التقليدية تماما. ى الشعبية الصينية القديمة،

وفقا لسجلات أسرة هان الشرقية (25 – 220م)، جاء البيبا إلى الصين من منطقة السهول الوسطى من المناطق الغربية لأبناء هو (قومية بدوية) في القرن الثالث ق. م، وكان يعزف على ظهور الخيول. وقد وصل البيبا قمة ازدهاره في أسرة تانغ عندما بدأ عزفه عموديا بدلا من عزفه أفقيا، والنقر على أوتاره بالأصابع بدلا من ريشة العازف، وازدادت أنواع بيبا، هذه التحسينات رفعت مدى بيبا في التعبير الموسيقي. ى الشعبية الصينية القديمة،

((شيميان مايفو)) (كمين من كل الجهات) عزف منفرد بآلة بيبا يصف معركة قايشيا العنيفة  التي وقعت بين فريقي جيش الانتفاضة الفلاحية في نهاية أسرة تشين (221 – 206م). لحن ((شيميان مايفو)) يصور الدهاء النفسي الذي استخدمه المنتصر في المعركة لإضعاف معنويات العدو والتغلب عليه. يتكون اللحن من ثلاثة عشر جزءا، يروي كل منها قصة مستقلة ولكن يوجد ارتباط  بين القصص. عازف بيبا يستخدم التقنيات الفنية المختلفة لتقليد صوت الطبل ونداء البوق في المعركة. التغيرات السريعة في اللحن الموسيقي تحاكي اصطدام الأسلحة البيضاء ومشهد الرجال تتساقط والخيول تتهاوى، لذلك تحرك أوتار قلوب المستمعين من البداية حتى النهاية. ى الشعبية الصينية القديمة،

كان الناس في الماضي يظنون أن الآلات الموسيقية الصينية التقليدية تناسب تمثيل الأجواء الهادئة والطبيعة المهيبة الجميلة بسبب تحديد مدى وحجم وجرس الصوت. كانت معظم الأعمال الموسيقية الشعبية الصينية تتميز برقة عاطفة الأدباء والشعراء. أحد أشهر عشرة أعمال موسيقية صينية، وهو ((شيميان مايفو)) كان استثناء في الأعمال الموسيقية الشعبية الصينية، نجاحه العظيم قدم دليلا على أن الآلات الموسيقية التقليدية يمكن أن تستخدم في التعبير عن موضوعات أكثر شمولا. ى الشعبية الصينية القديمة،

 الاستثناء الآخر كان ((قوانغلينغسان))، وهو عزف على قيثارة صينية قديمة. ارتبط بالمفكر والأديب الصيني المشهور، جي كانغ، في فترة الممالك الثلاث (220 – 280م). كان جي كانغ ذا موهبة موسيقية، ويجيد العزف على القيثارة. صدقه وصراحته وعناده جعل أعداءه كثيرين. في النهاية كان ضحية فرية ضده، وكان آخر ما طلبه قيثارة! موسيقى ((قوانغلينغسان)) تنسحب إلى الأذن وتهز القلب. بعد انتهاء عزف هذا اللحن قال جي كانغ حزينا: "لن يستطيع الناس أن يسمعوا ((قوانغلينغسان)) أبدا." ى الشعبية الصينية القديمة،

لحن ((قوانغلينغسان)) مشهور لارتباطه بجي كانغ، ولكن هل ذاع ذلك اللحن؟ هذا سر. لأن اللحن موجود ضمن قائمة الموسيقى الشعبية الصينية القديمة، ولكن البعض يعتقد أنه مختلف عن الأصل. على كل حال ظل أسلوب ((قوانغلينغسان)) الفني الخاص موضع اهتمام الفنانين في كافة العصور. ى الشعبية الصينية القديمة،

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.